أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2016
3197
التاريخ: 18-10-2016
3131
التاريخ:
1994
التاريخ: 23-10-2016
1727
|
إن معرفتنا بحضارة عصر فجر السلالات، من الناحية السياسية والحضارية، ناقصة قليلة بالنسبة إل بلاد آشور، ووادي دجلة بوجه عام، وكذلك وادي الفرات الأعلى، ولكنها تزداد وضوحاً في عصر فجر السلالات الثالث.
لقد أظهرت التنقيبات التي أجريت في مدينة "آشور"، أن هذه المدينة الآشورية، التي كانت أقدم المراكز أو العواصم الآشورية ، قد أسست في عصر فجر السلالات على مرتفع طبيعي يطل على دجلة، وقد كشفت هذه التنقيبات، بالإضافة إلى آثار العصور التأريخية المختلفة، عن بقايا معبد مهم شيد لعبادة الإلهة "عشتار" في عصر فجر السلالات، وقد سجل لهذا المعبد دوران رئيسيان، أقدمهما دور التأسيس (المعبد المسجل بحرف H في التنقيبات) حيث شيد على الأرض الحجرية الطبيعية (الأرض البكر)، ثم شيد فوقه المعبد الثاني وفق المخطط نفسه (معبد G). ويشير الفخار الذي وجد في المبعد إلى أنه استمر في الاستعمال في الطور الثاني وأوائل الطور الثالث من عصر فجر السلالات. ووجدت في المعبد ايضاً قطع من المنحوتات على الطراز السومري، مما يشير إلى ازدهار الحضارة السومرية في آشور في ذلك العصر، سواء كان السكان من السوريين المهاجرين من الجنوب أم من الآشوريين والسوباريين المقتبسين لتلك الحضارة.
وفي الموضع الأثري المسمى "نوزي" من منطقة كركوك (يورغان تبع على بعد نحو (13) كم غرب كركوك) وجدت بقايا أثرية من دور جمدة نصر. أما بقايا عصر فجر السلالات فلم يعثر عليها في هذه المنطقة، بل نجد المدينة تظهر في العصر الآكدي التالي باسم "كاسر" (Gasur)، ولكن أظهر المسح الاثري للتلول الكائنة في هذه المنطقة وجود ملتقطات سطحية كثيرة من فخار عصر فجر السلالات، والفخار المسمى "فخار نينوى" الطبقة الخامسة، المعاصر للطورين الاول والثاني من عصر فجر السلالات. كما وجدت آثار سومرية في مدينة "نينوى" اتي سمي باسمها هذا النوع من الفخار، ووجدت طبعات اختام اسطوانية من عصر فجر السلالات الثالث. والجدير بالملاحظة بهذا الصدد أن اسم نينوى (Ninua) نفسها اسم سومري وهو الاسم نفسه الذي كانت تسمى به إحدى مدن دولة لجش في بلاد سومر، أي مدينة "نينا" (Nina) التي تعرف بقاياها الآن باسم" سرغل" في منطقة لجش.
ولعل أبرز ما يميز الطبقات الأثرية من عصر فجر السلالات الأول والثاني في بلاد آشور نوع من الفخار مصنوع بدولاب الخزاف وهو مصبوغ ومزين بالحزوز، وأشهر أوانيه الإناء الذي يسمى إناء الفاكهة أو حامل الفاكهة (Fruit stand).
مدينة ماري (تل الحريري):
ازدهرت المدينة المسماة "ماري" في عصر فجر السلالات وتعتبر من هذه الناحية من المواضع الأثرية المهمة التي وجدت فها الآثار المميزة لهذا العصر. وتعرف بقاياها الآن باسم تل الحريري على بعد نحو 11كم شمال غربي بلدة البوكمال، عند الحدود العراقية السورية، وعلى بعد 2/1 2 كم غربي نهر الفرات. وتشغل هذه الاطلال مساحة تناهز (100) ايكر (أي نحو 400000 متر مربع).
إن أبرز البقايا التي اظهرتها التنقيبات في هذه المدينة من عصر فجر السلالات، الأدوار المعمارية التي سجلت للمعبد الذي شيد لعبادة الإلهة الشهيرة "عشتار". فقد سجلت لهذا المعبد ستة ادوار بنائية قدرت لها مدة سنة قرون تمثل أطوار هذه العصر الثلاثة، وكان آخرها المعبد الذي يرقى ف زمنه إلى الطور الاخير من عصر فجر السلالات الثالث، أي زمن سلالة أور الأولى، وسلالة لجش بوجه التقريب(2). ووجد في المعبد من هذا الدور تمثال يعود إلى احد ملوك ماري ورد اسمه منقوشاً بهيئة "لمكي ــ ماري" (Lamgi – mari) وقد لقب نفسه حاكم الإله "انليل"، كما وجد تمثال آخر لأحد كبار الموظفين أو الحكام اسمه "ابخ ــ أيل" (Ebikh – il).
والجدير بالملاحظة عن هذين الاسمين أنهما اسمان ساميان مما يدل على أن منطقة ماري كانت منذ اقدم عصور التأريخ قد استوطنها الساميون الذي اقتبسوا الحضارة السومرية، كما يجدر التنويه بأن فن النحت في ماري من عصر فجر السلالات يضاهي طراز منحوتات منطقة ديالى وأور وكيش ممن العصر نفسه. وقد ببلغ هذا المعبد في الطور الأخير من عصر فجر السلالات غاية التطور والازدهار، كما تشير إلى ذلك الآثار الجميلة التي وجدت فيه، من بينها قطع فنية مطعمة بالصدف وفصوص من الاحجار الجميلة، مما يشبه "راية أور" التي وجدت في المقبرة الملكية كما ذكرنا من قبل. ويبدو أن هذه القطع كانت تؤلف مشهداً من عدة أفاريز، يمثل احد ملوك ماري وجيشه وعرباته وأسرى الحرب ووليمة الاحتفال بالنصر. وانتهى المعبد من جراء ما أصابه من التدمير والحريق التي سجلت آثارها الواضحة فيه، ولا يعلم اسم الفاتح الذي سبب هذا التدمير. على أن الأستاذ "بارو" الذي نقب في ماري يرى ان هذا الغازي كان "أياناتم"، ملك دولة لجش ، ولكن يرجع كذلك أن يكون سرجون الآكدي ، وكلا الملكين غزا المناطق العليا من الفرات.
وختاماً لهذه الملاحظات ن مدينة ماري يجدر ان نذكر أن معبدين أخرين كشفت عنهما التنقيبات في هذه المدينة، خصص احدهما لعبادة الإلهة "نن ــ خرساك" التي مر بنا ذكر معبدها في تل العبيد وفي أور. وخصص المبعد الثاني لعبادة آلهة ورد اسمها بهيئة "نني ــ زازا" (Ninni–zaza)(3), وقد وجد في داخله قائم حجري مخروطي الشكل، مما يضاهي الانصاب السامية الغربية التي تعرف باسم " بيت ــ أيل"، ووجد أيضاً معبد خصص لعبادة الإله "شمش". اما قصر المدينة الشهير فهو يعود إلى ملوك المدينة في العصر البابلي القديم.
وخصصت أثبات الملوك السومرية لمدينة "ماري" سلالة حاكمة من بين السلالات التي حكمت من بعد الطوفان.
والإضافة إلى ماري أجريت التحريات الأثرية في جملة اماكن أخرى في جهات ما بين النهرين العليا، كشفت فيها من بين ما كشف عن آثار عصر فجر السلالات، نذكر منها الموضع الأثري المسمى "جغار بازار" (على بعد نحو 35 ميلاً جنوب غربي القامشلي بالقرب من الحدود السورية التركية)، وكان الموضع احد المستوطنات الكثيرة على طو وادي دجلة الأعلى وتتصل ببلاد آشور عن طريق القوافل عبر جبل سنجار. وأظهرت التنقيبات فيه(4) خمس عشرة طبقة أثرية، تمثل الطبقات الثالثة والرابعة والخامسة عصر فجر السلالات، ولا سيما القبور التي وجدت في الطبقتين الخامسة والرابعة حيث وجد فخار نينوى المعروف باسم "نينوى الطبقة الخامسة". ووجد من الطور الثالث من هذا العصر خنجر من الحديد ليس من أقل سماوي (من النيازك)، وهو يضاهي ما وجد في تل أسمر من منطقة ديالى. ونذكر أيضاً تل "براك" الذي يقع على بعد نحو 20 ميلاً جنوب شرقي "جغار بازار" السالف الذكر، واظهرت التنقيبات التي اجريت فيه(5) ازدهار هذا الموضع في عصر فجر السلالات، وفي دور جمدة نصر السابق له، حيث وجدت فيه المعابد الخاصة التي سميناها "معابد العين" (Eye temple). وبالنظر إلى أهمية هذا الموضع في العصور القديمة لوقوعه على طرق القوافل ما بين العراق وبلاد الشام وموانئ البحر المتوسط فقد ظل مزدهراً في العصور التي تلت عصر فجر السلالات، يدل على ذلك القصر او الحصن الفخم الذي شيده فيه الملك الآكدي الشهير "نرام ــ سين"، حفيد سرجون.
_______________
(1) للاستزادة من الآراء التي قيلت في تفسير مقبرة "أور" الملكية انظر: مجلة (IRAQ)، المجلد 22 (1960) المخصص لذكرى منقب أور المرحوم "وولي"، وفيه عدة بحوث عن هذا الموضوع وعما يتعلق بتحريات "أور" بوجه عام.
(2) حول خلاصة التحريات في "ماري" انظر:
W. Parrot, AM, I, II (1946 – 1953).
وكذلك مجلة SYRIA، ولا سيما المجلدات 1962 و1963 .
(3) حول هذين المعبدين انظر:
A. Parrot, Les Temples D' Ishtar et de Ninni - Zaza, (1967).
(4) انظر:
Mallowan, '' Excavations at brak and Chager Bazar'', in IRAQ, , (1936); IBID. 9. (1947).
(5) انظر المراجع الأساسية التالية عن أثبات الملوك السومرية:
1. Th. Jacobsen, The Sumerian King-List, (1939).
2. Kramer, The Sumerians, (1963), 328ff.
3. Rowton, in JNES, XIX, (1960), 156ff.
4. ANET, (1955).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|