المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

سرايا للدفاع عن المدينة
7-2-2017
أقسام الشبهة
10-8-2016
ما العيد ؟
21-10-2014
Gene Expression Regulations
2-6-2018
افعال المدح والذم
20-10-2014
مشكلات الإعلام السياسي- ثالثاً
24-8-2019


تفسير المنار: تفسير اجتهادي  
  
10406   02:42 صباحاً   التاريخ: 15-10-2014
المؤلف : محمد علي أسدي نسب
الكتاب أو المصدر : المناهج التفسيرية عند الشيعة والسنة
الجزء والصفحة : ص 260-278.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / مناهج التفسير / منهج التفسير الإجتهادي /

نبذة من حياة الشيخ محمد عبده : ولد محمد عبده سنة 1849م ، في قرية مصرية (محلة نصر) ، من أبوين مصرين متوسطي الحال ، وتعلم القراءة والكتابة في منزل والديه ، دون أن يذهب الى الكتاب .

وبعد أن اجازوا الصبي العاشرة من عمره ، أتم حفظ القرآن على حافظ خاص ، ثم ذهب الى (الجامع الأحمدي) في طنطا ، يتعلم تجويد القرآن وقواعد اللغة العربية ، لكن منهج التعليم في الجامع الأحمدي كان منهجاً وعراً شاقاٌ ، يخالف ما تقضي به أبسط قواعد التربية ، وكاد الصبي أن ينصرف عن العلم ، وأن يشتغل بالزراعة ، ولكن أحد أخوال أبيه ، الشيخ درويش ، ساعده في هذا الوقت الحرج ؛ إذ كان الشيخ درويش رجلاً صوفياً طيب القلب زكي الفؤاد ، أستطاع في خمسة عشر يوماً أن يروض جماع الفتى ، وأن يوجهه الى المعاني القدسية واللذات الروحية ، وهذا هو الشيخ محمد عبده نفسه يتحدث عن الواقعة : وتفرقت عني جميع  الهموم ، ولم يبق إلا هم واحد ، وهو : أن أكون كامل المعرفة ، كامل أدب النفس ، ولم أجد إماماً يرشدني الى ما وجهت إليه نفسي ، إلا ذلك الشيخ الذي أخرجني في بضعة أيام من سجن الجهل الى فضاء المعرفة ، ومن الحياة الدنيا ، وهو الذي رد لي ما كان غاب عني من غريزتي ، وكشف لي ما كان خفي عني مما أودع في فطرتي (1).

والتحق بالجامع الأزهر ، ولكن لم تعجبه المناهج التعليمية والمصادر الدراسية .

ومن حسن حظه أنه التقى بشخصية عظيمة سيكون لها أثر عميق ليهمه ويوجهه الى رتبة أعلى ، وكانت تلك الشخصية هذه المرة شخصية رجل ثائر وبطل من أبطال التحرير هو السيد جمال الدين الأسد آبادي ، من محافظة همدان في ايران ، أو الأفغاني ، على حسب الاختلاف المشهور (2).

وقد أثر السيد في الشيخ محمد عبده تأثيراً عميقاً في أفكاره وعقائده ، يقول الشيخ في رسالة مرسلة الى السيد : مولاي الأعظم حفظه الله وأيد مقاصده ، ليتني كنت أعلم ماذا كتب إليك ، وأنت تعلم ما في نفسي كما أعلم ما في نفسك ، صنعتنا بيديك وأفضت على موادها صورها الكمالية ، وأنشأتنا في حسن تقويم ، فيك عرفنا أنفسنا وبك عرفناك ، وبك عرفنا العالم أجمعين ، فعلمك بنا كما لا يخفاك ، علم من طريق الموجب ، وعلمك بذاتك وثقتك بقدرتك وإرادتك ، فعنك صدرنا وإليك المآب (3).

وبدأ بالتعليم أخذ الشهادة من الأزهر عام 1877م ، وكتب في الصحف ولا سيما جريدة (الوقائع المصرية) ، وقد تولى تحريرها ، وأجاد اللغة الفرنسية بعد الأربعين ، ولما احتل الإنكليز مصر ناوأهم وشارك في مناصرة الثورة العربية ، فسجن مدة أشهر للتحقيق ، ونفي الى بلاد الشام سنة 1881م ، وسافر الى باريس ، وأصدر مع صديقه وأستاذه جمال الدين ، جريدة (العروة الوثقى) ،وعاد الى بيروت فاشتغل بالتدريس والتأليف ، وسمح له بدخول مصر ، فعاد سنة 1888م وتولى منصب القضاء ، ثم جعل مستشاراً في محكمة الاستئناف ، فمفتياً للديار المصرية ، وأستمر الى أن توفي بالإسكندرية ، ودفن بالقاهرة (4).

تأليفاته :

1- تفسير المنار ، سوف نتكلم عليه بالتفصيل .

2- شرح على نهج البلاغة .

3- الواردات في سر التجليات .

4- حاشية على العقائد العضدية .

5- علم الاجتماع والعمران .

6- رسالة في الرد على الدهريين .

7- شرح مقامات بديع الزمان .

8- رسالة التوحيد .

9- شرح البصائر النصيرية .

10- الإسلام والرد على منتقديه .

11- الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية .

12- إصلاح المحاكم الشرعية .

13- تفسير جزء عمّ .

14- تفسير سورة العصر .

15- رسالة المدبر الإنساني والمدبر العقلي والروحاني .

وكتب ومقالات أخرى .

نبذه من حياة رشيد رضا : هو محمد رشيد بن علي رضا بن محمد البغدادي الأصل ، الحسيني النسب ، صاحب مجلة (المنار) وأحد رجال الإصلاح الإسلامي ، من كتاب وعلماء الحديث والأدب والتاريخ والتفسير.

ولد سنة 1282هـ ، ونشأ في القلمون (من أعمال طرابلس في لبنان) وتعلم فيها وفي طرابلس ، ثم رحل الى مصر سنة 1315هـ ، فلازم الشيخ محمد عبده وتتلمذ له ، وكان قد اتصل به قبل ذلك في بيروت ، ثم أصدر مجلة (المنار) في 34 مجلداً ، وفيها نشر تفسير القرآن الكريم المسمى بالمنار ولم يكمله ، توفي فجأة سنة 1354هـ ، في سيارة كان راجعاً بها من السويس الى القاهرة ، ودفن في القاهرة .

تأليفاته :

1- تفسير القرآن الكريم (إملاء ما بينه الشيخ محمد عبده وما ألفه).

2- الوحي المحمدي .

3- يسر الإسلام وأصول التشريع العام .

4- الوهابيون والحجاز .

5- محاورات المصلح والمقلد .

6- ذكرى المولد النبوي (5).

وآثار أخرى .

تعريف بتفسير المنار : هو تفسير غير شامل لجميع القرآن ، ينتهي آخر أجزائه وهو المجلد الثاني عشر عند قوله تعالى في الآية 53 من سورة يوسف : {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف : 53] .

أما ما فسر من أول القرآن سورة النساء الآية 125 فهو بإنشاء معاني الشيخ وإملاء السيد محمد رشيد رضا ، وهو المجلد الخامس صفحة 441 ، يقول رشيد رضا في هذه الصفحة : هذه الآية (125 من النساء) كانت آخر ما فسره شيخنا الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في الجامع الأزهر ، فرضي الله عنه وجزاه عن نفسه وعنا خير الجزاء ، وسنستمر في التفسير على هذه الطريقة التي اقتبسناها منه إن شاء الله تعالى ، وإن كنا محرومين في تفسير سائر القرآن من الفوائد والحكم التي كانت تهبط من الفيض الإلهي على علقه المنير ، إلا في الجزء الثلاثين ؛ فإنه كتب له تفسيراً مختصراً مفيداً ، وكان فراغه من تفسير هذه الآية في منتصف المحرم سنة 1323هـ ، وقد توفي في شهر جمادى الأولى منها رحمه الله تعالى ونفعنا به ، وكتبت تفسير هذه الآيات في مدينة بمبي (أو بومباي) من ثغور الهند في غرة ربيع الأول سنة 1330هـ ، والله اسأل أن يوفقني لإتمام هذا التفسير ، إنه على ما يشاء قدير (6).

أما قصة تدوين هذا التفسير ، فتنشأ من كتابات الشيخ محمد عبده للتفسير في مجلة (العروة الوثقى) ؛ فإن السيد اقترح على الشيخ أن يكتب تفسيراً للقرآن على النهج الذي كان يكتبه في جريدة (العروة الوثقى) ، وبعد تبادل الكلمات بين الشيخين ، اقتنع الأستاذ الإمام بأن يقرأ دروساً في التفسير بالجامع الأزهر ، ولم يلبث إلا قليلاً حتى قام بإلقاء دروسه في التفسير على طلابه ومريديه مدة ست سنوات ، وكان رشيد رضا يكتب بعض ما يسمع ويزيد عليه بما يذكره من دروس الشيخ بعد ذلك ، ثم قام بنشر ما كتب على الناس في مجلته (المنار) ، ولكن لم يفعل ذلك إلا بعد مراجعة أستاذه لما كتب ؛ لكي يقوم بتنقيحه وتهذيبه ، ولإضافة بعض المطالب .

ابتدأ رشيد رضا قبل التفسير ببيان عدة أمور ، منها : صفة القرآن المستفادة من الآيات ، وتذكير المسلمين بكتاب الله ، الحاجة الى التفسير ، وسيادة العرب بإصلاح القرآن لأنفسهم ، وما في التفسير من الشواغل عن هداية القرآن ، وبحث حول التفسير بالمأثور ، واتصال المؤلف (رشيد رضا) بالأستاذ الإمام واقتراحه التفسير عليه ، وتحاورهما في كتابة التفسير أو قراءاته ، وطريقة الإمام في قراءة التفسير ، وطريقة المؤلف في كتابته ، وبيان نكات حول التفسير مقتبسة من دروس الإمام ، مما يحتاج إليها في التفسير من العلوم وحدوده ، ومباحث حول معرفتنا بالقرآن وما نعظمه به ، وبقاء الإسلام بالقرآن ولغته ، وغيرها من المباحث المفيدة جداً في علم التفسير (7).

ويعد هذا التفسير رائداً باللون الأدبي الاجتماعي في عالم التفسير ، وبعيداً عن التأثر بالآراء والمذاهب ، فهذه المدرسة لا تعتني بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة .

يقول الأستاذ معرفة : رائد هذه المدرسة الأول وزعيمها وعميدها هو الإمام الشيخ محمد عبده ، الذي بنى أساس هذا البنيان الرفيع ، وفتح باب الاجتهاد في التفسير بعدما كان مغلقاً طيلة قرون ، فقد نبذ طريقة التقليد السلفي ، وأعطى للعقل حريته في النقد والتمحيص ، وسار على منهجه الأجلاء من تلامذته ، أمثال السيد محمد رشيد رضا ، والشيخ محمد القاسمي ، والشيخ أحمد مصطفى المراغي ، ومن جاء بعدهم ، جارياً على نفس التعاليم ، أمثال السيد قطب ، والشيخ محمد جواد مغنية ، والشيخ محمد الصادقي ، والسيد محمد حسين فضل الله ، والسيد محمد الشيرازي ، والشيخ سعيد حوى ، والأستاذ محمد علي الصابوني ، والسيد تقي المدرسي ، والشيخ ناصر مكارم الشيرازي ، والذي فاق الجميع في هذا المجال هو العلامة الفيلسوف السيد محمد حسين الطباطبائي ، الذي حاز قصب السبق في هذا المضمار (8).

منهج تفسير المنار : لكي نعرف منهج (تفسير القرآن الكريم) الشهير بـ (تفسير المنار) ، لابد من ذكر بعض خصوصيات هذا التفسير وهي :

1- تقسيم التفسير الى قسمين

في رأي المؤلفين ، التفسير تارة يتمركز على ظاهر القرآن وألفاظه والفنون المتعلقة بها ، أي : التفسير الأدبي ، فهذا النوع ليس تفسيراً في الواقع ، وتارة يتمركز على الاهتداء بالقرآن ، وفهم المراد والغاية من الآيات ، فينبغي أن ينحصر التفسير في هذا القسم فقط .

جاء في مقدمة تفسير المنار : فعلم مما ذكرنا أن التفسير قسمان :

أحدهما : جاف مبعد عن الله وعن كتابه ، وهو : ما يقصد به حل الألفاظ وإعراب الجمل ، وبيان ما ترمي اليه تلك العبارات والإشارات من النكت الفنية ،وهذا لا ينبغي أن يسمى تفسيراً ، وإنما هو ضرب من التمرين في الفنون كالنحو والمعاني وغيرها .

وثانيهما : هو التفسير الذي قلنا : إنه يجب على الناس على أنه فرض كفاية ، وهو الذي يستجمع تلك الشروط لأجل أن تستعمل لغايتها ،وهو ذهاب المفسر الى فهم المراد من القول ، وحكمة التشريع في العقائد والأحكام ، على الوجه الذي يجذب الأرواح ويسوقها الى العمل والهداية المودعة في الكلام ، ليتحقق فيه معنى قوله : { هدى ورحمة } ونحوها من الأوصاف ، فالمقصد الحقيقي لتلك الشروط والفنون هو : الاهتداء بالقرآن ، قال الأستاذ الإمام : وهذا هو الغرض الأول الذي أرمي إليه في قراءة التفسير (9).

2- للتفسير مرتبتان : دنيا وعليا

ذكر في مقدمة التفسير : أن للتفسير مراتب ، أدناها أن يبين بالإجمال ما يشرب القلب عظمة الله وتنزيهه ، ويصرف النفس عن الشر ويجذبها الى الخير ، وهذه هي التي قلنا : إنها متيسرة لكل أحد {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر : 17] .

وأما المرتبة العليا فهي لا تتم إلا بأمور :

أحدها : فهم حقائق الألفاظ المفردة .

وثانيها : الأساليب ، فينبغي أن يكون عنده من علمها ما يفهم به هذه الأساليب الرفيعة .

وثالثها : علم أحوال البشر فيما بين الله تعالى في القرآن كثيراً من أحوال الخلق وطبائعهم ، فلا بد للناظر في القرآن من النظر في أحوال البشر .

ورابعهما : العلم بوجه هداية البشر كلهم بالقرآن ، وكيفية مواجهة القرآن عصر الجاهلية .

وخامسها : العلم بسيرة النبي صلى الله عليه واله وسلم وأصحابه ، وما كانوا عليه من علم وعمل (10).

3- الحرية الفكرية والخروج عن التعبد بكثير من المأثورات والأقوال الحرية الفكرية وعدم التعبد بكلمات القوم ، وكثير من المأثورات في تفسير القرآن تعد من المميزات الأصلية في منهج تفسير المنار أكثر من التفاسير الأخرى .

يقول المؤلف : التفسير عند قومنا اليوم ومن قبل اليوم بقرون ، هو : عبارة عن الاطلاع على ما قاله بعض العلماء في كتب التفسير ، على ما في كلامهم من اختلاف يتنزه عنه القرآن : {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء : 82]  وليت أهل العناية بالاطلاع على كتب التفسير يطلبون لأنفسهم معنى تستقر عليه أفهامهم في العلم بمعاني الكتاب ، ثم يبثونه في الناس ويحملونهم عليه ، ولكنهم لم يطلبوا ذلك ، وإنما طلبوا صناعة يفاخرون بالتفنن فيها (11).

ولأجل هذه الحرية ترك عبده كثيراً من الروايات والأقوال ، ولكن حينما وصلت النوبة الى تلميذه رشيد رضا ، نرى تعادلاً بين الحرية والنقل أقولاً كثيرة عن المفسرين .

ولعل السبب في ذلك كما ذكر السيد : أن الإمام عندما يلقي درساً ، كان يكتب ما يتمثل في عقله وقلبه ، ومما قرأ وتأمل وتدبر في القرآن (12).

4- اجتناب ذكر التفاصيل والجزئيات وكذلك الاسرائيليات

طبيعة الحرية العقلية في عالم التفسير تحكم باجتناب كل ما يخالف هذه الحرية ، كذكر الجزئيات والإسرائيليات التي لم ترد في الكتاب ولا في الأثر الصحيح ، ولم يكن عليها شاهد من العقل الرشيد .

يقول الذهبي : إن الأستاذ الإمام لم يكن كغيره من المفسرين الذين كلفوا بالإسرائيليات ، فجعلوا منها شروحاً لمبهمات القرآن ، بل وجدناه على العكس من ذلك ، نفوراً منها وشروداً من الخوف فيها ؛ لاعتقاده أن الله تعالى لم يكلفنا بالبحث عن الجزئيات والتفصيلات ، لما جاء به مبهماً في كتابه ، ولو أراد منا ذلك لدلنا عليه في كتابه أو على لسان نبيه ، وهو يصرح بأن هذا هو مذهبه في جميع مبهمات القرآن ، ويقف عند النص القطعي لا يتعداه ،ويثبت أن الفائدة لا تتوقف على سواه (13).

مصادره في التفسير : يقول محمد رشيد رضا : كانت طريقته في قراءة الدرس على مقربة مما ارتآه في كتابه التفسير ، وهي أن يتوسع فيما أغفله أو قصر فيه المفسرون ، ويختصر فيما برزوا فيه من مباحث الألفاظ والإعراب ونكت البلاغة ، وفي الروايات التي لا تدل عليها ولا تتوقف على فهمها الآيات ، ويتوكأ في ذلك على عبارة تفسير الجلالين الذي هو أوجز التفاسير ، فكان يقرأ عبارته ، فيقرها أ, ينتقد منها ما يراه منتقداً (14).

ويعتمد كثيراً أيضاً على مفردات الراغب الأصفهاني ، كما يراجع بعض التفاسير الأخرى مثل : تفسير البيضاوي وتفسير الرازي وغيرهما من التفاسير أحياناً .

كما أنه رجع الى خمسة وعشرين تفسيراً ؛ لكي يجد تفسيراً مناسباً لآية :

{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء : 43] (15).

ونرى المصادر التالية في هذا التفسير :

1- تفسير القرآن بالقرآن

من يتصفح التفاسير يرى أنه من الممكن تسمية تفسير المنار بتفسير القرآن بالقرآن ، فإن المؤلفين قد استفادا من الآيات الكثيرة في تفسير كثير من الآيات الأخرى ،ولكن لأنها ركزاً على العقل والاجتهاد النظري ، أكثر من التفاسير المعروفة باسم تفسير القرآن بالقرآن ، لم يشتهر هذا التفسير بهذا العنوان ، وعلى كل حال نجد موارد كثيرة يتضح منها منهج القرآن بالقرآن في تفسير المنار ، وقد كان بحاجة الى هذا المنهج بعد رفضه التفسير بالمأثور .

فبعد ذكر الأقوال في كيفية استهزاء الله بالمنافقين ، يقول : وأشهر الأقوال : إن معناه : يجازيهم بالعقاب على استهزائهم ، أو يعاملهم معاملة المستهزئ بهم : { يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا } [الحديد : 13] ، وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } [المطففين : 29، 30] الى قوله : {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [المطففين : 34،35] ،وكذلك في تفسير كلمة (المد) في قوله تعالى : {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [البقرة : 15] بالآية 28 من سورة لقمان ، وكذلك بواسطة الآية 75 من سورة مريم (16).

2- تفسير القرآن بالمأثور

المفسر مهما حاول الفرار من تفسير القرآن بالآثار والأخبار ، لا يمكنه ذلك ؛ إذ الأخبار الصحيحة والسنة الشريفة من النبي صلى الله عليه واله وسلم تعد مصدراً لتبين القرآن ، كما أكدته نفس الآيات القرآنية .

فمؤلف المنار يفسر الآية : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة : 62] ، بالرواية المروية عن السدي ، حيث قال : أخرج ابن جرير وابن ابي حاتم عن السدي قال : التقى ناس من المسلمين واليهود والنصارى ، فقال اليهود للمسلمين : نحن خير منكم : ديننا قبل دينكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، ونبينا قبل نبيكم ، ونحن على دين ابراهيم ،ولن يدخل الجنة الا من كان هوداً ، وقالت النصارى مثل ذلك ، فقال المسلمون : كتابنا بعد كتابكم ، ونبينا صلى الله عليه واله وسلم بعد نبيكم ، وديننا بعد دينكم ، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم ، فنحن خير منكم ، نحن على دين ابراهيم واسماعيل واسحاق ، ولن يدخل الجنة الا من كان على ديننا ، فأنزل الله : { ليس بأمانيكم ... } الآية ، وروى نحوه مسروق وقتادة ، وأخرج البخاري في التاريخ من حديث أنس مرفوعاً : ليس الإيمان بالتمني ، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل (17).

3- تفسير القرآن بالعقل

إن للعقل وحرية الفكر في تفسير عبده وتلميذه – كما أشرنا اليه – مجالاً واسعاً ونماذج كثيرة ، فنراهما يعتمدان على العقل كثيراً من تفسير الآيات .

في ذيل الآية {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء : 82] يقول : وفيه ايضاً وجوب الاستقلال في فهم القرآن ؛ لأن التدبر لا يتم الا بذلك ، ويلتزم من ذلك بطلان التقليد ، قال الرازي : دلت الآية على وجوب النظر والاستدلال ، وعلى القول بفساد التقليد ؛ لأنه تعالى أمر المنافقين بالاستدلال بهذا الدليل على صحة نبوته ، وإذا كان لابد في صحة نبوته من استدلال ، فبأن يحتاج في معرفته ذات الله وصفاته الى الاستدلال كان أولى (18).

فمع ان مؤلف تفسير المنار ، يعد من أصحاب المذهب الأشعري ، ولكن لحريته الفكرية لا يوافق الأشعري على جميع الأمور ، ولا يخالف المعتزلة في كل المسائل ، فعند تفسير قوله تعالى : {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف : 157]. يقول : والمعروف : ما تعرف العقول السليمة حسنة ، وترتاح القلوب الطاهرة له : لنفعه وموافقته للفطرة والمصلحة ، بحيث لا يستطيع العاقل المنصف السليم الفطرة أن يرده أو يعترض عليه إذا ورد الشرع به ، والمنكر : ما تنكره العقول السليمة الفطرة ان يرده أو يعترض عليه إذا ورد الشرع به ، والمنكر : ما تنكره العقول السليمة ، وتنفر منه القلوب وتأباه ، على الوجه المذكور ايضاً .
وأما تفسير المعروف بما أمرت به الشريعة ، والمنكر بما نهت عنه ، فهو من قبيل تفسير الماء بالماء ، وكون ما قلناه يثبت مسألة التحسين والتقبيح العقليين وفاقاً للمعتزلة وخلافاً للأشاعرة مردود إطلاقه ، بأننا إنما نوافق كلاً منهما من وجه ، ونخالفه من وجه ؛ اتباعاً لظواهر الكتاب والسنة وفهم السلف لهما ، فلا ننكر إدراك العقول لحسن الأشياء مطلقاً ، ولا تقيد التشريع بعقولنا ، ولا نوجب على الله شيئاً من عند أنفسنا ، بل نقول : إنه لا سلطان لشيء عليه ، فهو الذي يوجب على نفسه ما شاء إن شاء ، كما كتب على نفسه الرحمة لمن شاء ، وإن من الشرع ما لم تعرف العقول حسنة قبل شرعه ، وإن كان ما شرعه تعالى يطاع بلا شرط وقيد (19).

فمع أن مسألة الحسن والقبح الشرعيين ، وأن الحسن ما حسنه الشارع والقبيح ما قبحه الشارع ، تعد من أصول مذهب الأشاعرة ، ولكن نرى مؤلف تفسير المنار ، يناقش هذا الرأي ويعطي للعقل موقعه في هذا المجال ، لتعيين الحسن والقبيح من الأفعال .

4- تفسير القرآن بالعلم الحديث

يقول الذهبي : نجد الأستاذ الإمام يتناول بعض آيات القرآن فيشرحها شرحاً يقول على أساس نظريات العلم الحديث ، وغرضه بذلك : أن يوفق بين معاني القرآن التي تبدو مستبعدة في نظر بعض الناس ، وبين ما عندهم من معلومات توشك أن تكون مسلمة عندهم ، أو هي مسلمة بالفعل (20).

فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى في أول سورة الأنشقاق {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق : 1] يقول عند تفسيره لقوله : انشقاق السماء مثل انفطارها الذي مر تفسيره في سورة : {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار : 1] ، وهو : فساد تركيبها واختلال نظامها ، عندما يريد الله خراب هذا العالم الذي نحن فيه ، وفيه تكون حادثة من الحوادث التي قد ينجز إليها سير العالم ، كأن يمر كوكب في سيرة بالقرب من آخر فيتجاذبان ويتصادمان ، فيضطرب نظام الشمس بأسره ، ويحدث من ذلك غمام وأي غمام ، يظهر في مواضع متفرقة من الجو والفضاء الواسع ، فتكون السماء قد تشققت بالغمام واختل نظامها حال ظهوره (21).

5- تفسير القرآن بالعلوم الأدبية

يقول المؤلف : إن تدبر القرآن على كل مكلف ، لا خاص بنفر يسمون المجتهدين ، يشترط فيهم شروط ما أنزل الله من سلطان ،وإنما الشرط الذي لابد منه ولا غنى عنه هو معرفة لغة القرآن ، مفرداتها وأساليبها ، فهي التي يجب على كل من دخل الإسلام ومن نشأ فيه أن يتقنها بقدر استطاعته بمزاولة كلام بلغاء أهلها ، ومحاكاتهم في القول والكتابة ، حتى تصير ملكة وذوقاً ، لا بمجرد النظر في قوانين النحو والبيان التي وضعت لضبطها ، وليس تعلم هذه اللغة ولا غيرها من اللغات بالأمر العسير ، فقد كان الأعاجم في القرون الأولى يحذقونها في زمن قريب ، حتى يزاحموا الخلص من أهلها في بلاغتها ، وإنما يراه أهل هذه الأعصار عسيراً ؛ لأنهم شغلوا عن اللغة نفسها بتلك القوانين وفلسفتها ، فمثلهم كمثل من يتعلم علم النبات من غير أن يعرف النبات نفسه بالمشاهدة ، فلا يكون حظه منه إلا حفظ القواعد والمسائل (22).
6- تفسير القرآن بالتاريخ

فالمؤلف بعد ذكر الآية الشريفة : {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البقرة : 114] يقول : ومن الغريب أن ابن جرير الطبري قال في تفسيره : إن الآية في اتحاد المسحيين مع بختنصر البابلي على تخريب بيت المقدس ، مع أن حادثة بختنصر كانت قبل وجود المسيح والمسيحية بستمائة وثلاث وثلاثين سنة ، ولو لم يكن مؤرخاً من أكبر المؤرخين ، لالتمس له العذر بحمل قوله على حادثة أدرينال الروماني ، الذي جاء بعد المسيح بمئة وثلاثين سنة وبنى مدينة على أطلال أورشليم وزينها وجعل الحمامات (23).

منهج الإمام عبده في التفسير : يمكن اختصار منهجه في تفسير القرآن بما يلي :

1- الاتجاه الى التغير الموضوعي والوحدة الموضوعية للسورة .

2- عدم تحكيم قوانين البلاغة في النسق القرآني .

3- عدم وجود تعارض بين القرآن والعلم .
4- المطالبة من القرآن بدارسة الظواهر الكونية والطبيعية والصناعية .

5- الهجوم العنيف على التقليد والخرافة ، والدعوة الى احترام العقل .

6- استخراجه لبعض نظريات علمية بفهم جديد للقرآن ، تحقيقه لبعض القضايا في ضوء هذا الفهم الجديد .

7- لا يبيح لنفسه تعدي حدود الفهم على أساس الوحي ، خاصة فيما وراء الحس .

8- الإسلام هو دين العقل ، والشريعة هي مصدر الخير والصلاح الاجتماعي ، وتكرار حملته على الساكتين من العلماء على انتشار الخرافات والتقليد الأعمى ، بل وإنكارهم على من يعارض ذلك (24).

9- اضفاء حوادث الحياة القائمة في وقته على نصوص القرآن الكريم ، إما بالتوسع في معنى النص ، أو بحمل الشبيه على الشبيه .

10- اعتبار القرآن جميعه وحده واحدة متماسكة ، لا يصح الإيمان ببعضه وترك بعض آخر منه ، كما أن فهم بعضه متوقف على فهم جميعه .

11- اعتبار السورة كلها أساساً لفهم آياتها ، واعتبار الموضوع فيها اساساً لفهم جميع النصوص التي وردت فيه .

12- إبعاد الصنعة اللغوية عن مجال تفسير القرآن ، وإبعاد تفسيره عن أن يجعل مجالاً لتدريب الملكة اللغوية .

13- عدم إغفال الوقائع التاريخية في مسيرة الدعوة الى الإسلام عند تفسير الآيات التي نزلت فيها (25).

14- محاربة التقليد .

15- إعمال النظر والفكر واستخدام المنهج العلمي .

16- تحكيم العقل والاعتماد عليه في فهم القرآن .

17- ترك الإطناب في الكلام على ما ورد في القرآن بصورة مبهمة .

18- التحفظ من الأخذ بالتفسير بالمأثور ، والتحذير من الإسرائيليات (26).

19- القرآن لا يتبع العقيدة ، وإنما تؤخذ العقيدة من القرآن .

20- عدم وجود تعارض بين القرآن والحقائق العلمية الراهنة .

21- استعمال الذوق الأدبي النزيه في فهم مرامي الآيات الكريمة .

22- معالجته للمسائل الاجتماعية في الأخلاق والسلوك .

23- حذره من الخوض في الأمور المغيبة عن الحس والإدراك .

24- موقفه النزيه تجاه سحر السحرة ، ولا سيما التأثير في شخصية الرسول صلى الله عليه واله .

25- موقفه الصحيح من روايات أهل الحشو ، ولو كانت في الكتب الصحاح (27).

ملاحظات على تفسير المنار : يعد تفسير المنار رائد سلسلة من التفاسير المهمة في الاقطار الإسلامية ، بما يشتمل عليه من الأفكار الجديدة والمناهج الرشيدة ، بالإضافة الى الحرية في العقيدة ، والخروج عما كان السلف عليه من الأمور السخيفة ، فصار ممتازاً من بين التفاسير في الفضيلة ، استحق الثناء أكثر من الماضين ؛ لأجل هذه الصفات الشريفة .

ولكن هذا لا يعني عدم النقص فيه ، نعم ، هناك عدة ملاحظات غير صحيحة من بعض السلفية الذين فسروا القرآن بآرائهم متجمدين على الظواهر ، فهجموا على الأستاذ الإمام على قدر عقولهم وأفكارهم الضيقة .

ولكن مع هذا كله ، يمكن إيراد ملاحظات حول بعض ما نجده في هذا التفسير ، نذكر قليلاً منها :

1- عدم التقيد بالحرية الفكرية في جميع الحالات

في بعض الأحيان يخالف رأي جمهور علماء الإسلام ، محتجاً بظاهر القرآن ، فمثلاً حين تفسير الآية : {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ } [النساء : 43] نجده يطرح رأياً لم يطرحه أحد من مفسري الشيعة والسنة .

فهو يعتقد أن السافر يجوز له التيمم ،ولو كان الماء بين يديه ، ولا علة تمنعه من استعماله إلا كونه مسافراً (28) ، ولكنه حينما يفسر آية الوضوء في سورة المائدة ، مع أن ظاهر الآية يدل على مسح الأرجل في الوضوء ، يحاول كثيراً ان يجد مستمسكاً ويخلص نفسه من مخالفة أهل السنة ، فيملأ ثماني صفحات ليقنع الآخرين بوجوب الغسل في جملة : {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة : 6] ، ولا أدري – إذا كان القرآن ظاهراً وواضحاً – لماذا هذه المحاولات العجيبة لتفسير جملة يسيرة ، وهل هذا إلا لرفعه اليد عن ظاهر القرآن ؟

نعم ، هذه المحاولات كانت بواسطة محمد رشيد رضا ،وأنا أظن ان الآية إذا كانت مفسرة من قبل عبده ، فإنه كان تعامل مع ظاهر القرآن ، ولا يرتكب تلك المحاولات .

2- كثير من الأمور الغيبية وارد في الأحاديث الصحيحة والمصادر القطعية ، فما دمنا لم نجد من العلم الحديث ما يخالف تلك الأمور الغيبية ، لا يمكن ردها وإنكارها ، على أن العلم الحديث ساكت عن موضوع الغيب ، لا ينكره ولا يثبته ؛ لأن المادة الجسمية هي محور العلم الحديث ، الذي يظهر أحكامها وقواعدها في مجال التجربة الحسية فقط .

وهنا نجد مؤلف تفسير المنار في تفسير سورة الفيل يقول : فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض ، وأن تكون هذه الحجارة من الطين المسموم اليابس ، الذي تحمله الرياح ، فيتعلق بأرجل هذه الحيوانات ، فإذا اتصل بجسده دخل في مسامه ، فأثار فيه تلك القروح التي تنتهي بإفساد الجسم وتساقطه (29).

3- تاريخ البشر مملوء بالإفراط والتفريط في كثير من مجالات الفكر والعمل ، فنجد بعض المفسرين قد أفرطوا في المنهج الروائي ، فبدلاً أن يفسروا القرآن ويجعلوه محوراً أساسياً ، نراهم جعلوا الروايات محوراً ، وفسروا القرآن بما وجدوا من الروايات ضعيفة أو صحيحة ، وهذا في الواقع نوع من التفسير بالرأي المسلم ، فتركوا كثيراً من الأحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم وآله وأصحابه ، مع أن القرآن هو الذي جعل السنة تقريراً وتبييناً للوحي ، إما مصداقاً كما في كثير من روايات التفسير ، وإما مفهوماً مثل التخصيص ، التقييد ، والتوضيح والتفصيل ....

وهذا النوع من التفريط بشأن روايات التفسير ، قد نجده في تفسير الأستاذ الإمام ، كما نجده في تفسير تلميذ أحياناً .

______________________
1- راجع : رائد الفكر المصري ، الإمام محمد عبده للدكتور عثمان أمين : 25 و 26 ، نقلاً عن رشيد رضا ، تاريخ الاستاذ الإمام 1 : 23.

2- هناك خلاف بين طائفتين : طائفة تقول : إنه من أسد آياد ، وهو إيراني ، وطائفة أخرى تقول : إنه من أفغانستان ، وهذا لا يهمنا بعد كون محور القيمة هو أفكار السيد وعقائده ، وليست جنيته ومولده ، بل المهم ، أنه مسلم ، فيكون لجميع المسلمين .

3- الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده 1 : 625.

4- راجع : التفسير والمفسرون في العصر الحديث ، لعبد القادر محمد صالح : 302.  

5- راجع : المفسرون حياتهم ، لمحمد علي إيازي : 665 و 666 ، وانظر ترجمة محمد رشيد رضا في : الأعلام ، للزركلي 6 : 126.

6- تفسير المنار 5 : 441 ، ذيل الآية 53 من سورة يوسف .

7- راجع : المفسرون حياتهم ومنهجهم : 668 و 669 ، وأنظر تفسير المنار : 3-31.

8- التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب 2 : 453 و 454 .

9- تفسير المنار 1 : 24 و 25.

10- راجع : تفسير المنار : 21-24.

11- تفسير المنار 1 :   25 – 26 .

12- راجع : منهج الإمام عبده في تفسير القرآن ، لشحاتة : ط .

13- التفسير والمفسرون ، للذهبي 2 : 56 ، وتفسير المنار 1 : 320.

14- تفسير المنار 1 : 14-15.

15- راجع : تفسير المنار : 119.

16- راجع : تفسير المنار 1 : 164-165.

17- تفسير المنار 1 : 336.

18- تفسير المنار 5 : 296.

19- تفسير المنار 9 : 227 ، ذيل الآية 156 من سورة الأعراف .

20- التفسير والمفسرون ، للذهبي 2 : 567.

21- راجع : التفسير والمفسرون ، للذهبي 2 : 568 ، نقلاً عن تفسير جزء عم : 49.

22- تفسير المنار 5 : 265-266.

23- تفسير المنار 1 : 431.

24- راجع : مذاهب التفسير الإسلامي ، لجولد تسهير : 369 – 372 ، وراجع : الإمام محمد عبده ومنهجه في التفسير ، للدكتور عبد الغفار عبد الرحمن : 174.

25- راجع : الإمام محمد عبده ومنهجه في التفسير : 185 ، وراجع ايضاً : الفكر الإسلامي الحديث : 271-276.

26- راجع : الإمام محمد عبده ومنهجه في التفسير : 186.

27- راجع : التفسير المفسرون في ثوبه القشيب 2 : 456.

28- راجع : تفسير المنار 5 : 119 ، ذيل الآية 43 من سورة النساء .

29- راجع : التفسير والمفسرون ، للذهبي 2 : 568 نقلاً عن تفسير جزء عم : 49.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .