أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2014
25237
التاريخ: 23-12-2014
21524
التاريخ: 15-10-2014
30137
التاريخ: 23-12-2014
5488
|
أولا : في المستوى الصوتي :
ثمة خلاف لغوي على المستوى الصوتي بين لهجتي قريش التي تمثل البيئة الحجازية وتميم التي تمثل البيئة النجدية . فمثال ذلك نجد صوت الثاء عند تميم يقابله صوت الفاء عند أهل الحجاز . فـ(اللثام وثم) عند التميميين هي (اللفام وفُمّ) عند الحجازيين . وقد جاء أن العرب تبدل الفاء ثاءً فيقولون جدف وجدث القبر ، ووقع قي عافور شر وعاثور شر . نلاحظ أن القرآن استخدم ثمّ ولم يستخدم فُمّ . ومن الخلاف أيضاً إلحاق تميم القاف باللهاة حتى تغلظ كثيرا ، فيقولون للقوم : الكوم فتأتي بين الكاف والقاف ، وهذه لهجة معروفة في بني تميم(1) . من ذلك أيضا اختلاف لهجتي الحجاز وتميم في (ض ، ظ) فأولهما صوت شديد نسب الى تميم ، والثاني رخو نسب الى الحجاز .
وقد ورد في لسان العرب : فاضت نفسه تفيض فيضا : خرجت ، وهي لغة تميم . وحكى المازني عن أبي زيد قال : كل العرب تقول فاظت نفسه إلا بني ضبة فإنهم يقولون فاضت نفسه بالضاد ، وأهل الحجاز وطيء يقولون فاظت نفسه. وقضاعة
ص190
وتميم وقيس يقولون فاضت نفسه فاضت عينه(2).
ومن الجدير ذكره أن الخلاف حول صوتي الضاد والظاء شغل النحويين قديما الى درجة أنهم ألفوا فيه ، ومن ذلك كتاب ابن مالك (الاعتضاد في معرفة الظاء والضاد) .
ومن الخلاف أيضا إبدال التميميين التاء طاءً ، وفي هذا يقول ابن سيدة في المخصص (وقد أبدلت الطاء من التاء في فعلت إذا كانت بعد حرف من حروف الإطباق . وهي لغة تميم قالوا : فحصط برجلك وهم يريدون فحصت)(3) . وكذلك إبدالهم التاء دالاً ، فقالوا فزدُ مكان فرتُ . فالدال والتاء من الحروف النطعية غيرا الأول مجهور والثاني مهموس ففضلوا الأول على الثاني . ولاحظ هنا ميل تميم الى شديد الألفاظ وهذا ما ينسجم مع بداوتها .
ومن أوجه الاختلاف أيضا ما عرف بظاهرة الاتباع ، والاتباع هو أن تتبع حركة الفاء (أول الكلمة) حركة العين كما في شهيق بالكسر ، ويعير ، وهي لهجة تميم وقيس وأسد. الحجازيون يفكون إدغام المثلين في الماضي عند إسناده الى ضمير الرفع نحو : شددتُ وظللتُ في حين تقول تميم : ظّلتُ . الحجازيون يفكون إدغام المضارع فيقولون: لم يحلل ، أما تميم فتقول: لم يحل . الحجازيون يفكون الإدغام في الأمر في جميع أحواله ، فيقولون : أعدد وأعدده . أما التميميون فيبقون الإدغام فيقولون : أعدّ وشُدَّ.
وفي هذا يقول جرير وهو من تميم معيراً الراعي النميري:
فغضَّ الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وقد نزل القرآن بلهجة قريش في هذه النقطة ، حيث يقول ربنا تعالى:
ص191
﴿اشدد به أزري﴾ طه : 36.
﴿ومن يحلل عليه غضبي﴾ طه : 81.
﴿ولا تمنن تستكثر﴾ المدثر : 6.
ثانياً : المستويان الصرفي والنحوي
1. في التذكير والتأنيث :
تقول قريش : هي التمر والبر والشعير والذهب بينما تذكر تميم هذا كله(4) ، فتقول هذا التمر والبر .
إن أهل الحجاز أنثوا أعضاء الجسم كالعنق والعضد بينما جعلها التميميون من المذكر فيقولون هذا عنق . أنث أهل الحجاز أسماء الأماكن كالطريق والسبيل والسوق والصراط ، بينما أجرتها تميم مجرى المذكر أيضا فتقول : هذا طريق ، وهذا سوق.
2. في العدد :
إنّ (اثنتين) في لهجة الحجاز تصبح (ثنتين) في لهجة تميم بدون ألف . وإن (عشرة) إذا كان مركبا مختوما بالتاء نحو : {فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً} البقرة : 60.
تُسكن شينه عند الحجازيين أما بنو تميم فيكسرونها.
3. في الموصل :
يشدد التميميون النون في الأسماء الموصولة وأسماء الإشارة حين تكون بصيغة المثنى : اللذان ، اللتان ، وهذان ، هاتان . في حيف يخفف الحجازيون وسائر العرب هذه النون(5).
4. في أسماء الإشارة :
إن الحجازيين يقولون (ذلك وتلك) بينما يقول التميميون (ذاك وتيك) . إن
ص192
الحجازيين يمدون اسم الإشارة (أولاء) أما التميميون فيقصرونه ويقولون (أولى) . إن قريشا تقول (هذه) وصلا ووقفاً ، اما بنو تميم فيقولون (هذه) في الوقف و (هذي) في الوصل نحو : هذي ورقة .
5. في المصدر بعد (أما) :
إن التميميين يرجحون نصب المصدر النكرة بعد أما نحو : أما علماً فعالم ، ويجيزون الرفع نحو اما علمٌ فعالمٌ ، غير أنهم يوجبون رفع المصدر اذا كان معرفة وليس للنصب اليه سبيل نحو : أما العلمُ فعالمٌ . أما الحجازيون فينصبون مطلقاً في المصدر النكرة ، ويرجحون رفع المصدر المعرفة .
6. في اسم العلم على وزن فعال :
إن التميميين يمنعون من الصرف ما جاء على وزن فعال من أسماء العلم وهي بالمناسبة أسماء مؤنثة نحو : حذام ، قطام ، رقاش . أما إن خُتم بالراء نحو : ظفار وهو اسم بلدة في اليمن ، أو وبار وهو اسم قبيلة من العرب البائدة ، فإن غالبية تميم تبنيه على الكسر مطلقاً ، وأقلهم يمنعونه من الصرف ، وقد اجتمعت اللهجتان في قول الأعشى :
ومرَّ دهرٌ على وبارِ فهلكتْ جهرةٌ وبارُ
أما قريش فتبني هذا كله – ما ختم بالراء وما لم يختم بها – على الكسر(6) كقول لجيم بن صعب في امرأته وكان اسمها حذام :
اذا قالت حذام فصدقوها فإن القولَ ما قالت حذامِ
7. في اسم الفعل :
ان التميميين يصرفون اسم فعل الأمر (هلمَّ) فيقولون هلما ، هلموا ، وهلمي ، وهلما أما الحجازيون فلا يتصرفون فيه : قال تعالى : ﴿هلم شهداءكم الذين يشهدون﴾
ص193
الانعام : 150 وتصريفه ليس بالفصيح عند اغلب العرب . ان اسم الفعل الماضي (هيهات) عند التميميين هو (ايهات) عند الحجازيين .
8. في تمييز كم الخبرية :
إن التميميين يجيزون نصب تمييز كم الخبرية إذا كان الخبر مفردا ، بينما قياس النحو جره كقول الفرزدق :
كم عمةٍ لك يا جرير وخالةٍ فدعاء قد حلبت عليّ عشاري
9. في صيغ الأسماء :
- إن الصيغة الدالة على أسماء الزراعة في (فِعال) عند الحجازيين بكسر الفاء ، بينما هي فعال عند التميميين بفتحها . فقريش تقول : حصاد ، قطاف . بينما تقول تميم : حصاد وقطاف . بينما نزل القرآن بلهجة تميم بفتح اسماء الزراعة حيث يقول ربنا تعالى في محكم التنزيل : ﴿واتو حقه يوم حصاده﴾ الأنعام : 141 .
- ان الحجازيين قالوا مرية بالكسر بينما قالت تميم مرية بالضم .
- الحجازيون يقولون : كراهة وتميم تقول : كراهية .
- فال الحجازيون : قلنسية ، وقالت تميم : قلنسوة .
- قالت قريش : الهديْ مخففا كالرمي ، وقالت تميم : الهديّ مشددا كالعشي(7) .
10. في الاستثناء :
إن الحجازيين يوجبون نصب المستثنى اذا وقع في كلام تام غير موجب (8) وكان الاستثناء منقطعاً(9) كأن نقول : ما نزل من السفينة إلا البضائع ، وما اقتربت من الصيادين إلا الكلاب ، نحو قول ربنا تعالى : ﴿ ما لهم به من علم إلا اتباع الظن﴾ النساء: 157 .
ص194
أما التميميون فيختارون النصب في هذا الموقع ولكنهم يجيزون الاتباع كقول شاعرهم :
وبلدةٍ ليس بها أنيس إلا اليعافيرُ وإلا العيسُ
أما اذا كان الاستثناء بـ (غير) فالحكم هو الاتباع مطلقا فيقولون : ما قام احد غير ناقة اما البقية فيقولون غير بالنصب .
11. في صيغ الفعل
- ان التميميين يميلون غالبا الى كسر عين الماضي المفتوحة عند الحجازيين . فيقول الحجازيون : زهد وحقد ، بينما تقول تميم : زهد وحقد .
- تقول قريش : برأت من المرض وتقول تميم : برئتُ .
وتقول قريش في هذا الباب انا منك براء . بينما تقول تميم وسائر العرب : انا بريء منك . واللهجتان في القرآن(10) .
- تقول قريش : قلوتُ البر . بينما تقول تميم : قليتُ .
- قريش تقول (لاته) أي نقصه حقه ، بينما تقولها تميم (الاته) واللهجتان في القرآن ، حيث يقول ربنا تعالى: ﴿لا يلتكم من أعمالكم شيئا﴾ الحجرات : 14 ، ويقول تعالى أيضا ﴿وما ألتناهم من عملهم من شيء﴾ الطور : 21 .
- تقول قريش أوصدت الباب . بينما تقول تميم آصدت الباب .
- الواو الواقعة فاء للفعل الماضي في لهجة الحجازيين تقلب همزة في لهجة تميم ، فيقول الحجازيون : وكّد . ويقول التميميون : أكّد .
12. في النواسخ
- إن التميميين يرفعون خبر ليس اذا اقترن بعدها بإلا نحو : (ليس الفاتك إلا الاسدُ) حملا على ما في الإهمال عند انتقاض النفي ، كما حمل أهل الحجاز ما على ليس في الأعمال عند استيفاء شروطها (11) .
ص195
-ان الحجازيين يعملون ما عمل ليس بشروط أربعة هي :
- ان لا يتقدم خبرها على اسمها .
- الا يتقدم معمول خبرها على اسمها .
- ألا تقع بعدها أن الزائدة .
- الا ينتقض نفي خبرها بإلا .
ومن أعمالها بهذه الشروط قوله تعالى في محكم التنزيل (ما هذا بشراً) يوسف : 31 وقوله جل وعلا : {ما هُن أمهاتهم} المجادلة : 2 . أما تميم فتهملها لذلك تسمى العاملة ما الحجازية) 25 .
- ان حذف خبر لا النافية للجنس غالب في لهجة الحجازيين ، دائم في لهجة تميم فلم يلفظوا به أصلا نحو : لا ضير ، ونحو : لا ضرر ولاضرار .
ثالثا . المستوى الدلالي :
سبق أن اشرنا – حين تحدثنا عن اللغة واللهجة – ان اللهجات لابد ان تشترك فيما بينها بقدر كبير من المفردات والدلالات وصيغ الافعال وانواع الجموع واداة التعريف وقواعد النحو وان لم يتوفر هذا الكم الكبير من الاشتراك تحولت الى لغات لا الى لهجات تنتمي الى لغة واحدة . لذلك من البديهي ان لا نجد في هذا الباب كثيرا لنذكره اذ المقارنة بين لهجتين لا يبن لغتين ، ولكن على هذا الصعيد نذكر :
بالنسبة لتميم :
- تقول تميم (الأعفك) أي الأعسر .
- وقالت تميم : (بع لي تمرا) أي اشترِ لي .
- قالوا (الجبي) وهو ما حول البئر .
- وقالوا : (جبذ) وهم يريدون بها جذب فأبدلوا مكان الحرفين .
- وقالت تميم أيضا : (جل الشيء) أي معظمه .
- وتستخدم تميم البغي بمعنى الحسد ، وبهذا المعنى وردت في محكم التنزيل : ﴿بغيا بينهم﴾ البقرة : 213 أي حسدا .
- الأمة عند تميم تعني النسيان ، وقد وردت بهذا المعنى في القرآن
ص196
الكريم أيضا ، حيث يقول ربنا تعالى : {واذكر بعد أمة} يوسف : 45 .
- تستخدم تميم (خشع) بمعنى اقشعر ، ومنها قوله تعالى : {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة} فصلت : 39 .
- خرص بمعنى كذب لهجة تميم ، وقد وافق القرآن لسانها حيث يقول الله تعالى في محكم التنزيل : {إن هم إلا يخرصون} الزخرف : 20 .
بالنسبة لقريش :
- قالت قريش : الفرسك وتريد به ثمر الخوخ .
- وقالت : الدجر وهو عندك اللوبياء .
- سموا الأسد السرحان .
- قالت قريش : المسطح وهو المكان الذي ينشر فيه التمر .
- قالوا : الضال الأشكل ، أي السدر الجبلي .
- وقالوا : أرخصه أي اغسله .
ص197
_________________
(1) ابن دريد : جمهرة اللغة : 42 .
(2) ابن منظور : لسان العرب : ف 7 : 211 .
(3) ابن سيدة : المخصص : 13 : 270 .
(4) المزهر 2 : 277 .
(5) شرح التصريح 1 : 132 .
(6) شرح التصريح 225 : 2 .
(7) فقه اللغة : 222 .
(8) المزهر 2 : 276 .
(9) ابن منظور : لسان العرب 3 : 509 .
(10) المزهر 2 : 276 .
(11) فقه اللغة : 216 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|