أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-4-2016
3590
التاريخ: 10-4-2016
7438
التاريخ: 12-4-2016
4050
التاريخ: 15-5-2022
1768
|
استنزف عثمان بيوت الاموال فاصطفى منها ما شاء لنفسه وعياله وبالغ في البذخ والاسراف فبنى دارا فى يثرب شيدها بالحجر والكلس وجعل أبوابها من الساج والعرعر واقتنى أموالا وجنانا وعيونا بالمدينة وكان ينضد اسنانه بالذهب ويتلبس بأثواب الملوك وانفق اكثر بيت المال في عمارة ضياعه ودوره ولما قتل كان عند خازنه ثلاثون الف الف درهم وخمسمائة الف درهم وخمسون ومائة الف دينار وترك الف بعير وصدقات ببراديس وخيبر ووادي القرى قيمة مائتي الف دينار إن عثمان قد نهج منهجا خاصا في سياسته المالية فلم يتقيد بكتاب الله ولا بسنة نبيه فتصرف في بيت المال تصرفا كيفيا فأخذ منه ما شاء ومنح من أحب ووهب لمن سار في ركابه وقد وصف الامام امير المؤمنين هذه السياسة الملتوية بقوله : الى ان قام ثالث القوم يعني عثمان نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الابل نبتة الربيع وهذا أبدع ما توصف به السياسة المنحرفة التي تتخذ الحكم وسيلة للثراء والتمتع بملاذ الحياة ولا تقيم وزنا للامة ولا تعتني بمصالحها وأهدافها.
وقد أصدر الامام أمير المؤمنين قراره الحاسم بعد ان استولى على زمام الحكم بمصادرة جميع الاموال التي استأثر بها عثمان لنفسه والتي وهبها لخاصته وأقربائه وهذا نص قراره : الا ان كل قطيعة اقطعها عثمان وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال فان الحق القديم لا يبطله شيء ولو وجدته قد تزوج به النساء وفرق في البلدان لرددته الى حاله فان في العدل سعة ومن ضاق عنه الحق فالجور عنه أضيق .
وكان هذا الاجراء الذي اتخذه الامام على وفق العدل الاسلامي الذي حدد صلاحية المسئولين ولم يطلق لهم العنان فى التصرف بأموال الامة والاستئثار بها فليس لهم أن يصطفوا منها لأنفسهم ولا لذراريهم فهذا رسول الله (صلى الله عليه واله) قد جاءته ابنته الوحيدة التي لا عقب له سواها تطلب منه ان يبغي لها وصيفا يخدمها لأن يديها قد مجلت من الرحى فلم يجد (صلى الله عليه واله) مجالا لأن يأخذ من بيت المال ما يشتري به وصيفا يعين ابنته فردها وعلمها التسبيح الذي ينسب لها وقد سار على هذه السيرة وصيه وباب مدينة علمه الامام امير المؤمنين (عليه السلام) فقد جاء أخوه عقيل يستميحه البر ويطلب منه السعة والرفاهية فاحمى له حديدة كاد ان يحترق من ميسمها هذا هو منطق الاسلام الذي جاء لاسعاد الشعوب واصلاحها وانقاذها من البؤس والفقر والحرمان.
تناقضت أقوال الدكتور طه حسين تناقضا صريحا في تصوير السياسة المالية التي انتهجها عثمان فتارة يسف في قوله فيزعم انه كان محافظا على سيرة عمر فى سياسة المال فلم يخالفه فى ذلك ولم يشذ عنه فى جميع أعماله الادارية والحربية وفيما كان يأخذ به عامة المسلمين من الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والتزام السنة الموروثة واجتناب التكلف والابتداع واخرى يستقيم فى قوله فيذهب الى أنه انحرف عن سياسة عمر فى الابقاء على بيت المال وفى كان ينكر تشدد عمر ويرى أن فى بيت المال ما يسع الناس اكثر مما وسعهم أيام عمر فهو نقد غير مباشر لسيرة عمر فى سياسة بيت المال ومعنى هذا انه لم يتقيد بسيرة عمر ولم يطبق سياسته على واقع حكومته وهذا ينافى ما ذكره أولا من انه كان يسير على وفق الاهداف التي سار عليها عمر.
وعلى أي حال فقد مال أخيرا الى تصحيح سياسته المالية وانها لم تخالف السنة الموروثة ولم تخل من الخير ومراعاة الصالح العام ونسوق نص كلامه فى ذلك مع مواقع النظر فيه وهو كما يلي : أفاد الدكتور ما نصه : الشيء المحقق هو ان عثمان لم يدهن في دينه والشيء المحقق أيضا هو ان عثمان لم ير في سياسته تلك مخالفة خطيرة او غير خطيرة لسيرة الشيخين فهو لم يعتمد الجور ولا المحاباة وإنما وسع على الناس من أموالهم رأى فى بيت المال غنى فآثر الناس به ولم يغل فى الادخار وأي حرج فى أن يصل اصحاب النبي بشيء من هذا المال قليل او كثير وهم أئمة الاسلام وبناة الدولة وأصحاب البلاء الحسن ايام النبيّ وهم قد احتملوا من الشدة والحرمان شيئا كثيرا! وقد صدق الله وعده واكثر الخير فأي الناس أحق من هؤلاء المهاجرين ان يستمتعوا بشيء من هذا الخير الكثير ومواقع النظر فى كلامه ما يلي :
1 ـ انه ذهب الى أن عثمان لم يدهن فى دينه وأنه لم ير في سياسته مخالفة خطيرة او غير خطيرة لسيرة الشيخين ولم يتعمد الجور ولا المحاباة , أما ان عثمان لم يدهن فى دينه فيزيفه اعلانه للتوبة وانه قد جافى العدل وانحرف عن الطريق القويم وهذا نص توبته : أما بعد : أيها الناس فو الله ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله وما جئت إلا وأنا أعرفه ولكني منتنى نفسي وكذبتني وضل عني رشدي ولقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : من زلّ فليتب ومن أخطأ فليتب ولا يتمادى في الهلكة إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق فانا أول من اتعظ استغفر الله عما فعلت وأتوب إليه وهي صريحة في أنه سلك غير الجادة وشذ عن السنة الموروثة وأنه على بصيرة من ذلك لم يجهله ولم يغب عنه علمه وانما ارتكب ما ارتكب من المخالفات للسنة كهباته للأمويين وصلاته لآل أبى معيط وتنكيله باعلام الصحابة الناقدين لسياسته وغير ذلك من الاحداث الجسام انما هو استجابة لعواطفه ورغباته فان نفسه قد منته بذلك حتى ضل عنه رشده وفقد صوابه على حد تعبيره ومع اعترافه بذلك وتسجيله على نفسه انه انحرف عن الطريق كيف يمكن ان يقال إنه لم يدهن في دينه ولم يتعمد الجور والمحاباة.
2 ـ أما ما ذكره من أن عثمان وسع على الناس من أموالهم لأنه رأى فى بيت المال غنى فآثر الناس به ولم يغل في الادخار ؛ فان هذا لا يمكن المساعدة عليه بوجه فان عثمان لم يوسع على الناس ولم يبسط لهم فى العيش وإلا لما ثاروا عليه وقتلوه وإنما وسع على نفسه وخاصته ، ووسع على بنى أميّة والمؤيدين لسياسته فآثرهم بالفيء وخصهم بأموال الدولة الامر الذي اوجب شيوع التذمر ونقمة المسلمين عليه في جميع اقطارهم وأقاليمهم حتى أطاحوا بحكمه وأردوه قتيلا لم يواروه فى قبره حتى ندم خيار المسلمين على عدم حرق جثته
3 ـ وأما ما أفاده من أنه لا حرج ولا اثم على عثمان في صلته لأصحاب النبي (صلى الله عليه واله) بالأموال لأنهم أئمة المسلمين وأصحاب البلاء الحسن فأي الناس احق منهم بالاستمتاع بشيء من هذا الخير ؛ فانه ظاهر البطلان لأن بيت المال هو للمسلمين جميعا لا يختص به قوم دون آخرين ويجب صرفه على مصالحهم واصلاح شئونهم وليس لطائفة مهما علا شأنها ان تختص به وتحرم منه الاكثرية الساحقة على ان الاسلام فى ذلك الوقت احوج ما يكون الى بسط عدله الاجتماعي بين الشعوب المتعطشة الى مساواته العادلة التي لا تميز قوما على آخرين ولكن عثمان آثر بنى أميّة في كل شيء آثرهم بالأموال والوظائف وحملهم على رقاب الناس الامر الذي أدى الى تحطيم المساواة التي جاء بها الاسلام.
وأما سبق المهاجرين من اصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) الى الاسلام ودفاعهم عن حياضه وتحملهم للعناء والبلاء فى سبيله فامر لا مجال للشك فيه وهم مشكورون عليه والله هو الذي يتولى جزاءهم عن ذلك ولكن منحهم بالأموال و الإغداق عليهم بالنعم فامر لا مساغ له لأن فيه إحياء للطبقية التي حاربها الاسلام وشجب جميع مظاهرها.
ويمضى الدكتور فى تصحيح سياسة عثمان ومشروعية هباته للصحابة وانه لم يخالف بذلك السنة الموروثة وإنما جرى على طبعه السخي ولم يذكر هباته الضخمة وعطاياه الوافرة للأمويين وآل أبي معيط فقد اعرض سيادته عن ذلك ولم يذكره بقليل ولا بكثير وهو فيما نحسب من أهم الاسباب التي أدت الى الانكار عليه لقد أهمل الدكتور هذه الناحية أما لأنه لم يجد مجالا للاعتذار عنها أو انه لا يرى بأسا في ذلك كما لا يرى بأسا في عطاياه للصحابة ومن المؤسف ان يسف فى ذلك ويبرر ما خالف السنة .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|