أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-9-2016
10659
التاريخ: 2023-04-27
1272
التاريخ: 17-12-2020
3732
التاريخ: 11-9-2016
1258
|
من مظاهر الحضارة السومرية ، التعرف على الكتابة . فقد تمكن الانسان العراقي القديم من التوصل الى الكتابة أو التسجيل ، تسجيل حياته ، ونواحي نشاطه بصورة قاطعة في بداية العصر التاريخي . ولم تكن الكتابة متشابهة تماماً في كل المدن في مختلف العصور ، بحيث احتفظت كل مدرسة من تلك المدارس بنمط معين في صور العلامات . فمثلا خطوط مدارس أوما كانت تختلف عن غيرها من المدن المجاورة اختلافا واضحا . وربما تكون الكتابة قد بدأت قرب نهاية عصور ما قبل الاسرات ، ولكنها تطورت مع بداية العصر التاريخي . وأصبحت تحتوي على 600 علامة بعضها صور تعبر عما ترمز اليه ، والبعض الآخر علامات صوتية للتدليل عما تمثله كحروف نطق . فمثلا لفظه (تى) استخدمت للتدليل على سهم وفي نفس الوقت على الحياة . وللتمييز بين المعنيين كانت تضاف الى علامة السهم رسم يرمز لقطعة خشبية ، لكي تدل على ان المقصود هو السهم المصنوع من الخشب وليس الحياة . وكانت صورة نجمة مثلا ، تمثل الكلمة السومرية للسماء آنو ، وفي نفس الوقت تعبر العلامة نفسها عن الكلمة السومرية (دنجر) أي اله . وصورة الجبل تعبر عن الكلمة السومرية (كور) ومعناها الجبل .
وصورة وعاء تشير الى الكلمة السومرية (نندا) ومعناها الطعام . وعلى ذلك ففي الامكان القول بأن الخط المسماري بدأ صوريا ورمزيا يعبر عن فكرة ، ثم تطور بمرور الوقت الى الكتابة الصوتية (1) .
وقد كشف عن اقدم وثائق سومرية في الوركاء ، حيث عثر على أكثر من الف لوح طيني منقوش بالكتابة الصورية ، وتتعلق تلك الوثائق بالنواحي الادارية والاقتصادية والتعليمية (2) . كما وجدت بعض الالواح المدرسية في مدينة شروباك (3). وفي الامكان الاشارة الى نصوص (أيام الدارسة) التي توضح نشاط تلميذ في مدرسة سومرية. ويذكر كريمر (4) أن هذه الرسالة قد قام بكتابتها احد المدرسين حوالي الفين ق. م. وتشير تلك الرسالة الى حياة هذا التلميذ اليومية وخوفه من عدم اللحاق بالمدرسة مبكراً (خوفا من أن يعاقبه معلمه بالعصا) كما تشير الى اقدام المدرس بضرب ذلك التلميذ كلما اساء التصرف . وعندما ضج التلميذ من كثرة العقاب البدني عليه، استدعى والده استاذه الى البيت، واكرم وفادته واغدق عليه الهدايا، مما جعل المدرس يحسن معاملة ذلك التلميذ (أيها الشاب لأنك لم تهمل قولي ولم تنبذ إرشادي ... لعلك تكون القائد بين أخوتك وتصبح رئيسا على جميع أصدقائك ... حقا لقد أحسنت في انجاز اعمال المدرسة واصبحت رجل علم ... " .
وهناك اساطير تعود اصولها الى عصر بداية الاسرات السومرية . ومن امثلة الانتاج الادبي السومري ما يشير اليه نص أسطورة الطوفان ، وهي من أهم الاساطير العالمية والسومرية الاصل . وبالرغم من عدم العثور على جميع اللوحات الطينية المسجلة عليها تلك الاسطورة ، ألا أن اللوحة الوحيدة (5) التي تصف احداث الفيضان الكبير منقوشة على ثلثها السفلي ، قد عثر عليها في حفائر نيبور ، وأن ما وجد في هذه اللوحة يصف احداث الفيضان الذي حدث في العراق قرب بداية العصر التاريخي، ويوضح مدى تأثير الطوفانات في نهري دجلة والفرات على مشاعر الانسان العراقي القديم آنذاك. وقد ورد في النص شخصية ملك حكيم يسمى زيوسودراZiusudra، وقد اصطفاه الاله انكى اله الارض لينقذه هو وقومه من خطر الطوفان، حيث بنى مركبا كبيرة يتفادى بها خطر الطوفان الذي كانت تصاحبه العواطف، واستمر سبعة أيام وسبعة ليال ، وتسبب في هلاك كثير من المدن والبشر ، ثم يظهر اوتو Utu اله الشمس فيغمر العالم بضوئه ، ويتقدم له زيوسودرا خاشعا امامه مقدما التضحيات والقرابين .
وفي نهاية النص وصفا لتأليه زيوسودرا ، وبأن الآلهة منحته الحياة كاله وأنقذته من خطر الفيضان بنقله الى جزيرة دلمون حيث تشرق الشمس .
الطوفان ...
وعلى ذلك قام زيوسودرا الملك الباشيشو (6) Pasisu
ببناء سفينة كبيرة .
عند حائط الالهة .
زيوسودرا يقف بجانبه .
بجانب الحائط سأحدثك – استمع الى كلمتي .
استمع الى تعليماتي
سيحدث الطوفان وسينتشر على مراكز العبادات
سيهلك بذرة البشرية
وهذا هو قرار الجمعية العمومية الالهية
بأمر آنو وانليل وفي نفس الوقت اكتسح الطوفان مراكز العبادات
ثم استمر سبعة أيام وسبعة ليال
وانتشر الطوفان في الارض
وقذفت الزوابع بالسفينة الضخمة وهي على المياه العظيمة
بزع أوتو الذي ينشر ضوءه في السماء والارض
وفتح زيوسودرا نافذة في السفينة الضخمة
وادخل أوتو أشعته الى السفينة الضخمة
زيوسودرا الملك
القى بنفسه امام اوتو
وقتل الملك ثورا وذبح شاة
وبدأت المزروعات في الظهور والنمو.
......
وعطف آنو وانليل على زيوسودرا
....
أعطوه نسمة الخلود كاله (7).
ومن ناحية أخرى ، تشير بعض النصوص الاسطورية مثل نصوص الملك ايتانا الى حالة عدم الاطمئنان ، بل والخوض في الاجواء الغامضة بحثا عن الامان . وقد كان بطل هذه الاسطورة (8) الملك ايتانا (الراعي) الذي لم يكن له أولاد ، وعلم بوجود نبات في السماء خاص بالولادة . وكان عليه ان يصعد الى السماء بنفسه (9) ليحضر ذلك النبات . فتضرع الى الاله شمش (10) Shamash ليساعده في تحقيق رغبته ، فهداه الاله على مكان نسر جريح في حفره وأرشده ان يعمل على انقاذ ذلك النسر ليجلب له النبات بعد أن يحمله الى السماء .
وتشير الاسطورة الى ان ذلك النسر كان قد خان العهد مع صديقه الثعبان ، فتضرع الثعبان الى الاله شمش يشكو غدر النسر. فدله الاله على وسيلة لعقاب النسر وذلك بأن يتوجه الى الجبل فيبقر بطن ثور . وعندما يأتي النسر مع غيره من الطيور ليأكل من الجثة ، يمسك به الثعبان فيكسر جناحيه وأظافره ، ويرميه في حفرة ... تلك الحفرة التي سينقذه منها ايتانا .
وتذكر الاسطورة ان الاله شمش هو الذي ارسل الملك ايتانا الى مكان النسر الجريح لينقذه نظير ان يصعد به الى السماء ليحضر له نبات الولادة .
وتمضي الاسطورة لتصف كيفية الصعود الى السماء (11) ، وكيف أصاب الدوار ايتانا ، مما أدى الى سقوطه هو والنسر .
" ... فتح شمش فمه وقال للثعبان :
اذهب في طريقك – اعبر الجبل !
وسأحجز لك ثورا وحشيا
افتح أمعاءه ومزق بطنه !
... وستنزل من السماء كل أنواع الطير،
وسينزل النسر معهم ليأكل اللحم
... فحين يصل الى الداخل أطبق على أجنحته ،
مزق أجنحته وريشه ومخالبه،
.... دعه يموت ميتة الجوع والعطش
.... ونزلت كل انواع الطيور من السماء لتأكل اللحم .
ولو ان النسر خاف من حظه السيء ،
لما أكل اللحم مع الطيور الاخرى !
وفتح النسر فمه قائلا لصغاره:
دعنا نذهب ونأكل من لحم هذا الثور المتوحش !
ونطق نسر صغير ملئ بالعقل والفهم ،
الى أبيه النسر قائلاً :
لا تنزل يا أبي فربما كان هناك ثعبان مختبئ في الثور المتوحش !
... وحين دخل قبض عليه الثعبان من اجنحته
... وفتح النسر فمه وقال للثعبان:
(ارحمني وسأعطيك بائنة كما يعطي للعروس كهدية زواجها ) !
وفتح الثعبان فمه قائلا للنسر :
ان تركتك فكيف استطيع أن اجيب على شمش المعظم ؟
سوف ترتد على العقوبة !
الذي فرض العقوبة عليك !
وقطع اجنحته وريشه ومخالبه ،
ومزقه ورماه في حفره،
قائلا سيموت جوعا وعطشا
.... وفتح شمش فمه قائلا لـ ايتانا
امض في طريقك ، واخترق الجبل
وعندما يرى حفرة يفحص ما بداخلها
بداخلها يرقد نسر
وفتح ايتانا فمه قائلا للنسر :
يا صديقي ، اعطني نبات الولادة ،
وقال النسر لــ ايتانا
سأحملك الى سماء آنو !
... ضع يدك على ريش جناحي،
انظر يا صديقي كيف تبدو الارض !
فالأرض قد تحولت الى حفرة جنائنى !
... وسقط النسر (12) ... " .
وتعبر هذه الاسطورة عن مشاعر الانسان السومري القديم تجاه العوامل البيئية العراقية المضطربة ، والتي انبثقت من محيطها القيم الدينية والسياسية المحلية ، كما تدل أيضا على محاولة ايتانا التعرف على الكون المحيط به ورغبته في التوصل الى الاطمئنان .
وبجانب تلك الاساطير ، توجد امثلة اخرى من النتاج الادبي السومري في المجال الديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، مما يدل على ضخامة التركة الادبية السومرية . وفي الامكان الاشارة الى القصيدة السومرية (جلجامش واجا) (13) ويه تعالج موضوع النزاع بين الوركاء وكيش .
والنص يقع فيما لا يزيد عن 115 سطر (14). وتشير محتويات هذا النص الشعري الى ان اجا ملك كيش ارسل الرسل الى جلجامش ملك الوركاء يحدد له مهلة للتسليم. وقد سأل جلجامش النصيحة من مجلس الشيوخ ، وطلب منهم ان يحاربوا بدلا من الاستسلام ، ولكنهم خالفوا راي جلجامش وفضلوا الخضوع لمدينة كيش . ولقد ضايق هذا القرار جلجامش الذي توجه الى مجلس الرجال المحاربين وكرر عليهم ان يوافقوه بإعلان الحرب ، وعدم الخضوع لمدينة كيش . فوافقه أعضاء هذا المجلس مما أدخل السرور على قلب جلجامش. ثم تمضى القصيدة الى القول بأن أجا حاصر مدينة الوركاء .
" ... ان رسل اجا ابن اينميبرا جيبسى
تهيأوا للانتقال من كيش الى جلجامش في الوركاء
فتقدم جلجامش امام مجلس شيوخ مدينته
وعرض الامر وسألهم النصيحة (15) ..) .
وبالإضافة الى ما سبقت الاشارة اليه ، الى قصة اينمر كار وسيد أرتا (16) وتحتوي نص تلك القصيدة على اكثر من ستمائة سطر بالخط المسماري على لوح طيني . وقد كتبت باللغة السومرية وهي محفوظة في متحف الشرق القديم باستانبول . وتشير القصيدة الى بطل سومري هو حاكم مدينة الوركاء (اينمر كار) وكان يتطلع الى مدينة أرتا طمعا في ثروتها .
ويستمر النص ذاكرا تصميم اينمر كار على اخضاع ارتا تحت نفوذه ، وتضرعه الى الالهة اينانا ، ثم ارسله مندوبا خاصا عنه الى سيد أرتا يطالبه بالخضوع لرأيه وارسال الهدايا . ولكن الاخير يرفض ويدعى نسبه للالهة اينانا لكن الرسول الخاص لـ اينمر كار يرد على سيد ارتا ، بان اينانا هي التي طلبت اخضاع مدينة ارتا لاينمر كار . وعندئذ يرد سيد ارتا على الرسول محذرا اياه من استخدام السلاح ومفصلا المبارزة . ويستمر الرسول الخاص لاينمر كار في جولته في بين المدينتين ، حاملا مرة بعض الغلال ، ومرة اخرى حاملاً بعض التحديات من اينمر كار الى ارتا . وفي نهاية الامر تحيط عناية اله المطر السومري اشكر Ishkur ، فتنبت الحنطة والفول ن مما يعيد الثقة الى سيد ارتا . فيبعث بالذهب واللازورد الى معبد الالهة اينانا في مدينة الوركاء اعترافا بأنها لم تتخيل عن مدينة أرتا .
" .... انه اينمركار .. التمس من اينانا المقدسة ...
دعى اهل ارتا يصوغون والفضة
فاختار رسول حكيم الكلام من...
... قال الرسول لسيد ارتا ،
ان اباك ومليكي قد ارسلني اليك .
وهذا ما يقوله لك ملكي...
سأجعل اهل مدينته يفرون مثل الطير من الشجرة (17) .." .
هذا بالإضافة الى النصوص السمرية الاخرى المتعلقة بواجبات الآلهة .
________
(1) . صمويل كريمر ، المرجع السابق ، ص 359 .
(2). صمويل كريمر ، نفس المرجع ، ص 43 .
(3). صمويل كريمر ، نفس المرجع ، ص 43 .
(4). صمويل كريمر ، نفس المرجع ، ص 55 .
(5). هذه اللوحة موجودة حاليا في متحف الجامعة بفيلادلفيا وقد قام س . كريمر S. Kramer بدراسة النص السومري لهذه الملحمة تحت عنوان The Deluge في كتاب Pritchard, J.B., A.NE.T, 1969, PP. 43-44. وقد نشرها ارنو بويل Poebel, A., (in) PBS, Vol. V, Philadelphia, 1914, No. 1.وتختص هذه الملحمة السومرية بالفيضان ، وتتضمن عدة وقائع هامة تلقى بعض الضوء التاريخي على خلق الانسان وأصل الملكية ، ووجود ما لا يقل عن خمس مدن في عصر ما قبل الطوفان . وقد عثر على نص الطوفان في الثلث الاسفل من اللوح السومري . وبداية الاسطورة مفقود ، حيث يوجد كسر يشمل 37 سطر . وبعد الكسر نجد معبودا يتحدث الى غيره من المعبودات قائلا : أنه سيخلص البشر من الدماء والهلاك ، وأن الانسان سيتمكن بعد ذلك من بناء المدن وتشييد المعابد للآلهة ، ويلي ذلك ثلاثة سطور ربما تصف ما قام به ذلك الاله لتنفيذ قوله ، ثم يعقب ذلك أربعة سطور تختص بخلق الانسان والحيوان والنبات .
(6) . لقب كنهوتي .
(7). Kramer, S.N., Op. Cit., P. 44.
(8). جاء ذكر هذه الاسطورة على ألواح مع العهد البابلي القديم والعهد الاشوري الوسيط والحديث ، (من مكتبة اشور بانيبال) واكثرهم حفظاً كانت الاخيرة .
(9). Speiser, E.A., Akkadian Myths and Epics, "Etana", (in) A.NE.T. P. 114.
(10). اله الشمس الاكدي .
(11). جيمس هنري برستد ، المرجع السابق ، ص 183 شكل 61 .
(13). Speiser, E.A., Op. Cit., PP. 114-118.
(14). Kramer, S.N., Sumerian Myths and Epic Tales, "Gilgamesh and Agga", (in) A.N.E.T., PP. 44-45.
(15). اعيد تجميع النص من احدى عشر لوحا وكسرات اخرى من الواح عثر على عشرة منها في نيبور ، اما الحادي عشر ، فلا يعرف اين عثر عليه . وتعود كل هذه الالواح تاريخيا الى النصف الاول من القرن الثاني ق . م . ولا يعرف على وجه الدقة كتابة تلك القصيدة.
(16). Kramer, S.N., Ibid. p. 45.
17). صمويل كريمر ، نفس المرجع ، ص 70-76 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|