أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-10-2019
17828
التاريخ: 4-12-2016
3263
التاريخ: 2023-08-08
983
التاريخ: 16-11-2018
1800
|
السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان
زواجها:
كان أهل الكتاب قد رفعوا لافتة تحمل كل معاني الفتن. وقالوا: يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابنا وكتابكم فله أجران. ومن آمن منا بكتابنا فله أجر كأجوركم . فما فضلكم علينا ؟ وانطلقت هذه الفتنة حتى استقرت في الجزيرة وما حولها وفي الحبشة وغيرها . ورد الله كيدهم إلى نحورهم وأنزل آيات بينات وأخبر على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم . أن الإيمان بالرسالة الخاتمة شرط لنيل رضا الله تعالى .
وروي أن عبيد الله بن جحش زوج أم حبيبة لم يستمع ولم ينصت لصوت الحجة الدامغة . وسلك في الفتنة التي تصد عن سبيل الله . فعن أم حبيبة قالت : رأيت في المنام كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسوأ صورة وأشوهه . ففزعت فقلت : تغيرت والله حاله . فإذا هو يقول حين أصبح : يا أم حبيبة إني نظرت في الدين فلم أر دينا " خيرا " من النصرانية . وكنت قد دنت بها . ثم دخلت في دين محمد . ثم رجعت إلى النصرانية . فقلت : والله ما خير لك . وأخبرته بالرؤيا التي رأيت له . فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات . فرأيت في النوم كأن آتيا " يقول لي : يا أم المؤمنين . ففزعت وأولتها إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يتزوجني . قالت : فما هو إلا أن أنقضت عدتي . فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن . فإذا جارية له يقال لها ( أبرهة ) كانت تقوم على ثيابه ودهنه . فدخلت علي . فقالت : إن الملك يقول لك إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كتب إلي أن أزوجك . فقلت : بشرك الله بخير . وقالت : يقول لك الملك وكلي من يزوجك . فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته. وأعطت أبرهة سوارين من فضة وخدمتين كانتا في رجليها وخواتيم فضة كانت في أصابع رجليها سرورا " بما بشرتها به . فلما كان العشى أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا . فخطب النجاشي . فقال : الحمد لله . الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار . الحمد لله حق حمده وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا " عبده ورسوله . وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام . أما بعد : فإن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان . فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وقد أصدقها أربعمائة دينار . ثم سكب الدنانير بين يدي القوم .
فتكلم خالد بن سعيد . فقال : الحمد لله . أحمده وأستعينه واستنصره وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد إن محمدا " رسوله . أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . أما بعد : فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان . فبارك الله لرسوله . ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها ثم أرادوا أن يقوموا . فقال : أجلسوا فإن سنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا تزوجوا أن يؤكل الطعام على التزويج . فدعا بطعام . فأكلوا ثم تفرقوا .
قالت أم حبيبة : فلما وصل إلي المال . أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني . فقلت لها : إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي . وهذه خمسون مثقالا " فخذيها فاستعيني بها . فأخرجت إلي حقة فيها جميع ما أعطيتها فردته إلي .
وقالت : عزم علي الملك أن لا أرزأك شيئا " . وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه . وقد ابتعت دين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأسلمت لله . وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر . فلما كان الغد جاءتني بعود وورد وعنبر كثير . وقدمت بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم . وكان يراه على وعندي فلا ينكر . ثم قالت أبرهة : فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم مني السلام . وتعلميه إني قد أتبعت دينه . قالت : ثم لطفت بي . وكانت هي التي جهزتني . وكانت كلما دخلت علي تقول : لا تنسي حاجتي إليك . قالت : فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . أخبرته كيف كانت الخطبة . وما فعلت بي أبرهة . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وأقرأته منها السلام . فقال : وعليها السلام ورحمة الله وبركاته ( 1 ) .
وعن عبد الواحد بن عون قال : لما بلغ أبا سفيان بن حرب نكاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنته قال : ذاك الفحل لا يقرع أنفه ( 2) .
وبالجملة : بعثت قريش البعوث إلى الحبشة للصد عن سبيل الله . وحمل الذين كفروا من أهل الكتاب الفتن التي تعوق تقدم الدعوة . وتكاتف هؤلاء مع هؤلاء . ولا ندري هل كان عبيد الله بن جحش زوج أم حبيبة حلقة في هذه الدوامة التي تشكك في دين الله وتعبئ الصدور بالحق على الذين آمنوا . وهل كان أبو سفيان يجهز لثقافة تتفق مع ثقافة التشكيك التي قام بها أهل الكتاب . مستندا " على ما قام به عبيد الله بن جحش . وهل كان في جعبة أبي سفيان بعض قصص التشكيك في دين الله وكان يعد العدة لنشرها حول أم حبيبة بعد ارتداد زوجها ؟ وعلى أي حال فلقد رد الله كيد أعداء الدين إلى نحورهم .
وكان زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأم حبيبة سكن لها وتطييب لخاطرها . وكان فيه إغلاقا " لأبواب الفتن . وكان فيه ضربة قوية لأصحاب العقول الماكرة والصدور الحاسدة .
وفاتها :
قال أبو عمر : توفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين .
وعن علي بن الحسين قال : قدمت منزلي في دار علي بن أبي طالب عليه السلام . فحفرنا في ناحية منه . فأخرجنا منه حجرا " . فإذا فيه مكتوب : هذا قبر رملة بنت صخر . فأعدناه مكانه ( 3 ) .
_______________
( 1 ) رواه الحاكم ( المستدرك 21 / 4 ) ، الإستيعاب 441 / 4 ، الإصابة 305 / 4 ، الطبقات الكبرى 97 / 7 .
( 2 ) رواه الحاكم ( المستدرك 22 / 4 ) .
( 3 ) الإستيعاب 306 / 4 ( * ) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|