المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



المطالبة بالحق المسلوب  
  
4248   11:53 صباحاً   التاريخ: 9-5-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج2, ص146-154.
القسم : سيرة الرسول وآله / السيدة فاطمة الزهراء / شهادتها والأيام الأخيرة /

استولى أبو بكر على جميع ما تركه النبيّ (صلى الله عليه واله) من بلغة العيش فحازه إلى بيت المال وقد سدّ بذلك كلّ نافذة اقتصادية على آل البيت وكانت حجّته في ذلك ما رواه عن رسول الله (صلى الله عليه واله) : لا نورث ما تركناه صدقة .

وهو اعتذار مهلهل حسب ما يقوله المحقّقون من علماء الشيعة وذلك لما يلي :

1 ـ إنّ الحديث لو كان صحيحا لاطّلعت عليه سيّدة نساء العالمين وما دخلت مع أبي بكر ميدان المحاججة والمخاصمة وكيف تطالبه وهي سليلة النبوّة وأوثق سيّدة في دنيا الإسلام بأمر لم يكن مشروعا.

2 ـ إنّ النبيّ (صلى الله عليه واله) كيف يحجب عن بضعته حكما يرجع إلى تكليفها الشرعي وقد غذّاها بروح التقوى والإيمان وأحاطها علما بجميع الأحكام الشرعية إنّ حجب ذلك عنها تعريض لها وللامّة لأمور غير مشروعة.

3 ـ إنّ من الممتنع أن يحجب النبيّ (صلى الله عليه واله) هذا الحديث عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو حافظ سرّه وباب مدينة علمه وباب دار حكمته وأقضى امّته ؛ فإنّ من المقطوع به أنّ النبيّ (صلى الله عليه واله) لو كان لا يورّث لعرفه الإمام (عليه السلام) وما كتمه النبيّ (صلى الله عليه واله) عنه.

4 ـ إنّ الحديث لو كان صحيحا لعرفه الهاشميّون وهم أهل النبيّ وألصق الناس به فلما ذا لم يبلّغهم به.

5 ـ إنّ الحديث لو كان صحيحا لما خفي عن أمّهات المؤمنين والحال أنهنّ أرسلن إلى عثمان بن عفان يطلبن منه ميراثهنّ من رسول الله (صلى الله عليه واله) .

6 ـ إنّ بعض أهل العلم يرى أنّ (ما) التي في الحديث لا نورّث ما تركناه صدقة موصولة والمعنى أنّ ما تركناه من الصدقات ليس خاضعا للمواريث وإنّما هو للفقراء وعلى هذا فيكون الحديث أجنبيا عن الاستدلال به من عدم توريث النبيّ (صلى الله عليه واله) لما تركه من الأموال.
وضاقت الدنيا على زهراء الرسول ووديعته في امّته من الإجراءات الصارمة التي اتّخذها أبو بكر ضدّها فرأت أن تلقي الحجّة عليه وتحفّز المسلمين للإطاحة بحكومته ويتحدّث الرواة أنّها سلام الله عليها استقلّت غضبا فلاثت خمارها واشتملت بجلبابها وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه واله) حتى دخلت على أبي بكر وهو في الجامع الأعظم وقد احتفّ بها المهاجرون والأنصار وغيرهم وقد أنيطت دونها ملاءة تكريما لها فأنّت أنّة حسرة وألم وبكاء فأجهش القوم لها بالبكاء وارتجّ المجلس وذلك لأنّهم رأوا في شخصيّتها العظيمة شخصيّة أبيها العظيم الذي لم يعقب غيرها ؛ ولأنّهم قصّروا في حقّها وحقّ زوجها ولمّا سكن نشيجهم وهدأت فورتهم افتتحت خطابها الخالد بحمد الله والثناء عليه وانحدرت في خطابها كالسيل فلم يسمع قبلها ولا بعدها من هو أخطب منها وحسبها أنّها ابنة رسول الله (صلى الله عليه واله) أفصح من نطق بالضاد وقد ورثت بلاغته وفصاحته , وتحدّثت في خطابها الخالد عن معارف الإسلام وفلسفة تشريعاته وعلل أحكامه وعرضت إلى ما كانت عليه حالة الامم قبل أن يشرق عليها نور الإسلام من الجهل والانحطاط ووهن العقول وضحالة الفكر خصوصا الجزيرة العربية فقد كانت على شفا حفرة من النار مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام وكانت حياتها الاقتصادية بالغة السوء فالأكثرية الساحقة كانت تقتاد القدّ وتشرب الطرق وظلّت على هذا الحال من الذلّ والفقر والهوان حتى أنقذها الله سبحانه وتعالى برسوله العظيم فدفعها إلى واحات الحضارة والتطوّر وجعلها في الطليعة الواعية من امم العالم فما أعظم عائدته على العرب وعلى الناس أجمعين كما عرضت سيّدة نساء العالم إلى فضل ابن عمّها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وجهاده المشرق في نصرة الإسلام والذبّ عن حياضه فالجاهلية الرعناء من قريش وغيرهم كلّما أوقدوا نارا للحرب تقدّم إليها الإمام فوطئ صماخها بأخمصه وخمد لهبها بسيفه في حين كان المهاجرون من قريش في رفاهية وادعين آمنين لم يكن لهم أي ضلع يذكر في نصرة الإسلام والدفاع عنه وإنّما كانوا ينكصون عند النزال ويفرّون من القتال ؛ وكانوا يتربّصون بأهل بيت النبيّ الدوائر ويتوقّعون فيهم نزول القواصم كما أعربت سيّدة نساء العالمين عن أسفها البالغ على ما مني به المسلمون من الزيغ والانحراف والاستجابة الكاملة لدواعي الهوى وحبّ الدنيا وتنبّأت (صلوات الله عليها) ما سيواجهه المسلمون من الأحداث المروعة والكوارث المؤلمة نتيجة ما اقترفوه من الأخطاء والانحراف عمّا أمره الله ورسوله من التمسّك بالعترة الطاهرة التي هي مصابيح الهدى وطرق النجاة ؛ وبعد ما أدلت حبيبة رسول الله (صلى الله عليه واله) بهذه المواد عرضت إلى حرمانها المؤسف من إرث أبيها فقالت : وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا أفحكم الجاهليّة تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون , أفلا تعلمون بلى قد تجلّى لكم كالشّمس الضّاحية أنّي ابنته , أيّها المسلمون أأغلب على تراث أبي؟ يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريّا أفعلي عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] وقال فيما اقتصّ من خبر يحيى بن زكريا إذ قال : {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 5، 6] وقال : {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75] وقال : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } [النساء: 11] وقال : {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] وزعمتم أن لا حظوة لي ولا أرث من أبي ولا رحم بيننا أفخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟ أم تقولون : أهل ملّتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي؟ .

وحكى هذا المقطع من خطابها الخالد أوثق الأدلّة وأروعها على استحقاقها لميراث أبيها كان منها ما يلي :

1 ـ احتجّت على أنّ الأنبياء كبقيّة الناس خاضعون للمواريث وقد استندت في ذلك إلى آيتي داود وزكريا وهما صريحتان بتوريث الأنبياء ومنهم أبوها سيّد المرسلين.

2 ـ استدلت بعموم آيات المواريث وعموم آية الوصيّة وهي بالطبع شاملة لأبيها وخروجه منها من باب التخصيص بلا مخصّص وهو ممتنع كما صرح علماء الاصول .

3 ـ إنّ ما يوجب تخصيص آية المواريث وعموم آية الوصية أن يختلف المورّث ووارثه في الدين بأن يكون المورّث مسلما ووارثه كافرا فإنّه لا ميراث بينهما وهذه الجهة منتفية انتفاء قطعيّا فسيّدة النساء أبوها مؤسّس الإسلام وخاتم الأنبياء وهي بضعته وريحانته وسيّدة نساء العالمين فكيف تمنع عن إرثها؟ وبعد هذه الحجج البالغة وجّهت خطابها لأبي بكر قائلة له : فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ونشرك فنعم الحكم الله والزّعيم محمّد والموعد القيامة وعند السّاعة يخسر المبطلون ولا ينفعكم إذ تندمون ولكلّ نبأ مستقرّ ولسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم.

يا له من تقريع أمضى وأوجع من كلّ ألم ممضّ! يا له من عتاب أقسى من ضرب السيوف! ثمّ اتّجهت حبية الرسول إلى المسلمين تستنهض عزائمهم وتحثّهم على الاطاحة بحكومة أبي بكر قائلة : يا معشر النّقيبة وأعضاد الملّة وحضنة الإسلام ما هذه الغميزة في حقّي والسّنّة عن ظلامتي؟ أما كان رسول الله أبي يقول : المرء يحفظ في ولده سرعان ما أحدثتم وعجلان ذا إهالة ولكم طاقة بما أحاول وقوّة على ما أطلب وأزاول؟ أتقولون : مات محمّد فخطب جليل استوسع وهنه واستنهر فتقه وانفتق رتقه وأظلمت الأرض لغيبته وكسفت الشّمس والقمر وانتثرت النّجوم لمصيبته وأكدت الآمال وخشعت الجبال واضيع الحريم وازيلت الحرمة عند مماته فتلك والله! النّازلة الكبرى والمصيبة العظمى لا مثلها نازلة ولا بائقة عاجلة أعلن بها كتاب الله جلّ ثناؤه في أفنيتكم وفي ممساكم ومصبحكم يهتف في أفنيتكم هتافا وصراخا وتلاوة وألحانا ولقبله ما حلّ بأنبياء الله ورسله حكم فصل وقضاء حتم {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] , وأخذت زهراء الرسول تحفّز الأنصار على الثورة وتذكّرهم ماضيهم المشرق في نصرة الإسلام وحماية مبادئه وتطلب منهم القيام بقلب الحكم القائم وإرجاع الخلافة إلى الإمام (عليه السلام) وإرجاع حقوقها لها قائلة : أيها بني قيلة أأهضم تراث أبي وأنتم بمرأى منّي ومسمع ومنتدى ومجمع تلبسكم الدّعوة وتشملكم الخبرة وأنتم ذوو العدد والعدّة والأداة والقوّة وعندكم السّلاح والجنّة توافيكم الدّعوة فلا تجيبون وتأتيكم الصّرخة فلا تغيثون وأنتم موصوفون بالكفاح معروفون بالخير والصّلاح والنّخبة التي انتخبت والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت قاتلتم العرب وتحمّلتم الكدّ والتّعب وناطحتم الامم وكافحتم البهم فلا نبرح أو تبرحون نأمركم فتأتمرون حتّى إذا دارت بنا رحى الإسلام ودرّ حلب الأيّام وخضعت نعرة الشّرك وسكنت فورة الإفك وخمدت نيران الكفر وهدأت دعوة الهرج واستوسق نظام الدّين فأنّى جرتم بعد البيان وأسررتم بعد الإعلان ونكصتم بعد الإقدام وأشركتم بعد الإيمان؟ ولمّا رأت سيّدة نساء العالمين وهن الأنصار وتخاذلهم وعدم استجابتهم لنداء الحقّ وجّهت إليهم أعنف اللوم وأشدّ العتب قائلة : ألا وقد قلت ما قلت هذا على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ولكنّها فيضة النّفس ونفثة الغيظ وحوز القناة وبثّة الصّدر وتقدمة الحجّة فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظّهر نقبة الخفّ باقية العار موسومة بغضب الله وشنار الأبد موصومة بنار الله الموقدة {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } [الهمزة: 7، 8] فبعين الله ما تفعلون وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد فاعملوا إنّا عاملون وانتظروا إنّا منتظرون , وانتهى هذا الخطاب الثوري الذي حوى جميع مقوّمات الثورة على النظام القائم ولا أكاد أعرف خطابا أبلغ ولا آثر منه إلاّ إنّ القوم قد تخدّرت أعصابهم فصدوا عن الطريق القويم ؛ وعلى أي حال فقد لمس أبو بكر مدى تأثير خطاب الزهراء (عليه السلام) في نفوس الحاضرين وخاف من اندلاع الثورة فاستطاع بلباقته وقابليّاته الدبلوماسية أن يسيطر على الموقف وينقذ حكومته من الانقلاب فقابل بضعة الرسول (صلى الله عليه واله) بكلّ حفاوة وتكريم وأظهر لها أمام الملأ أنّه يخلص لها ويكنّ لها التقدير والاحترام أكثر ممّا يكنّه لعائشة ابنته كما أظهر لها حزنه العميق على وفاة أبيها رسول الله (صلى الله عليه واله) , وعرض لها أنّه لم يتقلّد منصب الحكم ولم يتّخذ معها الاجراءات الصارمة عن رأيه الخاص وإنّما كان عن رأي المسلمين فهم الذين قلّدوه ما تقلّد وباتّفاق منهم أخذ ما أخذ وبذلك فقد شارك المسلمين في إجراءاته وحمّلهم المسؤولية .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.