أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2014
2020
التاريخ: 17-10-2014
5464
التاريخ: 2024-11-07
136
التاريخ: 17-10-2014
1815
|
تعقب السيوطي افعال هذا الباب فعدها اربعين فعلا، وانما سميت افعال المقاربة على وجه التغليب، لان منها ما يدل على قرب حصول الخبر، ومنه : كاد، وكرب، واوشك. ومنها ما يدل على الشروع في الفعل، ومنه : اخذ، وجعل، وطفق. ومنها ما هو لترجي الفعل، وهو لفظان : عسى، وخلولق، وزاد ابن مالك حرى، وسبقه الى ذلك ابن طريف والسرقسطي. وانشدوا في ذلك قول الاعشى :
ان يقل هن من بني عبد شمس فحري ان يكون ذاك وكانا
وهذا القسم الاخير هو الذي نخصه بالقول، لدلالته على معنى الرجاء؛ والرجاء قسم من اقسام الانشاء.
1- وهذه الافعال الثلاثة كلها جامدة بلفظ الماضي، ولكن حك عبد القاهر الجرجاني المضارع واسم الفاعل من عسى.
2- ويجب في خبرها ان يكون فعلا مضارعا مقترنا وجوبا بان المصدرية مع حري واخلولق، وغالبا مع عسى، ومن القليل قوله :
عسى الكرب الذي امسيت فيه يكون وراءه فرج قريب (1)
وندر كذلك مجيء خبر عسى اسما مفردا، كما في قوله :
لا تلحني اني عسيت صائما (2)
ص46
وقد تسند عسى واخلولق الى ان يفعل فيغني عن الخبز، وتكون ان والفعل سادة مسد الجزأين، كما سدت ان المشددة ومعمولاها مسد مفعولي حسب. وقيل : بل هي حينئذ تامة مكتفية بالمرفوع، كقوله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا) (3). وتقول ايضا : اخلولق ان تمطر السماء.
3- كما تستعمل حري بلفظ الماضي تستعمل بلفظ المصدر وبلفظ الوصف. فاذا استعملت بلفظ المصدر لزمت الافراد والتذكيرِ، تقول : زيد حري ان يقوم، والزيدون حري ان يقوموا، والهندات حري ان يقمن؛ ومعناها : جدير بذلك وخليق.
واذا استعملت بلفظ الوصف كانت بهذا المعنى ايضا وصرفت بالتقنية والجمع، والتذكير والتأنيث. ولها لفظان : حري كغنى، وحر كعم تقول من ذلك : زيد حري وحر ان يقوم، والزيدون حريون وحرون ان يقوموا، والهندات حريات وحريات ان يقمن.
والراجح عندي ان هذين الاستعمالين الاخيرين، اعني المصدر والوصف، ليسا مشتقين من فعل حري الجامد، وانما هما مشتقان من فعل اخر هو حري، بمعنى اصبح جديرا بالشيء حقيقا به (4).
4- القول بان عسى ترفع الاسم وتنصب الخبر – وهو جملة المضارع حين يجرد من ان، ومصدره حين يقترن بها – هو مذهب البصريين الذي ارتضاه جمهور النحويين. ولعل حجتهم في ذلك ما ورد في هذا النص النادر :
اكثرت في اللوم ملحا دائما لا تلحني اني عسيت صائما (5)
ص47
من ورود (صائما* في موضع الخبر لعسى. وكذلك قول الزباء : (عسى الغوير ابؤسا(6). والنادر لا يقاس عليه.
ويرد على البصريين مذهبهم ايضا انه يلزم على قولهم ان يخبر بالمعنى عن الذات في نحو قولك : عسى زيد ان يقوم ؛ لان قولك عسى زيد ان يقوم بمنزلة قولك : عسى زيد قياما، حين يؤول المصدر. والاخبار بالمعنى عن الذات لا يجوز الا بتقدير مضاف محذوف، أي ذا قيام ونحوه. واعتذار البصريين بهذا فيه تكلف، وقد يعتذرون بان (ان) زائدة والخبر هو جملة الفعل. وفي هذا ايضا نظر، لان الحرف الزائد لا يلزم الا مع بعض الكلم، كزيادة (ما) في قولهم : افعل هذا اثرا ما (7). لزومه مطردا مع أي كلمة كانت بعيد.
والذي ارتضيه في ذلك هو مذهب الكوفيين القائلين بهامها، وهم يوجهون اعراب صورتيها في الاستعمال على هذا النحو.
1- عسى زيد ان يقوم : عسى زيد قيامه، والمصدر بدل اشمال من زيد، قصد بهذا التعبير الاجمال ثم التفصيل كما هو شان بدل الاشمال، وفي ابهام الشيء ثم تفسيره وقع عظيم لذلك الشيء في النفس، وعسى فيه بمعنى يتوقع، أي يتوقع ويرجى قيام زيد.
2- عسى زيد يقوم : عسى زيد قيامه، ايضا، واعرابه ومعناه كسابقه. وجاز حذف ان مع الفعل مع كونه حرفا مصدريا لقوة الدلالة، وذلك لكثرة وقوع ان بعد مرفوع عسى كثرة غالبة، فهو كقولهم : (تسمع بالمعيدي خير من ان تراه)، لقوة الدلالة على حذف
ص48
ان، لضرورة ان يكون المبتدأ فيه مصدرا منسبكا من ان والفعل؛ لان (خير) خبر مفتقر الى اسم في اول الكلام يكون مبتدأ له.
ومذهب الكوفيين كما رأيت خال من التكلف، كما انه يمكن طرده في جميع صور استعمال عسى؛ التي يحار البصريون في تخريجها.
ففي قولك : عسى ان يقوم زيد، وزيد عسى ان يقوم، والزيديون عسى ان يقوموا، تجد من ايسر ان تعرب المصدر فيهما فاعلا لعسى التي هي تامة في قول الكوفيين.
اما البصريون فيترددون بين اعرابين : احدهما بتقدير عسى تامة، والاخر بتقديرها ناقصة، في كلام طويل ساقه صاحب التصريح.
هذا. ومما يجدر ذكره ان بعض المحققين يرى ان (عسى) ليست من صيغ الانشاء، وذلك لدخول الاستفهام عليها (فهل عسيتم) (8)؛ ولوقوعها خبرا لان، كقوله :
** اني عسيت صائما(9)**
المراجع :
سيبويه 1 : 477-479 ابن يعيش 7 : 115-117 الرضى 1: 280-285 الشذور 224-228، 321-334 ابن عقيل 1 : 268 – 306 التصريح 1 : 203-210 الاشموني والصبان 1 : 163، 258-268 الهمع 1 : 128-131.
__________________________
(1) البيت لهدية بن الحشرم من قصيدة في الخزانة 4 : 82-84.
(2) نسب الى رؤبة في الخزانة 4 : 79.
(3) الآية 216 من سورة البقرة.
(4) انظر الرضى 2 : 283.
(5) انظر ما سبق في ص46.
(6) انظر امثال الميداني 1 : 424 وحواشي الاشتقاق ص18 بتحقيق المؤلف.
(7) أي اول كل شيء. ويقال في قلة : اثرا؛ بدون ان تتلوها ما. كما يقال اثر ذات يدين وذي يدين، واثر ذي اثير.
(8) الآية 22 من سورة محمد. وانظر ما سبق في ص26.
(9) انظر ايضا ما سبق في حواشي صفحة 47.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|