أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1983
التاريخ: 2024-05-28
658
التاريخ: 2024-06-29
546
التاريخ: 11-10-2014
1798
|
من القرائن الرئيسة الاخرى لمعرفة المدعين للنبوّة الصادقين من الكاذبين هو إيمانهم بما يدّعونه وتضحيتهم وايثارهم في سبيله، ولأنّ المدعين الكاذبين مطّلعون على حقيقة الأمر فإنّهم بالطبع لا يضحون كثيرا في سبيل هدفهم، بالإضافة إلى أنّهم مستعدون للمساومة وتحريف مدعياتهم، في حين أنّ الصادقين منهم لا يُجوِّزون لأنفسهم أيّاً من ذلك.
صحيح أنّ هذا الأمر بمفرده غير كاف، ولكن يعتبر قرينة جيدة تضم إلى القرائن الاخرى.
ولم ير في أيٍّ من كتب التاريخ أنّ نبي الإسلام صلى الله عليه و آله قد تراجع أو تنصل عن معتقداته، أو فرَّ من ميدان الجهاد، وحتى في معركة (احد) عندما وصلت الحرب إلى أقصى درجات الشدة وفرّ من ساحة المعركة أغلب الجيش (أو كله عدا علياً عليه السلام وبعض المخلصين والتجأوا إلى مكان ليضمنوا نجاتهم، هنالك حيث بقي النبي صلى الله عليه و آله صامداً في الميدان، محتملًا أذى الجراحات بسبب اصابته في جبهته وأسنانه ولم يبق له في الظاهر أي أمل في النجاة ولكنه ظل صامداً.
وفي قصة (مرض أبي طالب) وطلب قريش منه- التي قرأناها في بداية الجزء السابق- أن يعرض على النبي صلى الله عليه و آله أن يكفَّ عن محاربته لعبادة الأصنام، ويكف عن الدعوة إلى الإله الواحد الأحد، قال صلى الله عليه و آله : «لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره اللَّه أو أهلك فيه ما تركته» (1).
ونقرأ في قصة اخرى : إنّ قريشاً جاءت للنبي صلى الله عليه و آله وأعطته وعداً بأنّ تضع تحت اختياره من المال ما يجعله أغنى رجال مكة، وأن يُزوِّجوه أي امرأة يريدها، ويجعلوه عليهم سيداً، بشرط (أن يدع تسفية أصنامهم. وقالوا له : إذا لم تقبل فلدينا اقتراح آخر ينفعك وينفعنا وهو أن تعبد الهتنا مثل (اللات) و (العزى) عاماً ونحن نعبدُ آلهتك عاماً لنرى ما تكون العاقبة)، وهنا نزلت سورة {يَاأَيُّها الكَافِرُونَ}، وردّ عليهم النبي صلى الله عليه و آله بالسلب (2).
وفي تفسير سورة طه (الآية الثانية) نقرأ : حينما كان النبي صلى الله عليه و آله- بعد نزول الوحي والقرآن- يتعبدُ كثيراً إلى حد تورّمت قدماه المباركتان، فنزلت الآية الآنفة لتمنعه من هذا العمل المُرهق، وقالت : {مَآ انزَلنَا عَلَيكَ القُرآنَ لِتَشقَى}. (طه/ 2)
وهذه دلالة على أنّه إلى أي حدٍّ كان مؤمناً بتعاليمه.
و (قصة المباهلة) ودعوة النبي صلى الله عليه و آله أعداءه- أن إذا كنتم تقولون حقا فتعالوا بأهلكم، ويطلب كل منا من اللَّه أن ينزل العذاب على الكاذب ويفضحه- هي دلالة اخرى على إيمانه الراسخ بدينه، لأنّه صلى الله عليه و آله أعلن استعداده التام لهذا الغرض، وتراجع مخالفوه لأنّهم غير مطمئنين بأحقيتهم في المباهلة.
وقد نقل مؤرخو الشرق والغرب قصصاً وحكايات كثيرة عن (صمود النبي صلى الله عليه و آله أمام الحوادث ومواجهته للمشاكل الكبرى التي يعجز الإنسان العادي عنها.
قال (غوستاف لوبون) المستشرق الفرنسي المعروف : إنّه لا يهرب من أي خطر، وفي نفس الوقت لا يلقي بنفسه إلى الخطر بدون دليل (3).
ويقول تلميذ تلك المدرسة العظيم أمير المؤمنين (عليه السلام بشأن أحوال النبي صلى الله عليه و آله في سوح القتال : «كنّا إذا احمر البأس ولقى القوم اتقينا برسول اللَّه فما يكون أحدٌ أقرب إلى العدو منه» (4).
_____________________
(1) تفسير جامع البيان، ج 2 ص 67.
(2) تفسير جامع البيان، ج 2، ص 70.
(3) حضارة الإسلام والعرب، ص 119.
(4) بحار الأنوار، ج 16، ص 232، وبنفس المضمون مع بعض التفاوت في نهج البلاغة. الكلمات القصار، الكلمة 9.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|