أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-16
1008
التاريخ: 2023-11-06
961
التاريخ: 18-5-2021
2083
التاريخ: 2023-09-13
623
|
محمد الروداني
هو محمد بن سليمان الروداني المكي، يكنى بأبا عبد الله، ويلقب شمس الدين، ولد ببلدة تارودانت سنة 1037هـ، وترعرع هناك، وتوفي بدمشق سنة 1094هـ، كما كان يسنى في بعض الأحيان باسم الفاسي، لانه مغربي الأصل، اشتهر برحلاته المتعددة.
عندما بلغ سن النضج اضطر أبو عبد الله الروداني الى السفر لطلب العلم في درعة، حيث تتلمذ على كبار علمائها، ثم رحل منها الى مراكش لتعلم علم الحكمة والهيئة والمنطق، ولكنه تفنن في علم الفلك التجريبي.
يذكر قدري حافظ طوقان في كتابه (تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك) ان أبا عبد الله الروداني ولد ببلدة تارودانت، وحينما بلغ سن الرشد خرج الى درعة، قرا العلم فيها، ثم رحل الى سجلما ومراكش، فأتقن طرفا من علم الحكمة والهيئة والمنطق.
قام أبو عبد الله الروداني بزيارة للجزائر، وذلك لدارس بعض النظريات الفلكية المستعصية مع علماء الفلك هناك، ومن ثم استمر برحلته الى الحجاز لأداء فريضة الحج ولتلقي العلوم الشرعية على مشايخ الحرم المكي، فمكث ردحا من الزمن منتقلا بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولذا عرف باسم المكي.
يقول خير الدين الزركلي في كتابه (الاعلام) (جال الروداني في المغرب الأقصى والاوسط ودخل مصر والشام والآستانة، واستوطن الحجاز، وكان له بمكة شان، وقلد النظر في امر الحرمين، فبني رباطا عند باب إبراهيم بمكة، وعرف برباط ابن سليمان، وبني مقبرة بالمعلى عرفت بمقبرة ابن سليمان).
درس الروداني العلوم الشرعية دراسة الباحث المحقق على جهابذة العلوم الشرعية في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، فصار حجة في هذا الميدان الحيوي، فكتب كتاب (جمع الفوائد) في الحديث، وكتاب (صلة الخلف بموصول السلف).
اعتنى أبو عبد الله الورداني برصد الكواكب، مما دفع به لمزاولة مهنة صنع آلات الرصد والتوقيت، كذلك صنف مؤلفا في صنع الاسطرلاب سماء (بهج الطلاب في الاسطرلاب) فقد تميز هذا الكتاب بأسلوبه السهل، فانتشر بين طلاب العلم في المعمورة.
كما كتب أبو عبد الله الروداني كتاب (تحفة أولى الالباب في العمل بالإسطرلاب) الذي بقي زمنا طويلا يستعمل لقياس مواضع الكواكب وتحديد سيرها، وكذلك لمراقبة حالة الجو وشؤون الملاحة، وقد جمع في هذا الكتاب آراء العلماء الأوائل في حقل علم الفلك، حيث صار من اهم المراجع للباحثين ليس فقط لمن يريد ان يعرف كيف يستخدم الاسطرلاب، ولكن أيضا لمن يريد ان يطلع على طريقة صناعة الاسطرلاب.
كان أبو عبد الله الروداني من المغرمين في صناعة الآلات القائمة على المبادئ الميكانيكية لذا صنع آلة للتوقيت الأولى من نوعها، فاندهش معاصروه لقدراته ومهارته الصناعية، والجدير بالذكر ان آلة التوقيت التي صنعها ليست محدودة الاستعمال لمكان واحد، بل يمكن استعمالها في جميع انحاء العالم لهذا الغرض.
يقدم لنا قدري طوقان في كتابه آنف الذكر وصفا علميا لآلة التوقيت التي ابتكرها أبو عبد الله الروداني فيقول: (ابتدع الروداني آلة نافعة في علم التوقيت لم يسبق اليها) وهي كرة مستديرة الشكل، منعمة الصقل بالبياض المموه بدهن الكتان، يحسبها الناظر بيضة من عسجد لإشراقها، مسطرة كلها دوائر ورسوم، وقد ركبت عليها كرة أخرى منقسمة نصفين، فيها تخاريم وتجاويف لدوائر البرج وغيرها، مستديرة كالتي تحتها، مصقولة مصبوغة بلون اخضر وهي تغني عن كل آلة في فن التوقيت والهيئة مع سهولتها، تكون الأشياء فيها محسوسة، والدوائر المتوهمة مشاهدة. وتصلح لسائر البلاد على اختلاف عروضها واطوالها).
كتب أبو عبد الله الروداني عن آلة التوقيت مقالة يوضح فيها كيف صنعها وطريقة استعمالها والمتتبع عند علماء العرب والمسلمين ان العالم عندما يخترع آلة او يكتشف نظرية يلزمه ان يكتب عنها تفسيرا مفصلا، ليستفيد منها معاصروه والتابعون له، بعكس تماما علماء اليونان الذين اشتهروا بالتكتم على ابتكاراتهم.
ان قصة اختراع آلة التوقيت هذه تعطي فكرة واضحة المعالم عن العقل العربي وما توصل اليه من اختراعات علمية، فمبادرة الروداني ليست شاذة بين علماء العرب المسلمين، فالكثير منهم له باع طويل في الاختراعات العلمية المختلفة التي تعتبر أساس العلم الحديث، لذا فان ما نراه اليوم من ابتكارات، انما اصلها من ابتكارات علماء العرب والمسلمين.
وخلاصة القول يظهر لنا جليا الآن ان أبا عبد الله الروداني المكي عالم فلكي، وصاحب صنعة يدوية، فعندما اتجه الى البحث والتنقيب والاستقصاء في علم الفلك، رأى ان يكون صانعا ماهرا لأجهزة الرصد، حيث ان آلات الرصد مثل الاسطرلاب تحتاج دائما تحسين، فلم تغب هذه الحقيقة عن باله.
يعتبر الروداني من علماء العرب والمسلمين المتأخرين الذين استعانوا بنتاج علماء العرب والمسلمين الأوائل في مجال علم الفلك، لذا نجد انه نبغ في سن مبكر في هذا المجال على الرغم من انه عاش في فترة صعبة من تاريخ الامة العربية والإسلامية.
كان لابي عبد الله الروداني مكانة مرموقة بين معاصريه لمواهبه الجمة ونبوغه الفريد، فكان علماء الفلك يأتون اليه من كل فج ليستشيروه في الأمور المتعلقة بالرصد، له ملاحظات بناءة على مؤلفات العلماء الأوائل في حقل علم الفلك، تدل على النضج والأمانة العلمية، فلله در الروداني وجعله قدوة حسنة يقتدى به شباب امتنا العربية والإسلامية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
جامعة العميد تستضيف دورة متخصصة عن حقوق الإنسان
|
|
|