أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-3-2016
6860
التاريخ: 16-3-2016
12303
التاريخ: 2-9-2019
2262
التاريخ: 16-3-2016
7155
|
من الواضع ان الشاهد لا يدعى للإدلاء بشهادته حول واقعة معينة الا بعد وقوعها ومضي مدة من الوقت قد تطول او تقصر عليها. وخلال الفترة بين ادراك الواقعة وبين استرجاعها (تذكرها) تتاثر صورة الواقعة المدركة بعوامل مختلفة تؤدي الى تغيير الحقيقة، اي ان الصورة التي يحفظها الشخص عن الوقائع لا تكون صورة طبق الاصل للمرئيات او السمعيات التي حصل عليها بواسطة إحدى حواسه.
ان اهم العوامل التي تؤثر في الذاكرة وتؤدي بالتالي الى الخطأ في الشهادة هي :
1-مضي المدة على الواقعة :
كلما طالت المدة على الواقعة كلما كان ذلك عاملاً مساعداً على نسيانها او تذكرها بشكل مغاير للحقيقة، ويلاحظ بهذا الصدد ان مرور الوقت على الحادثة او الخبرة ليس هو السبب الذي يؤدي الى نسيانها او تغييرها بل ما يحدث خلال هذه الفترة من تداخل في الخبرات المعاشة من قبل الفرد ونشاطاته العقلية الاخرى (1) ولذلك فإن الشهادة التي يدلي بها الشاهد تبتعد عن الوضوح والشمول كلما مضى عليها وقت أطول. وبالعكس فإنها تكون اكمل وأدق كلما ضاقت المدة بين الواقعة وأداء الشهادة عنها (2).
2-الكبت :
يستطيع الفرد بهذه الوسيلة ان يبعد عن مجال وعيه وإدراكه وذاكرته تلك الدوافع التي لا تعتبر مقبولة اجتماعيا او شخصيا بسبب تعارضها المادي او المعنوي مع قوانين المجتمع المادية والخلقية (3). ان وظيفة الكبت لا تقتصر على منع الدوافع آنفة الذكر من الظهور الى مجال الشعور وإنما تتعداها الى منع العقد النفسية المختلفة من ان تظهر الى مجال الوعي ايضا (4). ويلاحظ بأن كتب العقدة عن طريق إبعادها عن مجال الشعور لا يفقدها قوتها بل تبقى محتفظة بها وتستمر فعالة تحت ستار ظاهري من الهدوء ولكنها تؤثر في تصرفات الشخص من دون ان يدري وبذلك تحدث أثراً عميقا في صفات الشخصية وفي مظاهر السلوك وفي طبيعة الاحكام والآراء والمعتقدات المعنوية والروحية للفرد (5) فالواقعة التي تثير في نفس الشاهد صدمة أليمة حدثت في حياته الماضية. بحيث تولدت لديه بشأنها عقدة نفسية – قد لا يستطيع ان يحفظ ذكرى صحية عنها وبالتالي تذكرها، اذ ان الكبت يحول دون ذلك لكي يحفظ للإنسان توازنه (6).
3- حالة الفرد الجسمية او النفسية :
يتأثر حفظ الذاكرة بالظروف التي تسبق وتعقب الادراك الأول. وان حالة التعب مثلا التي يعانيها الفرد تقلل من قابليته لحفظ الإدراكات وان انشغال الفرد بنشاطات عقلية بعد إدراكه لموضوع معين يجعل حفظ الذاكرة لهذا الموضوع أقل مما لو لم تكن هناك تلك النشاطات العقلية.
4-الامراض الجسمية والنفسية للفرد :
هناك من الامراض الجسمية والنفسية تؤدي في كثير من الاحيان الى اضطراب في العمليات العقلية ومن ضمنها التذكر وذلك كتصلب الشرايين وإصابات الرأس وجنون الشيخوخة والصرع والفصام.
5-فقدان الرابطة المنطقية بين الاشياء : يميل الانسان عادة الى إدراك الاشياء وتذكرها في علاقات منطقية شاملة ويؤدي به هذا الى حذف التفاصيل غير المفهومة ويكمل النقص الناشئ عن ذلك من عنده. فعندما يسأل الشاهد لأن يدلي بشهادته عن الواقعة التي حضرها فإنه غالبا ما يخلط دون قصد منه بين الوقائع وتفسيره الشخصي لها او لبعضها وتكملة الناقص منها. وأن هذا من أخطر ما يهدد الشهادة (7).
6-القياس والاستنتاج :
قد يلجأ الشاهد في تذكره للأشياء لاستعمال القياس والاستنتاج او الاخذ بالعرف والعادة. فاذا حدث شجار (عراك) بين عدة اشخاص في قهوة واستعملت فيها العصا يجوز ان يخطأ الشاهد في تذكر الآلة التي استعملت في الجريمة ويستبدل (لا شعوريا) العصا بالكراسي لأنه عادة اذا وقع شجار في مثل هذا المكان يستعمل المتشاجرون الكراسي وغيرها من الأدوات التي تكون في متناول أيديهم (8).
_________________________________
1-ولهذا فإن الأفراد يتذكرون جيداً ما يروى لهم من القصص وما يحدث لهم من خبرات قبيل النوم، في حين لا يتذكرون تفاصيل ما يروى او يخبرونه اثناء النهار، انظر سعد المغربي، المرجع السابق، ص94، احمد فؤاد عبد المجيد، المرجع السابق، ص274 أحمد محمد خليفة، المرجع السابق، ص13.
2-أما إذا كانت الشهادة تتعلق بأشخاص تربطهم بالشاهد صلة قرابة أو صداقة، فإن شهادة الشاهد بعد الواقعة مباشرة تكون مشوشة لاضطراب ذاكرته بسبب الصدمة التي أصيب بها لوقوع حادثة لقريبه او صديقه ولكنها تتحسن شيئا فشيئا كلما خفت هذه الصدمة فيزول عندئذ اضطراب الذاكرة، انظر محمود التوني، المرجع السابق، ص320.
3-انظر علي كمال، المرجع السابق، ص62-70.
4-العقدة النفسية هي خبرة معاشة من قبل الفرد ارتبطت بشحنة انفعالية معينة (ألم، حزن، قلق) بحيث لم تعد النفس الشعورية قادرة على تحملها الى اعماق اللاشعور وتكبت. والعقد النفسية أنواع مختلفة بحسب نوع الانفعال الغالب فيها كالعقد النفسية المرتبطة بالمخاوف والعقد المرتبطة بالشعور بالذنب وعقد النقص ... إلخ.
5-انظر علي كمال، المرجع السابق، ص71.
6-ان عملية الكبت عبارة عن وسيلة دفاعية يلجأ إليها الفرد لكي يتخلص من شعور القلق والتوتر الذي يعانيه لارتباطه بموضوعات كانت في الاصل مصدرا مثيرا لهذا القلق والتوتر، انظر سعد المغربي، المرجع السابق، ص94.
7-انظر سعد المغربي، المرجع السابق، ص960.
8-انظر محمود حسن، المرجع السابق، ص187-188، احمد فؤاد عبد الحميد، المرجع السابق، ص275.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|