أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2016
1805
التاريخ: 18-11-2021
2690
التاريخ: 24-1-2016
3038
التاريخ: 24-1-2016
2699
|
تقع حدود الوطن في وعي الإنسان المسلم بين ثلاث دوائر متداخلة:
الدائرة الأولى: الانتماء العقيدي، فالأمة الإسلامية أمة واحدة:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: 92] ، وبلادهم وطن للمسلمين جميعاً ،وكل أرض تحت سلطة المسلمين فهي دار الإسلام.
وكان المسلمون سابقاً يعيشون هذا المفهوم العقيدي للوطن كواقع فعلي، حيث لم تكن هناك كيانات سياسية متعددة، ولا حدود جغرافية فاصلة، ولا تمايزات إقليمية تعوق حركة المسلم في بلاد المسلمين، وكان المسلم يتنقل من طنجة في الشمال الإفريقي إلى جاكرتا في جنوب شرق آسيا دون جواز سفر، أو تأشيرة دخول، ولا يقف عند حدود جمركية، ولا يحتاج إلى تبديل عملة نقدية.
لكن الدولة الإسلامية قد تجزأت اليوم إلى خمسين دولة، بسبب الانحراف والابتعاد عن تعاليم الإسلام، ولسيطرة التخلف ومؤامرات الأعداء. وأصبحت الحدود المفتعلة بين الدول الإسلامية حاجزاً ضخماً يحول دون وحدة هذه الأمة وتكاملها السياسي والاقتصادي.
بل أصبحت ألغاماً متفجرة تنشب بسببها الحروب الطاحنة والصراعات الدامية بين فترة وأخرى وقريب جداً ما حصل من حرب ضروس بين العراق وإيران استمرت لثمان سنوات وذهب ضحيتها أكثر من مليون مسلم من الشعبين، إضافة إلى الخسائر الاقتصادية التي تقدر بمئات المليارات.. ثم ما حدث من غزو العراق للكويت والذي أربك العالم العربي والمنطقة بالخصوص وأعادها عشرات السنين إلى الوراء..
فعلى الصعيد الاقتصادي فقط كشف صندوق النقد العربي أن العرب خسروا (676) مليار دولار نتيجة الأزمة وحرب الخليج عامي 1990 م و 1991م. فقد بلغت خسائر العراق الاقتصادية (240) مليار دولار بينما لحقت بالكويت (237) مليار دولار. وان العالم العربي ككل خسر نحو (91) مليار دولار. ولا تزال العديد من مشاكل الحدود بين أكثر من دولة عربية وأخرى قائمة وعالقة.
ويمكن القول بكل مرارة وألم أن الوطن الإسلامي بحدوده العقائدية أصبح الآن مجرد ذكريات عزيزة من تاريخنا الماضي وحلم وأمنية نتطلع إلى تحقيقها في المستقبل، نعم هناك مشاعر جيّاشة وأحاسيس فياضة تنبض في قلوب المسلمين الواعين تجاه بعضهم فتدفعهم إلى الحد الممكن من التواصل والتعاون في ظل حدود التجزئة القائمة والمفروضة.
الدائرة الثانية : الكيان السياسي : حيث يعيش كل إنسان ضمن دولة يحمل جنسيتها، وترتبط قضايا حياته ومستقبله ومصيره بهذا الكيان، وإذا كان الإنسان المسلم يتمنى أن تندمج هذه الكيانات الإقليمية ضمن كيان إسلامي واحد كبير، فإن ذلك لا يعني أن لا يتحمل مسؤولية تجاه هذا الكيان الذي يعيش ضمنه، ويتأثر بواقعه وأوضاعه ويشترك مع سائر المواطنين فيه سلباً وإيجاباً. إنه المصداق الأبرز والأقرب للوطن حسب الواقع المعاش.
الدائرة الثالثة : الوطن العرفي : وتعني البلد والمنطقة التي ولد الإنسان ونشأ فيها مدينة كانت أو
قرية، وإليها عادة تنشد مشاعر الإنسان ويتركز حنينه وشوقه، فحتى لو انطلق ضمن الدائرة الثانية يبقى منجذباً إلى هذه الدائرة.
فنرى مثلاً أن المواطن عندنا قد يعيش ضمن أي منطقة من مناطق الوطن بداعي الدراسة أو الوظيفة أو أي سبب آخر لكنه يظل يتحين الفرصة للعودة إلى مدينته أو قريته والتي قد تكون أقل تطوراً وعمراناً من المنطقة التي أقام فيها.
وهذه الدوائر الثلاث متداخلة والانتماء والولاء لكل دائرة منها لا يتناقض مع الولاء والانتماء للدائرة الأخرى بل يتكامل.
بيد أن بعض التوجهات السطحية والمتطرفة قد تدفع باتجاه التناقض والتعارض بين هذه الدوائر، لكن الوعي السليم، والنظرة الواقعية تجعل الإنسان مواطناً صالحاً وفياً ضمن هذه الدوائر جميعاً.
وكما يقول أحد المفكرين : إن الانتماء الأكبر لا يعني إنكار وجود انتماءات ثانية وصغرى وفرعية.. فتلك حقيقة تشهد عليها الفطرة السليمة لدى الإنسان، فلدى المسلم السوي، الذي يمثل الانتماء الإسلامي هويته الأولى وجامعته العظمى، إحساس فطري بأن له انتماءات وولاءات صغرى وفرعية، تلي الانتماء الإسلامي، ولا تتعارض معه.. فالأمة الإسلامية كالجسد الواحد لكن لهذا الجسد أعضاء، لا ينفي تميزها وتفاوتها وحدة هذا الجسد..
والفطرة الإنسانية تشهد على أن للإنسان منا ولاء وانتماء إلى "الأهل" بمعنى الأسرة والعشيرة.. وإلى "الشعب" في الوطن والإقليم الذي تربى ونشأ فيه.. وإلى "الأمة" -الجماعة- التي يتكلم لسانها ويشترك معها في الاعتقاد الديني.. ثم إلى الإنسانية التي خلقه الله وإياها من نفس واحدة.
تشهد الفطرة السليمة. لدى الإنسان السوي على ذلك دونما تناقض أو تعارض بين هذه "الدوائر" في الولاء والانتماء ".. فهي أشبه ما تكون بدرجات سلم واحد، يفضي بعضها إلى بعض، وتدعم إحداها الأخرى، بشرط أن تخلو مضامينها من الشطحات العنصرية ونزعات الغلو في التعصب، التي تقطع الروابط بين هذه الدوائر.. فلا مشكلة في تعدد دوائر الانتماء، طالما قام وربط بينها الانتماء الأكبر وهو الانتماء إلى الإسلام...
فالإنسان إذا عاد إلى فطرته السليمة فإنه سيجد حنيناً خاصاً إلى المكان الذي ولد فيه، وولاءً للوطن الذي ضمن له الرعاية والحماية والخدمات، وانتماءً للوطن الأكبر الذي كونت ذكريات انتصاراته وطموحاته وآماله وآلامه مخزون التاريخ والتراث.... " .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|