أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
9830
التاريخ: 8-1-2022
2527
التاريخ: 18-4-2018
2131
التاريخ: 19-5-2017
2660
|
الصداقة من شؤون الحياة الاجتماعية التي لا يمكن الاستغناء عنها بحال من الأحوال، فان الإنسان الذي لا يرتبط بصديق يواسيه في آلامه وأحزانه ومسراته وأفراحه مصاب بالكآبة والشذوذ.
ونظرا لأهمية الصداقة فقد أولاها الإسلام المزيد من الاهتمام، فألقى الأضواء على معالمها وشؤونها، ومن بين ما عرض له :
ـ مصاحبة الأخيار :
أكد القرآن الكريم على مصاحبة الاخيار والمتحرجين في دينهم. قال تعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: 28].
إن القرآن أمر بمتابعة مصاحبة المؤمنين الصالحين الداعين لله تعالى بالغداة والعشي، طالبين مغفرته ورضوانه، وحذر من مزاملة من اتبع هواه وكان أمره فرطا. وقال تعالى:{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا }[النجم: 29].
حكت الآية ما تضمنته الآية السابقة التي دعت الى مصاحبة المتقين لاكتساب الفضائل والصفات الكريمة منهم، فان الصديق له الاثر البالغ في تكييف حياة صديقه فكريا واجتماعيا وسياسيا، وقد قيل :
عن المرء لا تسال وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن متقدي
وقد ذكر علماء الاجتماع ان الحياة الاجتماعية حياة تأثير وتأثر، فكل إنسان يتأثر فيمن حوله، ويتأثر كذلك فيمن حوله وينبغي بالإضافة الى ذلك ان تتوفر في الصديق الصفات التالية :
ـ الصدق :
أكد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على مصاحبة الصادقين.
قال (عليه السلام) : (عليك بإخوان الصدق، فأكثر من اكتسابهم، فانهم عدة عند الرخاء، وجنة عند البلاء)(1).
إن الصدق افضل صفة يتحلى بها الإنسان، فمن تحلى بها كان قدوة حسنة لغيره.
ـ الثقة :
ندب الإمام أمير المؤمنين الى مصاحبة الثقة.
قال (عليه السلام) : (فأما اخوان الثقة فهم الكف والجناح والاهل والمال، فاذا كنت من اخيك على حد الثقة فابذله مالك وبدنك وصاف من صافاه، وعاد من عاداه، واكتم سره وعيبه، وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل انهم اقل من الكبريت الأحمر)(2).
إن الثقات زينة الرجال، وفخر المجتمع، وهم من ذخائر الناس فيما يتصفون به من الصفات الفاضلة.
ـ صفات ممقوتة :
حذر الإسلام من مصاحبة من يتصف بالصفات الممقوتة، فانه يجر الويل والعطبا لمن صاحبهم، قال الإمام زين العابدين وسيد الساجدين (عليه السلام) في وصيته لولده الإمام الباقر(عليه
السلام) :(يا بني، انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم، ولا ترافقهم).
فقال الإمام الباقر (عليه السلام) :(يا أبت، مَنهم؟).
(يا بني : اياك ومصاحبة الكذاب، فانه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد، ويبعد عنك القريب.
واياك ومصاحبة الفاسق، فانه بايعك بأكلةٍ أو اقل من ذلك.
وإياك ومصاحبة البخيل، فانه يخذلك في ماله أحوج ما تكون اليه.
وإياك ومصاحبة الأحمق، فانه يريد ان ينفعك فيضرك.
وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه، فاني وجدته ملعونا في كتاب الله تعالى في ثلاثة مواضع)(3).
وهؤلاء الأصناف لا خير في مصاحبتهم، فإنها تجر الخسران والندامة لمن اتصل بهم.
كما ينبغي للمسلم أن يبتعد عن مزاملة من عادى الله تعالى ورسوله، ولو كان اقرب الناس إليه.
قال تعالى:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ(4) وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[المجادلة: 22].
قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (من كان يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر فلا يواخين كافرا ولا يخالطن فاجرا، ومن آخى كافرا او خالط فاجرا كان كافرا وفاجرا)(5).
على المؤمن أن يبتعد عن مصاحبة الكافر والفاجر اللذين اسودت ضمائرهم بالكفر والفجور وابتعدا عن رحمة الله تعالى.
ـ حدود الصداقة :
أدلى الإمام الصادق (عليه السلام) بحديث فيه حدود الصداقة. قال (عليه السلام) :
(لا تكون الصداقة الا بحدودها، فمن كانت فيه هذه الحدود او شيء منها فانسبه الى الصداقة، ومن لم يكن فيه شيء منها فلا تنسبه الى شيء من الصداقة : فأولها : أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة.
والثانية : أن يرى زينك زينه وشينك شينه.
والثالثة : أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال.
والرابعة : أن لا يمنعك شيئا تناله مقدرته.
والخامسة : وهي تجمع هذه الخصال الا يسلمنك عند النكبات)(6).
ومن اتصف بهذه الصفات او بعضها فانه الشريف الوفي، وكيف يوجد، خصوصا في هذا الزمان الذي اتجهت مشاعر الناس وعواطفهم نحو المادة.
ـ حقوق الصديق :
للصداقة حقوق ينبغي مراعاتها والقيام بها، وقد تحدث عنها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لولده الإمام الحسن (عليه السلام) ، قال :(احمل نفسك من أخيك عند صرمه(7) على الصلة، وعند صدوده على اللطف والمقاربة، وعند جموده على البذل، وعند تباعده على الدنو، وعند شدته على اللين، وعند جرمه على العذر، حتى كأنك له عبد، وكانه ذو نعمة عليك).
وأضاف الإمام قائلا :(لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك، وامحض أخاك النصيحة، حسنة كانت او قبيحة).
ومن بنودها قوله :
(وان اردت قطيعة اخيك فاستبق له من نفسك بقية يرجع اليها ان بدا له ذلك يوما ما. ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه، ولا تضيعن حق اخيك اتكالا على ما بينك وبينه، فانه ليس لك بأخ من اضعت حقه)(8).
أرأيتم هذه النصائح الذهبية التي قدمها الامام الى ولده الامام الحسن (عليه السلام)، وقد حفلت بأروع حقوق الصداقة.
وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقوق الصديق : (لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ اخاه في ثلاث : نكبته، وغيبته، ووفاته)(9).
وأدلى الإمام زين العابدين (عليه السلام) بحقوق الصداقة، قال (عليه السلام):(وأما حق الصاحب : فان تصحبه بالفضل ما وجدت اليه سبيلا، وإلا فلا أقل من الانصاف، وان تكرمه كما يكرمك، وتحفظه كما يحفظك، ولا يسبقك فيما بينك وبينه الى مكرمة، فان سبقك كافأته، ولا تقصر به عما يستحق من المودة. تلزم نفسك نصيحته وحياطته وتعاضده على طاعة ربه ومعونته على نفسه فيما لا يهم به من معصية ربه، ثم تكون عليه رحمة، ولا تكون عليه عذابا ولا قوة الا بالله)(10).
_______________
1ـ بحار الأنوار : 71/187.
2ـ الإسلام منهج مشرق للحياة : 149.
3ـ أصول الكافي : كتاب العشرة : 2/641، الحديث 7.
4- حاد الله : أي عاداه.
5- صفات الشيعة / الشيخ الصدوق : 6.
6- أصول الكافي – كتاب العشرة : 2/639، الحديث 6. الوافي : 3/204.
7- الصرم : القطيعة.
8- نهج البلاغة – وصيته (عليه السلام) لولده الإمام الحسن (عليه السلام) : 403.
9- وسائل الشيعة : 12/29.
10- رسالة الحقوق : 1/178.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|