أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-12-2015
855
التاريخ: 15-12-2015
1023
التاريخ: 16-12-2015
955
التاريخ: 15-12-2015
1254
|
نحن نعلم بأنّ حياة البشرية تقسّم إلى مرحلتين : مرحلة ما بعد اختراع الكتابة عندما تمكن الإنسان من تدوين شيء من نفسه وسمّيت هذه المرحلة بمرحلة التاريخ، ومرحلة ما قبل اختراع الكتابة، فمن الطبيعي أنّ الإنسان لم يكن في هذه المرحلة قادراً على تدوين شيءٍ ممّا كان يدور حوله كي يصبح له تاريخ مدوّن، وأطلق على هذه المرحلة اسم مرحلة ما قبل التاريخ.
لكن عدم اختراع الكتابة في تلك العصور لم يكن حائلًا أبداً أمام معرفتنا لأوضاع تلك الشعوب، وذلك لأنّ ما خلّفوه من آثار تحت التراب وفي المغارات وغيرها كثير جدّاً ممّا يسهّل الكشف عن مجهولات كثيرة في اسلوب معيشتهم.
فالعلماء ما زالوا مستمرين في التنقيب في مختلف أنحاء العالم عن الآلات المختلفة التي كان الإنسان يستخدمها في تلك الفترة وما زالوا ينقّبون عن بيوتهم وقراهم التي كانوا يسكنونها، كي يطالعوها بدقّة بعد العثور عليها ليدوّنوا ما يكتشفونه من عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم فيتوصلوا عن هذا الطريق إلى معرفة طقوسهم وعقائدهم الدينية أيضاً.
يقول عالم الاجتماع الشهير «صاموئيل كينغ» في كتابه : «إنّ أسلاف الإنسان الحالي (الذين عُثر على آثارهم خلال التنقيب) أي «النياندرتال» كانوا يمارسون طقوساً دينية، والدليل على ذلك هو دفنهم أمواتهم بطريقة خاصة ودفنهم آلاتِ عملهم معهم وهذا ما يكشف عن عقيدتهم بوجود عالم آخر» «1».
ونحن نعلم بأنّ نسل النياندرتال يتعلق بعصور مضت عليها عشرات الآلاف من السنين في زمانٍ لم تخترع فيه الكتابة ولم تدخل مرحلة التاريخ البشري.
إنّ عملهم هذا كان خرافياً وهذا ممّا لا شك فيه، لأننا نعلم بأنّ آلات العمل لا تنفع الإنسان في الآخرة، لكنّ المحفّز لعملهم هذا هو الإيمان بالحياة بعد الموت كان واقعاً متجسداً بينهم. وجاء في كتاب دائرة معارف القرن العشرين نقلًا عن كتاب «اصول علم الاجتماع» لمؤلفه «هربرت اسبينسر» : «إنّ الإنسان القديم وبسبب عدم قدرتهم على التفكير العميق كانوا يتصورون وضع الحياة في الآخرة على قدر عقولهم، لذا كانوا يحملون اعتقادات عجيبة وغريبة عن جزئيات تلك الحياة تشوبها الخرافات أحياناً، فالكثير منهم وعلى الرغم من اعترافهم بالحياة الآخرة كانوا يعتقدون بأنّ تلك الحياة تختص بمن مات موتاً طبيعياً، وكان البعض منهم يعتقد بأنّ تلك الحياة خاصة بالأبطال والأقوياء. فقسم من هؤلاء كان يدفن مع الميت سلاحه، كما كانوا يدفنون الأدوات المنزلية مع النساء ووسائل اللعب مع الأطفال (كي ينتفعوا بها عندما يبعثون ثانياً!).
كما كانوا يدفنون أحياناً جميع ما يمتلك الميت من حيوانات معه، ويدفنون معه أحياناً شيئاً من حبوب الذرة والحبوب الاخرى لكي يستفيد منها في زراعته في الآخرة!.
كما كانوا يتجاوزون ذلك أحياناً فيدفنون مع الميت نساءه وغلمانه وبعض أعوانه المقربين كي يتسامر معهم في الآخرة! حتى وصل الحد في بعض مناطق المكسيك وأمريكا إلى قتل كاهنٍ (ودفنه) مع أصحاب النفوذ ليشاوروه في الامور الدينية والمعنوية في الآخرة!!.
كما كانوا يقتلون مهرجة ويدفنونه معه أيضاً ليلهي سيده في الآخرة بحركاته وما يقصّه عليه من الطرائف.
فعدد الذين يقتلون ليدفنوا مع الشخصيات يتناسب مع حجم شخصية ومكانة ذلك الرجل، وقد ذكر أحد المؤرخين : أنّ عدد ضحايا بعض هؤلاء الأموات يصل إلى مائتي شخص!
وفي بعض الأحيان عندما كان يتوفى أحد الأبناء الأعزاء كانوا يقتلون امّه وعمّته وجدّته فيدفنونهن معه كي يكنَّ إلى جواره في الآخرة» «2».
ممّا لا شك فيه هو أنّ هذه الخرافات المرعبة كانت وليدة أفكار تلك الشعوب المنحطة فكرياً، لكن كل تلك الأحداث تتحد في دلالتها على شيء واحد وهو أنّ الاعتقاد بعالم ما وراء الموت كان ذا جذور عميقة لدى الإنسان القديم.
وجاء أيضاً في كتاب «تاريخ الحضارات العام» أنّ أجساد الموتى كانت تدفن باهتمام خاص ومراسم خاصة منذ مراحل ما قبل التاريخ وحتى نهاية التاريخ القديم، وكثيراً ما كانوا يدفنون مع الأموات الأدوات المنزلية أو اشكال غريبة اخرى، وكان ذووهم يهدونهم الهدايا، وهذه العادات والتقاليد إن دلت على شيء فإنها تدل على إيمانهم بالحياة الآخرة «3».
________________________
(1) علم الاجتماع، ساموئيل كينغ، ج 1، ص 291.
(2) دائرة المعارف قرن بيستم، ج 1، ص 90- 94 (باختصار).
(3) تاريخ الحضارات العام، ج 1، ص 99.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|