المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2771 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تحليل البوتاسيوم (Potassium (K
7-2-2017
الدعاية الانتخابية والاعلان
2024-08-17
مـنهجـيـة إدارة مـقاومـة الـتغيـيـر2
29-5-2020
متناظرات الــ GPT Isoenzymes
7-3-2021
أحكام الصلاة واماكنها
2-8-2016
خصائص النقل البحري
3-2-2023


الإبـــدال  
  
32690   04:41 مساءاً   التاريخ: 21-7-2016
المؤلف : محمد بن ابراهيم الحمد
الكتاب أو المصدر : فقه اللغة مفهومه  – موضوعاته  – قضايا
الجزء والصفحة : ص 237 - 253
القسم : علوم اللغة العربية / فقه اللغة / خصائص اللغة العربية / الاشتقاق / الاشتقاق الاكبر /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2016 817
التاريخ: 19-7-2016 4877
التاريخ: 19-7-2016 6157
التاريخ: 21-7-2016 32691

أولاً: تعريف الإبدال:

أ _ تعريفه في الأصل: الإبدال _في الأصل_ جعل الشيء مكان شيءٍ آخر(1).

ب _ التعريف الصرفي للإبدال: هو جعل حرف مكان حرف آخر، سواء كان الحرفان صحيحين مثل: اصطبر واصتبر، أو معتلين: قال وباع أصلها: قَوَل وبَيَع، أو مختلفين: دينار وقيراط أصلها: دنار وقرَّاط.

والأحرف التي تبدل من غيرها إبدالاً شائعاً مطرداً لغير إدغام تسعة يجمعها: قول ابن مالك: (هدأت موطياً).

وجمعها  رحمه الله في التسهيل في (طويت قائماً)(2).

ج _ التعريف اللغوي للإبدال: يُعَرّف الإبدال في اصطلاح فقه اللغة بتعريفات أشهرها تعريفان:

1_ تعريف المتوسعين في الإبدال: حيث يعرفونه بأنه: وضع حرف مكان حرف في الكلمة مع الاتفاق بين الكلمتين في المعنى، أو تقاربهما.

قال ابن فارس رحمه الله: (ومن سنن العرب إبدال الحروف، وإقامة بعضها مقام

ص237

بعض، ويقولون: مَدَحَهُ ومَدَهه، وفرسٌ رِفلٌّ ورِفنٌّ)(3).

2_ تعريف غير المتوسعين: كابن جني وغيره ممن يقيدونه هو: إبدال حرف مكان حرف مع تقاربهما في المخرج، واتحاد الكلمتين في المعنى والمكان، وألا يتصرف أحدهما تصرفاً كاملاً.

ومعنى اتحادهما في المكان: أي أن يكونا في بيئة واحدة(4).

مثال ذلك: جذا وجثا؛ فمعناهما واحد، ومخرجهما واحد، ولكن العرب أبدلوا إحداهما من الأخرى؛ فإحدى الكلمتين هي الأصل.

أما جاس وحاس فهاتان ليس بينهما اتحاد تام في المعنى والمخرج؛ فليسا داخلين ضمن الإبدال عند غير المتوسعين.

أما المتوسعون فيه فيرون أنهما داخلان في الإبدال.

ثانياً: أمثلة أخرى للإبدال: نقل السيوطي رحمه الله في المزهر أمثلة كثير للإبدال نقلها عن أئمة اللغة، ومن تلك الأمثلة:(5)

1_ استأديت عليه، مثل: استعديت.

2_ الأيْم والأين: الحية.

3_ طانه الله على الخير وطامه: يعني جبله.

4_ فِنَاء الدار وثِناء الدار.

ص238

5_ جَدَثٌ وجدفٌ للقبر.

6_ وجذوتُ وجثوت: والجذو أن تقوم على أطراف الأصابع.

7_ نبض العِرْق ونبذ.

8_ أيا وهيا، وإياك وهياك.

9_ أرَّخ وورَّخ.

10_ وُشَاح وإشاح.

11_ وسادة وإسادة.

12_ رجل ألمعي ويلمعي.

13_ الناس والنات، وأكياس وأكيات.

14_ الأقطار والأقتار: النواحي.

15_ تلعثم، وتلعذم.

16_ الحثالة والحفالة: الرديء من كل شيء.

17_ الثوم والفوم: الحنطة.

18_ اللثام واللفام.

19_ يرتج ويرتك: إذا ترجرج.

20_ ضبحت الخيل وضبعت.

21_ كدحه وكدهه.

22_ اطرخمَّ واطرهم: إذا كان طويلاً مشرفاً.

23_ وصخرته الشمس وصهرته: إذا اشتد وقعها عليه.

ص239

24_ نزغه ونسفه: إذا طعنه.

25_ الشَّرز والشَّرص: الغَلْظ من الأرض.

26_ أملصت الناقة وأملطت: ألقت ولدها ولم يشعر.

27_ في صدره علي حَسيفة وحَسيكة، أي غل وعداوة.

28_ الغيم والغين: السحاب.

ثالثاً: الفروق بين الإبدال الصرفي والإبدال اللغوي: هناك فروق بين الإبدال الصرفي والإبدال اللغوي ومنها:

1_ أن الصرفي له قواعد منضبطة ثابتة كما أنه مطرد منقاس مثل إبدال الواو أو الياء همزة في اسم الفاعل: نحو: قائل، وبائع.

أما اللغوي فهو سماعي لا ينقاس ولا يطرد.

2_ الإبدال الصرفي ضروري في الاستعمال؛ فالإبدال واجب في مثل: قاول، وسماو، فلا بد أن يقال: قائل، وسماء.

أما الإبدال اللغوي فليس ضرورياً، وإنما هو للتوسع، أو الميل إلى اليسر والسهولة.

3_ الإبدال الصرفي لا يجوز فيه استعمال الصيغة الأصلية مثل: قاول وإنما يقال: قائل _ كما مر _ فالصيغة الأولى لا تستعمل؛ لأنه لا وجود لها في اللغة، وإنما يؤتى بها للتوضيح والتعليم.

أما الإبدال اللغوي فالصيغتان تستعملان كأن ينطق العرب بالذال أو الثاء مثل: جذا، وجثا.

ص240

4_ الإبدال الصرفي يقع في حروف محدودة؛ فابن مالك _ كما مر _ يراها تسعة.

جمعها في قوله: (هدأت موطياً) وفي التسهيل يراها ثمانية جمعها في قوله: (طويت دائماً).

وعلى اختلاف عِدَّتها فهي محصورة.

إما الإبدال اللغوي فليس له حروف محصورة؛ لأنه سماعي, واللغة كلها مجال له.

رابعاً: التأليف في الإبدال(6): تنبه علماء العربية للإبدال، وعنوا بجمع الألفاظ المبدلة والتأليف فيها.

ومن أشهر من ألف في هذا ابن السِّكِّيت في كتابه (القلب والإبدال).

وهو من الذين ينظرون إليه بالمعنى العام، ويعني بالقلب: الإبدال نفسه؛ فهو تفسير له.

وممن ألف في الإبدال: الزجاجي وهو من علماء القرن الرابع؛ حيث ألف رسالة صغيرة سماها: (الإبدال والمعاقبة والنظائر).

وهي أصغر من كتاب ابن السكيت.

وكذلك أبو الطيب اللغوي جمع كتاباً سماه (الإبدال).

وهو أوسع كتاب في العربية في الإبدال، ويقع في مجلدين، ويظهر فيه أنه يمثل أوسع تعريف للإبدال؛ حيث لم يشترط الاتفاق بين الكلمتين في المعنى فحسب، وإنما يجعل التقارب بين الكلمتين داخلاً في الإبدال.

كذلك ابن مالك له كتاب مطبوع اسمه (وفاق المفهوم في اختلاف المقول

ص241

والمرسوم).

أما الكتب التي تكلمت على الإبدال ضمناً فكثيرة؛ فابن فارس أشار إليه في الصاحبي، وكذلك ابن جني؛ حيث ذكره في مواضع متعددة في الخصائص، وكذلك السيوطي في المزهر؛ حيث أفرد النوع الثاني والثلاثين في معرفة الإبدال، وكذلك أورده في مواضع أخرى من المزهر.

وأما أوسع الكتب التي تكلمت على الإبدال ضمناً وأعظمها فهو كتاب (سر صناعة الإعراب) لا بن جني؛ حيث أودعه خلاصة أرائه وأراء شيخه أبي علي الفارسي في الإبدال، فمن ضمن ما أورده ابن جني في ذلك الكتاب أنه أفرد لكل حرف من حروف العربية باباً ذكر فيه أحواله، وتصرفه في الكلام من أصليته، وزيادته، وصحته، وعلته، وقلبه إلى غيره، وقلب غيره إليه، فهو _ بحق _ لم يؤلف مثله بعده في بابه.

وكما اعتنى القدماء بالإبدال فكذلك اعتنى به المحدثون، ومن الكتب التي تكلمت عليه ضمناً كتاب (من أسرار اللغة) لإبراهيم أنيس، و(الاشتقاق) لعبدالله أمين، وغيرهما.

خامساً: أسباب حدوث الإبدال: بيَّن علماء العربية _وخصوصاً من ألَّف منهم في الإبدال_ أسباب حدوثه، وأشهر تلك الأسباب ما يلي:

1_ اختلاف اللهجات العربية: فيرون _على سبيل المثال_ أن قبيلة تقول: ثوم، وجدف، والأخرى تقول: فوم، وجدف مما يدل على أنه ليس مطرداً.

قال السيوطي: (قال أبو الطيب في كتابه: ليس المراد بالإبدال أن العرب تتعمد

ص242

 تعويض حرف من حرف، وإنما هي لغات مختلفة لمعانٍ متفقة؛ تتقارب اللفظتان في لغتين لمعنىً واحد، حتى لا يختلفا إلا في حرف واحد.

قال: والدليل على أن قبيلة واحدة لا تتكلم بكلمة طوراً مهموزة، وطوراً غير مهموزة، ولا بالصاد مرة وبالسين أخرى.

وكذلك إبدال لام التعريف ميماً، والهمزة عيناً كقولهم في أن: عن؛ لاشتراك العرب في شيء من ذلك، إنما يقول هذا قوم، وذاك آخرون)(7).

2_ التقارب الصوتي: فحلول صوت مكان صوت يؤدي إلى البدل؛ فكثير من الكلمات التي بينها تقارب صوتي وقع فيها إبدال؛ للتغيير الصوتي؛ وذلك كأن تكون قبيلة تميل إلى الترقيق فتبدل الصاد سيناً، أو العكس كأن تميل بعض القبائل إلى التفخيم, فتبدل السين صاداً.

مثال ذلك: قول: صَقْر وسَقْر، ويساقون، ويصاقون، وصَخْر وسَخْر: مصدر سخرت منه إذا هزأت.

وصماخ وسماخ: ثقب الأذن.

قال السيوطي: (قال ابن خالويه في شرح الفصيح: أخبرنا ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: اختلف رجلان في الصقر، فقال أحدهما بالسين وقال الآخر بالصاد؛ فتحاكما إلى أعرابي ثالث، فقال: أما أنا فأقول: الزَّقر بالزاي، قال ابن خالويه: فدل على أنها ثلاث لغات)(8).

ص243

3_ التحريف والتصحيف: وهي الأخطاء التي ترد أحياناً إما عن طريق القراءة، أو السماع.

وذلك كأن ترد كلمة بالدال واللام؛ فيعزى ذلك إلى التصحيف أو التحريف؛ لأنه لا يمكن أن يحدث بين هذين الحرفين إبدال.

هذا وقد كتب أبو أحمد العسكري _وهو عم أبي هلال العسكري صاحب الصناعتين_ كتيباً سماه (التصحيف والتحريف) ولم يدع أحداً من مشهوري اللغويين إلا جرحه وعابه ببعض التصحيف أو التحريف.

وممن نسب إليهم التصحيف في هذا الكتاب أبو عمرو بن العلاء، وأبو عبيدة، وأبو زيد الأنصاري، والأصمعي؛ فقد روى عنه أنه كان ينشد بيت الحطيئة:

وغَررْتني وزعمت أنـ

 

ـك لابنٌ بالصيف تامِر

فقال:

وغررتني وزعمت أنـ

 

ـك لا تني بالصيف تامُر

وكان في مجلس فيه أبو عمرو بن العلاء فقال أبو عمرو: أنت _والله_ في تصحيفك أشعر من الحطيئة.

ومهما يك من شيء فإنه ليس من اليسير أن يحكم بصفة قاطعة على وقوع التصحيف في كلمة بعينها(9).

سادساً: الإبدال بين المتوسعين فيه والمضيقين له: مر بنا في بداية

ص244

الحديث عن الإبدال عند اللغويين أن له تعريفين أحدهما تعريف المتوسعين فيه، والآخر تعريف المضيِّقين له.

والحديث ههنا بيان لبعض الفروق بين هذين المذهبين في الإبدال؛ فأكثر القدامى يتوسعون فيه _كما مر_ .

أما بعض القدامى كابن جني وجميعُ المحدَثين فإنهم يضيِّقون فيه، ويضيفون إلى التعريف العام شيئاً من القيود ومنها:(10)

1_ التقارب الصوتي: فهو شرط أساس عند المحدثين وابن جني؛ فهو لا يرى الإبدال إلا إذا كان بين حرفين متقاربين في المخرج كالذال والثاء، والراء واللام.

ويمثلون لما ليس من الإبدال بـ: نصنص ونضنض: أي حرك لسانه، فيرى ابن جني أن هاتين الكلمتين أصلان، وليسا من الإبدال؛ لأن الصاد ليست أخت الضاد في المخرج، وإن اتفقا في المعنى.

يقول رحمه الله: (فأما قولهم: نضنض لسانه، ونصنصه: إذا حركه فأصلان، وليست الصاد أخت الضاد؛ فتبدل منها.

وأخبرني أبو علي _يعني الفارسي_ يرفعه إلى الأصمعي قال: حدثنا عيسى بن عمر قال: سألت ذا الرمة عن النضناض فأخرج لسانه، فحركه، وأنشد:

تبيت الحية النضناض منه

 

مكان الحِبِّ يستمع السرارا)(11)

وكذلك قال في حثحثوا وحثثوا؛ فهو يرى أنهما أصلان.

ص245

ونقل عن شيخه أبي علي الفارسي أنه قال مبينا العلة في ذلك: (فأما الحاء فبعيدة من الثاء، وبينهما تفاوت يمنع قلب إحداهما إلى أختها)(12).

وقد اتخذ ابن جني في هذه القضيةِ المقياسَ الذي همس به في أذنه شيخه أبو علي الفارسي، وجعله قانوناً للإبدال، ويتلخص هذا الأصل في أن أصل القلب في الحروف إنما هو فيما تقارب منها، وذلك كـ: الدال، والطاء، والتاء، والذال، والظاء، والثاء، والهاء والهمزة، والميم والنون وغير ذلك مما تدانت مخارجه(13).

2_ قلة التصرف لأحد اللفظين: وذلك بألا يتصرف أحد اللفظين تصرفاً كاملاً، أما إذا تصرف كلٌّ منهما تصرفاً تاماً من ناحية الأفعال، أو المشتقات فلا يكونان من الإبدال؛ بل يكون كل واحد منهما أصلاً بذاته.

فلو وجد التقارب الصوتي كما بين الذال، والثاء, ولكن التصرف كامل في كلا اللفظين لم يعد ذلك من الإبدال عند ابن جني.

مثال ذلك: جَدَثٌ وجَدَفٌ: والجمع أجداث وأجداف وهي القبور.

يرى ابن جني أن ذلك من الإبدال؛ لعدم اكتمال التصرف في أحد اللفظين؛ فالأول منهما يتصرف تصرفاً تاماً بحيث يقال: جدث، وأجداث، وأجدثت، وما جرى مجرى ذلك.

ولا يقال مثل هذا في: جدف؛ إذ لم يسمع أجدفت...

ص246

وكذلك: بل، وبَنْ.

أما مثل: هتن وهتل فلا يرى أنهما من الإبدال, وإن كان بينهما تقارب صوتي؛ لأنهما أصلان؛  لتساويهما في التصرف.

وبهذا يُخْرج ألفاظاً كثيرةً في اللغة من الإبدال.

قال ابن جني رحمه الله: (فمتى أمكن أن يكون الحرفان جميعاً أصلين كل واحد منهما قائم برأسه لم يَسُغِ العدول عن الحكم بذلك؛ فإن دلَّ دالٌّ، أو دعت ضرورة إلى القول بإبدال أحدهما عن صاحبه عُمِل بموجب الدلالة، وصير إلى مقتضى الصنعة.

ومن ذلك: سُكَّرٌ طبرزل وطبرزن: هما متساويان في الاستعمال؛ فلست بأن تجعل أحدهما أصلاً لصاحبه أولى منك بحمله على ضده.

ومن ذلك قولهم: هتلت السماء وهتنت: هما أصلان؛ ألا تراهما متساويين في التصرف؛ يقولون: هتنت السماء تهتن تهتاناً، وهتلت تهتل تهتالاً، وهي سحائب هُتَّنٌ وهتَّلٌ، قال امرؤ القيس:

فسحت دموعي في الرداء كأنها

 

كُلَىً من شعيب ذات سحٍّ وتهتان

وقال العجاج:

عزَّر منه وهو مُعْطَى الإسهال

 

ضرب السواري متنه بالتهتالْ)(14)

 

إلى أن قال: (فأما قولهم: ما قام زيد بل عمرو وبَنْ عمر فالنون بدل اللام؛ ألا ترى كثرة استعمال بل، وقلة استعمال بن، والحكم على الأكثر لا على

ص247

الأقل، هذا هو الظاهر من أمره، ولست _ مع هذا _ أدفع أن يكون (بَنْ) لغة قائمة برأسها)(15).

ويقرر هذا المعنى في سر صناعة الإعراب قائلاً: (وإذا ورد في بعض حروف الكلمة لفظان مستعملان _ فالوجه وصحيح القضاء أن نحكم بأنهما كليهما أصلان منفردان، ليس واحد منهما أولى بالأصلية من صاحبه؛ فلا تزال على هذا معتقداً له حتى تقوم الدلالة على إبدال أحد الحرفين من صاحبه.

وهذا عيارٌ في جميع ما يرد عليك من هذا؛ فاعرفْه، وقسْ عليه تُصب _إن شاء الله_)(16).

3_ اتحاد المكان: ومعنى ذلك أن تكون الكلمتان مستعملتين في بيئة واحدة؛ لذلك فإن ابن جني يرى أن كثيراً من الألفاظ ليست من الإبدال؛ لأن إحداهما لجماعة، والأخرى لجماعة أخرى.

ومن أمثلة ذلك: أن قريشاً تقول: كشطت، وتميماً تقول: قشطت؛ فالكاف ليست بدلاً من القاف؛ لأن الكلمتين اجتمعتا في قبيلتين؛ فيكون ذلك من اختلاف اللهجات لا من الإبدال.

4_ الاتفاق التام في المعنى: فإذا أمكن إيجاد فارق بين الكلمتين أُخْرِجتا من الإبدال.

مثال ذلك: هز وأزَّ؛ فالذين يتوسعون في الإبدال يجعلون هذين اللفظين من

ص248

الإبدال، والذين يقيدونه ببعض القيود يخرجونه من الإبدال؛ فيرون أن بينها فارقاً؛ فالهز للشيء الضعيف، والأز للشيء القوي.

سابعاً: كيفية معرفة الأصل في الإبدال: إذا اتُفق على وجود الإبدال في لفظين سواء عند المتوسعين فيه أو عند غيرهم كابن جني، فكيف يُعرف الأصل منهما؟

والجواب أن ذلك صعب؛ وصعوبته تتفاوت من كلمات إلى أخرى، ويحتاج إلى كثرة اطلاع، ورجوع إلى كتب العربية.

ومهما يك من شيء فيمكن أن يُتوصَّل إلى ذلك بأمور مرت الإشارة إليها فيما مضى، ويمكن أن تلخص في أمور ثلاثة:

1_ كثرة الاستعمال: فقد يكون أحد اللفظين أكثر استعمالاً من الآخر؛ فيحكم على الكثير بأنه هو الأصل _ كما مر التمثيل بـ: بلْ وبَنْ.

ومن ذلك _أيضاً_ ثُمَّ وفُمَّ.

قال ابن جني رحمه الله: (وكذلك قولهم: قام زيدٌ فُمَّ عمرة: الفاء بدل الثاء في ثم ألا ترى أنه أكثر استعمالاً)(17).

2_ كثرة التصرف: بحيث يكون أحد اللفظين أكثر تصرفاً من الآخر _كما مر_ .

فيحكم على كثير التصرف بأنه الأصل، وقد مر أمثلة على ذلك.

ومنها ما ذكره ابن جني حيث قال: (وكذلك قولهم: رجل خامل، وخامن، النون فيه بدل اللام؛ ألا ترى أنه أكثر، وأن الفعل عليه تصرف، وذلك قولهم:

ص249

يَخْمُل خمولاً)(18).

3_ أن ينص أحد العلماء على الأصل: كأن يقول الخليل، أو الأصمعي أو غيرهما: إن هذه الكلمة هي الأصل.

قال ابن فارس رحمه الله: (وذُكر عن الخليل ولم أسمعه سماعاً أنه قال في قوله _جل ثناؤه_: [فَجَاسُوا] إنما أراد: (فحاسوا) فقامت الجيم مقام الحاء، وما أحسب الخليل قال هذا، وما أحقُّه عنه)(19).

قال ابن جني: (قال الأصمعي: يقال: جُعْشوش(20)، وجُعْسوس، وكل ذلك إلى قمأة وقلة وصغر.

ويقال: هم من جعاسيس الناس، ولا يقال بالشين في هذا؛ فَضِيْق ا لشين مع سعة السين يؤذن بأن الشين بدل من السين)(21).

ثامناً: آثار التوسع في الإبدال: مما سبق تبين أن ابن جني والمُحْدثين يضيقون في الإبدال، وأن بعض علماء العربية وخصوصاً الأوائل يتوسعون فيه.

وقد نتج عن ذلك التوسع عرض مسائل عديدة تبين ارتباط الإبدال بغيره من موضوعات فقه اللغة، ومن ذلك ما يلي:

1_ علاقة الإبدال بالترادف: فبعض الذين تحدثوا عن الإبدال عمدوا إلى

ص250

بعض الألفاظ المترادفة وعَّدوها من قبيل الإبدال.

ومن ذلك صنيع صاحب كتاب (الجاسوس على القاموس) أحمد بن فارس الشدياق؛ حيث جمع أربعين صفحة من ذلك، وإن كان صاحب القاموس لم يقصد كونها من الإبدال.

مثل كلمة: الأمَذ بمعنى الأجل والأمد؛ فيأخذ الأمد ويعدها من الإبدال.

ومثل كلمة: محق، ومحا، يرى الشدياق أن هذا من الإبدال؛ لأن بينهما معنى عاماً.

فمن يأخذ كل كلمة من هاتين الكلمتين بمعناها الدقيق لا يجد إبدالاً، وإنما على سبيل التقريب؛ إذ ليس من الضروري عندما تُفَسِّر كلمةً بكلمة أن تأتي بمثلها، بل على سبيل التقريب، ولا يعني أن تكون مبدلة منها.

2_ مسألة الفروق الدلالية: فابن جني يشترط في الإبدال أن يكون المعنى دقيقاً، وبينهما اتفاق تام.

أما المتوسعون فيهملون الفروق الدلالية أحياناً، ويدخلون في الإبدال ما كان معناه عاماً أو ليس دقيقاً.

ومن ذلك: أومأت، وأوبأت، فهاتان اللفظتان بينهما اختلاف؛ فكل واحدة منهما لها معنى خاص.

ولكنَّ المتوسعين يتركون هذه الأمور، ويجعلون بينهما معنى عاماً، وهو الإشارةَ، ويعدون ذلك من الإبدال.

ومثل ذلك: اللثام، واللفام.

ص251

فتناسيْ الفروقِ، وإهماُلها ينتج الترادف والإبدال.

كذلك كلمة نهش ونهس وردتا في الإبدال والترادف، وإن كان هناك فرق بينهما، ولكن المعنى العام هو العض؛ فجعلوه من الإبدال، مع أن هناك فرقاً من الناحية الدلالية.

فنشأ من التوسع خلط بينها وبين الترادف.

3_ الألفاظ الأعجمية: التي ليس لها أصوات في العربية؛ فَتَرِدُ _على سبيل المثال_ في كتب العربية كلمة: التوت، وأصلها بالفارسية: التوث.

ومن العرب من استخدمها بالثاء، على أصلها الفارسي، ومنهم من أبدلها تاء.

4_ ربط الإبدال بالاشتقاق: فبعض المُحْدَثين صنع ذلك، حيث قال: إنه من عوامل تنمية اللغة أو الاشتقاق، وعده بعضهم أحد أنواع الاشتقاق، وسماه الاشتقاق الكبير أو الأكبر كما صنع عبدالله أمين(22) أو الأكبر كما في أصول اللغة والنحو لسعيد الأفغاني(23).

وبعض المحدثين _كفؤاد ترزي_ لا يرون ذلك، بل يرون أن الإبدال يتنافى وطبيعة الاشتقاق، وحجتهم في ذلك:

_ أن الاشتقاق في أساسه لا يهدف إلى الترادف, ولا يؤول إليه.

_ أن ابن جني الذي توسع في مفهوم الاشتقاق إلى حد أن أدخل فيه القلب

ص252

اللغوي لم يَعُدَّ الإبدال من ضروبه(24).

أما القدماء فلم يتعرضوا لذلك، لأنه ليس متعمداً.

ص253

_____________________

(1) انظر لسان العرب 11/ 48.

(2) انظر ضياء السالك إلى أوضح المسالك لابن هشام شرح محمد النجار 4/ 248_489.

(3) الصاحبي ص154

(4) انظر سر صناعة الإعراب لابن جني 1/ 47 و 180 و 210 و 288 و 251.

(5) انظر المزهر 1/ 461_469.

(6) انظر المزهر 1/ 460.

(7) المزهر 1/ 460.

(8) المزهر 1/ 460.

(9) انظر من اسرار اللغة ص84- 85.

(10) انظر سر صناعة الإعراب 1/ 180 و 210 و 228 و 251.

(11) سر صناعة الإعراب 1/ 213.

(12) سر صناعة الإعراب 1/ 180.

(13) انظر سر صناعة الإعراب 1/ 36 و 180.

(14) الخصائص 1/ 451.

(15) الخصائص 1/ 452.

(16) سر صناعة الإعراب 1/ 210.

(17) الخصائص 1/ 452.

(18) الخصائص 1/ 452.

(19) الصاحبي ص154.

(20) جعشوش وجعسوس: هو القصير اللئيم.

(21) الخصائص 1/ 453.

(22) انظر الاشتقاق لعبدالله أمين ص333.

(23) انظر في أصول اللغة والنحو لسعيد الأفغاني ص123.

(24) انظر فقه اللغة د. إميل يعقوب ص207_208.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.