المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الامواج والتيارات البحرية كعامل نحت
2024-10-08
أنواع التشتت
2024-08-12
الجينات الضرورية Essential Genes
26-3-2018
أصناف المستحقين
22-9-2016
تنوع وظيفي للبروتينات Protein Functional Diversity
11-10-2019
العسل والبكتريا
8-6-2016


المأساة الخالدة  
  
3255   12:10 مساءاً   التاريخ: 9-5-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج11,ص223-225.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة /

ليس في هذا الشرق العربي ولا في غيره من مناطق العالم وامم الأرض حاكم مثل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نزاهته وعدله وتجرّده من جميع المحسوبيات والأطماع فقد كان فيما أجمع عليه المؤرّخون لم يخضع لأيّة نزعة مادية أو عاطفية وإنّما آثر الحقّ ورضا الله تعالى في سلوكه وجميع تصرّفاته فلم يحاب أحدا ولم يداهن أي شخص في دينه فقد تبنّى بصورة إيجابية العدل الخالص والحقّ المحض وقد جهد أن يرفع الحيف والظلم والغبن عن الناس ويحطّم الفوارق التي مآلها إلى التراب بين المسلمين , وقد احتاط هذا الإمام العظيم في أموال الدولة كأشدّ ما يكون الاحتياط فلم ينفق أي شيء منها قليلا أو كثيرا إلاّ في المواقع التي عيّنها الإسلام لم يتاجر ولم يشتر بها العواطف والضمائر كما كان يفعل معاوية ولمّا آلت دولته إلى الانحلال والتمزّق أشار عليه وزيره ومستشاره حبر الامّة عبد الله بن عبّاس برأي يرجع لدولته قوّتها ويعيد لها نضارتها قائلا : يا أمير المؤمنين فضّل العرب على العجم أي في العطاء والمناصب وفضّل قريشا على العرب .

كان ابن عبّاس يرى أنّ التفاضل في العطاء هو الضمان الوحيد لحماية دولة الإمام من التمزّق ورمق الإمام بطرفه ابن عباس ونفر من رأيه وقال له : يا بن عبّاس تريد منّي أن أطلب النّصر بالجور؟ لو كان المال لي لسوّيت بينهم بالعطاء فكيف والمال مال الله ؛ لقد أجهد الإمام نفسه وحملها من أمره رهقا من أجل أن يبسط العدالة بين الناس ويرفع عنهم الفقر والحاجة ويشيع بينهم الأمن والرخاء.

يقول عبد الله بن رزين : دخلت على عليّ يوم الأضحى فقرب إلينا حريرة فقلت : أصلحك الله لو قرّبت إلينا من هذا البطّ فإنّ الله تعالى قد أكثر الخير؟

فقال (عليه السلام) : يا بن رزين سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : لا يحلّ لخليفة من مال الله إلاّ قصعتان قصعة يأكلها هو وأهله وقصعة يضعها بين النّاس .

لقد نقمت عليه الرأسمالية القرشية ونقم عليه كلّ من استسلم لدوافع المادة وشهواتها فوضعوا أمام حكومته الحواجز والسدود وعملوا جاهدين للإطاحة بدولته وتسليمها إلى معاوية بن أبي سفيان الذي يضمن لهم ما يريدون ويحقّق لهم ما يصبون إليه من المنافع , ومن المؤكّد أنّ الإمام (عليه السلام) كان يعلم كيف يجلب طاعة المتمرّدين ولكنّ ذلك لا يتمّ إلاّ بأن يداهن في دينه فيمنح الثراء العريض للوجوه والأعيان من قريش وغيرهم من وجوه العرب , ومن الطبيعي أنّ ذلك هو الانحراف الكامل عن الحقّ والمتاجرة بمصالح الأمّة وهو ممّا يأباه ضمير الإمام الذي ربّاه النبيّ (صلى الله عليه واله) بمثله وقيمه ليكون صورة صادقة عنه , لقد أراد الإمام أن يوزّع خيرات الله تعالى على الفقراء والبؤساء ولا يجعل في المجتمع أي ظلّ للحاجة والحرمان وممّا لا شبهة فيه أنّ هذه السياسة المشرقة لا تعيها النفوس التي ران عليها الباطل وعشعش فيها إبليس أمثال الأشعث بن قيس والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص وأمثالهم من الذين لا يرجون لله وقارا.

إنّ الإيمان الخالص بحقّ الله وحقّ الناس لم ينته إلاّ للقلّة المؤمنة من أصحاب الإمام وخاصّته وحواريه أمثال حجر بن عدي ومالك الأشتر وميثم التمّار وعدي بن حاتم وعمّار بن ياسر وأمثالهم ممّن تغذّوا بهدي الإمام أمّا الأكثرية الساحقة من جيش الإمام وشعبه فإنّهم لا يفقهون أي شيء من مثل الإمام وسياسته فلذا ابتعدوا عنه وانضمّوا إلى معاوية وحزبه حزب الشيطان , وعلى أي حال فإنّ الإمام (عليه السلام) قد أخضع سياسته للقيم الدينية فبسط العدل وأشاع الحقّ ولم يعد أي ظلّ للظلم والحرمان ولذا هبّت في وجهه الاسر القرشية التي كانت تعتبر السواد بستانا لها فأشعلت نار الحرب عليه ورفعت شعارا لتمرّدها وهو المطالبة بدم عثمان عميد الاسرة الأموية فأغرقت البلاد بالدماء ونشرت الحزن والحداد في بيوت المسلمين وقد وقف عملاق العدالة الإسلامية ملتاعا حزينا قد احتوشته ذئاب الأثرة والاستغلال فأفسدت عليه جيشه وشعبه ولم يعد باستطاعته أن يسيطر على الأوضاع الراهنة في جيشه إذ لم يكن له ركن شديد يأوي إليه , وشيء بالغ الأهمّيّة في مآسي الإمام هو فقده للصفوة الطاهرة من أعلام أصحابه الذين قرءوا القرآن فأحكموه وتدبّروا الفرض فأقاموه وأحيوا السنّة وأماتوا البدعة أمثال الشهيد الخالد عمّار بن ياسر وابن التّيهان وذي الشهادتين ونظرائهم من الذين مضوا على الحقّ فقد استشهدوا في ميادين صفّين وابرد برؤوسهم إلى الفسقة الفجرة معاوية وحزبه وقد كان فقدهم قد هدّ في ركن الإمام وأضعفه إلى حدّ بعيد ؛ وعلى أي حال فإنّا نلقي نظرة سريعة على شهادة الإمام (عليه السلام) وما رافقها من أحداث.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.