أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2014
2329
التاريخ: 12-10-2014
3346
التاريخ: 2024-11-24
63
التاريخ: 22-8-2022
1691
|
الجهاد الإسلامي وإن قسَّمهُ المحققون إلى قسمين هما : الجهاد الابتدائي والجهاد الدفاعي ، ولكل منهما فروع اخرى ، ولكن في الواقع حتى الجهاد الإبتدائي يعتبر جهاداً دفاعيّاً كما سيتضح لنا لاحقاً ، وبعد هذه الإشارة نعود إلى آيات القرآن المجيد ، ونتناولها بالبحث والتحقيق :
1- الجهاد الإبتدائي
ورد في سورة الحج ، والتي يعتقد بعض المفُسرين أنها أول آية نزلت في الجهاد : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِانَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِم لَقَدِيرٌ}. (الحج/ 39)
ثُم يضيف تعالى في توضيح المطلب ويقول : {الَّذِينَ اخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}.
والتعبير (بالإذن) في الآية يناسب ما ذهب إليه القائلون بأنّها أول آية نزلت في الجهاد ، وتدلّ على عدم وجود مثل هذا الإذن قبل ذلك.
وعلى أيّة حال ، فهي تدلّ بوضوح على أنّ بداية تشريع الجهاد هو الجهاد الدّفاعي في مقابل العدو ، ذلك العدو الذي أجبر المسلمين على الهجرة وترك منازلهم بلا ذنب اقترفوه ، نعم إن كان لهم ذنب فهو الإعتقاد باللَّه تعالى وحده.
ويذهب البعض الآخر من المفسرين إلى أنّ أوّل آية في الجهاد هي قوله تعالى :
{وَقَاتِلُوا فِىِ سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} (البقرة/ 190).
وحتى لو قبلنا هذا الرأي فإنّ أساس الجهاد مبتنٍ على كسر هجوم العدو وعدوانهم ، وكلّ عاقلٍ يدرك أنْ السكوت على عدوان العدو السّفاك لا يتلائم مع أي منطق.
والتّعبير ب «في سبيل اللَّه» يدلُّ على أنّه حتّى الدّفاع الإسلامي ، إنّما يكون للَّه وعلى أساس الموازين الشّرعية الإلهيّة لا طلباً للتَّسلط والجاه والهوى.
هذا أول شكل للجهاد في الإسلام ، ولكن لا ينبغي أن يُفهم من معنى «الجهاد الدّفاعي» أنّ الحكومة الإسلاميّة لابدّ أن تجلس مكتوفة الأيدي بلا حراك حتّى يدخل العدو بيتها ويغزوها في عقر دارها ، ثم تهب للدفاع ، بل على العكس من ذلك ، فبمجرّد أن تشعر باستعداد العدو للهجوم والقتال وأن غرضه هو الإعتداء على بلاد الإسلام ، عليها أن تأخذ بزمام المبادرة وتكسر شوكة العدو وقدرته في مهدها.
2- الجهاد لإخماد نار الفتنة
ورد في قوله تعالى : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِميِنَ} (البقرة/ 193).
وكما أشرنا فيما سبق فإنَّ في تفسير مصطلح «الفتنة» بين العلماء كلام ، ولكن مهما فسرنا «الفتنة» ، تارةً بإيجاد الفساد ، وإيذاء المؤمنين أو بالشّرك وعبادة الأوثان المقترنة بفرض هذا الإعتقاد على الآخرين ، أو كان بمعنى إضلال وإغواء وخداع المؤمنين ، كلّ ذلك أنواع من الهجوم من قبل العدو على المؤمنين ، ولذا فإنّ الجهاد في مقابل ذلك يأخذ شكلًا دفاعيّاً.
وجملة {فَإِنِ انتَهَوا فَلا عُدوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِميِنَ} تدل بوضوح على أن الهدف هو الحدُّ من ظلم الظّلمة الجائرين.
والملفت للنّظر أنّه ورد في الآية نفس السورة :
{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَاخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيثُ اخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}. (البقرة/ 191)
فهذه الآية وبملاحظة الآية السّابقة الّتي تتحدث عن المشركين المهاجمين ، تدعو بصراحة إلى قتال ومحاربة أولئك الذين أغاروا على المسلمين وأخرجوهم من ديارهم ومنازلهم والذين لا يمتنعون من ارتكاب أي جريمة في حقّ المسلمين خاصّة من أجل تغيير عقيدتهم ، فكانوا يمارسون الضّغوط والتّعذيب الوحشي ضدّهم ، فالقرآن لا يجيز قتال هؤلاء فحسب ، بل إنّه يوجب ذلك عليهم.
والفتنة وإن فُسَّرت في بعض الأحاديث وكلمات جمعٍ من المفسرين بالشّرك وعبادة الأوثان ، ولكن قرائن كثيرة في هذه الآية والآيات السّابقة واللاحقة تدلّ بوضوح على أنّه لم يكن المنّظور منها الشّرك أبداً ، بل أعمالٌ كأعمال مشركي مكّة الّذين كانوا دائماً يمارسون الضّغوط والتّعذيب ضدّ المسلمين لتغيير عقيدتهم ، ولذا ورد في تفسير «المنار» في معنى الآية قوله : «حتّى لا تكونَ لَهُم قوَّة يفتنونَكُم بها ويؤذونكُم لأجلِ الدّين ويمنعونكم من إظهارهِ أو الدّعوة إليه» (1).
ولا شكَّ في أنّ مثل هذه الفتنة وسلب الحريات والتّعذيب والضّغوط لتغيير العقيدة ودين اللَّه أشدُّ من القتل.
وعليه فجملة «ويكون الدّينُ كُلُّهُ للَّه» إشارة إلى أنّ رفع الفتنة إنّما يكون في أن يعبد شخص خالقه بحرية ، وأن لا يخشى أحداً ، لا أنْ يكون المشّركون أحراراً في عبادة الأوثان فيبدلوا الكعبة إلى محل عبادة الأصنام ، ويُسلَبُ المسلمون حقّ قول «اللَّه أكبر» و «لا إله إلّا اللَّه» علناً.
وعلى أيّة حال ، فالآيات «190» و «191» و «193» من هذه السّورة والمرتبطة بعضها مع البعض الآخر ، تدلّ جميعاً على أنّ إخماد نار الفتنة باعتباره هدفاً للجهاد الإسلامي له جنبة دفاعيّة في الواقع ، ويحفظ المسلمين في مقابل الهجمة الثّقافيّة والاجتماعيّة والعسكريّة لأعداء الإسلام.
3- الجهاد لحمايّة المظلومين
يدعو القرآن الكريم المسلمين إلى الجهاد من أجل حماية المظلومين وقتال الظالمين وتقول : {وَمالَكُمْ لَا تُقاتِلُونَ فِي سَبيلِ اللَّهِ والْمُسْتَضْعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا اخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَليّاً وَاجْعَلْ لَّنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصيراً} (النساء/ 75).
ففي الآية أوّلًا دعوة للجهاد في سبيل اللَّه ، ثُمّ تعقب مباشرة بالكلام عن المستضعفين والمظلومين الذين مارس الأعداء القساة معهم أشدَّ الضّغوط حتى أجلوهم عن وطنهم وديارهم ومنازلهم وأهليهم ، ويبدو أنّ هذين المعْنيين يعودان في الواقع إلى معنى واحد ، إذ إنّ نصرة مثل هؤلاء المظلومين مصداق واضح من مصاديق الجهاد في سبيل اللَّه.
وينبغي أن لا نغفل عن الفرق الواضح بين «المستضعف» والضّعيف ، فالضّعيف يطلق على الشّخص العاجز ، أمّا المستضعف فهو الشّخص الذي أُضطهد على يد الظّلمة الجائرين ، سواءً كان اضطهاداً فكرّياً أو اجتماعيّاً أو اقتصادياً أو سياسيّاً (إلتفتوا جيداً).
ومن الواضح أنّ هذا الجهاد جهادٌ دفاعي أيضاً ، وهو الدّفاع عن المظلومين ضد الظّالمين.
والأهداف الثّلاثة المذكورة ، هي أهم أهداف الجهاد الإسلامي ، وبالرغم من تقسيمه إلى قسمين (الجهاد الابتدائي والجهاد الدّفاعي) إلّا أنّ حقيقتهما دفاعيّة- ولهذا لا نجد في تاريخ الإسلام مورداً واحداً يدلّ على استعداد الكافرين للعيش بصلح وسلام مع المسلمين ومواجهة ذلك بالرّد والرّفض من قبل الإسلام.
واليوم أيضاً ، ليس للحكومة الإسلاميّة هدف عدواني ضد أحدٍ ، ومالم تفرض عليها الحرب فإنّها لا تقاتل أحداً أبداً ، ولكنّها تعتقد أنّ الدّفاع عن المظلومين من أهم وظائفها ومسؤولياتها ، وأنّ حبّ الفتنة وإيجاد الرّعب والوحشة والتّضييق والضغوط وسلب الحريات من قبل أعداء الإسلام نوعٌ من أنواع إعلان الحرب ، ولذا تعتبر نفسها مسؤولة عن الدّفاع ضد المعتدين.
ونكرر ثانية ، إنّ مفهوم الدّفاع ليس أنْ يجلس الإنسان مكتوف الأيدي حتّى يُغزى في عقر داره ، بل عليه أنْ يتحرك إيجابياً ضدّ تحركات الأعداء ويحفظ قدرته العسكريّة القتاليّة وخاصة في الظرّوف الحسّاسة ، وأنْ يبادر بضرب الأعداء قبل أن يفاجئه العدو المتآمر.
________________________
(1) تفسير المنار ، ج 2 ، ص 211.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|