أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-4-2021
![]()
التاريخ: 17-4-2019
![]()
التاريخ: 10-9-2016
![]()
التاريخ: 15-4-2021
![]() |
في مجرى تاريخهم، كثيراً ما اتهم الإسماعيليون بأنواع شتى من التعاليم والممارسات الهرطقية أو الإلحاد والمروق)، وجرى في الوقت نفسه تداول جملة كثيرة من الأساطير والروايات المسيئة حولهم. وكانت هذه الحالة العامة
انعكاساً للحقيقة البائسة بخصوص أن فهم الإسماعيليين والحكم عليهم كان يتم حصرياً تقريباً، حتى منتصف القرن العشرين على أساس من الأدلة المجموعة، أو المفبركة في معظم الأوقات على أيدي أعدائهم وباعتبارهم الجناح الشيعي الأكثر ثورية وذا الأجندة الدينية - السياسية الهادفة إلى اقتلاع العباسيين واستعادة الخلافة إلى خط الأئمة العلويين، فقد أثار الإسماعيليون منذ وقت مبكر عداوة المؤسسة العباسية - السنية للأكثرية المسلمة وبتأسيس الدولة الفاطمية سنة 297/909 ، أصبح التحدي الإسماعيلي للنظام القائم أمراً واقعاً، الأمر الذي بنى عليه الخلفاء العباسيون و(العلماء) السنة وشنوا ما بلغ مبلغ حملة دعائية رسمية مضادة للإسماعيليين. وكان الهدف العام لهذه الحملة المنظمة المستطيلة زمنياً هو إسقاط سمعة الحركة الإسماعيلية منذ بدايتها بحيث يمكن إدانة الإسماعيليين بسهولة بأنهم (ملاحدة) أو مارقون أو منحرفون عن الطريق الديني الحق. وقد شارك رجال دين وفقهاء ومؤرخون وكتاب فرق بدرجات متفاوتة في هذه الحملة. وقام الجدليون من أهل السنة خصوصاً بوضع وفبركة الدليل اللازم لإدانة الإسماعيليين على أسس عقائدية محددة. وقد لفقوا روايات مفصلة عن التعاليم الخبيثة والممارسات اللاأخلاقية للإسماعيليين في الوقت الذي راحوا ينفون فيه عن أئمتهم صحة النسب العلوي. كذلك أقدم عدد من الجدليين على فبركة عدد من الصور الممسوخة نسبوا فيها جملة من المعتقدات والممارسات المقيتة إلى الإسماعيليين. وجرى تداول هذه الروايات المزورة على نطاق واسع على أنها رسائل إسماعيلية صحيحة، واستخدمها بمرور الوقت كمواد مرجعية أجيال من المؤلفين المسلمين الذين كتبوا عن الإسماعيليين.
بنشر الجدليين لهذه الطعون والروايات المزيفة خلقوا وغيرهم من الكتاب المناوئين للإسماعيليين تدريجاً، بدءاً من القرن الرابع / العاشر، ما يسمّى «الخرافة السوداء». وطبقاً لذلك جرى تصوير الإسماعيلية على أنها قمة الإلحاد في الإسلام، صممها بعناية شخص يقرب اسمه من عبد الله بن ميمون القداح، أو بعض الدجالين من غير العلويين، أو ربما حتى ساحر يهودي متنكر بزي إسلامي بغرض تدمير الإسلام من الداخل. وبحلول القرن الخامس/ الحادي عشر، أصبحت هذه الحكاية الخيالية بكل تفاصيلها المحبوكة ومراحل التلقين (أو التبليغ) الذي يُفضي إلى الكفر والإلحاد، مقبولة كوصف دقيق وموثوق الدوافع الإسماعيليين ومعتقداتهم وممارساتهم، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الجدل والتهم الطائفية ضد الإسماعيليين وتكثيف حدة عداوة الجماعات المسلمة الأخرى الموجهة ضد المسلمين الإسماعيليين واستمرت مكونات «الخرافة السوداء» المناوئة للإسماعيليين تلهب خيال أجيال لا تحصى من الكتاب السنة طوال حقبة العصر الوسيط.
من الممكن اقتفاء أثر العديد من المكونات الأساسية «للخرافة السوداء» المضادة للإسماعيليين، وخصوصاً ما يتعلق بأصول التاريخ المبكر للإسماعيلية، والعودة بها إلى شخصية بعينها من الجدليين السنة تدعى أبا عبد الله محمد بن علي بن رزام (أو رُزام) الطائي الكوفي، المعروف على الأكثر بابن رزام، الذي عاش في بغداد إبان النصف الأول من القرن الرابع / العاشر. وقد كتب رسالة هامة في نقض الإسماعيليين. ويبدو أن رسالة ابن رزام المضادة للإسماعيليين، كتاب الرد على الإسماعيلية (أو نقض الباطنية)، لم يكتب لها البقاء وإنما اقتبست في كتاب الفهرست لابن النديم الذي انتهى تصنيفه سنة /377/987). الشيء الأكثر أهمية هو استخدام جدلي آخر الشريف أبي الحسين محمد بن علي، وهو علوي من دمشق عُرف غالباً باسم «أخو محسن»، لهذه الرسالة بصورة مكثفة بعد كتابتها بعقود قليلة وكتب أخو محسن، وكان من أوائل علماء الأنساب العلويين، رسالته الخاصة المضادة للإسماعيليين التي اشتملت على جزءين تاريخي وعقائدي، حوالي سنة 372/982. ولم يكتب البقاء لهذا العمل أيضاً. غير أن مجتزات مطوّلة من رواية أخي محسن نجدها محفوظة عند العديد من الكتاب اللاحقين، وأبرزهم من المؤرخين المصريين النويري (ت. 377/1333)، وابن الدواداري (ت. بعد 736/1335)، والمقريزي (ت. 845/1442)، الذي كان أول مرجعية تحدّد ابن رزام مصدراً أساسياً لأخي محسن، وأدان الاثنان بأنهما غير موثوقين. إن عدم صدقية ابن رزام سبق لها أن برزت في كتابة معاصره، المؤرخ المسعودي.
أصبحت هذه الحكاية الخيالية بكل تفاصيلها المحبوكة ومراحل التلقين (أو التبليغ الذي يُفضي إلى الكفر والإلحاد، مقبولة كوصف دقيق وموثوق الدوافع الإسماعيليين ومعتقداتهم وممارساتهم، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الجدل والتهم الطائفية ضد الإسماعيليين وتكثيف حدة عداوة الجماعات المسلمة الأخرى الموجهة ضد المسلمين الإسماعيليين واستمرت مكونات الخرافة السوداء» المناوئة للإسماعيليين تلهب خيال أجيال لا تحصى من الكتاب السنة طوال حقبة العصر الوسيط.
من الممكن اقتفاء أثر العديد من المكونات الأساسية «للخرافة السوداء» المضادة للإسماعيليين، وخصوصاً ما يتعلق بأصول التاريخ المبكر للإسماعيلية، والعودة بها إلى شخصية بعينها من الجدليين السنة تدعى أبا عبد الله محمد بن علي بن رزام (أو رُزام) الطائي الكوفي، المعروف على الأكثر بابن رزام، الذي عاش في بغداد إبان النصف الأول من القرن الرابع / العاشر. وقد كتب رسالة هامة في نقض الإسماعيليين. ويبدو أن رسالة ابن رزام المضادة للإسماعيليين، كتاب الرد على الإسماعيلية (أو نقض الباطنية)، لم يكتب لها البقاء وإنما اقتبست في كتاب الفهرست لابن النديم الذي انتهى تصنيفه سنة /377/987. الشيء الأكثر أهمية هو استخدام جدلي آخر الشريف أبي الحسين محمد بن علي، وهو علوي من دمشق عُرف غالباً باسم «أخو محسن»، لهذه الرسالة بصورة مكثفة بعد كتابتها بعقود قليلة وكتب أخو محسن، وكان من أوائل علماء الأنساب العلويين، رسالته الخاصة المضادة للإسماعيليين التي اشتملت على جزءين تاريخي وعقائدي، حوالى سنة 372/982. ولم يكتب البقاء لهذا العمل أيضاً. غير أن مجتزات مطوّلة من رواية أخي محسن نجدها محفوظة عند العديد من الكتاب اللاحقين، وأبرزهم من المؤرخين المصريين النويري (ت. 733/1333)، وابن الدواداري (ت. بعد (736/1335)، والمقريزي (ت. 845/1442)، الذي كان أول مرجعية تحدّد ابن رزام مصدراً أساسياً لأخي محسن، وأدان الاثنان بأنهما غير موثوقين. إن عدم صدقية ابن رزام سبق لها أن برزت في كتابة معاصره، المؤرخ المسعودي.
وكان في رسالة أخي محسن الجدلية أن ورد ذكر لكتاب السياسة، وهو الأكثر شهرة من بين الصور الممسوخة الأولى المنسوبة إلى الإسماعيليين. ويعد هذا الكتاب الذي استخدمته أجيال عديدة من الجدليين وكتاب الفرق، مصدراً أساسياً للعقائد السرية للإسماعيلية. وواضح أنه توفرت في هذا الكتاب المجهول المؤلف كل الأفكار اللازمة لإدانة الإسماعيليين كملاحدة على أساس من إباحيتهم وإلحادهم المزعومين. ويزعم أخو محسن أنه قرأ ذلك الكتاب ونقل منه مقاطع تتعلق بالإجراءات التي يفترض أن الدعاة الإسماعيليين قد اتبعوها في كسب المستجيبين الجدد، وتعليمهم لهؤلاء عبر سبع مراحل من التلقين (أو البلاغ) المؤدي بالنتيجة إلى الكفر والإلحاد. وقد شاهد ابن النديم الكتاب نفسه، أو آخر مزيفاً بعنوان كتاب البلاغ، بعد ذلك بفترة قصيرة. ويذهب البغدادي (ت. 332 / 1037)، كاتب الفرق الشهير الذي استخدم مواد جدلية في روايته الخاصة المسيئة لسمعة الإسماعيليين، إلى حد الزعم بأن مؤسس السلالة الفاطمية الحاكمة كان قد بعث بكتاب السياسة إلى أبي طاهر الجنابي (ت. 332/944)، زعيم دولة قرامطة البحرين. ولم يحاول البغدادي من خلال هذا الزعم منح صدقية لهذا العمل المزوّر فحسب بل جعل القرامطة طائعين للفاطميين بهدف إضفاء المزيد من إساءة السمعة على الأخيرين ولا حاجة إلى الإضافة هنا أن التقليد الإسماعيلي لم يعلم بهذه الروايات الخيالية إلا من خلال الأعمال الجدلية لأعدائه. وفي جميع الأحوال، فقد وفّرت الكتابات الجدلية المضادة للإسماعيليين مصدراً رئيساً للمعلومات لكتاب الفرق من أهل السنة الذين أنتجوا صنفاً آخر هاماً من الكتابات المناوئة للإسماعيليين. وأثرت التقاليد الجدلية وكتابات الفرق بدورها في المؤرخين وعلماء الدين والفقهاء المسلمين ممن كان لديهم شيء يقولونه عن الإسماعيليين. واستغلّ المؤلفون السنة، وهم الذين لم يكونوا مهتمين بجمع معلومات دقيقة وصحيحة عن الانقسامات الداخلية للشيعة وعاملوا جميع التفاسير الشيعية للإسلام على أنها بدع» أو حتى هرطقات»، استغلوا فرصة توجيه اللوم إلى الفاطميين، بل إلى مجمل الجماعة الإسماعيلية، وتحميلهم وزر الفظائع التي ارتكبها قرامطة البحرين. من جهة أخرى كان كُتاب الفرق الشيعة الإماميون
كالنوبختي (ت بعد 300/912) والقمي (ت. 301/913)، الذين كانوا مهتمين كنظرائهم من كتاب الفرق السنة بالدفاع عن شرعية جماعتهم، أفضل معرفة بالانقسامات الداخلية للشيعة وأقل عداءً للإسماعيليين الشيعة. والحقيقة أن أوائل كتاب الفرق الإماميين هؤلاء هم مصدر معلوماتنا الرئيسي بخصوص الطور الافتتاحي للإسماعيلية . بحلول نهاية القرن الخامس / الحادي عشر كانت الحملة الأدبية الواسعة الانتشار ضد الإسماعيليين قد نجحت تماماً في معظم الأراضي الإسلامية المركزية. فقد استدعت ثورة الإسماعيليين الفرس بقيادة حسن الصباح ضد السلاجقة الأتراك، الأسياد الجدد للعباسيين ردة فعل سنية أخرى دامت طويلاً ضد الإسماعيليين عموماً، والإسماعيليين النزاريين خصوصاً. فابتدأ نظام الملك (ت. 485/1092)، وزير السلاجقة والسيد الفعلي على ممتلكاتهم لأكثر من عقدين من الزمن حملة أدبية جديدة ترافقت بهجمات عسكرية على الحصون النزارية في فارس، وذلك بتأييد كامل من الخليفة العباسي والسلطان السلجوقي. وخصص نظام الملك فصلاً طويلاً من كتابه سياست نامه (أو سير الملوك)، لإدانة الإسماعيليين الذين هدفوا، طبقاً له، إلى إلغاء الإسلام والانحراف بالبشرية وإلقائها في دار البوار.
غير أن أقدم رسالة جدلية كُتبت ضد الإسماعيليين الفرس من فترة ألموت، كانت من تصنيف الغزالي (ت. 1111/505)، رجل الدين والفقيه السني الأكثر شهرة من بين المعاصرين والحقيقة أن الخليفة العباسي المستظهر (487-512/ 1094-1118) هو من كلفه رسمياً كتابة رسالة في نقض الباطنية، التسمية الأخرى التي نُحتت ليطلقها على الإسماعيليين المنتقصون من قدرهم والذين اتهموهم بالتساهل والتخلي عن الظاهر أو أوامر الشريعة ونواهيها، لأنهم وجدوا طريقاً إلى الباطن، أو المعنى الباطني للرسالة الإسلامية كما يفسرها الإمام الإسماعيلي. لقد عمد مؤلف هذا الكتاب الواسع الانتشار، المعروف عموماً بعنوان المستظهري وانتهى منه قبل وقت قليل من ترك الغزالي منصبه التعليمي في المدرسة النظامية ببغداد سنة 488 / 1095، عمد إلى صياغة مفهومه الخاص للنظام (الإسماعيلي) المتدرج في التلقين الذي يفضي في مرحلته النهائية (البلاغ الأكبر) إلى الإلحاد. وتبنّى مثالب الغزالي وطعونه كتاب سنة آخرون ممن كانوا، كنظام الملك على دراية بـ «الخرافة السوداء» الأقدم عهداً. وشارك مؤرّخون سنة، ومنهم خصوصاً كتاب الأخبار السلاجقة وبعض المؤرخين السوريين المحليين، بنشاط في الحملة الأدبية المتجددة ضد الإسماعيليين، بينما خالف فشل السلاجقة الملح في طرد النزاريين من قلاعهم الجبلية قوتهم العسكرية المتفوقة جداً.
كانت الجماعة الإسماعيلية قد أصبحت بحلول العقود الأولى للقرن السادس / الثاني عشر منقسمة وشرعت في مشاحنات ونزاعات داخلية، نزارية مقابل مستعلية. وفي هذه الحال ابتدأ الإسماعيليون المستعليون، بدعم من الدولة الفاطمية، حملتهم المناوئة للنزارية لنقض مزاعم نزار (ت. 1095/488) وذريته بالإمامة الإسماعيلية وفي واحدة من مثل هذه الرسائل الجدلية الصادرة سنة 1122/516 عن الخليفة الفاطمي، الآمر، جرت الإشارة لأول مرة إلى الإسماعيليين النزاريين السوريين باسم الحشيشية دون أي تفسير أطلق هذا المصطلح على الإسماعيليين السوريين بمعنى تحقيري دون اتهامهم فعلياً باستخدام الحشيش. وأطلقت تسمية الحشيشية على النزاريين الفرس في بعض المصادر العربية الزيدية المنتجة في شمال فارس إبان فترة ألموت. والجدير بالذكر أن جميع المصادر الإسلامية التي وردت الإشارة فيها إلى النزاريين بالحشيشية، لم تستخدم هذا المصطلح إلا بمعناه المجازي المعبر عن المذمة والذي يصف الطبقة الوضيعة من الرعاع» و«المنبوذين المتحللين اجتماعياً». أما التفسير الحرفي للمصطلح فيتجذر بالنسبة إلى النزاريين في خيالات الأوروبيين وأوهامهم من العصر الوسيط وجهلهم المتخيل للإسلام وللإسماعيليين.
|
|
دراسة: خطر يتعرض له الملايين يفاقم خطر الإصابة بالباركنسون
|
|
|
|
|
أول صحيفة مطبوعة في العالم يحررها الذكاء الاصطناعي بالكامل
|
|
|
|
|
هكذا استقبلت العتبة الكاظمية المقدسة ليلة هي خيرٌ من ألف شهر .. الليلة الأولى من ليالي القدر المباركة
|
|
|