المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



وصيته لجابر الجعفي  
  
3892   07:26 مساءاً   التاريخ: 22-8-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام الباقر(عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏1،ص284-287.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الباقر / التراث الباقريّ الشريف /

زود الامام أبو جعفر (عليه السلام) تلميذه العالم جابر بن يزيد الجعفي بهذه الوصية الخالدة الحافلة بجميع القيم الكريمة والمثل العليا التي يسمو بها الانسان فيما لو طبقها على واقع حياته وهذا بعض ما جاء فيها : أوصيك بخمس إن ظلمت فلا تظلم وان خانوك فلا تخن وان كذبت فلا تغضب وان مدحت فلا تفرح وإن ذممت فلا تجزع وفكر فيما قيل فيك فان عرفت من نفسك ما قيل فيك فسقوطك من عين الله عز وجل عند غضبك من الحق أعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك من أعين الناس وإن كنت على خلاف ما قيل فيك : فثواب اكتسبته من غير أن يتعب بدنك , واعلم بأنك لن تكون لنا وليا حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا : إنك رجل سوء لم يحزنك ذلك ولو قالوا : إنك رجل صالح لم يسرك ذلك ولكن اعرض نفسك على كتاب الله فان كنت سالكا سبيله زاهدا في تزهيده راغبا في ترغيبه خائفا من تخويفه فاثبت وابشر فانه لا يضرك ما قيل فيك وان كنت مبائنا للقرآن فما ذا الذي يغرك من نفسك إن المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها فمرة يقيم أودها ويخالف هواها في محبة الله ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها فينعشه الله فينتعش ويقيل الله عثرته فيتذكر ويفزع الى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف وذلك بان الله يقول : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201].

يا جابر استكثر لنفسك من الله قليل الرزق تخلصا الى الشكر واستقلل من نفسك كثير الطاعة لله إزراء على النفس وتعرضا للعفو وادفع عن نفسك حاضر الشر بحاضر العلم واستعمل حاضر العلم بخالص العمل وتحرز في خالص العمل من عظيم الغفلة بشدة التيقظ واستجلب شدة التيقظ بصدق الخوف واحذر خفي التزين بحاضر الحياة وتوق مجازفة الهوى بدلالة العقل وقف عند غلبة الهوى باسترشاد العلم واستبق خالص الاعمال ليوم الجزاء وانزل ساحة القناعة باتقاء الحرص وادفع عظيم الحرص بايثار القناعة واستجلب حلاوة الزهادة بقصر الأمل واقطع اسباب الطمع ببرد اليأس وسد سبيل العجب بمعرفة النفس وتخلص الى راحة النفس بصحة التفويض واطلب راحة البدن باجمام القلب وتخلص الى اجمام القلب بقلة الخطأ وتعرض لرقة القلب بكثرة الذكر في الخلوات واستجلب نور القلب بدوام الحزن , وتحرز من ابليس بالخوف الصادق وإياك والرجاء الكاذب فانه يوقعك في الخوف الصادق وتزين لله عز وجل بالصدق في الاعمال وتحبب إليه بتعجيل الانتقال واياك والتسويف فانه بحر يغرق فيه الهلكى واياك والغفلة ففيها تكون قساوة القلب واياك والتواني فيما لا عذر لك فيه فاليه يلجأ النادمون واسترجع سالف الذنوب بشدة الندم وكثرة الاستغفار وتعرض للرحمة وعفو الله بحسن المراجعة واستعن على حسن المراجعة بخالص الدعاء والمناجاة في الظلم وتخلص الى عظيم الشكر باستكثار قليل الرزق واستقلال كثير الطاعة واستجلب زيادة النعم بعظيم الشكر والتوسل الى عظيم الشكر بخوف زوال النعم واطلب بقاء العز باماتة الطمع وادفع ذل الطمع بعز اليأس واستجلب عز اليأس ببعد الهمة وتزود من الدنيا بقصر الأمل وبادر بانتهاز البغية عند امكان الفرصة ولا امكان كالايام الخالية مع صحة الابدان وإياك والثقة بغير المأمون فان للشر ضراوة كضراوة الغذاء.

واعلم انه لا علم كطلب السلامة ولا سلامة كسلامة القلب ولا عقل كمخالفة الهوى ولا خوف كخوف حاجز ولا رجاء كرجاء معين ولا فقر كفقر القلب ولا غنى كغنى النفس ولا قوة كغلبة الهوى ولا نور كنور اليقين ولا يقين كاستصغارك للدنيا ولا معرفة كمعرفتك بنفسك ولا نعمة كالعافية ولا عافية كمساعدة التوفيق ولا شرف كبعد الهمة ولا زهد كقصر الأمل ولا حرص كالمنافسة في الدرجات ولا عدل كالانصاف ولا تعدي كالجور ولا جور كموافقة الهوى ولا طاعة كاداء الفرائض ولا خوف كالحزن ولا مصيبة كعدم العقل ولا عدم عقل كقلة اليقين ولا قلة يقين كفقد الخوف ولا فقد خوف كقلة الحزن على فقد الخوف ولا مصيبة كاستهانتك بالذنب ورضاك بالحالة التي أنت عليها ولا فضيلة كالجهاد ولا جهاد كمجاهدة الهوى ولا قوة كرد الغضب ولا معصية كحب البقاء ولا ذل كذل الطمع واياك والتفريط عند امكان الفرصة فانه ميدان يجر لأهله بالخسران ..

دللت هذه الوصية الرائعة الحافلة بجواهر الحكم على امامة الامام أبي جعفر (عليه السلام) واضاءت جانبا كبيرا من مواهبه وعبقرياته ولو لم تكن له إلا هذه الوصية لكفت في الاستدلال على عظمته وما يملكه من طاقات علمية لا تحد لقد نظر الامام العظيم الى اعماق النفوس وسبر اغوارها وحلل ابعادها وعرف ما ابتلي به الانسان من الأمراض والآفات لقد ابتلي الانسان بالجهل والغرور والكبرياء والجشع والطمع وطول الأمل وغير ذلك مما يدفعه الى الاغراق في المعاصي واقتراف الآثام والانحراف عن طريق الحق وعدم الاستقامة في سلوكه درس الامام (عليه السلام) هذه الأمراض فوضع لها العلاج الحاسم ووصف لها الدواء السليم الذي يقضي على جراثيمها واذا اخذ الانسان بهذه الوصفة فانه يعود انسانا مثاليا مهذبا قد صان نفسه واتصل بخالقه الذي إليه مرجعه ومآله ولو لا خوف الاطالة لشرحنا بنودها شرحا مفصلا ودللنا على ما فيها من الحكم والأسرار.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.