المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



انتفاضة مذحج عند اعتقال هانئ  
  
3309   04:39 مساءاً   التاريخ: 28-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج2, ص376-380.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /

انتهى خبر هانئ إلى اُسرته فاندفعت بتثاقل كالحشرات فقاد جموعها الانتهازي الجبان عمرو بن الحجّاج الذي لا عهد له بالشرف والمروءة فأقبل ومعه مذحج وهو يرفع عقيرته لتسمع السلطة مقالتهم قائلاً : أنا عمرو بن الحجّاج وهذه فرسان مذحج ووجوهها لمْ نخلع طاعة ولمْ نفارق جماعة , وحفل كلامه بالخنوع والمسالمة للسلطة وليس فيه اندفاع لإنقاذ هانئ ؛ ولذا لمْ يحفل به ابن زياد فالتفت إلى شريح القاضي فقال له : ادخل على  صاحبهم فانظر إليه ثمّ اخرج إليهم فأعلمهم أنّه حيّ , وخرج شريح فدخل على هانئ فلمّا بصر به صاح مستجيراً : يا للمسلمين! أهلكت عشيرتي؟! أين أهل الدين أين أهل المصر؟! أيُحذرونني عدوّهم , وكان قد سمع الأصوات وضجيج الناس فالتفت إلى شريح  قائلاً : يا شريح إنّي لأظنها أصوات مذحج وشيعتي مِن المسلمين إنّه إنْ دخل عليّ عشرة أنفر أنقذوني , وخرج شريح وكان عليه عين لابن زياد ؛ مخافة أنْ يدلي بشيء على خلاف رغبات السلطة فيفسد عليها أمرها فقال لهم : قد نظرت إلى صاحبكم وإنه حيّ لمْ يُقتل , وبادر عمرو بن الحجّاج فقال : إذا لمْ يُقتل فالحمد لله , وولّوا منهزمين كأنّما اُتيح لهم الخلاص مِن السجن وهم يصحبون العار والخزي وظلّوا مثالاً للخيانة والجبن على امتداد التاريخ , وفيما أحسب أنّ هزيمة مذحج بهذه السرعة وعدم تأكدها مِنْ سلامة زعيمها جاءت نتيجة اتّفاق سرّيٍّ بين زعماء مذحج وبين ابن زياد للقضاء على هانئ ؛ ولولا ذلك لنفرت مذحج حينما أخرج هانئ مِن السجن في وضح النهار ونفّذ فيه حكم الإعدام في سوق الحذّائين , وعلى أيّ حالٍ فقد خلدت مذحج للذلّ ورضيت بالهوان وانبرى شاعر مجهول أخفى اسمه ؛ حذراً مِنْ نقمة الاُمويِّين وبطشهم فرثى هانئاً وندّد باُسرته ؛ محاولاً بذلك أنْ يثير في نفوسهم روح العصبية القبلية ليثأروا لقتيلهم يقول :

فإنْ كنتِ لا تدرينَ ما الموتُ فانظري       إلى هانئٍ في السوقِ وابنِ عقيلِ

إلى بطلٍ قدْ هشّمَ السيفُ وجهَهُ                   وآخر يهوي مِنْ طمارِ قتيلِ

أصابهما أمرُ الأميرِ فأصبحا                   أحاديثَ مَنْ يسري بكلّ سبيلِ

ترى جسداً قدْ غيّرَ الموتُ لونَهُ                 ونضْحَ دمٍ قدْ سالَ كلّ مسيلِ

فتىً كان أحيا مِنْ فتاةٍ حييّةٍ                    وأقطعَ مِن ذي شفرتينِ صقيل

أيركبُ أسماء الهماليج آمناً                          وقد طلبَتْهُ مذحجٌ بذحولِ

تطوفُ حوالَيْهِ (مرادٌ) وكلّهم                    على رقيةٍ مِنْ سائلٍ ومسولِ

فإنْ أنتمُ لمْ تثأروا بأخيكمُ                          فكونوا بغايا اُرْضِيَتْ بقليلِ

وعلّق الدكتور يوسف خليف على هذه الأبيات يقول : واللحن هنا تأثر عنيف والتعبير فيه قوّي صريح بل تصل فيه الصراحة إلى درجة الجرأة وشجّع الشاعر على هذه الجرأة أنّه كان في مأمنٍ مِنْ بطش الاُمويِّين ؛ لأنّه استطاع أنْ يُخفي اسمه حتّى أصبح شخصاً مختلفاً فيه عند بعض الرواة ومجهولاً تماماً عند بعضهم , وهو في هذا اللحن لا يتحدّث عن الحُسين ولا عن السياسة وإنّما كلّ حرصه أنْ يُثير روح العصبية القبلية في نفوس اليمنية ؛ ليثأروا لقتيلهم وهو مِنْ أجل هذا أغفل متعمّداً مِنْ غير شكّ ذكر محمّد بن الأشعث اليمني ولمْ يذكر إلاّ أسماء بن خارجة الفزاري على أنّه هو المسؤول عن دمِ هانئ مع أنّ كليهما كان رسول ابن زياد إليه ولكنّ الشاعر حرص على أنْ يغفل ذكر ابن الأشعث ؛ حتّى لا يثير فتنة أو انقساماً بين اليمنية وهو في أشدّ الحاجة إلى أنْ يوحّد صفوفهم حتّى يُدركوا ثأرهم , واعتمد الشاعر في قصيدته على هذه الصورة المفزعة التي رسمها للقتيلين اللذين هشّم السيف وجه أحدهما واُلقي بالآخر مِنْ أعلى القصر واللذين أصبحا أحاديث للناس في كلّ مكان , وهو حريص في هذه الصورة على أنْ يعرض للناس منظرين رهيبين يثيران في نفوسهم كلّ عواطف الحزن والسخط والانتقام , منظر هذين الجسدين وقد غيّر الموتُ مِنْ لونهما وهذا الدم الذي ينضخ منهما ويسيل كلّ مسيل ثمّ منظر أسماء بن خارجة وهو يحتال في طُرقات الكوفة على دوابّه التي تتبختر به آمنا مطمئناً , ويسأل إلى متى سيظل هذا الرجل في أمنه وخيلائه ومِنْ حوله قبيلة القتيل تطالبه بالثار؟ فلا يجد أشدّ مِنْ طعنها في كرامتها فيقول لهم : إنْ لمْ تثأروا بقتيلكم فكونوا بغايا ببغي شرفهنَّ بثمنٍ بخس دراهم معدودات , لقد تنكّرت مذحج لزعيمها الكبير فلمْ تفِ له حقوقه ؛ فتركته أسيراً بيد ابن مرجانة يمعن في إرهاقه مِنْ دون أنْ تحرّك ساكناً في حين أنّها كانت لها السيادة والسيطرة على الكوفة كما يرى ذلك فلهوزن , وعلى أيّ حالٍ فقد كان لاعتقال هانئ الأثر الكبير في ذيوع الفزع والخوف في نفوس الكوفيين ممّا أدّى إلى تفرّق الناس عن مسلم وإخفاق الثورة .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.