المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



ابن عبادة القزّاز  
  
4518   11:07 مساءاً   التاريخ: 24-3-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص155-156
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-1-2016 3270
التاريخ: 21-6-2021 3821
التاريخ: 21-06-2015 2305
التاريخ: 23-3-2016 5210

هو أبو عبد اللّه محمد بن عبادة المعروف بابن القزاز، ترجم له ابن سعيد في المغرب و قال إنه من حصن بلّور من إقليم غرناطة و ظنّه ابن خاتمة من أهل مالقة، و اشتهر بأنه شاعر المعتصم بن صمادح أمير المرية، و له فيه مدائح شعرية و موشحات، و فيه يقول:

و لو لم أكن عبدا لآل صمادح      و في أرضهم أصلى و عيشى و مولدي 
لما كان لي إلاّ إليهم ترحّل      و في ظلّهم أمسى و أضحى و أغتدي 
و كان يلم بالمعتمد بن عباد و له أيضا فيه موشحات و مدائح، و يصفه ابن بسام بقوله عنه: «من مشاهير الأدباء الشعراء و أكثر ما ذكر اسمه و حفظ نظمه في أوزان الموشحات التي كثر استعمالها عند أهل الأندلس و هو ممن نسج على منوال ذلك الطراز، و رقم ديباجه، و رصّع تاجه، و كلامه نازل في المديح، أما ألفاظه في التوشيح فشاهدة له بالتبريز و الشفوف» . و ربما قسا ابن بسام عليه في حكمه على مديحه لروعة موشحاته روعة فاق بها كل أقرانه في زمنه حتى قالوا إنه لم يشق غباره واحد من معاصريه، و هو أحد خمسة أدار عليهم ابن سناء الملك حديثه و اختياراته من الموشحات في كتابه : دار الطراز، هو و معاصره ابن اللبانة ثم التطيلي و يحيى بن بقى من عصر المرابطين و أبو بكر بن زهر من عصر الموحدين، و من أروع موشحاته موشح غزلي يتكون قفله من ستة أجزاء بينما يتكون غصنه من أربعة أجزاء، و نكتفي منه بغصن بهر أبا بكر بن زهر، حتى أثر عنه أنه قال: كل الوشاحين عيال على عبادة القزاز فيما اتفق له من قوله:

بدرتمّ    شمس ضحى    غصن  نقا    مسك شمّ
ما أتمّ     ما أوضحا    ما  أورقا    ما أنمّ
لا جرم    من لمحا      قد  عشقا     قد حرم
و الألفاظ رشيقة رشاقة لا تحدّ، رشاقة كأنما تطير بها في خفة فتحدث عبقا، و هو عبق مصدره الدقة في انتخاب الألفاظ و انتخاب الوزن، إذ هي مشتقة من بحر البسيط الرقيق العذب، إذ تتوالى الأجزاء في كل سطر على: فاعلن، مستعلن مستعلن فاعلن. و ليس هذا بالضبط عروض البسيط فعروض الأجزاء الأربعة المتوالية فيه مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن، و قدم القزاز في الجزءين الأولين فاعلن على مستفعلن. و بمثل ذلك و بما قدمنا من تكوين الوشاح لعروض بعض موشحاته من تفعيلتين إحداهما من بحر و الثانية من بحر آخر على نحو ما مرّ بنا في قفل موشحتين للتطيلي و ابن اللبانة قال ابن بسام إن أكثرها يجري على الأعاريض المهملة غير المستعملة فظن «ريبيرا» و من تبعه خطأ بأنه يقصد أعاريض أعجمية لا يعرفها العرب، و هو إنما كان يقصد الأعاريض المهملة غير المستعملة عند العرب التي نص عليها الخليل بن أحمد، بما وضع في دوائر العروض الخمس من تفاعيل أدارها فيها مقدّما و مؤخرا في أسبابها و أوتادها و مستخدما إشارات من النقط و الحركات تصور ما يحدث في التفعيلات من زحافات بحيث تجمع الأعاريض أو الأوزان العروضية عند العرب و ما يمكن عقلا أن يستخدم من أوزان جديدة أهملها العرب و لم يودعوا فيها من أشعارهم شيئا. و كانت هذه الدوائر و ما يداخلها من أعاريض مهملة و كيفية استحداث تلك الأعاريض معروفة للأندلسيين منذ بدأوا في نظم الموشحات بدليل أن ابن عبد ربه المعاصر للقبري الوشاح الأول أثبتها مفصلة في كتابه العقد الفريد. و لابن عبادة بجانب الموشحة التي أنشدناها و التي أعجب ابن زهر بأحد أغصانها إعجابا شديدا أربع موشحات إحداها غزلية، و الثانية في وصف عرض لأسطول المعتصم في البحر المتوسط يوم المهرجان، و فيها نفس العذوبة و الرشاقة التي رأيناها في الموشحة السابقة كقوله يصف سفن الأسطول في أحد الأغصان:

و جاريات تجول       مثل الجياد السابقه 
إنشاء من في المحول         ينشى السحاب الوادقه (1)
سمت على النجم طول        منها فروع باسقه )2) 
و الموشحة تردّ إلى بحر الرجز و زحافاته. و الموشحة الثالثة جمع فيها بنفس السلاسة و الانسياب بين مديح المعتصم بن صمادح و المعتمد بن عباد، و في أحد أقفالها يقول فيهما:

بحرا نعم لمن ورد ظمآن       سيفا نقم لمن مرد(3)أو خان 
و لعل فيما قدمنا ما يوضح نهج ابن عبادة القزاز و أنه كان يعنى بتقصير أجزاء القفل و الغصن حتى يتيح لموشحته كل ما يمكن من عذوبة النغم و حلاوته، و عادة لا يكتفي بذلك بل يعنى عناية شديدة بانتخاب ألفاظه، بحيث تعبق الموشحة بأريج عطر من النغم البديع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) المحول: الجدب. الوادقة: الممطرة. و هو يشيد بجود المعتصم و قد أشاد طويلا ببسالته الحربية.

2) باسقة: عالية. يقصد الصواري و ما يرفع عليها و يمتدّ من القلاع.

3) مرد: عتا و جاوز الحد.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.