أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-7-2016
1735
التاريخ: 2024-11-19
198
التاريخ: 8-1-2022
2536
التاريخ: 21-7-2016
1358
|
مهما أشرق نور الايمان على القلب أثمر نار الندم على الذّنب فيتألم به القلب حيث يبصر باشراق نور الايمان انه صار محجوبا عن محبوبه كمن يشرق عليه نور الشّمس و قد كان في ظلمة فسطع عليه النور بانقشاع(1) , سحاب او انحسار(2) , حجاب فرأى محبوبه قد اشرف على الهلاك و يشتعل نيران الحبّ في قلبه فينبعث بتلك النيران ارادته للانتهاض للتّدارك ، فالعلم و الندم و القصد المتعلق بالترك في الحال و الاستقبال و التلافي للماضي ثلاثة معان مترتبة يطلق اسم التوبة على مجموعها.
و كثيرا ما يطلق اسم التوبة على الندم وحده و يجعل العلم كالسّابق و المقدمة و الترك كالثمرة و التابع المتأخر كما أشرنا إليه فمن نظر أوّلا بنور البصيرة إلى التوبة ما هي ثم إلى الوجوب ما معناه فلا يشك في ثبوته لها.
و ذلك بأن يعلم أن معنى الواجب ما هو واجب في الوصول إلى سعادة الأبد و النجاة من هلاك الأبد ، و علم أن لا سعادة في دار البقاء إلا في لقاء اللّه و أن كل محجوب عنه شقي لا محالة يحول بينه و بين ما يشتهيه محترق بنار الفراق و نار جهنّم ، و علم أنّه لا مبعّد عن لقاء اللّه إلا اتّباع الشهوات و الانس بهذا العالم الفاني و الاكباب على حبّ ما لا بد من فراقه قطعا ، و علم أنه لا مقرّب من لقاء اللّه إلا قطع علاقة القلب عن زخرف هذا العالم و الاقبال بالكلية على اللّه طلبا للانس به بدوام ذكره و للمحبّة له بمعرفة جلاله و جماله على قدر طاقته ، و علم أن الذنوب التي هي اعراض عن اللّه و اتباع لمحاب الشّياطين أعداء اللّه المبعدين عن حضرته سبب كونه محجوبا مبعدا عن اللّه.
وكل علم يراد ليكون باعثا على عمل فلا يقع التفصيّ عن عهدته ما لم يصر باعثا فالعلم بضرر الذنوب إنما اريد ليكون باعثا على تركها فمن لم يتركها فهو فاقد لهذا الجزء من الايمان.
و هو المراد بقول النبي (صلى الله عليه واله): «لا يزن الزاني حين يزني و هو مؤمن»(3)، و ما أراد به نفي الايمان باللّه و بوحدانيته و صفاته و كتبه و رسله فان ذلك لا ينافي الزنا و المعاصي ، و إنما اراد به نفي الايمان بكون الزنا مبعدا عن اللّه و موجبا للمقت ، و ليس الايمان بابا واحدا بل هو كما ورد نيف و سبعون بابا أعلاها شهادة أن لا إله إلّا اللّه و أدناها اماطة الأذى عن الطريق.
و مثاله قول القائل ليس الانسان موجودا واحدا بل هو نيّف و سبعون موجودا أعلاها القلب و الرّوح و أدناها إماطة الاذى عن البشرة بأن يكون مقصوص الشارب و مقلوم الاظفار نقي البشرة عن الخبث حتى يتميز عن البهايم المرسلة المتلوثة بأرواثها المستكرهة الصور بطول مخالبها و أظفارها.
فالايمان كالانسان و فقد شهادة التوحيد يوجب البطلان بالكلية كفقد الروح و الذي ليس له إلا شهادة التوحيد و الرّسالة هو كانسان مقطوع الاطراف مفقوء(4) , العينين فاقد لجميع أعضائه الظاهرة و الباطنة إلا أصل الروح.
و كما أن من هذا حاله قريب من أن يموت فيزايله الرّوح الضّعيفة المنفردة التي يتخلّف عنها الاعضاء التي تمدّها و تقوّيها ، فكذلك من ليس له إلا أصل الايمان و هو مقصر في الاعمال قريب من أن ينقطع عنه شجرة إيمانه إذا صدمتها الرياح العاصفة المحركة للايمان في مقدّمة قدوم ملك الموت و وروده.
فكل ايمان لم يثبت في النفس أصله و لم ينتشر في الاعمال فروعه لم يثبت على عواصف(5) الأهوال عند ظهور ناصية ملك الموت و خيف عليه سوء الخاتمة إلا ما سقي بماء الطاعات على توالي الايام و الساعات حتى رسخ و ثبت فهذا امر يظهر عند الخاتمة و إنما تقطعت نياط العارفين خوفا من دواهي الموت و مقدماته الهايلة التي لا يثبت عليها إلا الأقلون.
______________
1- تقشع السحاب أي تصدع و اقلع.
2- الانحسار: الانكشاف.
3- احياء علوم الدين : ج 4 , ص 8 , و رواه الترمذي : ج 10 , ص 91 , من حديث ابو هريرة.
4- فقا الدمل : شقه ليخرج ما فيه من المدة و العين قلعها بخقها أي عورها. المنجد« أقول» و منه الحديث كما في مجمع البحرين : لو كان رجلا اطلع في بيت قوم ففقأ اعينه لم يكن عليهم شيء.
5- عصفت الريح : اشتدت فهي عاصفة و الجمع عاصفات و عواصف.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|