أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2016
3457
التاريخ: 7-01-2015
3347
التاريخ: 18-01-2015
3233
التاريخ: 15-3-2016
3743
|
ليس في هذا الشرق العربي ولا في غيره من مناطق العالم وامم الأرض حاكم مثل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نزاهته وعدله وتجرّده من جميع المحسوبيات والأطماع فقد كان فيما أجمع عليه المؤرّخون لم يخضع لأيّة نزعة مادية أو عاطفية وإنّما آثر الحقّ ورضا الله تعالى في سلوكه وجميع تصرّفاته فلم يحاب أحدا ولم يداهن أي شخص في دينه فقد تبنّى بصورة إيجابية العدل الخالص والحقّ المحض وقد جهد أن يرفع الحيف والظلم والغبن عن الناس ويحطّم الفوارق التي مآلها إلى التراب بين المسلمين , وقد احتاط هذا الإمام العظيم في أموال الدولة كأشدّ ما يكون الاحتياط فلم ينفق أي شيء منها قليلا أو كثيرا إلاّ في المواقع التي عيّنها الإسلام لم يتاجر ولم يشتر بها العواطف والضمائر كما كان يفعل معاوية ولمّا آلت دولته إلى الانحلال والتمزّق أشار عليه وزيره ومستشاره حبر الامّة عبد الله بن عبّاس برأي يرجع لدولته قوّتها ويعيد لها نضارتها قائلا : يا أمير المؤمنين فضّل العرب على العجم أي في العطاء والمناصب وفضّل قريشا على العرب .
كان ابن عبّاس يرى أنّ التفاضل في العطاء هو الضمان الوحيد لحماية دولة الإمام من التمزّق ورمق الإمام بطرفه ابن عباس ونفر من رأيه وقال له : يا بن عبّاس تريد منّي أن أطلب النّصر بالجور؟ لو كان المال لي لسوّيت بينهم بالعطاء فكيف والمال مال الله ؛ لقد أجهد الإمام نفسه وحملها من أمره رهقا من أجل أن يبسط العدالة بين الناس ويرفع عنهم الفقر والحاجة ويشيع بينهم الأمن والرخاء.
يقول عبد الله بن رزين : دخلت على عليّ يوم الأضحى فقرب إلينا حريرة فقلت : أصلحك الله لو قرّبت إلينا من هذا البطّ فإنّ الله تعالى قد أكثر الخير؟
فقال (عليه السلام) : يا بن رزين سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : لا يحلّ لخليفة من مال الله إلاّ قصعتان قصعة يأكلها هو وأهله وقصعة يضعها بين النّاس .
لقد نقمت عليه الرأسمالية القرشية ونقم عليه كلّ من استسلم لدوافع المادة وشهواتها فوضعوا أمام حكومته الحواجز والسدود وعملوا جاهدين للإطاحة بدولته وتسليمها إلى معاوية بن أبي سفيان الذي يضمن لهم ما يريدون ويحقّق لهم ما يصبون إليه من المنافع , ومن المؤكّد أنّ الإمام (عليه السلام) كان يعلم كيف يجلب طاعة المتمرّدين ولكنّ ذلك لا يتمّ إلاّ بأن يداهن في دينه فيمنح الثراء العريض للوجوه والأعيان من قريش وغيرهم من وجوه العرب , ومن الطبيعي أنّ ذلك هو الانحراف الكامل عن الحقّ والمتاجرة بمصالح الأمّة وهو ممّا يأباه ضمير الإمام الذي ربّاه النبيّ (صلى الله عليه واله) بمثله وقيمه ليكون صورة صادقة عنه , لقد أراد الإمام أن يوزّع خيرات الله تعالى على الفقراء والبؤساء ولا يجعل في المجتمع أي ظلّ للحاجة والحرمان وممّا لا شبهة فيه أنّ هذه السياسة المشرقة لا تعيها النفوس التي ران عليها الباطل وعشعش فيها إبليس أمثال الأشعث بن قيس والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص وأمثالهم من الذين لا يرجون لله وقارا.
إنّ الإيمان الخالص بحقّ الله وحقّ الناس لم ينته إلاّ للقلّة المؤمنة من أصحاب الإمام وخاصّته وحواريه أمثال حجر بن عدي ومالك الأشتر وميثم التمّار وعدي بن حاتم وعمّار بن ياسر وأمثالهم ممّن تغذّوا بهدي الإمام أمّا الأكثرية الساحقة من جيش الإمام وشعبه فإنّهم لا يفقهون أي شيء من مثل الإمام وسياسته فلذا ابتعدوا عنه وانضمّوا إلى معاوية وحزبه حزب الشيطان , وعلى أي حال فإنّ الإمام (عليه السلام) قد أخضع سياسته للقيم الدينية فبسط العدل وأشاع الحقّ ولم يعد أي ظلّ للظلم والحرمان ولذا هبّت في وجهه الاسر القرشية التي كانت تعتبر السواد بستانا لها فأشعلت نار الحرب عليه ورفعت شعارا لتمرّدها وهو المطالبة بدم عثمان عميد الاسرة الأموية فأغرقت البلاد بالدماء ونشرت الحزن والحداد في بيوت المسلمين وقد وقف عملاق العدالة الإسلامية ملتاعا حزينا قد احتوشته ذئاب الأثرة والاستغلال فأفسدت عليه جيشه وشعبه ولم يعد باستطاعته أن يسيطر على الأوضاع الراهنة في جيشه إذ لم يكن له ركن شديد يأوي إليه , وشيء بالغ الأهمّيّة في مآسي الإمام هو فقده للصفوة الطاهرة من أعلام أصحابه الذين قرءوا القرآن فأحكموه وتدبّروا الفرض فأقاموه وأحيوا السنّة وأماتوا البدعة أمثال الشهيد الخالد عمّار بن ياسر وابن التّيهان وذي الشهادتين ونظرائهم من الذين مضوا على الحقّ فقد استشهدوا في ميادين صفّين وابرد برؤوسهم إلى الفسقة الفجرة معاوية وحزبه وقد كان فقدهم قد هدّ في ركن الإمام وأضعفه إلى حدّ بعيد ؛ وعلى أي حال فإنّا نلقي نظرة سريعة على شهادة الإمام (عليه السلام) وما رافقها من أحداث.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|