أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-1-2016
3435
التاريخ: 17-1-2016
18510
|
علم الجغرافيا مثل الماء والهواء فى الأهمية لكل إنسان ، والإنسان جغرافى بالفطرة منذ أن وجد أبونا آدم إلى الآن ، بحيث تطور من حياة الجمع والالتقاط والصيد والقنص ثم الاستقرار والزراعة ثم الصناعة ، وتطور سكنه من كوخ بسيط يتكون من جذوع الأشجار ثم كوخ من الخشب أو الجلد يقيه حر الصيف وبرد الشتاء ، ثم منزل من الطوب اللبن ثم منزل خرسانى وقرية صغيرة ثم بلدة ثم مدينة كبيرة ، وهذا التطور الذى حدث للإنسان نتيجة لتطور معرفته الجغرافية للبيئة التى يعيش فيها بحيث يؤثر فيها وتؤثر فيه جغرافياً ، ونتيجة لمعرفة الفصول وتغيير المناخ بها استطاع أن يغير ملبسه ومأكله ، وهذا ما يقال عليه فى الجغرافيا بالحتم البيئى وهذا باختصار يبين أن الجغرافيا فى دم الإنسان ، والإنسان جغرافي بالفطرة ,وعلى ذلك تعتبر الجغرافيا على جانب كبير من الأهمية ، فالثقافة الجغرافية لم تعد ترفاً يمكن الاستغناء عنها ، بل هى أساسية فى إعداد المواطن ليشارك بفاعلية فى بيئته .
ويمكن للثقافة الجغرافية أن تحقق ذلك من خلال ما تحققه للفرد من أهداف عدة ، حيث تقدم للفرد المعارف والمهارات اللازمة لاستغلال البيئة وحل مشكلاتها ،وكذلك ما تكسبه للفرد من عادات ذهنية تساعده على التفكير بطريقة علمية فى مواجهة ما يعترضه فى بيئته ومجتمعه ، مع عدم إغفال الجوانب الوجدانية فى إعداد الفرد المثقف جغرافياً ، لما لهذا الجانب من أهمية فى بناء الشخصية السوية(1) وإذا كان العالم قد شهد عدة ثورات متلاحقة أثرت فى تدفق المعلومات ، وثقافة الشعوب والأفراد ، وبروز مفهوم العولمة بشكل واضح بحيث أصبحت قوة مؤثرة فى الحقائق والوقائع الحياتية المعاصرة .
فإن مادة الجغرافيا تعد من أنسب المواد الدراسية التى يمكن استغلالها فى إعداد الفرد فى عصر العولمة ـ من خلال أهدافها ومحتواها ، ومداخل تدريسها وأنشطتها ـ فيمكن من خلالها غرس مقومات الهوية التى تميز دولة أو جماعة عن غيرها من الدول والجماعات الأخرى ، وذلك لغرس وتنمية مشاعر وأحاسيس الولاء والانتماء للجماعة والإعلاء من شأنها ، وإعداد المواطن المستنير الواعى برسالته القومية والإنسانية .إذ تؤكد أهداف الجغرافيا على أهمية الثقافة الجغرافية التى تؤدى إلى تكوين المواطن الصالح المؤمن بدور وطنه الحضارى ، ويحمل مشاعر الحب والولاء له ، وتنمى روح التعاون والتقدير والتعاطف . ويعتبر كثير من الأهداف التى تسعى الجغرافيا إلى تحقيقها أهدافاً تثقيفية .
ومن هذه الأهداف التثقيفية لعلم الجغرافيا :
1ـ تزويد الطالب بحقائق عن طبيعة بلاده وإمكاناتها وموارد الثروة فيها ، ووسائل استغلال هذه الموارد وما يرتبط بهذا الاستغلال من أنشطة اقتصادية ومشروعات عمرانية .
2ـ إدراك العلاقات التى تقوم على التفاعل المستمر بين الإنسان وبيئته الطبيعية وبينه وبين مجتمعه والمشكلات الناجمة عن هذا التفاعل وأساليبه فى مواجهة هذه المشكلات .
3ـ الوقوف على مجهودات الأجيال السابقة فى مناهضة الظروف البيئية والمشكلات الطبيعية والبشرية التى واجهتهم وكيف تصرفوا إزاءها بالنجاح أو الفشل .
4ـ إدراك الروابط المادية والمعنوية بين أجزاء الوطن العربى وأفراد الأمة العربية مع إبراز وحدة هذا الوطن ومركزه وأهميته على المستوى العالمى فى الوقت الحاضر .
5ـ إدراك التطور الذى شمل الحياة البشرية عامة والحياة العربية خاصة فى مختلف مجالات الحياة ودور الشعوب ودورنا فى نمو الحضارة الإنسانية .
6ـ تزويد الطالب المعارف الواضحة المترابطة عن طبيعة الأجزاء الأخرى من العالم وإمكاناتها ومشكلاتها وأساليب مناهضة سكانها لظروف بيئاتهم ونوع النجاح الذى أحرزوه فى أثناء السعى لتوفير حياة أفضل .
7ـ إيقاف الطالب على الحقائق الفلكية الأساسية الخاصة بالفضاء الكونى وما يحتويه من مجموعات وأقمار صناعية ومركز المجموعة الشمسية فى هذا الفضاء ومركز كوكبنا من هذه المجموعة .
8ـ الوقوف على أهم المشكلات العالمية بعامة والعربية بخاصة مع التعرف على أسباب وأحسن الحلول الممكنة لها والجهود التى تبذل لحلها(2).
كما يحقق النشاط المصاحب لمادة الجغرافيا دوراً مهماً فى بناء الجانب النفسى والاجتماعى والقيمى والجمالى والحركى عند إنسان المستقبل ؛ حيث أن النشاط المصاحب جزء مهم ومتمم للبرنامج الأكاديمى الذى يهدف إلى بناء الجانب المعرفى ويساعد على بناء شخصية المتعلم وصقلها .
وتعمل مداخل وطرق التدريس التى يستخدمها معلم الجغرافيا على تحقيق الأهداف التربوية المنشودة التى يتعلق بعضها بالجانب المعرفى ، وبعضها يتعلق بالجانب المهارى ، والبعض يتعلق بالجانب الوجدانى ، وهذه الأساليب التدريسية بعضها أساليب تقليدية ، يقع على عاتق المعلم الجانب الأكبر منها فى عملية التعلم ، والبعض الآخر من هذه الأساليب متطور ، حيث يعتمد على التفاعل بين المعلم والمتعلم أثناء عملية التعلم(3) وقد اكتسبت الجغرافيا هذه الأهمية من خلال مجموعة من الأسباب منها :
أولاً : الدراسات الجغرافية تتميز بالشمولية ، والتوزيع ، والتحليل ، والتفسير بحيث عندما نتناول ظاهرة جغرافية مثل : المطر أو الزلازل أو السيول فنذكر أسباب حدوث هذه الظاهرة ثم نقوم بتحديد موقعها على الخريطة وتحليل أسباب هذا التوزيع ثم ننتهى بالنتائج لهذا التوزيع ونربط هذه الظاهرة بالظاهرات الطبيعية الآخرى المرتبطة بها والمسببة لها ثم ندرس تأثير هذه الظاهرة على الإنسان أو الظاهرات البشرية بصورة عامة ، ثم نتناول إمكانية الحد أو التقليل من مخاطرها ، أما عالم المناخ أو الجيولوجيا يتناول هذه الظاهرات لذاتها سواء لها علاقة بسطح الأرض أو ليست لها علاقة ، حيث يركز على العوامل الديناميكية فقط التى تسبب حدوث هذه الظاهرة ولا يتعرض للتوزيع ولا الربط والتعليل والتفسير .
ثانياً : دور الجغرافيا فى الدول المتقدمة يعتبر أهم دور لأى مخطط أو صاحب قرار حيث أن طبيعة الدراسة الجغرافية تجعل من الجغرافيا المخطط الأول فى الدولة للمشاركة فى حل جميع مشاكل البيئة والتنمية :
والجغرافى هو أكثر متخصص فى هذا المجال لطبيعة دراسته المرتبطة بالأرض والعلوم الأرضية ، فعلى سبيل المثال : الذين يقومون بحل المشاكل البيئية ويضعون خطط التنمية فى الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم دول أوروبا هم الجغرافيون ، ففى القطر البريطانى مثلاً الذى قام بحل مشكلة نقص الغذاء فى عام 1930 هو دولى ستامب حيث قام بعمل مسح كامل لاستخدامات الأرض للقطر البريطانى ككل لوضع أفضل استغلال لكل شبر من القطر البريطانى لإمكانية إنتاج الغذاء واستخدم فى هذا العمل القومى أكثر من نصف مليون تلميذ ومدرس جغرافيا شارك فى هذا المسح الشامل . كما سبق الذكر فى معظم الدول الأوروبية ، الجغرافى هو المتخصص فى حل المشكلات البيئية ووضع خطط التنمية بل أكثر من هذا يوجد العديد من كليات الجغرافيا والمعاهد الجغرافية فى الدول الأوروبية وروسيا سابقاً عرفاناً منها بأهمية هذا الفرع الذى يعتبر من أهم ـ إن لم يكن أهم ـ فروع المعرفة .
كما أن علم الجغرافيا من العلوم التى استفادت من التقدم التكنولوجى الرهيب فى مجالات التقنية الحديثة باستخدامات نظم المعلومات الجغرافية G I S لوضع النماذج المختلفة لحل أية مشكلة خاصة بالبيئة أو التخطيط العمرانى أو إنشاء مدن أو مشاريع جديدة ..إلخ. وكذلك استفاد من تطور الحاسبات الآلية فى رسم الخرائط باختلاف أنواعها والرسوم البيانية البسيط والمعقد منها وعمل جميع العمليات الحسابية سواء البسيطة أو المتقدمة .
ثالثاً: بعض الأمثلة التطبيقية لاستخدام علم الجغرافيا فى جمهورية مصر العربية نجد أن كثيراً من علماء الجغرافيا فى مصر هم الذين يشاركون فى وضع خطط التنمية وحل المشاكل البيئية والتخطيط العمرانى فى المدن الكبرى وعواصم المحافظات والمدن الجديدة ، وهم الذين يصنعون استراتيجية التعليم فى مصر :
وهم الذين يشاركون فى حل المشاكل القومية العليا مثل مشكلة طابا وحلايب ، وفى ترسيم الحدود الإدارية بين المحافظات والمراكز الإدارية والقرى ، وتحديد مناطق التنمية الجديدة والمشاريع العملاقة مثل توشكى وشمال سيناء ، بعد دراسة جميع الجوانب الطبيعية والبشرية لإنجاح هذه المشاريع . وتغطية أية أحداث بطريقة علمية سليمة فى وسائل الإعلام المختلة المسموعة والمرئية والمقروءة سواء عن الزلازل أو السيول أو التغيرات المناخية أو ثقب الأوزون ..إلخ .
وغيرها من الظاهرات العلمية المختلفة وذلك لأن الجغرافيا هى الوحيدة التى لديها القدرة على الربط والتحليل والتفسير لجميع العناصر الطبيعية المسببة لهذه الظاهرة والعناصر البشرية التى تتأثر بحدوث هذه الظاهرة وطرق الوقاية والتقليل من المخاطر من ذلك يتضح دور الجغرافيا والثقافة الجغرافية فى بناء شخصية الفرد من جميع الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية ، الأمر الذى أدى إلى اهتمام العديد من الدراسات بكيفية تطوير الثقافة الجغرافية أو أحد أبعادها ، مثل دراسة جوردن 1990Gordon التى أكدت على ضرورة اشتمال مناهج الجغرافيا على أفكار جديدة أخرى مثل التوازن السكانى والغذائى والتنمية الاقتصادية . ودراسة ستولتمان 1990 Stoltman التى أكدت على أهمية تنمية المعرفة الجغرافية ، والقدرة على تطبيق الجغرافيا ، أفكارها الأساسية ، مهاراتها ، والآراء تجاه عدد كبير من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية .
__________________
(1) عبد القادر عبد العزيز على :2002،ص 9،10.
(2) خيرى على إبراهيم ، 1990:ص7.
(3)جمال الدين إبراهيم العمرجى :2002،ص 21،22.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|