المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

ابرز ملوك حمير
10-11-2016
عقد الهدنة بين الفريقين ونقض العهد
1-5-2016
راديو الحدث
12-7-2021
شرح متن زيارة الأربعين (حَتّىٰ اَتاكَ الْيَقينُ)
2024-08-24
قضاء ما فات في حال الحيض
6-12-2016
Epsilon-Delta Proof
19-9-2018


حكــــــم تعارض الأدلة  
  
909   10:45 صباحاً   التاريخ: 1-9-2016
المؤلف : الشيخ ضياء الدين العراقي
الكتاب أو المصدر : مقالات الاصول
الجزء والصفحة : ج2 ص 455.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعارض الادلة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-9-2016 508
التاريخ: 16-10-2016 805
التاريخ: 1-9-2016 910
التاريخ: 1-9-2016 1085

في حكم تعارض الأدلة وعرف التعارض بتنافي مدلولي الدليلين على وجه التناقض أو التضاد. ولا يخفى أن التنافي المزبور في الحقيقة قائم بنفس الواقع بلا مساس له بمرحلة الدليل بما هو دليل إلا بنحو من العناية، بملاحظة كون حكاية الدليلين عن المتنافيين موجبة لتنافيهما في حكايته بعناية أن الحاكي عين المحكي، فيصيران بحسب الدلالة والحكاية كأنهما متنافيان. وحينئذ فاتصاف الدليلين بالتنافي المزبور نظير وصف الشيء بحال متعلقه. وإلا فبالنسبة إلى نفسه لا يكون [تناف] بينهما إلا بالعرض والمجاز. نعم ربما [تكون] تلك جهة التنافي تنافيا حقيقا قائما بنفس الدليلين بلا عناية، وهو في الحقيقة مساوق عرض كل واحد نفسه في الدخول تحت دليله. و[مثل] ذلك المعنى من التنافي أنسب إلى شرح التعارض من التنافي السابق، إذ هو قريب إلى تعريف الشيء بسببه. ولعل ذلك هو النكتة في عدول الاستاذ (1) في تعريفه عن تنافي مدلولي الدليلين إلى تنافيهما في مرحلة الدلالة ومقام الإثبات، بل ومثل هذا المعنى يناسب لفظ التعارض الوارد في موضوع الأخبار العلاجية المنصرفة [عن] موارد الجمع العرفي، لعدم صدق تنافي الدليلين في مرحلة الإثبات بالنسبة إلى موارد الجمع، بخلاف المعنى السابق، إذ هو صادق على موارد الجمع أيضا، فشرح التعارض بمثله يوجب شموله لموارد الجمع أيضا، فتقع المغايرة بين ذلك العنوان الواقع موضوعا للبحث وبين العنوان الواقع موضوع الأخبار العلاجية. نعم لازم ذلك كون البحث عن الجمع وتمييز موارده في مثل هذا المبحث من المقاصد، نظير البحث عن التعادل والترجيح. وهذا بخلاف المعنى الأول، إذ البحث عن أحكام الجمع وما يتعلق به في مثل هذا المبحث استطرادي محض، و[لعل] مثل تلك الجهة أيضا دعى الشيخ (قدس سره) (2) في تعريفه عنوان التعارض الواقع في موضوع البحث [إلى] ما افيد، كي يجمع المسائل الثلاث، ويكون البحث عن كل واحد منها، كما لا يخفى. ثم إن التعارض بكل واحد من المعنيين لا يكاد يصدق في موارد الورود التي يكون أحد الدليلين نافيا لموضوع الدليل الآخر حقيقة، كما لا يصدق في موارد الحكومة أيضا، إذ بعد كون أحد الدليلين ناظرا إلى شرح غيره فلا يرى العرف تنافيهما حتى بحسب مدلوليهما، بل يرون الحاكم بمنزلة القرائن المتصلة الحاكية - مع ذيها - عن معنى واحد، غاية الأمر لا يقتضي الحاكم عند انفصاله قلب ظهور [المحكوم]، بخلاف القرائن المتصلة، فإنها موجبة لقلب الظهور أيضا، ففي القرائن المتصلة يكون الدال والمدلول واحدا و[تكون] الدلالة على وفق مدلوله، وهذا بخلاف موارد الحكومة، فإن دلالة المحكوم بعدما لم [تنقلب عما هي] عليه [فكانت] دلالة المحكوم على خلاف مدلوله، لأن مدلوله هو الذي تكفله الحاكم لشرحه بلا مغايرة بين مدلوليهما وإن كان في الدلالة بينهما المغايرة جزما. وبذلك أيضا تفارق الحكومة الجمع بحمل الظاهر على الأظهر، إذ الغرض من الحمل في المقام هو رفع اليد عن التعبد بالظهور ببركة الأظهر، لا بمعنى كون الأظهر قرينة على شرح الظاهر. كيف! ولا نظر في موارد الجمع بنحو التخصيص أو المجاز لواحد من الدليلين إلى شرح غيره في مراده. بل كل منهما يثبت معنى غير الآخر [فيطرح] أحدهما لمحض أقوائية الآخر، وذلك لا ينافي مع بقاء كل منهما على دلالته على مدلول غير مدلول الآخر مع كمال التنافي أيضا بين المدلولين، غاية الأمر لا يكون أضعفهما مشمول دليل التعبد في قبال أقواهما. وأين ذلك ومقام الحكومة التي يكون أحد الدليلين في مقام شرح مدلول غيره ومبينا لمراده ومدلوله؟ إذ في مثله يصدق كونهما - مجموعا - حاكيين عن مدلول واحد. فالحكومة من جهة وحدة المدلول فيهما [شبيهة] القرائن المتصلة، ومن حيث تعدد دلالتهما وعدم انقلاب ظهورهما عما هما عليه كانت شبيهة بموارد الجمع بالأظهرية، [فهي] في الحقيقة أمر بين الأمرين من القرائن المتصلة وموارد الجمع بالأظهرية. ومن نتائجها الأخذ بمدلول الحاكم بعد الفراغ عن جهة حكومته وإن كان في أصل مدلوله أضعف. بل ومن الممكن دعوى سراية حكم إجماله إلى المحكوم أيضا بحيث لو كان مدلول الحاكم مرددا بين الأقل والأكثر لا يبقى مجال الأخذ بمدلول [المحكوم] حتى بالنسبة إلى المقدار الذي يكون [الدليل] الحاكم مجملا فيه، بخلاف موارد الجمع فإنه يؤخذ بظهور الظاهر ويرفع اليد عن إجمال الأظهر في الجهة الزائدة، فالحاكم من تلك الجهة أيضا شبيه القرائن المتصلة، غاية الأمر إجمال القرائن المتصلة [سار] إلى ذيها حقيقة، بخلاف الحاكم، فإن ظهور المحكوم بعد بحاله، غاية الأمر يترتب حكم المجمل عليه، وذلك ظاهر. ثم إن في كون معيار الحكومة كون أحد الدليلين في مقام شرح مدلول الغير بما هو مدلوله المستلزم كونه بمنزلة أي التفسيري (الحاكم مع عدم المحكوم) (3)، أو كونه في مقام شرح مفاد غيره بما هو حكم واقعي وإن استتبع ذلك شرح مدلول الغير أيضا لكن لا بما هو مدلوله [وجهين]، من ظهور بعض [تعاريفها] في الأول ومن اقتضاء الأمثلة لها كونها من الثاني. ويؤيد ذلك أيضا وجود خواص الحكومة - من تقديم [الأضعف] دلالة وسراية الاجمال حكما - في المعنى الثاني أيضا، وعليه فلا وجه لتخصيص الحكومة بالقسم الأول كي يلزم خروج الأمثلة المعهودة عن موردها، فيحتاج إلى المصير إلى بيان وجه الجمع بطور آخر. ثم إنه لا شبهة في أن الأخذ بدليل الحاكم إنما هو بعد الفراغ عن قوة نظره بل يقوى عليه، فيقدم في هذه الصورة أقوى الدلالتين ويعامل معهما في تلك الجهة [كالتعامل] بين سائر المتعارضين. ولقد عرفت ان باب الجمع غير مرتبط بباب القرائن المتصلة الشارحة للمراد و[الكاشفة] عن المقصود باللفظ الآخر، ولا بباب الحكومة الشارحة للمراد من الظهور الآخر، بل هو في الحقيقة راجع إلى ترجيح الأقوى دلالة وطرح الأضعف مع ماله من الدلالة على مدلول خاص.

وبواسطة ذلك ربما [تظهر] جهة فارقة اخرى بينهما، و[هي] ان في باب الحكومة لا يخرج سند المحكوم عن الاعتبار حتى لو فرض اقتضاء دليل الحاكم طرح ظهور المحكوم رأسا بحيث لا يبقى تحت [ظهوره] شيء من مدلوله، لأنه بعد شرح مراده بمفاده كان بحكم [القرينة] المتصلة في تعيين مراد الظهور، ودليل التعبد بسنده لا يلغى عن الاعتبار، إذ ينتهي الأمر إلى العمل بمراده ولو بتوسيط شارحه. وهذا بخلاف باب الجمع فإن دليل الأظهر لا يكون شارحا لمراد العام، بل العام الظاهر باق بعد على ظهوره في المراد منه مع احتمال كون المراد الواقعي على طبق ظهوره، غاية الأمر يجب رفع اليد عن حجيته عند قيام حجة أقوى على خلافه، ولازمه حينئذ بقاء مقدار من الدلالة بحاله لزوما بلا [لزوم طرحه] أجمع، وإلا يلزم طرح سنده أيضا لعدم انتهاء أمر سنده إلى العمل، بل يصير حال الظاهر بعد عدم حجية ظهوره وطرحه رأسا حال المجمل المعلوم عدم معنى [للتعبد] بسنده ومن [الممكن] دعوى كون موارد الجمع من التخصيص والتقييد والمجاز في الأمر والنهي ليس مما يطرح ظهورها رأسا، بل يبقى تحت ظهور العام والمطلق، والأمر والنهي و[أمثالها] مقدارا من الدلالة، فيبقى مقدار من مدلوله على وجه يكون ظهوره حجة فيه، وهو المصحح أيضا للتعبد بسنده. كما أن اطلاق مثل تلك العناوين في الظهورين المنفصلين أيضا ليس على الوجه الذي يكون للمتبادر إلى الذهن - من اقتضاء الجمع - كون المراد من العام هو الخاص واقعا وأمثاله، بل من المحتمل كون المراد منها ما هو ظاهرها، غاية الأمر قامت الحجة الأقوى على تعيين الحكم الواقع مع احتمال بقاء الظهور على طبق مراده الجدي بحاله، غاية الأمر ليست تلك الظهورات بحجة في قبال الأقوى، ونتيجته حينئذ اجراء حكم التخصيص والتقييد والمجاز على مثلها كما هو ظاهر.

ثم إن في وجه تقديم الأظهر على الظاهر جهة إشكال آخر وهو: أنه هو من جهة أخذ عدم وجود الأقوى واقعا، أو عدم الحجة على الأقوى في موضوع التعبد بالظهور، [أو] أنه من باب تقديم أقوى المناطين بمناط الأهمية على الأضعف بلا تقييد في موضوع التعبد بالظهور أصلا - كما هو الشأن في تقديم الأهم على المهم في سائر أبواب المزاحمات - وجهان، أمكن المصير إلى الأخير، بل احتمال ذلك كاف في عدم الالتزام بتقييد موضوعه، ولازم ذلك عدم [المجال] في الالتزام بالورود عند قطعية سنده ولا [الالتزام] بالحكومة عند ظنية سند الأظهر بالنسبة إلى التعبد بالظاهر، ووجه ذلك ظاهر من جهة عدم نظر دليل التعبد بسند الأقوى حينئذ إلى توسعة مفاد التعبد بظهور غيره أو تضييقه لعدم تقييد في دليل التعبد بالظهور. نعم بناء على التقييد قد يتوهم عدم مجيء الحكومة في المقام، بتقريب أن الدليل على التعبد بالظهور لبي ولا معنى لمثل هذا العنوان في غير باب الألفاظ. وفيه أنه إنما يصح على شرح الحكومة [بكونها شارحة] لمدلول [غيرها] بما هو [مدلولها] وإلا فلو كانت الحكومة متقومة بنظر الحاكم إلى توسعة مفاد غيره بما هو أمر واقعي أم تضييقه، لما كان قصور في اطلاقه [في] المقام، إذ بعد كون موضوع التعبد بالظهور مقيدا بالفرض بعدم قيام الأقوى على خلافه، فيكون مثل ذلك حكما واقعيا بالإضافة إلى التعبد بسند الأظهر، فيكون لسان التعبد به أيضا ناظرا إلى توسعة موضوع التعبد بالظهور أو تضييقه بلحاظ العمل في مرتبة الشك [فيه]، ولا يقتضي هذا المقدار أيضا رفع التعبد بالظهور واقعا من البين، نظرا إلى عدم تضاد بين التعبدين، كعدم تضاد بين سائر الأحكام الواقعية والظاهرية.

فحينئذ صح دعوى امكان وجود البناءين اللبيين مع كون أحدهما ناظرا إلى توسعة الآخر أو تضييقه في مرحلة الظاهر المتأخر رتبة عن مرتبة البناء الواقعي، كما هو الشأن في اقتضاء دليل التعبد بالواقعيات توسعة الواقع [أو] تضييقه في مرحلة الظاهر. نعم لو اعتبر في الحكومة قيد آخر وهو كون دليل المحكوم مرجعا عند عدم الحاكم، لا يبقى مجال اطلاق الحكومة في المقام، لعدم صلاحية دليل الواقعيات [للتطبيق] على المورد لولا الحاكم، كما أنه لو فرض كون موضوع التعبد بالظهور مقيدا بعدم العلم بالأظهر لا يبقى أيضا مجال حكومة لسند الأظهر وإن كان ناظرا إلى تتميم كشفه، إذ من البديهي حينئذ تضاد البناءين وجودا، فمع بناء الثاني لا يعقل بناء الأول فلا يكون له وجود يصلح لرفعه تنزيلا لا حقيقة. وعلى أي حال نقول: إن تلك الكلمات إنما تجري على فرض الالتزام بتقييد موضوع التعبد بالظهور وإلا فبناء على ما ذكرنا لا يكون ترتب التعبد بالظهور على عدم قيام الأظهر (4) على خلافه ترتبا شرعيا كي يصلح أن يكون التنزيل المستفاد من التعبد بالسند ناظرا إلى [غيره]، فمن أين [تثبت] الحكومة المزبورة ولو [بالتقريب] المتقدم؟ كما أنه على هذا المبنى لا يكون موضوع التعبد بالظهور مقيدا بعدم الحجة على [خلافه] كي يكون التعبد بسند الأقوى رافعا حقيقة لموضوع الآخر وواردا عليه. نعم على ذلك المسلك أمكن حينئذ تشكيل الورود بتقريب آخر وهو أن لازم التزاحم المزبور كون المرجع عند الشك في وجود الأهم هو الأخذ بالمهم بحكم العقل بمناط الاشتغال في مطلق الشك في القدرة والمزاحم الأهم. ومن المعلوم ان موضوع هذا الحكم العقلي معلق على عدم قيام حجة على الأهم، فبوجود الحجة عليه يرفع موضوع العقل ورودا. ولا يخفى الفرق بين هذا التقريب من الورود والتقريب السابق المنوط بكون موضوع التعبد بالظهور واقعا مقيدا بعدم الحجة على وجود الأظهر على خلافه، فبوجودها يرتفع البناء الواقع برفع موضوعه حقيقة، وهذا بخلاف تقريب ورودنا، إذ المورد حينئذ ليس البناء على التعبد بالظهور واقعا، بل هو وجودا وعدما تابع وجود الأظهر على خلافه واقعا وعدمه، وإنما المورد هو قاعدة الاشتغال الحاكم بالشيء على طبق احتمال وجوده في الواقع، غاية الأمر بعد ارتفاع حكم العقل لا يكون [للبناء على] الواقع المشكوك [أثر كما لا يخفى]. ثم إن تمييز الأقوائية في الظهور بنظر العرف ولو من جهة القرائن الشخصية الحافة بالكلام الخارجة عن محط الضبط وتحته، كتشخيص أصل الظهور، ويمكن جعل الميزان على فرض [جمعها] في كلام واحد، فبأي واحد كان منشأ لقلب الظهور الآخر فهو الأقوى. وعلى أي حال ليس المدار على مطلق أقربية [التصرف] في أحدهما بالإضافة إلى الآخر، كيف وذلك يشمل صورة الدوران بين [التعبدين] وإلا فمن المعلوم عدم كون مثل [هذا] التصرف ميزان الجمع عرفا. وما اشتهر بأن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح محمول على الامكان العرفي غير الصادق على الجمع بالنحو المزبور، فمهما انتهى الأمر إلى مثل [هذه] التصرفات كان الظهوران عند العرف متعادلين، ومع التعادل لابد وأن ينتهى إلى إعمال قواعد السنة من التساقط أو التخيير أو الترجيح. نعم في المقام مطلب آخر وهو ان الجمع بين الدليلين بمقتضى الأقوائية أيضا إنما يتم في فرض إمكان كون الكلامين صادرين من متكلم واحد أو من هو بمنزلة الواحد، وحينئذ فلو فرض العلم الاجمالي بعدم صدور أحد الكلامين من الإمام مثلا فلا يبقى مجال حينئذ لتقديم الأظهر على الظاهر، إذ دليل التعبد بسند الظاهر يقتضي بالملازمة المدلولية في اخباره عدم صدور غيره من الإمام (عليه السلام)، ولازمه شرعا نفي التعبد بدلالته وإن كان أقوى من طرفه، كما أن التعبد بظهور غيره بلا انتهاء النوبة حينئذ إلى التعارض بين الدلالتين فارغا عن سند حاك (5) يقدم الاقوى حينئذ على غيره بأحد الوجوه المتقدمة. ولئن شئت قلت بأن مدار الجمع على ظهور كلام إمام ورد على خلافه أظهر، وفي المقام نقطع بأنه على فرضنا كونه كلام إمام لم يرد على خلافه أظهر، كما هو الشأن في طرف عكسه. ومن هنا ظهر أيضا أنه في ظرف تساوي الظهورين من هذا الفرض لا يكون منشأ التعارض تقادم الظهورين وتعادلهما بل عمدة المنشأ اقتضاء الأخذ [بكل ظهور طرح موضوع] التعبد بالظهور في الآخر، ولازمه عدم مجيء التعبد بالسند لعدم انتهائه إلى العمل. وبالجملة نقول: إن كل مورد يكون التكاذب بين الروايتين من حيث حكاية كل من المخبرين عن الإمام فهو داخل في مصداق المتعادلين الخارج عن موارد الجمع، من دون فرق [بين] قوة أحدهما بحسب الدلالة بالإضافة إلى الآخر و[عدمها] ومن دون فرق أيضا بين تنافيهما في مقول قول الإمام أم لا. نعم لو فرض عدم ظهور كلام الإمام في مراده بل كان دالا عليه قطعيا أمكن دعوى الأخذ بسند الطرفين في الفرض الآخر، لعدم مخالفة عملية حينئذ في اعمال التعبدين وبلا اقتضاء في مدلول كل منهما التزاميا شيئا. فحينئذ يصير حال المخبرين - من تلك الجهة - حال الاستصحابين الجاريين في [طرفي] العلم الاجمالي بلا اقتضائه طرح تكليف معلوم اجمالا. وتوهم أن [معلوم] المخالفة في البين غير صالح لشمول التعبد له، فيبقى بديله [غير معلوم] الانطباق على كل واحد من الطرفين. مدفوع بأن مجرد العلم بمخالفة واحد بعنوان إجمالي لا ينافي الشك بل الظن النوعي في كل واحد بعنوانه التفصيلي بلا ريب، فلا قصور لشمول دليل التعبد لكل منهما عند عدم محذور فيه من جهة اخرى حسب الفرض. ومجرد اختلاف لسان التعبد في النظر إلى تتميم الكشف أو التعبد في ظرف عدم الانكشاف لا يجدي فرقا في مقامنا. وتوهم أن قضية تتميم الكشف [مضادة] مع فرض الجزم بالمخالفة صحيح لو اريد شمول الدليل [للعنوان] الاجمالي الذي علم مخالفته، وإلا فبالنسبة إلى العناوين المفصلة لا كشف فيها على خلاف الواقع أصلا، للجزم بعدم سراية العلم من العنوان الاجمالي إلى التفصيلي بتا كما هو ظاهر. ثم إن موضوع البحث في الجمع إنما هو الجمع بين [كلامين لشخص] واحد أو [من] هما بمنزلة الواحد، وأما لو كانا شخصين فلا دليل أيضا في الجمع بحمل الظاهر على الأظهر والاطلاق على التقييد وهكذا غير ذلك من موارد الجمع طرا والله العالم. وعليه فموضوع البحث في الجمع إنما هو في الكلامين الصادرين من شخص واحد وبمنزلته، وهو لا يتصور إلا بفرض عدم تكاذب الخبرين في [حكايتهما] عن الإمام، وإن يكاد منهما من تنافي مدلولي المقول لقوله (عليه السلام)، وفي مثل تلك الصورة أيضا لا يمكن العمل على طبق أحد الخبرين عند فرض تصادم الظهورين. وعمدة الوجه فيه هو أن المدلول الالتزامي لكل منهما [إذا نفي به] ما هو مدلول مطابقي [للآخر] فينتهي أمر مفادهما إلى النقيضين، وفي مثله لا يمكن المصير إلى الوجوب التخييري [الراجعة] إليه المتخيرات في المسألة الفرعية، نظير خصال الكفارة وأمثالها، وذلك لأن مرجع كل واحد تخييري إلى وجوب حفظ الوجود من كل طرف على وجه يوجب سد باب بعض أعدامه، وهو العدم المقارن لبدله، وهذا المعنى لا يمكن إلا مع فرض كونه في فرض عدم البدل اختياريا، وإلا فيستحيل تعلق التكليف به لعدم تعلقه بأمر حاصل أو أمر خارج عن حيز الاختيار، وفي المتناقضين كان الأمر من هذا القبيل، إذ في فرض عدم النقيض كان الشيء حاصلا غير قابل لتعلق التكليف به. و[نظيره] أيضا كل ضدين لا ثالث لهما، إذ في فرض عدم الآخر كان وجود بدله قهري الحصول، فلا يبقى مجال تعلق الأمر بسد باب عدمه المقارن لعدم غيره، فلا جرم ينحصر أمر الوجوب التخييري الفرعي [في] ما لا يكونان ما نعتي الخلو، أعم من أن يكونا مانعتي الجمع أم لا. وعلى أي حال يخرج ما نحن فيه - بعد فرض حجية المدلول المطابقي - عن تحت الواجبات التخييرية الفرعية. نعم لو كان مفاد دليل التعبد وجوب الالتزام بالمؤدى ولو مقدمة للعمل أمكن تصوير الوجوب التخييري في مفاد دليل التعبد. ولا قصور أيضا في استفادة ذلك من اطلاق دليل التعبد بعد إمكان رفع اليد عن كل في صورة الأخذ بالآخر. ويستفاد من مثله حينئذ كون مقتضى القاعدة الأولية في المتعارضين هو التخيير في مقام الأخذ بكل واحد من الخبرين حتى على الطريقية. ولكن لا يخفى ما في هذا المبنى، بداهة أن متعلق وجوب التعبد في كلية باب الأمارات والاصول هو العمل، ولذا لا تجب الموافقة الالتزامية في موارد الأمارات الغير المتعارضة. وأما إذا كان متعلق الطريقية هو العمل فلا شبهة - في صورة انتهاء الأمر إلى النقيضين - [في] عدم تصور وجوب تخييري بين العملين، بل يمكن الجمع بينهما عملا، بالعمل على طبق الوجوب محضا، فإنه على وفق دليل نفي الوجوب أيضا، ولولا مزاحمة [الأمرين الطريقيين] في مقام التأثير في تنجز الواقع وعدمه لكان العقل مستقلا بوجوب العمل على طبق ما دل على الوجوب كي يصير العمل على وفق كليهما، إلا مع قيام الدليل الآخر على الحرمة فإنه لابد من التخيير بينهما عملا. ولكن المزاحمة المزبورة تابعة [للحكم] بوجوب الأخذ على طبق الوجوب مثلا، إذ حكم العقل بوجوب موافقة الواجبات الطرقية لمحض دفع الضرر المحتمل الناشئ عن تنجز التكليف المحتمل في مورده، ومع فرض مزاحمة دليل نفي الوجوب في المنجزية [لم يبق] مجال احتمال الضرر كي يجب دفعه وحينئذ فلا يقتضي على الطريقية الأخذ بخصوص ما دل على طبق دليل الوجوب جمعا بين العمل بالخبرين، بل لا محيص حينئذ إلا من التخيير العقلي، نظير صورة قيام الطرفين على [المحذورين]، ولا نعني من تساقطهما إلا هذا. بل ولئن بنينا على رجوع مفادهما إلى جعل الحجية أو جعل الكاشف على ما يقتضيه المطابقة النوعية في الطرفين، أمكن جعل المتعارضين مع ذلك من باب التزاحم في المقتضيين بلا تكاذب في مقتضاهما من غلبة الايصال النوعي فيهما، كما أنه قد عرفت أيضا [عدم] مانعية العلم الاجمالي [عن] طريقية كل واحد بعنوانه التفصيلي بعد عدم صلاحية المعلوم بالإجمال للسراية إلى اطرافه أبدا. نعم على مسلكنا من كشف الأوامر الطرقية عن اهتمام الشارع بحفظ غرضه في البين أمكن أن يقال إن المقتضي [للإيجاب] الطريقي هو هذه المصلحة المحتملة [المهمة]، ومن المعلوم أن دليل نفي الوجوب أيضا كاشف [عن] نفي الاهتمام به، فقهرا يتزاحمان في المصلحة فيقع بينهما التكاذب في تلك المرحلة [فتمتاز] الطريقية حينئذ عن الموضوعية، إذ في الموضوعية لما كان قيام الخبر منشأ لإحداث مصلحة في المتعلق على وفق أمره أو ترخيصه، فقهرا لا يقع بينهما التكاذب في عالم المقتضى، فكان بابه باب التزاحم. كما أنه لما لم يكن الغرض من وجوب العمل على الموضوعية [تنجيز] الواقع كان العقل حينئذ ملزما بالعمل على طبق اللزوم كي يكون عاملا على وفق غيره أيضا. ومع تزاحم الوجوب والحرمة نحكم بالتخيير بين الفعل والترك عملا، ولكن ذلك أيضا على فرض عدم اقتضاء دليل نفي الوجوب نفي اقتضائه أيضا، بل كان ذلك لمصلحة مقتضية للترخيص، وإلا يقع بينهما التكاذب في المقتضيين أيضا، وعليه فلا يلزم العمل على طبق ما دل على الوجوب حتى بالنسبة إلى السببية، فينتهي أمره أيضا بالأخرة إلى التخيير بين الفعل والترك عملا، ولازمه مثل المشي على الطريقية تساقط الخبرين عن الحجية. بل ولئن شئت قلت: إن العمل على أي واحد من الشيئين على وفق ما دل على عدم الوجوب، ولكن لا من جهة مرجعية الدال عليه بل لعدم تمامية الملزم على طرف الوجوب أو الحرمة، ولابد وأن يكون المرجع حينئذ هو الاصول بلا تمامية الحجة على أحد الطرفين، من دون فرق في ذلك بين الطريقية والسببية، ولا نعني من التساقط إلا هذا المعنى كما لا يخفى. ومن التأمل فيما ذكرنا ظهر فساد القول بكون الأصل على السببية هو التخيير كما هو الشأن في باب المتزاحمين [في] صورة دوران الأمر بين الضدين خصوصا لو لم يكن لهما ثالث، فإن الوجوب التخييري شرعا وعقلا غير معقول فيهما، بل غاية الأمر مجرد إرشاد العقل إلى التخيير بينهما عملا لا ايجابهما بنحو التخيير المنتج لنتيجة في [تركهما] كما هو ظاهر. وحينئذ فما أفاده الشيخ (6) من المصير إلى التزاحم الذي لازمه التخييز لا يكاد يتم إلا على فرض وجوب الالتزام والأخذ بكل منهما في قبال العمل، وهو كما ترى على خلاف ديدنهم على عدم وجوب الموافقة الالتزامية حتى في الأدلة الظنية، بل لا يجب إلا صرف العمل على طبق الطريق، وحينئذ فكيف يعقل الوجوب التخييري بين النفي والاثبات في فرض حجية الدلالة الالتزامية أيضا؟ فلا يتصور حينئذ إلا مجرد التخيير العملي بين النفي والاثبات، كما هو الشأن في [التخيير] بين كل طرفي النقيض ولو لم يكونا مضمون حجة تعتد [بها] وذلك ظاهر. ويظهر أيضا وجه النظر في كلمات الطوسي (7) من المصير إلى كون التعارض بينهما من باب الواجبين إذا أديا إلى وجوب الضدين أو لزوم متناقضين كحرمة شيء ووجوبه، وإلا فلا يتزاحم بالاقتضاء فيه مع ما فيه من الاقتضاء إلا أن يكون نفي الوجوب أو الرخصة عن اقتضاء، فيزاحم الحكم الالزامي فيحكم به بغير الالزام. وتوضيح الضعف أن ما افيد [و] دل على وجوب الضدين والنقيضين إنما يصح بناء على عدم تمامية حجية الخبر في مدلوله الالتزامي وإلا فيؤدي الأمر بالأخرة إلى تعارض الوجوب وعدمه، وفي مثله إن قلنا بأن مرجع السببية فيما دل على نفي الالتزام إلى عدم اقتضاء الحجة شيئا، كان الأمر كما أفاد من لزوم الأخذ بأحد الوجوبين في هذا الفرض، وبخصوص الدال على الوجوب في الفرض الآخر، كما هو الشأن في فرضنا لو قلنا بأن مرجع [سببية النافي إلى] اقتضائه مصلحة في الترخيص، لأنه يقتضي أيضا في وجوب الضدين الأخذ بأحدهما جمعا بين الدليلين على أي تقدير بمقدار الامكان، كما أنه في الفرض الآخر يجب العمل على طبق ما دل على الوجوب جمعا بين العملين الحافظ للفرضين. وأما إن قلنا بأن مرجع [سببية النافي] إلى سببية الخبر له في اقتضاء [نفي] الوجوب فيقع التكاذب بينه وبين ما يقتضي الوجوب في أصل الاقتضاء، ولازمه حينئذ وصول النوبة إلى التخيير العملي كما في الدوران بين المحذورين، ولا وجه حينئذ للأخذ على طبق ما يقتضي الوجوب كما هو ظاهر. فإن قلت: إن ما ذكرت مبني على بقاء إطلاق الحجية في [النافي] والمثبت على حاله، وأما لو فرض عند وجود التعبد بكل واحد [الأخذ] به والالتزام بمضمونه فلا بأس حينئذ بالأخذ بكل واحد بنحو البدلية ووجوب التعبد بمضمونه في ظرف أخذه، بل وإلى هذا المعنى لابد من ارجاع التخيير في المسألة الاصولية [التي هي] مقام اختيار التخيير في الأخبار العلاجية الآتية، فلا يحتاج حينئذ إلى جعل تخصيص في مقتضى دليل الحجية بإخراج الفردين عنه بالمرة كي ينتهي الأمر إلى التساقط على الطريقية، أو التخيير العملي بين الفعل والترك على السببية الذي هو راجع إلى نحو من التساقط في الحجية حتى على السببية. قلت: ما ذكرت صحيح لو كان مثل هذا التقييد في نفسه أمرا معهودا على وجه ينتقل الذهن من نفي الاطلاق إلى مثل هذا التقييد، ولكنه ليس كذلك، كيف ولولا وجوب توجيه المحذور في الأخبار العلاجية بمثل ذاك البيان – لانحصار وجه الترجيح في مثله - لما كان مثل هذا القيد بالأخذ [أولى] من تقييد الاطلاق بنحو آخر موجب للجمع بينهما، ومع كثرة احتمالات التقييد كان بنظر العرف مثل ذلك الاطلاق آبيا عن تلك التقييدات طرا، فينحصر أمر دليل الأخبار بتخصيصه بأحد الفردين المستلزم لتساقط حجية كلا الطرفين كما هو [ظاهر]. نعم سائر التقييدات لما يصلح أمر التخيير في المسألة الاصولية فينحصر عند الوصول إليه أمر توجيهه بكون وجوب التعبد بمضمون كل واحد مشروطا بأخذه. وكذا [تكون] نتيجة التخيير في المسألة الاصولية (آبيا باليقين) (8) في المسألة الفرعية، وعمدة النكتة فيه ما ذكرنا بعد الجزم بعدم وجوب الأخذ و[الالتزام] بالمؤدى شرعا كما هو ظاهر.

[حكم التعارض بالنظر إلى الأخبار العلاجية]:

ثم إن ذلك كله حكم تعارض الخبرين بالنظر إلى عموم دليل الحجية، وأما [حكمه] بالنظر إلى ما يستفاد من الأخبار العلاجية فنقول: أولا - بعد الجزم بعدم التساقط رأسا ووجود المرجع في حال التعارض في الجملة - إن الكلام تارة في تأسيس الأصل بالنسبة إلى حال المتعارضين مع قطع النظر عن عموم دليل الحجية، واخرى يلاحظ ما ذكرنا بالنسبة إلى عموم دليل الحجية. أما في الصورة الأولى فنقول: إنه بعد الجزم بدوران الأمر بين الأخذ بإطلاق الخبر أو وجوب الترجيح وعدم وجود مرجح بين الاحتمالين، يرجع الأمر في الوجوب الشرعي إلى الالتزام حينئذ بوجوب التعبد بكل واحد مشروطا بالأخذ، أو وجوب [التعبد بذي] المرجح مطلقا، ولازم ذلك الشك في وجوب التعبد بذي المزية قبل الأخذ بكل واحد منهما والقطع بعدم وجوب التعبد بالآخر، كما أنه في صورة الأخذ بغير ذي المزية نشك في وجوب التعبد بكل منهما. بخلاف ما لو اخذ بذي المزية فإنه يقطع بوجوب التعبد به وعدم وجوب التعبد بالآخر. وحينئذ فلا يكون مقامنا هذا بالإضافة إلى الوجوب الشرعي من [قبيل] دوران الأمر بين التعيين والتخيير المستلزم للعلم بالوجوب في كل منهما والشك في تعيين الآخر، إذ ذلك مبني على كون التخيير المحتمل في المقام تخييرا في المسألة الفرعية وهو لا يمكن الأخذ [به] إلا بالتزام [كون] المؤدى موضوع الوجوب الشرعي لا شرطه، وهو كما ترى. كما أنه ليس المقام من قبيل الدوران بين معلوم الحجية و[مشكوكها] وقد عرفت أنه بناء على ارجاع التخيير إلى التعبد بكل منهما [مشروطا] بالأخذ، لا يكون قبل أخذ واحد منهما معلوم الحجية جزما. نعم هنا مطلب آخر وهو: أن المكلف قبل الأخذ بواحد منهما من قبيل الشك قبل الفحص المتمكن من تحصيل الحجة الشرعية، فيجب - بحكم عقله - ان يأخذ بأحد الخبرين مقدمة لتحصيل الحجة، وفي هذه الصورة يلزمه العقل بالأخذ بذي المزية، لأنه يعلم تفصيلا - بعد أخذه - [بحجيته]، بخلاف ما لو أخذ بغيره فإنه بعد شاك [في حجيته] فلا يخرج به عن عهدة حكم عقله بتحصيل الحجة الشرعية وذلك ظاهر واضح. هذا كله لو لوحظ مقتضى الاحتمال الناشئ عن الأخبار العلاجية مع قطع النظر عن مرحلة العمومات الناظرة إلى اطلاق حجيتها حتى بلحاظ حال التعارض، وإلا فلو لوحظ الاحتمال المزبور بالنظر إلى العمومات ربما ينتهي أمر العمومات حينئذ [إلى] التقييد بالأخذ في كل منهما، أو التخصيص بإخراج أحدهما، وفي هذه الصورة لو رجحنا التقييد على التخصيص كان الدليل الاجتهادي قائما على التخيير وهو مقدم على الأصل السابق. كما أنه لو رجحنا التخصيص على التقييد يتعين الأخذ بذي المزية اجتهادا، للجزم بعدم احتمال خروج ذي المزية وبقاء غيرها تحت العام، ولو من جهة كون ذلك داخلا في مدلول الأخبار العلاجية بمجموعها النافي لتلك الاحتمالات الزاما. نعم على فرض هذا الاحتمال أيضا يصير العام محتملا بالنسبة إلى الفردين، فحينئذ لا يبقى مجال الأخذ بكل منهما، للشك في حجيته، لاحتمال تعيين الآخر، ولكن هذا الاحتمال مقطوع خلافه. نعم لو دار أمر العمومات بين التقييد والتخصيص ولم يتمكن من ترجيح أحدهما [تنتهي] النوبة بعد ذلك [إلى] الأصل السابق. وحيث اتضحت تلك المقدمة فنقول: إن بعد وجود مطلقات التخيير - على ما حكاه الاستاذ (9) - يبقى الكلام في المخرج منها، فقد يستدل حينئذ [على تعيين] وجوب العمل بذي المزية المعهودة مطلقا بما دل على الأمر بالأخذ بتمام المرجحات المعروفة مثل المقبولة (10) والمرفوعة (11). ولكن في دلالة صدر المقبولة على الترجيح بصفات الراوي من الأعدلية والأفقهية والأوثقية نظر، إذ ظاهره كونه في مقام ترجيح الحاكم في مقام الحكومة وغير مرتبط بترجيح الراوي من حيث روايته، وإن كان الحكم من الحاكم [في] الشبهات الحكمية في الصدر الأول [رواية] أيضا، لكن الحيثية في مقام الترجيح محفوظة، وظاهره كونه في مقام ترجيح [إحدى] الروايتين من حيث كونه حاكما، كما هو مفاد خبر داود بن حصين (12) الوارد في مقام ترجيح الحكمين، وهو معمول به أيضا في باب المرافعات.

وأما [ذيلها] وإن كان ظاهرا في ترجيح الرواية من حيث حكايتها من الأشهرية وأمثالها، ولكن ظاهره كونه من جهة رجوع المترافعين عند تعارض الحكمين إلى ترجيح أحد الحكمين بترجيح مستنده، وهو أيضا خلاف ديدن الأصحاب، إذ ليس بناؤهم عند تعارض الحكمين على الرجوع إلى مستند الحكم، بل بناؤهم على كون الاختيار بيد المدعي، كما هو الشأن من الأول على كون تعيين الحاكم بيده على ما حكاه صاحب المستند (13) [بأن] اجماع أصحابنا عليه. وحينئذ فصح أن يقال إن مثل تلك الفقرة من الذيل أيضا غير معمول به لدى الأصحاب، فمن أين المقبولة حجة في محل البحث؟ واحتمال حمل تلك الفقرة على قاضي التحكيم منظور فيه، لظهور الرواية في الشمول [للوقائع] المتجددة عن وقت صدور تلك المقبولة، وفي تلك الصورة لا يتصور قاضي التحكيم جزما كما هو ظاهر. وأما خبر المرفوعة فهو وإن كان ظاهرا في ترجيح الرواية من حيث صفاتها أو صفات الراوي بما هو راو ولكن من جهة [اشتماله] على الترجيح بموافقة الاحتياط [موهون بعدم عمل المشهور] على وفقه فتأمل. مع أن في عوالي اللآلي بعد نقل تلك الرواية [قال]: وفي رواية اخرى [فأرجه] حتى تلقى إمامك (14). وظاهره اشتراك الروايتين من جميع الجهات إلا في هذه الفقرة، وحينئذ فمن المحتمل كون ذلك من باب الاختلال في المتن، ولازمه احتمال اختصاص مورد الرواية ووجوب الترجيح بهذه الامور بزمان الحضور، كما هو ظاهر المقبولة أيضا، فمن أين يصلح مثل تلك الرواية لتقييد المطلقات التخييرية؟

نعم الذي يصلح لتقييدها ما ورد في الأمر بالعمل بما وافق الكتاب والسنة وطرح ما خالف (15)، بأن قضية اقتران الاولى بالثانية شاهدة كون الأمر بالأخذ [بما] وافق الكتاب من باب علاج التعارض بالترجيح لا من باب تميز الحجة عن اللاحجة في نفسه مع قطع النظر عن مرحلة التعارض، كيف ولازمه وجوب طرح الموافق للعامة ولو لم يكن معارضا، وهو كما ترى. ويؤيد ذلك كون ديدن الأصحاب في الفقه على مثل ذين الترجيحين، بل وديدنهم على الترجيح المزبور وإن كانت الرواية الاخرى واجدة لسائر [الصفات]، وذلك أيضا من [موهنات] الترجيح بالبقية، خصوصا لو لوحظ الترتيب بينها على حسب ذكر الترجيح بصفات رواية الراوي من المرجحات الداخلية مقدمة على مثل تلك المرجحات الخارجية، وعليه فيقتصر في مقام الترجيح بخصوص هذين المرجحين في قبال اطلاقات التخيير، وفي غيرها يؤخذ بها ولا يعتنى بسائر المرجحات ولا بمطلق الأقوائية - ولو من جهة احتمال مخالفته للواقع - عن الاحتمال الموجود في الآخر، وإن لم تبلغ إلى حد الظن بالمطابقة بالظن النوعي المساوق للأقربية النوعية، فضلا من الظن الشخصي المسمى بالأقربية الشخصية. وتوهم ان التعليل في الأخذ بمخالف العامة بأن الرشد في خلافهم يقتضي التعدي إلى كل ما هو أقوى سندا، ولا أقل من الأقرب إلى الواقع نوعا أم شخصا. مدفوع بأن الظاهر من العلة بعد ما كان هو الرشد الواقعي المساوق لمطابقة الرواية للواقع بلا احتمال مصلحة اخرى فيه، كيف وهو يقتضي كون الأمر نفسيا وهو خلاف كونه في سياق الأوامر الطرقية، كما أن الحمل على الرشد الاعتقادي الجزمي أيضا مناف مع مولوية أمره، فلا محيص إلا من الحمل على الرشد الغالبي الواقعي أو الرشد بالإضافة إلى غيره أو الرشد الاعتقادي الظني، والأول لما لم يكن أظهر لا يكون أقصر من البقية. وأما احتمال الرشد الاطمئناني فهو أيضا خلاف الوجدان بإطلاقه، كما هو الشأن في مطلق الظن به، فتعين الاحتمال في الأولين، وحينئذ فمع اجتماع الجهتين في الترجيح [يؤخذ] به وإلا فيشكل الترجيح بكل واحد منفردا عن غيره. ومع التأمل فيما ذكر ظهر حال عموم التعليل بأن المجمع عليه لا ريب فيه إذ الكلام السابق يجري فيه حرفا بحرف. وأما بقية المرجحات فلا يستفاد منها أزيد من التعبد بخصوصها أو لوجدانها [إحدى] الجهتين السابقتين، بحيث لو فرض التعدي من العلل المزبورة إلى إحدى الجهتين لا ينافي الأخذ بخصوص بقية المرجحات عدا الأفقهية، فإن مع التعبد [يكون] مدار الترجيح فيه غير خصوصية، ومثل ذلك ربما يوهن ظهور أمر التعليل في البقية في العلية لولا احتمال تعدد المرجح في البين وعدم رجوع جميع المرجحات إلى مرجح واحد، وإن كان ذلك أيضا ظاهر كلماتهم، إذ هي بين الأخذ بخصوص [الجميع] أو [الغائها] والتعدي بواسطة العلل إلى مناط واحد سار في غيرها. ثم إنه لو اغمض من ظهور تلك العلل في [التعدي] لا يبقى مجال التشبث [به] بحكم مناط قبح ترجيح المرجوح على الراجح، إذ ذلك إنما يتم لو كان مناط الحجية بتمامه هو هذه المزية، إذ لازمه حينئذ وجوب تأكد مناط [الحجية] في ذي المزية المستلزم لكون الحكم عند تزاحم المناطين في الطرف الأقوى، وإلا فلو كان الخبران في الحجية متساويين فلا وجه لمرجحية ما هو خارج عن أصل مناط الحجية، ووجهه ظاهر. مع أن في فرض قيام ذي المزية على عدم الوجوب وغير ذيها على الوجوب لا يكون العمل بغير ذي المزية ترجيحا بل هو عمل بكليهما. وأضعف من ذلك التمسك - للأخذ بمطلق الأقوى في الدليلين - ببناء العقلاء، إذ مثل هذا بأصله منظور فيه، كيف ولازمه عدم اختلافهم في ذلك مع أن جملة منهم [بانون على التخيير] مطلقا، وجملة منهم [بانون] على الأخذ بالمرجحات المنصوصة وإن كان الفاقد [منهما] أقوى من جهة المرجحات والقرائن الخارجية، وبعضهم [بانون] على الأخذ بالأقرب إلى الواقع شخصيا كان أو نوعيا، حتى في صورة كون طرفه أقوى مناطا ومع هذا [الخلاف] العظيم كيف يصدق قيام بناء العقلاء على الأخذ بالأقوى حتى يثمر ذلك في الشرعيات؟ مع أن بناء العقلاء على فرض انعقاده إنما يثمر لو كانوا مستمرين على سيرتهم في الشرعيات كي يصير ذلك من سيرة المتقدمين، وإلا فمجرد بنائهم في طريقتهم على وجه لا يرتبط بالأمور الشرعية لا يجدي شيئا في الكشف عن وحدة طريقتهم مع طريقة الشرع، بل مجرد احتمال مخالفتهم [معه] كاف في عدم الاعتناء ببنائهم بلا احتياج إلى ردعهم الواصل. اللهم أن يقال إن غفلتهم عن مخالفة شرعهم وخوف ابتلائهم مع تلك الغفلة بشرعنا منهم يوجب ردعهم الواصل إليهم، ومع عدمه يكفي ذلك لكشف امضائهم. نعم يكفي حينئذ [العمومات] الناهية [لردعهم]، اللهم أن يدعى [عدم] صلاحيتها للردع كما تقدم في بحث حجية الخبر الواحد.

وعلى فرض الصلاحية هناك نقول: إن في المقام إشكالا آخر وهو أنه كان مثل هذا البناء حجة [مردودة] بالآيات الناهيات في فرض غمض العين عن عموم دليل الحجية بالنسبة إلى حال التعارض، وإلا فعلى هذا الفرض فغاية الأمر سقوط هذا العام عن الحجية بالنسبة إلى الأطراف المعلومة بالإجمال من التقييد والتخصيص فيها، ولكن لازم هذا العلم علم آخر اجمالا بدخول أحد الفردين إما ذي المزية مطلقا أو غيره على تقدير الأخذ به في المطلقات، ولازم ذلك العلم الاجمالي بتخصيص العمومات الناهية عن غير العلم بالنسبة إلى المعلوم بالإجمال الداخل في العمومات، وحينئذ فإذا كان مورد بناء العقلاء طرف هذا الاحتمال لا يبقى مجال حجية العمومات الناهية بالنسبة إليه، فلا يصلح مثلها للرادعية في خصوص المقام كما هو ظاهر. ولكن لا يخفى ان ذلك لولا تمامية الإطلاقات في طرف التخيير وإلا فهي صالحة للرادعية والله العالم. وقد انقدح بطلان التمسك بالإجماع على الأخذ بالأقوى، إذ مع تشتت آرائهم في مناط الترجيح من حيث المرجحات المنصوصة أو الاقوائية في المناط أو الأقربية بالنظر كيف يطمئن الانسان بتحقق الإجماع في المسألة؟ ووجهه واضح ظاهر. وعليه فالمرجع في صورة فقد ما ذكرنا من موافقة الكتاب ومخالفة العامة من المرجحات الخارجية، اطلاقات التخيير، ولقد تقدم سابقا أن مرجع هذا التخيير إلى الأمر بالتعبد [بكل] خبر عند الأخذ به، غاية الأمر يستتبع هذا المعنى تخير العقل [أحد] الخبرين مقدمة لتحصيل الحجة الشرعية. وحيث كان الأمر كذلك فنقول: إن مثل تلك الأوامر الطريقية في الأحكام إن كانت متوجهة إلى المجتهد المتمكن من تحصيل شرط العمل بها من الفحص عن حالها، المستلزم لعدم كون تلك الطريقة الشرعية [طريقا] إلى الأحكام الكلية، وإن طريقهم إليها غير منحصرة بخصوص رأي المجتهد فلا شبهة في انحصار فتوى المجتهد وحجيتها بخصوص [الأحكام] الواقعية للمقلد بلا حجية رأيه في الأحكام الطريقية وتعيين الطرق للمكلف تعيينا أو تخييرا، وحينئذ ليس له الفتوى بالتخيير في المسألة الاصولية فضلا عن التخيير في المسألة الفرعية، للجزم بعدم حجية رأيه إلا بالنسبة إلى ما هو وظيفة المقلد، والمفروض ان وظيفته ليست إلا الأحكام الواقعية التعيينية حسب الفرض، [فتنحصر] حجية فتواه بخصوص الحكم الواقعي التعييني. وأما لو قلنا بأن الأحكام الطريقية - كالواقعية - مشتركة بين المجتهد والمقلد، غاية الأمر كان المجتهد نائبا عن المقلد في تحصيل شرط العمل من الفحص عن حالها، فلا شبهة في أن رأي المجتهد كما هو حجة في تعيين الحكم الواقعي باستنباطه من الطرق، كذلك حجة في تعيين الحكم الظاهري المستفاد من أدلة الأحكام. ولكن لا يخفى أن مرجع سماع فتواه في تعيين الوظيفة الظاهرية الشرعية إلى حجية رأيه بالنسبة إلى وجوب العمل بكل واحد من الخبرين مشروطا بأخذه به، لا حجية رأيه في التخيير بأخذه بأحد الخبرين، كيف وذلك من الأحكام العقلية الثابتة للمكلف في ظرف تمييز الحجة المشروطة بأخذه، وفي هذه الطرق كان عقله مستقلا به فلا مجال لتقليده فيه. وفي صورة عدم إحراز [حجيتها] المزبورة وعدم قدرته على التمييز لا يبقى لحكم عقله [فائدة] في الفتوى بالتخيير بالنسبة إلى هذه الجهة، نعم لا بأس بجعل فتواه بهذا المعنى كناية عن الفتوى بملزومه من وجوب التعبد بكل واحد في ظرف الأخذ بأحد الخبرين، وعليه فصح دعوى عدم صحة الفتوى بالتخيير [في] الأخذ [بأحدهما] حتى في المسألة الاصولية فضلا عن الفرعية على جميع التقادير. ثم إن الأمر بالتخيير إن كان بصرف وجوده في موضوع تعارض الخبرين كان لازمه سقوط الأمر به بأول وجوده من [الاختيار] البدوي، بلا احتمال بقاء [شخص] هذا الأمر الذي لازمه كون الشك في بقاء التخيير في الآن الثاني من جهة أمر جديد، وفي مثله لا مجرى لاستصحابه بل الاستصحاب جار [في]وجوب ما اختاره بلا احتياج في وجه المنع إلى التشكيك في الموضوع بجعله [التحير]، كي يستشكل فيه بأن [التحير] لولا التنجز بعد باق و[التحير] العقلي [مرتفع] بالتخيير، فيستحيل أن يكون موضوعا، مع أن أخذ [التحير] في موضوع التخيير لا دليل عليه، وإنما هو حكمة جعل الموضوع عنوان تعارض الخبرين كما هو ظاهر (16). نعم لو كانت القضية بالنسبة إلى وجوب التخيير مهملة محتملة لأن يكون الطلب متعلقا بالطبيعة السارية كان لاستصحاب التخيير مجال، بل لا يبقى مجال استصحاب بقاء وجوب العمل بما اختار، لحكومة الأول على الثاني. ومنه يظهر أنه لو كانت القضية ظاهرة في الطبيعة السارية كان المرجع في الآن الثاني هو الإطلاق بلا احتياج إلى الاستصحاب، ولكن الانصاف أن احتمال الاهمال في مثل تلك القضية في غاية البعد، فالأمر يدور بين الأول والآخر، وحينئذ نقول: إن الأمر بالاختيار إن كان أمرا شرعيا كان المتعين هو الأول، لأنه مقتضى طبع الاطلاق في كلية الاوامر، ولكنه ليس الأمر كذلك بل هو ارشادي إلى حكم العقل به الذي هو ملزوم الأمر بالتعبد بكل منهما مشروطا بأخذه، ففي الحقيقة ما هو أمر شرعي هو ملزوم أمر شرعي تلك القضية من القضية التعليقية (17).

وحينئذ فيمكن دعوى أن الظاهر من كلية القضايا الشرطية كون الشرط هو الطبيعة السارية كما هو شأن العلل الخارجية، فكان اتحاد سوق الشرعيات من تلك الجهات مع الخارجيات العرفية موجبا لحمل الاطلاق من شروطها على الطبيعة السارية، كما هو الشأن في نواحيها، ولازمه اقتضاء الاطلاق جريان التخيير في الآن الثاني وغيره بلا احتياج إلى اصل عملي أصلا. اللهم إلا أن يقال: ان ذلك كذلك لو كانت القضية الشرطية منطوق الرواية، [فإن] ظهور سوقها مساق العرفيات يقتضي كون الشرط الطبيعة السارية، وأما لو لم يكن المنطوق به في القضية إلا مجرد الأمر بالاختيار، فلا شبهة في أن مدار كيفية أخذ الاطلاق ولو بالنسبة إلى ملزومه تابع اقتضاء الاطلاق في المنطوق، ومن المعلوم أن طبع مقدمات الحكمة في [منطوق] القضية كون المطلوب ولو [ارشادا] هو صرف طبيعة الأخذ والاختيار، ولازمه كون الشرط وجوب التعبد بكل منهما أيضا، [و] هو صرف وجوده المنطبق بتمامه على الإختيار بدو الأمر، ولازمه حينئذ عدم اقتضاء الاطلاق شرطية كل أخذ للتعبد بكل واحد منهما، وحينئذ في الآن الثاني نشك في بقاء وجوب ما اختار من جهة احتمال شرطية الأخذ به بحدوثه للتعبد بمؤداه إلى الأبد، ولا يبقى حينئذ مجال استكشاف الشرطية السارية في كل آن. اللهم أن يقال: إن لازم احتمال وجود أمر آخر بالأخذ بنحو التخيير في الآن الثاني احتمال بقاء وجوب التعبد بالطرف الآخر مشروطا بأخذه، [فتستصحب] القضية التعليقية في الطرف الآخر، ولا يعارضه استصحاب وجوب التعبد تعيينا بما اختاره أولا، لعين وجه عدم معارضة الاستصحاب التخييري في سائر الموارد مع التعليقي فتأمل.

____________
1) راجع كفاية الاصول: 496.

(2) راجع فرائد الاصول: 750.

(3) كذا في الأصل.

(4) في الاصل: لا يكون عدم ترتب التعبد بالظهور على قيام الأظهر.

(5) كذا في الاصل وقد يتضح مقصوده من خلال عبائره التي تلي هذا المقطع.

(6) راجع فرائد الاصول: 762.

(7) راجع كفاية الاصول: 499 - 500.

(8) كذا في الاصل.

(9) راجع كفاية الاصول: 506،.

(10) وهي مقبولة عمر بن حنظلة، راجع الوسائل 18: 75، الباب 9 من صفات القاضي، الحديث الأول.

 (11) وهي مرفوعة زرارة راجع عوالي اللآلي 4: 133، الحديث 229، وعنه في المستدرك 17: 303، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 2.

(12) الوسائل 18: 80، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 20.

(13) انظر المستند 2: 522.

(14) عوالي اللآلي 4: 133، الحديث 230.

(15) راجع الوسائل 18: 75، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الأحاديث: 1 و10 و19 و21 و29 و35 و37.

(16) هكذا في الأصل وجاء في تقريراته: منع كون موضوع التخيير هو المتحير، إذ لا دليل على أخذ عنوانه في موضوع التخيير، بل الموضوع هو من جاءه الحديثان المتعارضان، فالتحير حكمة لجعل الحكم المذكور. نهاية الأفكار القسم الثاني من الجزء الرابع: 213.

(17) جاء في التقريرات: بل هو ارشادي إلى حكم العقل به بمناط وجوب تحصيل الحجة الشرعية للقادر على تحصيلها... وما هو شرعي انما هو ملزومه الذي هو الأمر بالتعبد بكل منهما في ظرف الأخذ به واختياره. نهاية الأفكار القسم الثاني من الجزء الرابع: 213.

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.