المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

أنماط الجدول الدوري
2024-02-21
الاهتمام بالصحة النفسية للحامل
2024-11-09
حالات عدم تطلب التظلم الإداري
28-4-2022
قاعدة « الغرور»
18-9-2016
الظنّ المانع والممنوع‏
19-7-2020
الضمان
25-9-2016


دستور المحاسبة  
  
2481   01:14 مساءاً   التاريخ: 25-7-2016
المؤلف : ام زهراء السعيدي
الكتاب أو المصدر : التربية من منظور اسلامي
الجزء والصفحة : ص91-92
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

يعطي الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) هنا دستورا عاما للمحاسبة:(ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم)(1). اما المعنيون بدراسة الاخلاق فقد بينوا دستور المحاسبة والمراقبة بأسلوب مفصل ربما يشق على البعض تنفيذه، نعرضه مجملا وميسراً في أمرين مهمين:

الاول : اول ما يجدد محاسبة النفس عليه اداء الفرائض التي اوجبها الله تعالى على الناس كالصلاة والصيام والحج والزكاة ونحوها من الفرائض فان اداها المرء على الوجه المطلوب، شكر الله تعالى على ذلك ورجى نفسه فيما اعد الله للمطيعين من كرم الثواب وجزيل الاجر. وان اغفلها وفرط في ادائها خوف نفسه بما توعد الله العصاة والمتمردين من عباده بالعقاب الاليم، وجد في قضائها وتلافيها.

الثاني : محاسبة النفس على اقتراف الآثام واجتراح المنكرات، وذلك بزجرها زجراً قاسياً، وتأنيبها على ما فرط من سيئاتها، ثم الاجتهاد بملاقاة ذلك بالندم عليه والتوبة الصادقة منه، وكان بعض الاولياء يحاسب نفسه بأسلوب يستثير الدهشة والاكبار من ذلك ما نقل عن توبة بن الصمة، وكان محاسبا لنفسه في اكثر اوقات ليله ونهاره، فحسب يوما ما مضى من عمره فاذا هو ستون سنة، فحسب ايامها فكانت احدى وعشرين الف يوم وخمسمائة يوم. فقال : يا ويلتاه !! ألقى مالكا بإحدى وعشرين الف ذنب . تم صعق صعقة كانت فيها نفسه(2). فما احلى هذا البيت:

اذ المرء اعطى نفسه كل شهوة     ولم ينهها تاقت الى كل باطل(3).

لذلك فلو اراد الانسان تربية نفسه اسلامياً، فالشرط الأول هو المراقبة، ولكن يقال ان هناك شيئاً قبل المراقبة والمحاسبة وشيئا بعدها. فقبل المراقبة (المشارطة) أي على الانسان ان يقطع عهدا على نفسه، لأنه ان لم تحصل المشارطة اولا ولم يجعل لنفسه برنامجا فانه سوف لا يعرف كيف يراقب نفسه، فليتعهد مع نفسه في البداية على تحديد طعامه نوعا وكما، وتحديد نومه وكلامه وما يجب ان يقوم به لنفسه وما يجب ان يقوم به لخلق الله. وعلى كيفية تقسيم اوقاته فان يشخص هذه الامور في ذهنه ويعاهد نفسه بان يعمل على وفق هذا البرنامج، وبعد ذلك يراقب نفسه دائما ويحاسبها على فعل ما تعهدت به، مرة في كل يوم وليلة، فان كان قد عمل بتعهداته، يأتي مرحلة الشرك والحمد لله والسجود شكراً له. وان لم يفعل تأتي مسالة المعاتبة، وتعني لوم النفس اذا كانت المخالفة قليلة. وتأتي المعاقبة عندما تزداد المخالفة والعقوبة تكون بالصوم وبالأعمال الشاقة والصعبة، وهذه من الاصول المسلمة في الاخلاق والتربية الاسلامية. ونختم قولنا بهذا الدعاء:(ومتى وقفنا بين نقصين في دين او دنيا فأوقع النقص بأسرعهما فناء واجعل التوبة في اطولهما بقاء واذا هممنا بهمين يرضيك احدهما عنا، ويسخطك الاخر علينا، فمل بنا الى ما يرضيك عنا واوهن قوتنا عما يسخطك علينا، ولا تخل في ذلك بين نفوسنا واختيارها فأنها مختارة للباطل الا ما وفقت. امارة بالسوء الا ما رحمت)(4).

_______________

1ـ الكافي :2/453.

2ـ الانوار البهية : ص307.

3ـ معجم الادباء : 1/153، انشده الياقوت.

4ـ الصحيفة السجادية الكاملة : ص60.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.