أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-03-29
![]()
التاريخ: 24-10-2016
![]()
التاريخ: 18-12-2020
![]()
التاريخ: 12-1-2017
![]() |
تولى الملك «شلمنصر الثالث» بعد والده «آشور ناصير بال»، وقد سار على نهج والده في فتوحه ومد حدود بلاده شمالًا وغربًا، وبخاصة في البلاد التي كانت متاخمة لملكه مباشرة وتقع على خطوط التجارة، وقد اعترضه في تنفيذ تلك السياسة عقبات؛ من ذلك أن «بيت أداني» كانت تقع على طريق تجارة «آشور»، وكان ملكها «أخيوني» لا يزال ملكًا عليها على الرغم من أنه كان تابعًا لملك «آشور»، وكان الاستيلاء على هذه البلدة أمرًا ضروريًّا لأجل أن يكون كل وادي الفرات من أول هذه البلدة حتى «بابل» تحت السلطة المركزية الآشورية، يضاف إلى ذلك احتمال تدخل أمير طموح مثل «أداد إدري» ملك «دمشق» في المشروعات الآشورية في أرض الغرب الغنية، وكان لا بد من بسط نفوذ «شلمنصر» وإخضاعه إذا أمكن لسلطانه، وتدل الأحوال على أن ملوك «آشور» قد أخذوا عن مصر عادة إعلان الحرب على عدد من أعدائهم أثر اعتلاء العرش مباشرة؛ إظهارًا لقوتهم وعظمتهم حتى يبعث الرعب والهلع في نفوس الأقوام الآخرين المعادين، وليظهروا أنهم ليسوا أقل شأنًا ممن سبقوهم في الإقدام وشدة البأس.
ففي السنة الأولى من حكمه سار هذا العاهل بجيشه إلى «بيت أداني»، وكان ملكها «أخيوني» وكذلك ملك دمشق «أداد-إدري» يخافان على تجارتهما مع الشمال بعد أن رأيا قوة «آشور» هناك، فألف حلفًا مكونًا من اثني عشر أميرًا صغيرًا يمتد نفوذهم من أول بلاد «قوى» (سيليسيا) في الشمال حتى بلاد إسرائيل «وعمون» في الجنوب لمحاربة «آشور»، وقد قابل «شلمنصر» هذا الحلف عام 853 ق.م بعد أن ضرب مدينة «قرقار» في معركة خارجها، وكان عدد رجال العدو حوالي 63000 من المشاة وألفين من الخيالة الخفيفة وأربعة آلاف عربة وألف جمل، فخسر الحلف حوالي 1400 مقاتل، ولكن كانت خسائر الآشوريين عظيمة أيضًا؛ لأنهم لم يتابعوا العدو بل تنحوا عن القتال بعد المعركة، وعلى ذلك بقيت «دمشق» خارجة عن قبضة الآشوريين.
أخذ الآشوريون بعد ذلك يولون وجوههم نحو «بابل» التي كانت قد بدأت تناصب ملكهم العداء، وبعد أن قضى على هذه الثورة عاد لمحاربة «حماة» «ودمشق»، وقد استولى في طريقه إلى هذين البلدين على «كركميش»، وقد دامت المناوشات بين الطرفين حتى عام 845 ق.م عندما صمم «شلمنصر» على كسر شوكة جيشي «حماة» «ودمشق» فسار إليهما بجيش قوامه 12000 مقاتل، غير أنه لم يفلح في إخضاع «دمشق» وبقيت خارجة عليه.
ويرجع الفضل إلى مقدرة رجال إدارة «شلمنصر» في أنه كان في استطاعته أن يؤجل مؤقتًا موضوع إرهاب أقوام الشمال والشرق الذين على حدود بلاده، ولكنه بعد مضي ثلاث سنوات حتمت عليه الأحوال أن يسير بجيشه حتى منابع «دجلة» «والفرات» في عام 844 ق.م فاستولى على «نمري» الواقعة على حدوده الشرقية وطرد منها ملكها «مردوك خوداميك» عام 843 ق.م، ويُحتمل أنه مخاطر بابلي، وقد نصب مكانه حاكمًا من أهل البلاد.
وفي خلال تلك الأحداث كان الحلف الذي ألفه ملك «حماة» «ودمشق» لمقاومة هذا العاهل قد تمزق شمله؛ وذلك لأن «حماة» كانت قد تلقت كل صدمات الحملات السابقة حتى أصبحت ضعيفة، أما ملك «دمشق» «أداد-إدري» فكان قد مات، وكذلك ملك إسرائيل «أخاب» كان قد قضى نحبه، وكان يحكم «دمشق» في ذلك الوقت ملك يدعى «حازائيل» بدلًا من سيده الذي قتل، وقد اضطر لمواجهة «شلمنصر» منفردًا في جبل «ساتيرو» (هرمون) في عام 841 ق.م، فهزم في موقعة عظيمة خسر فيها 16000 مقاتل، ولكنه وقف للعدو في «دمشق» بقلب شجاع، غير أنه في النهاية وهنت قوته لدرجة أن «يهو» ملك «إسرائيل» وملكا «صور» «وصيدا» ذهبوا إلى «شلمنصر» لدفع الجزية خوفًا منه، وقد ترك لنا منظر دفع هذه الجزية في نقش على صخور «نهر» الكلب «ومن الجائز أن «مصر» التي كانت دائمًا مهتمة بشئون «سوريا» قد قدمت جملين من الجمال ذوات السنامين وفرس بحر وحيوانات أخرى ليست معروفة في «آشور» لهذا الفاتح، على أن ذلك ليس محققًا؛ إذ من المحتمل أن كلمة مصر تعني إقليمًا من بلاد العرب».
وعلى الرغم من أن «شلمنصر» لم يحطم قوة «دمشق» «وذلك أهم غرض له في هذه الحملة» فإنه وصل إلى نشر سيادة «آشور» حتى البحر الأبيض المتوسط كما تدل على ذلك حملاته التي تلت تلك الحملة، ففي عام 839 ق.م سار بجيشه في إقليم «قوى» (سيليسيا) وكان غرضه من ذلك تأمين طريق القوافل، وفي عام 837 ق.م استولى على أربع مدن من «خازائيل» ملك «دمشق» كما تسلم جزية من «صور» «وصيدا» «وجبيل».
وكذلك خضع له ملك «توبال» في العالم التالي وزار «شلمنصر» مناجم «كابودشيا» ثم استمر في محاربة الجهات الأخرى حتى عام 832 ق.م عندما هاجم «قوى» (سيليسيا) كرة أخرى فهزمها وأصبحت تابعة له، ثم فتحت «طرسوس» أبوابها لهذا العاهل، وبذلك سقطت أول حليفة حاربت في جانب «أداد إدرى» ملك «دمشق» «وأرخوني» ملك «حماة»، وهذا الفتح الأخير الذي قام به «شلمنصر» في الغرب كان النتيجة المنطقية للمجهودات الحربية التي قام بها «الآشوريون» مدة ستين سنة؛ إذ قد أصبحت كل طرق القوافل من «كابودشيا» حتى مدينة «آشور» في أيديهم، واعترفت بلاد ساحل البحر الأبيض المتوسط من «جبيل» حتى «طرسوس» بسيادتهم، هذا؛ ولم تكن إدارة «شلمنصر» لممتلكاته الجديدة أقل حزمًا وثباتًا عن إدارة «آشور ناصير بال» في أقاليمه المحددة، وقد ختمت حياة هذا العاهل بقيام ثورة وحروب داخلية في أواسط «آشور»، وذلك أن «آشور-دائن بال» أحد أبناء «شلمنصر» كان قد جمع حوله حصنًا ليساعده على تولي العرش، وقام بثورة في عام 827 ق.م، والظاهر أن الملك «شلمنصر» مات وقتئذٍ، فأفلح هذا المدعي في جمع معظم المدن الهامة حوله، ونخص بالذكر منها «نينوة» «وآشور» «وأربلا»، كما استمال إلى جانبه كثيرًا من المديريات الآشورية، وأخذ في محاربة «شماشي أداد» الذي اختاره «شلمنصر» خلفًا له، غير أن تلك السحابة التي سودت آخر أيام «شلمنصر» لم تؤثر على ما كسبه من فخار في أعين أخلافه، ولا بد أن ما أتاه من جليل الأعمال يعد الأساس لبناء قوة إمبراطورية «آشور»، ففي الجنوب ثبت النظام في «بابل»، وفي الغرب أخضع كل شمال سوريا لسلطانه، وفي الشرق خلع ملوكًا ونصب غيرهم بما يكفل قيام السيادة الآشورية، وفي الشمال رأى أنه لا يمكن تأمين الطرق والقبض على ناصيتها إلا بعد مهاجمة بلاد «أوراوتو» (= أرارات؛ أي بلاد أرمينيا) وهزيمتها، وعلى الرغم من أن حملاته في مراكز «أورارتو» الجنوبية لم تصل إلى هدفها فإن المشاغبات التي كانت تحدث بين سكان القبائل الجبلية قد قلت حدتها عما كانت عليه أيام أسلافه.
ولم يعرف من مباني «شلمنصر» إلا ما تركه لنا في مدينة «آشور» نفسها، وبقايا هذه المباني هامة؛ لأنها تكشف لنا عن طريقة جديدة في إقامة الحصون، وهي التي اتبعت دائمًا فيما بعد، فقد أقيم على خط خندق المدينة جدار كثيف وضعت فيها أبراج يبعد الواحد منها عن الآخر مائة قدم.
وعند بوابة صناع المعدن التي كانت مزينة بلبنات منمقة بُني الجدار بصورة جعلت البوابة كأنها تؤلف نقطة دفاع قوية، وعلى مسافة 65 قدمًا من البوابة أقيم جدار داخلي سمكه ثلاث وعشرون قدمًا، وبه أبراج ربما كانت تشرف على الجدار الخارجي.
وقد ترك لنا «شلمنصر» قطعتين من أحسن ما أخرجه الفن الآشوري وهما المسلة السوداء والشرائط المصنوعة من البرنز التي وجدت في «بالاوات»، وهذه الشرائط كانت تؤلف أربع بوابات وعليها زركشة مضغوطة تمثل مناظر من أهم حملات «شلمنصر»، كما مثلت عليها الجمال والماشية التي جاءت لملك «آشور» بجزية من «جيلزان»، والصور التي مثلت على المسلة السوداء تشبه في شكلها المناظر التي على شرائط البرنز.
وقد كشف لهذا الملك أخيرًا عن لوحة جميلة تلخص لنا مدة حكمه في الست عشرة سنة الأولى، والواقع أن تاريخ «شلمنصر» الرسمي ممتع في قراءته، فقد كان من أولئك الملوك الذين يؤمنون بالإمبراطورية، ولذلك كان فخورًا بها؛ لأن الإمبراطورية في نظره كانت تعني الحرب وسفك الدماء، ولم يرَ مبررًا للحد من هذه الأغراض أو الإقلاع عن التفاخر بأعماله في التحدث عن الحرب وإباحة الدماء، كما أنه لم يكن متواضعًا في أمور أخرى، فقد كان فخورًا بما قام به من قطع الأشجار في جبال «أمنوس» وأنه وصل إلى بحر «نيري» (بحيرة وان) وبحر الشمس الغاربة «البحر الأبيض المتوسط» والبحر الذي يسمونه المر «الخليج الفارسي»، وقد كان كثير الزهو بركوبه السفن، وقد فاخر بحق بأنه وصل إلى منابع الفرات ودجلة … إلخ.
|
|
"إنقاص الوزن".. مشروب تقليدي قد يتفوق على حقن "أوزيمبيك"
|
|
|
|
|
الصين تحقق اختراقا بطائرة مسيرة مزودة بالذكاء الاصطناعي
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تطلق النسخة الحادية عشرة من مسابقة الجود العالمية للقصيدة العمودية
|
|
|