البلوغ شرط في وجوب الصوم بإجماع العلماء‌ ، فلا يجب على الصبي ، سواء كان مميّزا أم لا، إلاّ في رواية عن أحمد : أنّه يجب عليه الصوم إذا أطاقه⁽¹⁾.

ويبطل بالإجماع والنص :

قال  رسول الله صلى الله عليه وآله: ( رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ) رواه العامة⁽²⁾.

ومن طريق الخاصة : رواية معاوية بن وهب عن  الصادق عليه السلام  ، في كم يؤخذ الصبي بالصيام؟ فقال : « ما بينه وبين خمس عشرة سنة وأربع عشرة سنة وإن هو صام قبل ذلك فدعه» ⁽³⁾.

وقال  الصادق عليه السلام  : « على الصبي إذا احتلم الصيام ، وعلى الجارية إذا حاضت الصيام والخمار»⁽⁴⁾.

احتجّ أحمد : بقوله عليه السلام  : ( إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام ، وجب عليه صيام شهر رمضان )⁽⁵⁾.

والحديث مرسل ، وحمل الوجوب على تأكّد الاستحباب ، جمعا بين الأدلّة.

تنبيه :

يستحب تمرين الصبي بالصوم إذا أطاقه ، وحدّه الشيخ ; ببلوغ تسع سنين ⁽⁶⁾. وتختلف حاله بحسب المكنة والطاقة.

ولا خلاف بين العلماء في مشروعية ذلك ، لأنّ  النبي صلى الله عليه وآله ، أمر ولي الصبي بذلك ، رواه العامة ⁽⁷⁾.

ومن طريق الخاصة : قول  الصادق عليه السلام: « إنّا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم ، فإذا غلبهم العطش أفطروا»⁽⁸⁾.

ولاشتماله على التمرين على الطاعات والمنع من الفساد.

تذنيب :

الأقرب : أنّ صومه صحيح شرعي ، ونيته صحيحة‌ ، وينوي الندب لأنّه الوجه الذي يقع عليه فعله ، فلا ينوي غيره.

وقال أبو حنيفة : إنّه ليس بشرعي ، وإنّما هو إمساك عن المفطرات تأديبا⁽⁹⁾. ولا بأس به.

وقد ظهر بما قلناه أنّ البلوغ شرط في الوجوب لا في الصحة ، وأنّ العقل‌ شرط فيهما معا.

__________________

(1) المغني 3 : 94 ، الشرح الكبير 3 : 14.

(2) أورده ابنا قدامة في المغني 3 : 94 ، والشرح الكبير 3 : 14.

(3) الكافي 4 : 125 ( باب صوم الصبيان ومتى يؤخذون به ) الحديث 2 ، الفقيه 2 : 76 ـ 332 ، التهذيب 4 : 326 ـ 1012.

(4) التهذيب 4 : 281 ـ 851 ، الاستبصار 2 : 123 ـ 398.

(5) المغني 3 : 94 ، الشرح الكبير 3 : 14 ، وراجع كنز العمال 8 : 521 ـ 23951.

(6) المبسوط للطوسي 1 : 266.

(7) انظر : المغني 3 : 94 ، الشرح الكبير 3 : 15.

(8) الكافي 4 : 124 ـ 125 ـ 1 ، التهذيب 4 : 282 ـ 853 ، الاستبصار 2 : 123 ـ 400.

(9) قال الشاشي القفّال في حلية العلماء 3 : 173 نقلا عن أبي حنيفة : لا يصحّ صومه. وانظر : بدائع الصنائع 2 : 87.