أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-9-2016
310
التاريخ: 10-9-2016
730
التاريخ: 10-9-2016
473
التاريخ: 10-9-2016
389
|
المراد من التخطئة ـ اجمالا وسيأتي ايضاحها ـ ان الأحكام التي يصل اليها المجتهد بواسطة بذل الوسع والتنقيب في الأدلة ليس من الضروري ان تكون جميعها متطابقة مع الواقع ، فقد يكون الحكم الذي وصل اليه المجتهد مصيبا للواقع وقد يكون مخطئا للواقع.
فالتخطئة تعني امكان ان لا يطابق ما وصل اليه المجتهد ما عليه الواقع أي إمكان ان يخطئ المجتهد الواقع. وأما التصويب فهو يعني صوابية كل ما يصل اليه المجتهد من أحكام.
ولكي يتضح المراد من التخطئة والتصويب أكثر لا بأس بذكر تمهيد أفاده السيد الخوئي رحمه الله ، وحاصله :
انّ الامور الواقعية لا يمكن ان تنقلب عما هي عليه ، من غير فرق بين ان تكون من قبيل الجواهر والاعراض أو ان تكون من قبيل الامور العقلية الثابتة كالمدركات العقلية النظرية أو العملية ، فهي امور ثابتة في نفس الأمر والواقع أدركها مدرك أو لا ، كما انّها لا تتغيّر بالاعتبار ، فالموجود واقعا لا يكون معدوما بالاعتبار كما انّ المعدوم لا يكون موجودا بالاعتبار ، كما انّ القطع بوجود شيء لا يصيّره موجودا لو كان ذلك الشيء في نفس الأمر والواقع معدوما.
ومن هنا لا يتعقل التصويب في الامور الواقعية وإلاّ لزم اجتماع الضدين أو النقيضين ، فلو كان شخص يقطع بوجود شيء والآخر يقطع بعدمه فإنّ القول بصوابية كلا القطعين معناه اجتماع النقيضين ، وهكذا لو قطع شخص بوجود الليل وقطع آخر بأن الوجود فعلا للنهار فإنّ افتراض صوابية القطعين معناه اجتماع الضدين ، فلا بدّ من ان يكون أحدهما مخطأ للواقع.
وهذا المقدار لا إشكال فيه ولا خلاف وانّما الخلاف في الامور الاعتبارية كالأحكام الشرعية ، فهل هي كالأمور الواقعية بحيث لا يمكن أن يكون الحكمان المتخالفان الواردان على موضوع واحد من جهة واحدة مصيبين بل لا بدّ من خطأ أحدهما ، أو انّ الحال في الامور الاعتبارية يختلف عن الامور الواقعية ، فمن الممكن أن يكون كلا الحكمين مصيبين للواقع بل انّ ذلك هو المتحقّق خارجا.
والاول هو المعبّر عنه بالتخطئة والثاني هو المعبّر عنه بالتصويب ، والقول بالتخطئة هو مذهب الامامية ، وأما القول بالتصويب فهو مذهب جمع من الاشاعرة والمعتزلة على خلاف بينهما ، سيأتي ايضاحه تحت عنوان « التصويب الاشعري » و « التصويب المعتزلي ».
ومنشأ القول بالتخطئة عند الامامية هو ما ثبت بالنصوص الشرعية انّ لله عزّ وجل في كل واقعة حكم ، وأنّ أحكام الله عزّ وجل تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، وبهاتين المقدمتين يثبت القول بالتخطئة ، وذلك لأن الاحكام إذا كانت تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، مثل الحج والصلاة والصوم فإنّ منشأ ايجابها هو ما تشتمل عليه من مصالح واقعية ، وكذلك مثل شرب الخمر وأكل الميتة والكذب فإنّ منشأ تحريمها هو ما تشتمل عليه واقعا من مفاسد.
واذا كان كذلك فإنّ الاحكام وان كانت امورا اعتبارية إلاّ انّ لهذه الاعتبارات مناشيء واقعية ، وحينئذ لو صح ان تكون الصلاة واجبة ومحرمة لكان معنى ذلك انّ الصلاة في الوقت التي هي ذات مصلحة هي ذات مفسدة ، وهذا هو اجتماع الضدين المحال ، على انّه لو سلّم انّ أحكام الله عزّ وجل ليست تابعة للملاكات الكامنة في متعلقاتها فإنّ التصويب محال أيضا لاستلزامه اجتماع النقيضين أو الضدين ، وذلك لانّ كل واقعة فلله عزّ وجل فيها حكم ، فلو صوبنا ما ذهب اليه المجتهد من حرمة شيء وصوبنا ما ذهب اليه المجتهد الآخر من عدم حرمة ذلك الشيء أو وجوبه لكان معنى ذلك انّ الله عزّ وجل في الوقت الذي يعتبر انّ هذا الشيء حرام
يعتبره أيضا غير حرام أو واجبا ، وهذا من اجتماع النقيضين أو الضدين ، إذ انّ المعتبر وان كان غير واقعي وان وعاءه عالم الاعتبار إلاّ انّ نفس الاعتبار من الامور الواقعية كما هو واضح ، فلا يصح ان يكون للمولى اعتباران متباينان في عرض واحد ، ولو صح فهو من العبث الذي يتنزّه عنه المولى جلّ وعلا ، وهذا الجواب الاخير انما يرد على التصويب الاشعري ـ كما سيأتي.
هذا بالنسبة للأحكام الواقعية ، وأما بالنسبة للأحكام الظاهرية فتارة يقع البحث عنها من جهة عالم الجعل واخرى من جهة عالم المجعول المعبّر عنه بالفعلية ، والقول بالتخطئة انّما هو في عالم الجعل دون عالم المجعول.
وبيان ذلك : انّ عالم الجعل هو الذي تجعل فيه الاحكام على موضوعاتها المقدرة الوجود ، فالبراءة مثلا من الاحكام الظاهرية المجعولة على موضوعها المقدر وهو ما لو افترض وقوع الشك في الحكم الواقعي ، كما انّ الاحتياط كذلك. فهنا لو بنى أحد المجتهدين على انّ البراءة هي المجعولة في ظرف الشك وبنى آخر على انّ الاحتياط هو المجعول في ظرف الشك فإن من المستحيل أن يكون كلا المجتهدين مصيبا للواقع وإلاّ لزم اجتماع الضدين ، فلا بدّ وان يكون أحد المجتهدين قد أخطأ الواقع.
وأما مرحلة الفعلية فلا يتعقل فيه إلاّ التصويب ، وذلك لأنّ مرحلة الفعليّة تعني تحقق الموضوع خارجا ، وعندئذ يكون المكلف مسئولا عن ترتيب الحكم ، ولا مجال للتردد في مثل هذا الظرف، فالمكلّف الذي كان يبني على البراءة في ظرف الشك تكون وظيفته البراءة متى ما تحقق الشك وتكون وظيفة من يبني على الاحتياط هي الاحتياط ، ولا معنى للخطإ في هذه الحالة، إذ انّ هذه الحالة ليست أكثر من ترتيب الحكم المتبنّى على موضوعه المتحقّق قطعا ، فهو مصيب فيما هي الوظيفة الفعلية في حقه ، واحتمال الخطأ والصواب انّما هو في عالم الجعل ، وحتى لو تغيّر رأيه فيما هي الوظيفة في ظرف الشك وبنى على الاحتياط بعد ان كان يبني على البراءة فإنّه لم يكن مخطئا في الجريان على البراءة سابقا ، إذ انّه رتبها على موضوعها ، غايته انّه كان مخطئا في البناء على البراءة وانّ الواقع لم يكن كذلك.
وبتعبير آخر : لا يقال لمن شرب العصير العنبي بانيا على البراءة انّه لا ينبغي له أن يشربه ، نعم يصح ان يقال انّه لا ينبغي له البناء على البراءة ، لأنّ الواقع هو لزوم البناء على الاحتياط في ظرف الشك.
فالتخطئة انما تتعقل في مرحلة الجعل لا مرحلة المجعول.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|