أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-06
1005
التاريخ: 6-12-2017
2210
التاريخ: 18-6-2018
3371
التاريخ: 2024-09-08
288
|
أنَّ الممارسة هي التي أكدت ضرورة تطبيق القانون الإنساني العرفي من طرف الدول حتى خارج أية رابطة تعاقدية وهذا يؤكد أن العرف يعد من المصادر الرئيسة للقانون الدولي الإنساني وانه على الرغم من إطراد حركة تدوين القانون الدولي الإنساني إلا انه مازال للعرف دوره الهام في تطور هذا القانون .
أولاً: العرف كمصدر للقانون الدولي الإنساني
يعتبر العرف مع المعاهدات إحدى المصادر أو المكونات الأساسية للقانون الدولي الإنساني، والرأي السائد في الفقه الدولي في تعريف العرف الدولي بأنه "عادة جرى عليها أشخاص القانون الدولي في سلوكهم وفي علاقاتهم الدولية مقترنة بإعتقادهم بأن لها صفة الإلزام"(1) .
وبذلك فإن للعرف عنصرين، مادي وهو تكرار ممارسة الأفعال المادية من جانب الدول، ومعنوي وهو إحساس الدول بأن ممارسة هذه الأفعال هي أمور يفرضها القانون ومن ثم فإن العرف يتكون من سوابق التصرف الذي يتكون عبر فترة غير محددة(2) . وتحتمل قوة العرف الدولية الإلزامية في وجه الدول تفسيرين: الأول، يقول به الفقهاء الروس مستندين إلى القبول الضمني للعرف من قبل الدول، والثاني يتبناه الفقه الغربي ومعظم المحاكم الدولية ويستند إلى حاجة الأسرة الدولية إلى القواعد العرفية غير انه يمكن القول إن هذه الإلزامية للعرف الدولي لا تشمل سوى الأعراف ذات البعد العالمي(3)، غير أن الواقع الدولي لا يأخذ بنظرية القبول الضمني الإرادية، ففي قضية الجرف القاري في بحر الشمال عام 1969 قررت محكمة العدل الدولية بأن القواعد العرفية واجبة التطبيق بطبيعتها الإلزامية عن جميع أعضاء الأسرة الدولية ولا يمكن أن يكون نفيها معلقاً على إرادة الدول الأعضاء(4) ولما كانت الأعراف المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني هي من قبيل الأعراف العالمية، لذلك فإنه لا يمكن مخالفتها من قبل أية دولة مهما كانت الأسباب، وهذه الأعراف مستمدة من القانون الاتفاقي والقانون الدولي العرفي، ويشار إليهما بالترتيب بقانون جنيف أو القانون الاتفاقي للنزاعات المسلحة و قانون لاهاي أو القانون العرفي للنزاعات المسلحة، وقانون لاهاي لا يعد قانوناً عرفياً بكامله لأن جزءاً منه يعد قانوناً تعاهدياً، كما إنَّ قانون جنيف ليس بكامله قانوناً تعاهدياً إذ إنه يشمل أيضا قانوناً عرفياً، ومن ثم فإن التفرقة التقليدية بين القانون التعاهدي والقانون العرفي تتلاشى إلى حد كبير.
بالإضافة إلى ما سبق فأن القانون التعاهدي الذي ينطبق على الأسلحة يستمد من القانون التعاهدي والقانون العرفي كما إن بعض قواعده الخاصة أصبحت جزءاً من القانون العرفي وعلى مدار المائة عام الماضية فإن ظهور المصادر الثنائية للقانون الدولي الإنساني والذي يتضمن القانون الاتفاقي والعرفي أصبح متداخلاً متشابكاً إلى الحد الذي يمكن القول بأنهما أصبحا هناك وجهان لعملة واحدة(5).
ثانياً: الطبيعة العرفية للقانون الدولي الإنساني
إن أحكام إتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 واتفاقية لاهاي الرابعة لسنة 1907 الخاصة بالحرب البرية واعرفها تعكس قانوناً عرفياً وكذلك الأحكام الواردة في البرتوكولين الإضافيين لسنة 1977 وتعتبر عدة أحكام ذات صلة بأنواع الأسلحة، وبخاصة الحظر المقرر على استعمال الأسلحة الكيميائية أحكاماً عرفية(6)، ولقد أيدت هذا الرأي محكمة نورمبرغ والتي قالت ان قواعد لاهاي التي تناولت تنظيم الحرب البرية هي محاولة لتنقيح قوانين وأعراف الحرب التي كانت موجودة من قبل، لذا تعتبر هذه الإتفاقيات كاشفة عن هذه القوانين والأعراف التي كان معترفاً بها من قبل الدول المتمدنة ومن ثم قضت المحكمة بسريانها على كافة الدول حتى تلك التي لم تكن طرفاً في إتفاقية لاهاي .
ويوضح هذا الحكم من قبل المحكمة مسألتين:
الأولى/ إن العرف يتبلور ويتم تقنينه بشكل معاهدة شارعة فيما بعد ولكنه يكون ملزماً قبل دخوله مرحلة التقنين. الثانية/ إن الدول التي لا تصدق على الإتفاقيات الشارعة التي تقنن عرفاً تصبح ملتزمة بهذه الإتفاقيات شأنها شأن الدول المصدقة عليها(7) .
هذا وإذا كانت (المدرسة الوضعية) تذهب إلى عدم قدرة المعاهدة على إنشاء التزامات أو حقوق للغير بدون موافقتها، فإن المدرسة الموضوعية ترى أنَّ المعاهدة لا تقوم بدور منشئ للقاعدة القانونية ولكنه كاشف عنها، ولعل الصحيح هو رأي وسط أخذت به كل من لجنة القانون الدولي ومحكمة العدل الدولية لا يقول بالرفض القاطع لتأشير المعاهدات على الغير ويرى أن المعاهدة بوصفها مصدراً للقانون الدولي يمكن أن تقوم بدور مزدوج، فهي بالنسبة للأطراف تعد مصدراً رسمياً يلزمهم مباشرةً، ولكن يمكن أيضا الإستعانة بها بوصفها مصدراً مادياً أو دليلاً على تطور العنصر المعنوي للقاعدة العرفية، وعلى ذلك فإن المعاهدة الشارعة إذا كانت تنطوي على قاعدة عرفية سابقة فأنها تعد ملزمة لغير الأطراف فيها(8) . وقد أخذت لجنة القانون الدولي بهذا الرأي وأقرته في إتفاقية فينا لقانون المعاهدات عام 1969 حيث تنص المادة (38) بأنه (ليس في المواد من 34 إلى 37 ما يمنع أية قاعدة منصوص عليها في معاهدة ما، من أن تصبح ملزمة لدولة ثالثة باعتبارها قاعدة من قواعد العرف في القانون الدولي معترفاً بها بصفتها هذه). إن قانون جنيف (إتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949) وأجزاء من البروتوكول الأول والثاني التي تتضمن القانون العرفي قد اعتبرت بمستوى العرف العام أو ما يسمى بالأعراف الحتمية أو القطعية للقانون الدولي التي تمثل القوانين المسلم بها لدى الشعوب التي تعكس إحساساً عاماً للسلوك(9)، ولذلك فهذه القوانين تكون ملزمة لجميع الدول بغض النظر عن أن دولة ما صدقت أو لم تصدق على أي من الإتفاقيات الإنسانية .
_____________________
1- انظر: د. محمد مصطفى يونس، حقوق الإنسان في حالات الطوارئ، دراسة فقهية وتطبيقية معاصرة في ضوء مبادئ القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، 1992 . ص 273 .
- ثيودور ميرون، القانون العرفي، ترجمة غازي مسعود، الطبعة الأولى، 2003 ص23 .
2-اللواء سيد هاشم، المضمون التاريخي امبادئ القانون الدولي الإنساني، مرجع سابق، ص 224.
3- د. احمد سرحال، قانون العلاقات الدولية، مرجع سابق، ص107 .
4- IC.J Rec 1969 p. 49 .
5- د. محمود شريف بسيوني، الإطار العرفي، مرجع سابق، ص84.
6- ثيودور ميرون، القانون العرفي، مرجع سابق ص 23 .
7-اللواء سيد هاشم، المضمون التاريخي..، مرجع سابق، ص244.
8- اللواء سيد هاشم، المضمون التاريخي..، مرجع سابق، ص244-245 .
9- د. محمود شريف بسيوني، مرجع سابق، ص 85.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|