أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-7-2022
1523
التاريخ: 13-4-2019
3078
التاريخ: 20/9/2022
1943
التاريخ: 3-04-2015
5647
|
لم يرق ليزيد أنْ يرى جبهة معارضة لا تخضع لسلطانه ولا تدين بالولاء لحكومته وقد عزم على التنكيل بها بغير هوادة فقد استتبت له الأمور وخضعت له الرقاب وصارت أجهزة الدولة كلّها بيده فما الذي يمنعه من إرغام أعدائه ومناوئيه؟ وأهم ما كان يفكّر به من المعارضين الإمام الحُسين (عليه السّلام) ؛ لأنّه يتمتّع بنفوذ واسع النّطاق ومكانة مرموقة بين المسلمين فهو حفيد صاحب الرسالة وسيد شباب أهل الجنّة أمّا ابن الزّبير فلمْ تكن له تلك الأهميّة البالغة في نفسه , وأصدر يزيد أوامره المشدّدة إلى عامله على يثرب الوليد بن عتبة بإرغام المعارضين له على البيعة وقد كتب إليه رسالتين :
الأولى : وقد رويت بصورتين وهما :
1 ـ رواها الخوارزمي وهذا نصها : أمّا بعد فإنّ معاوية كان عبداً مِنْ عباد الله أكرمه واستخلصه ومكّن له ثمّ قبضه إلى روحه وريحانه ورحمته , عاش بقدر ومات بأجل وقد كان عهد إليّ وأوصاني أنّ الله تبارك وتعالى منتقم للمظلوم عثمان بآل أبي سفيان ؛ لأنّهم أنصار الحقّ وطلاّب العدل فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة على أهل المدينة .
وقد احتوت هذه الرسالة على ما يلي :
1 ـ نعي معاوية إلى الوليد.
2 ـ تخوّف يزيد مِن الأُسرة النبوية ؛ لأنّه قد عهد إليه أبوه بالحذر منها وهذا يتنافى مع تلك الوصية المزعومة لمعاوية التي جاء فيها اهتمامه بشأن الحُسين (عليه السّلام) وإلزام ولده بتكريمه ورعاية مقامه.
3 ـ الإسراع في أخذ البيعة من أهل المدينة.
2 - رواها البلاذري وهذا نصها : أمّا بعد فإنّ معاوية بن أبي سفيان كان عبداً من عباد الله أكرمه الله واستخلفه وخوّله ومكّن له فعاش بقدر ومات بأجل فرحمة الله عليه فقد عاش محموداً ومات برّاً تقيّاً والسّلام .
وأكبر الظنّ أنّ هذه الرواية هي الصحيحة ؛ لأنّها قد اقتصرت على نعي معاوية إلى الوليد من دون أنْ تعرض إلى أخذ البيعة من الحُسين وغيره مِن المعارضين أمّا على الرواية الأولى فإنّه يصبح ذكر الرسالة التالية ـ التي بعثها يزيد إلى الوليد لإرغام الحُسين على البيعة ـ لغواً.
الثانية : رسالة صغيرة وصِفَت كأنّها أُذن فأرة وقد رويت بثلاث صور :
1 ـ رواها الطبري والبلاذري وهذا نصها : أمّا بعد فخذ حُسيناً وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزّبير أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتّى يبايعوا والسّلام .
2 ـ رواها اليعقوبي وهذا نصها : إذا أتاك كتابي فاحضر الحُسين بن علي وعبد الله بن الزّبير فخُذهما بالبيعة فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليّ برأسيهما وخُذ الناس بالبيعة فمَنْ امتنع فانفذ فيه الحكم وفي الحُسين بن علي وعبد الله بن الزّبير والسّلام .
وليس في الرواية الثانية ذكرٌ لعبد الله بن عمر وأكبر الظن أنّه أُضيف اسمه إلى الحُسين وابن الزّبير لإلحاقه بالجبهة المعارضة وتبريره من التأييد السافر لبيعة يزيد.
3 ـ رواها الحافظ ابن عساكر وهذا نصها : أن ادعُ الناس فبايعهم وابدأ بوجوه قريش وليكن أوّل مَنْ تبدأ به الحُسين بن علي ؛ فإنّ أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ عهد إليّ في أمره الرفق واستصلاحه .
وليس في هذه الرواية ذكر لابن الزّبير وابن عمر إذ لمْ تكن لهما أيّة أهميّة في نظر يزيد إلاّ إنّا نشك فيما جاء في آخر هذه الرسالة مِنْ أنّ معاوية قد عهد إلى يزيد الرفق بالحُسين واستصلاحه ؛ فإنّ معاوية قد وقف موقفاً سلبياً يتّسم بالعداء والكراهية لعموم أهل البيت (عليهم السّلام) واتّخذ ضدّهم جميع الإجراءات القاسية , وأكبر الظنّ أنّ هذه الجملة قد أُضيفت إليها لتبرير معاوية ونفي المسؤولية عنه فيما ارتكبه ولده مِن الجرائم ضدّ العترة الطاهرة.
بقي هنا شيء وهو أنّ هذه الرسالة قد وصفها المؤرّخون كأنّها أُذن فأرة لصغرها ولعلّ السبب في إرسالها بهذا الحجم هو أنّ يزيد قد حسِبَ أنّ الوليد سينفّذ ما عهد إليه مِنْ قتل الحُسين وابن الزّبير , ومِن الطبيعي أنّ لذاك كثيراً مِن المضاعفات السيئة ومِنْ أهمها ما يلحقه مِن التذمّر والسّخط الشامل بين المسلمين فأراد أنْ يجعل التبعة على الوليد وأنّه لمْ يعهد إليه بقتلهما وأنّه لو أمره بذلك لأصدر مرسوماً خاصاً مطوّلاً به , وحمل الرسالتين زُريق مولاه فأخذ يجذ في السير لا يلوي على شيء حتى انتهى إلى يثرب وكان معه عبد الله بن سعد بن أبي سرح متلثّماً لا يبدو منه إلاّ عيناه فصادفه عبد الله بن الزّبير فأخذ بيده وجعل يسأله عن معاوية وهو لا يجيبه فقال له : أمات معاوية؟ فلمْ يكلّمه بشيء فاعتقد بموت معاوية وقفل مسرعاً إلى الحُسين وأخبره الخبر فقال له الحُسين : إنّي أظنّ أنّ معاوية قد مات فقد رأيت البارحة في منامي كأن منبر معاوية منكوساً ورأيت داره تشتعل ناراً فأوّلت ذلك في نفسي بموته .
وأقبل زُريق إلى دار الوليد فقال للحاجب : استأذن لي فقال : قد دخل ولا سبيل إليه فصاح به زُريق : إنّي جئته بأمر فدخل الحاجب وأخبره بالأمر فأذن له وكان جالساً على سرير فلمّا قرأ كتاب يزيد بوفاة معاوية جزع جزعاً شديداً وجعل يقوم على رجليه ويرمي بنفسه على فراشه .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|