أقرأ أيضاً
التاريخ: 25/12/2022
1741
التاريخ: 2024-03-16
899
التاريخ: 18-7-2016
2123
التاريخ: 18-7-2016
1620
|
لا يمكن التوكل على اللّه تعالى في الأمور حق التوكل إلا بالبلوغ إلى المرتبة الثالثة من التوحيد وهي التي يرتبط بها التوكل دون غيرها من المراتب ، إذ المرتبة الرابعة لا يتوقف و لا يبتني عليها التوكل ، و الأولى مجرد نفاق لا يفيد شيئا - و الثانية - أعني مجرد التوحيد بالاعتقاد - لا يورث حال توكل كما ينبغي ، فإنه موجود في عموم المسلمين مع عدم وجود التوكل كما ينبغي فيهم.
فالمناط في التوكل هو ثالث المراتب في التوحيد ، و هو أن ينكشف للعبد بنور الحق أن لا فاعل إلا اللّه ، و أن كل موجود : من خلق و رزق و عطاء و منع و غنى و فقر، و صحة و مرض و عز و ذل ، و حياة و موت , إلى غير ذلك مما يطلق عليه اسم ، فالمتفرد بإبداعه و اختراعه هو اللّه تعالى لا شريك له فيه ، و إذا انكشف له هذا لم ينظر إلى غيره ، بل كان منه خوفه و إليه رجاؤه ، و به ثقته و عليه اتكاله ، فإنه الفاعل بالانفراد دون غيره ، و ما سواه مسخرون لا استقلال لهم بتحريك ذرة في ملكوت السماوات و الأرض و إذا انفتح له أبواب المعارف اتضح له هذا اتضاحا أتم من المشاهدة بالبصر، و إنما يصده الشيطان عن هذا التوحيد ، و يوقع في قلبه شائبة الشرك بالالتفات إلى بعض الوسائط التي يتراءى في بادي النظر منشئيتها لبعض الأمور، كالاعتماد على الغيم في نزول المطر، و على المطر في خروج الزرع و نباته و نمائه وعلى الريح في استواء السفينة و سيرها ، و على بعض نظرات الكواكب و اتصالاتها في حدوث بعض الحوادث في الأرض ، و كالالتفات إلى اختيار بعض الحيوانات و قدرتها على بعض الافعال ، فيوسوس الشيطان في قلبه و يقول له : كيف ترى الكل من اللّه تعالى ، و هذا الإنسان يعطيك رزقك باختياره فإن شاء أعطاك و إن شاء منع ، و هذا الشخص قادر على جز رقبتك بسيفه فإن شاء جز رقبتك و إن شاء عفى عنك، فكيف لا تخافه و لا ترجوه و أمرك بيده و أنت تشاهد ذلك و لا تشك فيه؟! و لا ريب في أن أمثال هذه الالتفاتات جهل بحقائق الأمور، و من مكن الشيطان و سلطه على نفسه حتى يوقع هذه الوساوس في قلبه فهو من الجاهلين بأبواب المعارف ، إذ من انكشف له أمر العالم كما هو عليه ، علم أن السماء و الكواكب و الريح و الغيم و المطر و الإنسان و الحيوان ... و غير ذلك من المخلوقات كلهم مقهورون مسخرون للواحد الحق الذي لا شريك له ، فيعلم أن الريح مثلا هواء ، و الهواء لا يتحرك بنفسه ما لم يحركه محرك ، و هذا المحرك لا يحرك الهواء ما لم يحركه على التحريك محرك آخر ... و هكذا إلى أن ينتهي إلى المحرك الأول الذي لا محرك له و لا هو متحرك في نفسه.
وكذا الحال في توسط غيره من الأفلاك و نجومها ، و كائنات الجو ، و الموجودات على الأرض من الجماد و النبات و الحيوان.
فالتفات العبد في نجاته إلى بعض الأشياء من الرياح و الأمطار أو الإنسان أو الحيوان يضاهى التفاوت من أخذ لتجز رقبته ، فأمر الملك كاتبه بأن يكتب توقيعا بالعفو عنه و تخليته ، فأخذ العبد يشتغل بمدح الحبر أو الكاغد أو القلم أو الكاتب ، و يقول : لو لا الخبر أو القلم أو الكاغذ أو الكاتب ما تخلصت ، فيرى نجاته من الحبر و الكاغذ دون القلم أو من القلم دون محركه - أعني الكاتب - أو من الكاتب دون الملك الذي هو محرك الكاتب و مسخره.
و من علم أن القلم لا حكم له في نفسه و إنما هو مسخر في يد الكاتب ، و أن الكاتب لا حكم له وإنما هو مسخر تحت يد الملك ، لم يلتفت إلى القلم و الكاتب و لم يشكر إلا الملك ، بل ربما يدهشه فرح النجاة و شكر الملك عن أن يخطر بباله الكاغد و الحبر و القلم و الكاتب.
و لا ريب في أن جميع المخلوقات من الشمس و القمر و النجوم و الغيم و المطر و الأرض و كل حيوان أو جماد مسخرات في قبضة القدرة ، كتسخير القلم في يد الكاتب و تسخير الكاتب في يد السلطان بل هذا تمثيل في حق العبد لاعتقاده أن الملك الموقع هو الكاتب حقيقة ، و ليس الأمر كذلك ، إذ الحق أن الكاتب هو اللّه سبحانه كما قال تعالى.
{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } [الأنفال : 17] , فمن انكشف له أن جميع ما في السماوات و الأرض مسخرات للواجب الحق ، لم ير في الوجود مؤثرا إلا هو ، و انصرف عنه الشيطان خائبا ، و أيس عن مزج توحيده بهذا الشرك.
وأما من لم ينشرح بنور اللّه صدره ، قصرت بصيرته عن ملاحظة جبار السماوات و الأرض و مشاهدة كونه وراء الكل ، فوقف في الطريق على بعض المسخرات ، و هو جهل محض.
وغلطه في ذلك كغلط النملة مثلا لو كانت تدب على الكاغد فترى رأس القلم يسود الكاغد ، و لم يمتد بصرها إلى الأصابع و اليد ، فضلا عن صاحب اليد ، و ظنت أن القلم هو المسود للبياض و ذلك لقصور بصرها عن مجاوزة رأس القلم لضيق حدقتها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|