أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
5953
التاريخ: 9-06-2015
4898
التاريخ: 7-10-2014
5287
التاريخ: 2024-11-01
235
|
قال تعالى : {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ } [القصص : 38]
في هذه الآية مقالة تفوّه بها فرعون في هذا الشأن ، وهي توضّح أفكار الشعب المصري آنئذ ، فقد ألقى هذه المقالة في عصر كان لإسم موسى وانتصاره على السحرة صداه في مصر بأسرها ، ولمّا شعر فرعون بخيبة أمل شديدة رأى أن يعمل شيئاً يصرف به أنظار الناس عن موسى عليه السلام ومعجزاته : {وَقَالَ فِرعَونُ يَاأَيُّهَا المَلَأُ مَا عَلِمتُ لَكُم مِّن إِلَهٍ غَيرِي} «1» ، ولذا أرى أنّ دعوة موسى إلى ربّ السماء والأرض خاطئة ، وبما أنّي من أهل التحقيق ، فقد خطر ببالي شيء يظهر به صدق موسى أو كذبه ، قم يا هامان : {فَاوقِدْ لِي يَاهَامَانَ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِّي صَرْحاً لَّعلّى أَطَّلعُ إِلَى إِلَهِ مُوسى} «2» ، {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الكَاذِبِينَ}.
ولا شكّ أنّ فرعون كان شديد المكر والدهاء وهو يدرك هذه القضايا الواضحة وهي أنّه ليس إلهاً ، وأنّ ما يقصده موسى من إله السماء ، هو خالقه لا أنّ اللَّه يسكن السماء حقيقة ، ولو تجاوزنا هذا الأمر وافترضنا أنّ اللَّه يسكن السماء فإنّه لا يمكن الوصول إليه ببناء برج عالٍ ، فمنظر السماء من على قمم الجبال في العالم هو المنظر الذي يشاهد من فوق سطح الأرض ، ولم تخف هذه القضايا على فرعون.
ولكن فرعون كان يفكّر في مخطّط آخر وأراد صرف الرأي العامّ الذي مال إلى موسى بشدّة وذلك بطرح هذه القضيّة المثيرة ، كما أرادَ أن يشغل مجموعة من الناس ولمدّة طويلة ببناء برج عالٍ جدّاً ، وفي النهاية يصعد إلى أعلى البرج ليحرّك نفسه ويقول : إنّي بحثت عن إله موسى عليه السلام في السماء فلم أجد له أثراً!
إنَّ هذه القضيّة توضّح أمراً مهمّاً وهو إنّ مستوى التفكير العامّ في مصر كان بسيطاً إلى حدّ أنّهم لم يكونوا ليصدقوا إلّا بإلهٍ محسوس ، وبالتالي يصدقون فرعون بادّعائه الالوهية وتوقّعوا أن يكون إله موسى جسماً في أعالي السماء! وفي مثل هذه الأجواء تشيع روح الصنمية وعبادة الأصنام قطعاً!
الآية الرابعة تنقل أقوال المشركين واحتجاجاتهم المتنوّعة والغريبة حيث طرح كلّ واحد اقتراحاً على النبي الأكرم صلى الله عليه و آله وتمسّك بحجّة معيّنة حيث تقول الآية : {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} [الإسراء : 90] «3» ، وقد تمسّك البعض الآخر بحجج اخرى وقالوا أخيراً : { أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا } [الإسراء : 92] «4».
والمطالبة الأخيرة توضّح جيّداً أنّهم تصوّروا أنّ اللَّه والملائكة ذوو أجسامٍ وموجودات جسمانية ، ولم يتحمّلوا تصوّر وجود خارج عن إطار عالم الجسم والطبيعة ، ويعتقد بعض المفسّرين بأنّ مرادهم من الإتيان بالملائكة هو أن تأتي لتعيّن اللَّه! «5» أو تشهد على الوهيته ، وتشير هذه كلّها إلى المستوى الفكري المتخلف لُاولئك القوم المعاندين.
______________________________
(1) يقول اللغويون في تفسير «ملأ» : يطلق هذا اللفظ على جماعة قد اجتمعوا على عقيدة واحدة وظاهرهم يملأ العيون (من مادّة ملأ) ومن هنا يستعمل هذا اللفظ بمعنى أشراف القوم ورؤسائهم وحواشي الملوك أيضاً.
(2) «صرح» : في الأصل تعني الخلو من الشوائب ثمّ تطلق على القصور والبيوت العالية والجميلة لأنّها بلغت من الكمال في بنائها إلى درجة لا يوجد فيها عيب أو نقص.
(3) «ينبوع» من «نبع» وتعني عين الماء.
(4) فسّرت كلمة «قبيل» تارةً بمعنى «المقابل» ، وتارةً بمعنى الكفيل والشاهد ، وتارةً بمعنى الجماعة والفئة ، ويمكن الموافقة على المعاني الثلاثة في مورد الآية أعلاه.
(5) تفسير في ظلال القرآن ، ج 5 ، ص 359.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|