المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علم الاحياء
عدد المواضيع في هذا القسم 11243 موضوعاً
النبات
الحيوان
الأحياء المجهرية
علم الأمراض
التقانة الإحيائية
التقنية الحياتية النانوية
علم الأجنة
الأحياء الجزيئي
علم وظائف الأعضاء
المضادات الحيوية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
التأثير السلوكي في الشفاء
2025-03-16
الشفاء بالألوان
2025-03-16
التأثير النفسي في الشفاء
2025-03-16
تطبيق عملي على الاستشفاء بالدعاء
2025-03-16
الشفاء في دعاء كميل بن زياد
2025-03-16
من أدعية الشفاء
2025-03-16



عوامل انتشار التلوث وجعله ظاهرة عالمية  
  
29   12:09 صباحاً   التاريخ: 2025-03-16
المؤلف : أ.د. إمحمد عياد محمد مقيلي
الكتاب أو المصدر : مشاكل البيئة الحديثة والمعاصرة (الطبعة الأولى 2025)
الجزء والصفحة : ص58-64
القسم : علم الاحياء / البيئة والتلوث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2017 1466
التاريخ: 26-11-2015 3381
التاريخ: 2025-02-09 233
التاريخ: 17-6-2017 1752

إن زيادة سكان العالم لم يقتصر أثره على استنزاف الموارد الطبيعية فحسب بل طالها من جهة أخرى عن طريق التلوث. إن جميع الأنشطة البشرية في الصناعة والنقل والزراعة والأغراض المنزلية والترفيهية يلازمها استهلاك طاقة وترك مخلفات غازية وسائلة وصلبة تطرح في الوسط البيئي مما يقلل من نقاوته ويجعله خطراً على من يعيش فيه. وتوجد العديد من الآليات التي تمكن الملوثات من الانتشار في العالم بأسره نذكر منها ما يلي:

 1- الدورة العامة للرياح الرياح : هي الهواء في حالة حركة أفقية ، وتسمى الرياح باسم الجهة القادمة منها ، فالرياح الغربية تهب من الغرب إلى الشرق أما الجنوبية فهي الرياح الهابة من الجنوب باتجاه الشمال. وتتباين سرعة الرياح من خفيفة إلى هوجاء وهي بذلك تعتبر وسطاً لنقل ما يعلق بالهواء من ملوثات غازية أو صلبة في شكل جسيمات غبارية أو هباب تلفظها البراكين الثائرة ومداخن المصانع ووسائل النقل ومولدات الطاقة لمسافات قد تبعد آلاف الكيلومترات قبل أن يتم ترسيبها على سطح الأرض. وفي هذا الصدد تشير دراسات إلى أن أكثر من 70 في المائة من العناصر المسببة في تحمض الأمطار على الدول الاسكندينافية، على سبيل المثال، تأتيها من خارج حدودها[1]. وبالمثل تشتكي الحكومة الكندية من الأمطار الحمضية القادمة إليها من المجمعات الصناعية الكبرى بإقليم البحيرات العظمى الأمريكية .

وفي الخمسينات والستينات من القرن الماضي كثرت تجارب الأسلحة النووية في الجو وعلى سطح الأرض، وعندما يجري التفجير في صحراء أمريكا، على سبيل المثال، تسجل آثار الإشعاع في التربة وحليب الأبقار بعد فترة قصيرة لا تزيد عن بضعة أيام في الجانب الآخر من الكرة الأرضية، ومن أخطر كوارث التلوث الإشعاعي كارثة مفاعل تشرنوبيل بأوكرانيا سنة 1985 والذي اندلعت فيه النيران وخرجت منه سحب الدخان المشع لكي تلوث جمهورية أوكرانيا وما جاورها من أقاليم روسية وأوربية وبلغ مداها حتى شمال أفريقيا[2] ولا ننسى كارثة انصهار مفاعل فوكوشيما اليابان عام 2011 التي ما زال العالم يعاني من أثارها إلى اليوم حيث أخدت السلطات اليابانية تفرغ صهاريج الماء الملوثة في المحيط الهادي مما سيؤثر على الأسماك فقررت العديد من الدول منع استيراد المنتوجات السمكية من اليابان.

 2 - الدورة المائية في الطبيعة : البحار والمحيطات كتل مائية في حالة حركة مستمرة في شكل تيارات سطحية وسفلية وهي بذلك تنقل كل ما يدخلها من ملوثات مع مياه الصرف الصحي للمدن والقرى والمصانع الساحلية أو مع صبيب الأنهار أو ما يترسب من الجو. وعلى ذلك فالملوثات التي تدخل المحيط الأطلسي من سواحل الولايات المتحدة تندمج مع تيار الخليج الدافئ وتصل بعد عدة أسابيع إلى سواحل شمال غرب أوروبا، والملوثات التي تدخل المحيط الهادي من سواحل الصين واليابان سوف ينقلها تيار كيروشيفو إلى سواحل شمال غرب أمريكا الشمالية. وعلى ذلك فإن المقصود بمفهوم " المياه الإقليمية للدولة" لا يعني ملكية الدولة للمياه بحد ذاتها وإنما يقصد به الحدود الإقليمية، أما المياه فهي متنقلة عبر الحدود وليس من حق أي دولة إفسادها بتحويلها إلى مقلب لنفاياتها لأن ذلك سوف يلحق الأضرار بالدول الأخرى التي ستنتقل إلى شواطئها . ويوجد الكثير من الأنهار المشتركة بين الدول مثل نهر الراين الذي ينبع من سويسرا مروراً بألمانيا وفرنسا إلى هولندا والدانوب الذي ينبع من سويسرا مروراً بالنمسا والمجر إلى يوغسلافيا وبلغاريا ثم رومانيا إلى البحر الأسود، وعلى ذلك فإن نقاوة أي نهر عند المصب سوف يعتمد على ما يلقى به من مخلفات صناعية وزراعية وصرف منزلي وعلى مخلفات القوارب والسفن العابرة خلاله وآخر من يتضرر هي دولة المصب . فأغلب ملوثات نهر الدانوب في رومانيا لا شك تأتي من دول أعالي النهر . وعلى ذلك تعقد الاتفاقيات بين الدول المشتركة في الحوض النهري الواحد لأجل تنظیم استغلال مياه النهر وتحديد سبل مكافحة التلوث المزمن والطارئ الذي قد يصيبه .

ومما يؤكد دور الرياح والماء في نقل الملوثات ظهور مادة السترونيم 90 المشعة في عظام وجثت بعض الإسكيمو رغم إجراء التجارب الذرية في مواقع بعيدة بالمحيط الهادي ، فالناقل الأكيد للمواد المشعة إلى البيئة القطبية هي الرياح والتيارات المحيطية وهناك انتقلت عبر السلسلة الغذائية البحرية إلى الأسماك والفقمة التي يتغذى عليها السكان [3] .كما دلت الدراسات على أن جسيمات الرصاص في الغلاف الجوي لجزيرة غرينلاند قد ازدادت من عام 1940 وحتى عام 1970 بنسبة %30 رغم عدم وجود مصادر لها داخل الجزيرة مما يدل على أنها انتقلت إليها من مدن ومصانع العروض الوسطى بواسطة الرياح [4]

 3- الاعتقادات الخاطئة ومحدودية بعض إجراءات التحكم في التلوث : في القديم شاع الاعتقاد الخاطئ بأن الغلاف الجوي حجم هائل وبارتفاعات شاهقة مما يمكنه من امتصاص كل ما يدخله من ملوثات، ومن المستحيل أن يحصل لها تركيز يضر بالإنسان والبيئة. في العموم يمكن قبول هذا الرأي في حالة دخول الملوثات من الفضاء الخارجي حيث يتم انتشارها على كل كتلة الغلاف الجوي وفي هذه الحالة لا يحصل لها تركيز ضار، لكن المشكلة أن الملوثات الصناعية تدخل الهواء من أسفله ولا تتوزع بالتساوي على كل الغلاف الجوي فيبقى أغلبها متركزاً بالقرب من سطح الأرض حيث يعيش الإنسان. وفي ظروف الانعكاس الحراري ينعدم الانتشار الرأسي للملوثات مما يزيد من تركيزها يوما بعد يوم بالقرب من سطح الأرض إلى أن تصل المعدلات الضارة جداً كما حصل في وادي ميس البلجيكي سنة 1930 ، ودونورا بولاية بنسلفانيا الأمريكية سنة 1948 وفي لندن عام 1952 .[5]

وفي الأقاليم التي يسيطر عليها الاستقرار الجوي المرتبط بالمرتفع دون المداري أصبح التلوث الجوي ظاهرة مزمنة لا يتوقع الشفاء منها كما في مدينة القاهرة ونيومكسيكو ولوس أنجلوس والدار البيضاء. ففي القاهرة يعيش السكان جواً ملبداً بالغبار والأدخنة على مدار السنة مما قلل من نسبة سطوع الشمس خلال النهار واختفت من سمائها النجوم خلال الليل .

ويسود اعتقاد خاطئ آخر مفاده أن البحار والمحيطات كتل مائية ضخمة لا نهاية لها ولا قرار وبإمكانها نشر الملوثات وتفكيكها وتحليلها. إن هذا الاعتقاد ربما كان مقبولاً في عهود طويلة سابقة عندما كان أعداد السكان قليلون وكانت نفاياتهم قليلة وغير معقدة كيميائياً يسهل على المنظومة المائية نشرها وتفكيكها فلا يحدث لها تركيز محلي. أما في الآونة الأخيرة فقد زادت كميات النفايات وتعقدت تركيباتها الكيميائية فأصبح البحر في كثير من المواقع عاجزا عن تفكيكها وتبديدها فبدت علامات التلوث واضحة في اتساخ الشواطئ وتعفنها وانتشار الحشرات وتناقص محاصيل الصيد البحري وتردي نوعيته لدرجة أصبحت في بعض المناطق خطراً داهماً على مستهلكيها، كما حصل في خليج مينا مانا باليابان حيث تسمم الكثير من السكان نتيجة أكلهم أسماك ركزت الزئبق بأجسامها.

وفي كثير من الأحيان تؤدي بعض إجراءات مكافحة التلوث إلى زيادة رقعة انتشار التلوث وتدويله بدلا من بقائه على مقياس محلي. فعندما وجدت المدن الساحلية أن التخلص من سوائل الصرف الصحي مباشرة في البحر أخذ يتسبب في تلوث شواطئها وتعفنها ويلحق أضراراً بالمصطافين ويسبب بواراً لصناعة السياحة البحرية قررت مد أنابيب المحاري المسافة أبعد في البحر. طبعاً هذا الحل السريع ساعد على تخفيف مشكلة التلوث محلياً لكنه لم يقضي على التلوث من جذوره، بل أدى إلى نشر الملوثات في مساحة أكبر من البحر ومازالت هناك إمكانية لرجوع نسبة منها إلى الشاطئ عن طريق الأمواج وانتقالها إلى مناطق بعيدة عن طريق التيارات البحرية، كما أن هذا الإجراء يتسبب في تلوث مصائد الأسماك، والحل الأسلم طبعاً هو تنقية المقذوفات ولو جزئياً قبل طرحها في البحر. وهناك مثال آخر يعبر عن قصور بعض الإجراءات التكنولوجية في مقاومة التلوث ، فلكي يقلل من تركيز التلوث الصادر من مولدات الطاقة الكهربائية والمصانع، اتجهت الكثير من الدول إلى زيادة ارتفاع المداخن التي وصل بعضها في كندا والولايات المتحدة إلى أكثر متر. إن هذا الإجراء أدى إلى تحسن الظروف الجوية المحلية ولكنه تسبب من ناحية أخرى في انتشار الملوثات على ارتفاعات كبيرة حيث تنشط حركة الرياح وتنقلها إلى أقاليم أخرى بعيدة كما حصل بالنسبة لمشكلة الأمطار الحمضية فوق الدول الاسكندينافية وبإقليم الشمال الشرقي الكندي، حيث تشير الدراسات إلى أن أغلب العناصر الحمضية تدخل تلك الأقاليم النائية من خارج حدودها الدولية. وهكذا فإن ارتفاع المداخن لم يحل مشكلة التلوث الجوي بل ساهم في تدويلها والحل الأسلم طبعاً يتضمن تزويد المداخن بمرشحات تقوم بترسيب العناصر الضارة وتنقي الأدخنة منها قبل أن تجد طريقها إلى الغلاف الجوي .[6]

 4- الصفة التراكمية لبعض الملوثات : تتصف بعض الغازات بصفة التراكم وزيادة التركيز بالجو، فغاز ثاني أكسيد الكربون أحد أهم الغازات المسببة في ظاهرة السخونة العالمية سجل زيادة من 280 جزءاً بالمليون سنة 1880 إلى أكثر من 350 جزءاً بالمليون في أواخر القرن العشرين. وتظهر الدراسات إلى أن التغير المناخي حاصل وليس مجرد توقع مستقبلي فتركيز ثاني أكسيد الكربون اجتاز 450 جزءا بالمليون وبدأ المناخ يظهر تطرفات مدمرة غير مسبوقة في الحرارة مسببة ضربات الشمس والإنهاك الحراري وزيادة تكرار الأعاصير المدمرة بأقاليم شرق المحيطات المدارية والجفاف المطول في مناخ البحر المتوسط على سبيل المثال[7],[8]. علماً بأن أكبر منتج لغازات الدفيئة هي الدول الصناعية بالنصف الشمالي للكرة الأرضية لكن آثارها لن تبقى محصورة على ذلك الجزء من العالم، بل تطال حتى الدول الفقيرة بالجنوب والتي لم يكن لها يد في ذلك .

ومن الأمثلة الأخرى لخاصية الهجرة وزيادة التركيز لدى الملوثات اكتشاف عناصر المبيد الحشري (ددت) في خلايا الدب القطبي بعيداً عن مناطق استعماله بالعروض الدنيا والمعتدلة حيث استخدمت بكثرة في مقاومة الحشرات المنزلية والآفات الزراعية فالدب يتغذى أساساً على حيوانات الفقمة التي تتغذى بدورها على الأسماك التي تغذت على نباتات بحرية لحقها التلوث الذي وصلها عن طريق الصرف النهري والإرساب الجوي والتيارات المحيطة. وهكذا فإن أثر استعمال المبيدات الحشرية لم يعد مقصوراً على الأقاليم المستعملة لها، بل تعداها إلى الأقاليم القطبية النائية، وإذا ما أريد حماية الحياة البرية بالعروض القطبية فيجب التفكير في إجراءات تتخذ بالعروض الدنيا والمعتدلة حيث يتركز سكان العالم ويتركز التلوث الضار بالنظم الأرضية .

 5 -هجرة الحيوانات والطيور: توجد دورة موسمية مرتبطة بتغير الفصول تثير غريزة الهجرة لدى بعض الأنواع الحيوانية البرية والبحرية ففي المحيطات يمكن ملاحظة هجرة الحيتان نحو مياه العروض الدفيئة شتاء لكي تجد البيئات المناسبة لإتمام عمليات التزاوج والتوالد وفي الربيع تبدأ الهجرة باتجاه القطب الشمالي وتصله في الصيف وهو موسم التكاثر بالنسبة للأسماك الصغيرة وحيوانات الفقمة التي تتغذى عليها الحيتان وعلى اليابس تهاجر قطعان الرنة والذئاب والدببة باتجاه القطب في الصيف ونحو الغابات المخروطية في الشتاء. أما مجال هجرة الطيور فهو أوسع لإمكانيتها على الطيران المسافات طويلة. فالصقور والبط واللقالق والخطاف تهاجر باتجاه القطب صيفاً حيث تجد وفرة في الأسماك ومع حلول الشتاء تهاجر نحو العروض الدفيئة تفادياً لمخاطر الصقيع. وأثناء تنقل هذه الحيوانات والطيور تختلط بالأنواع المحلية فتنقل إليها الفيروسات الملتصقة بها أو المصابة بها مما يؤدي إلى انتشار الأمراض في بيئات جديدة لم تكن لتصلها لولا هذه الحيوانات. وفي صيف 2002 تعرض الجنوب الغربي للولايات المتحدة إلى مرض فيروسي شبيه بالملاريا تنقله البعوض إلى الإنسان أطلق عليه مرض غرب النيل وبعد بحث ودراسة تبين أنه دخل البلاد بواسطة الطيور المهاجرة. وفي عام 2004 أصيب أعداد من سكان جنوب شرق آسيا وبالتحديد فيتنام والصين وتايلاند وماليزيا بمرض فيروس أنفلونزا الطيور انتقل إليهم جراء تعاملهم مع حيوانات الحقل كالبط والدجاج والخنازير. ويتخوف العلماء من إمكانية حدوث طفرات جينية في هذا الفيروس تجعله ينتقل من إنسان لآخر وهنا تكمن الكارثة في حصول وباء يقضي على الملايين من البشر. وما أن حل خريف عام 2005 حتى اكتشفت إصابات بالمرض في الطيور المحلية في كل من روسيا وتركيا ورومانيا واليونان ومصر ونيجيريا يعتقد أنها انتقلت لهذه الدول من الطيور المهاجرة.

6- التجارة الدولية: تتطلب الحياة العصرية تبادل السلع وموارد الطاقة والغذاء والأدوية بين الدول، وإذا كانت هذه السلع ملبية الشروط الصحية المتفق عليها تحصل الفائدة، أما إذا كانت ملوثة فإنها تتسبب في نشر مسببات المرض بين الشعوب . فعلى سبيل المثال، آفة الذبابة الزرقاء المنتجة للدودة الحلزونية التي تصيب جروح الحيوانات انتقلت إلى ليبيا سنة 1988 نتيجة استيراد شحنة من الأغنام المصابة من البرازيل[9]

كما أن استيراد شتول مصابة بيرقة حفار الساق تسبب في انتشار الآفة في منطقة طرابلس مهددة اللوزيات والرمان بالانقراض نهائياً .

وعند المتاجرة في بضائع مصابة بمرض معين سوف ينتقل ذلك المرض إلى سكان الجهة المستوردة، فمرض جنون البقر الذي يصيب دماغ الحيوان ويفقده القدرة على المشي بإمكانه الانتقال إلى الإنسان أيضا ويصيبه بنفس الأعراض ظهر في بريطانيا سنة 1999 وما كادت البلاد تنتهي من هذه المشكلة حتى ظهر داء الحمى القلاعية بين قطعان الأغنام، وكإجراء احترازي تم إعدام كل قطيع تظهر فيه ولو إصابة واحدة بين أفراده وتم أيضاً تعقيم عجلات السيارات وأحذية الأشخاص القادمون من مناطق ظهرت بها الإصابة. وظهر هذا المرض حديثا في ليبيا في شتاء 2024 فقضى على نسبة كبيرة من مواليد الأغنام.

إضافة إلى ما سبق هناك آثار سلبية أخرى للتجارة الدولية متمثلة في تجارة السجاير والمخدرات والأسلحة والمفرقعات. حيث تتبادل الدول كميات كبيرة من السجائر المضيعة للأموال والضارة بالصحة والملوثة للبيئة، ويجرى بطرق غير شرعية وسرية الاتجار في المخدرات المذهبة للعقل والمسببة للأمراض الجسدية والنفسية. أما تجارة المفرقعات التي أصبح لا يمكن الاستغناء عنها في الأعياد الدينية والقومية والأعراس فهي تسبب التلوث الضوضائي في الأحياء السكنية وفي تلوث الجو بالدخان وفي حصول الكثير من الحرائق في المحال التجارية وإصابات الحروق البليغة أحياناً بين

السكان .

7- إعادة توطين المصانع الملوثة وتصدير الملوثات الخطرة: إن صرامة التشريعات والقوانين المقاومة للتلوث بالدول المتقدمة أجبرت الشركات الصناعية على البحث عن مواطن جديدة لمصانعها القديمة بالدول الآخذة في طريق النمو والأقل صرامة في الحد من التلوث . كما أن رخص الأيدي العاملة بتلك الدول يقلل من تكلفة إنتاج السلع ويزيد من أرباح الشركات، لذلك لجأت الشركات الأوربية والأمريكية واليابانية إلى فتح فروع لمصانعها بدول مثل الصين والهند وكوريا والمكسيك والبرازيل وتايوان واندونيسيا لكي تنقل إليها مصانعها القديمة، لهذا شهدت العقود الأخيرة من القرن الماضي تحسناً في أجواء المدن الصناعية بأوروبا وأمريكا وفي الوقت نفسه شهدت المدن الآسيوية والأمريكية اللاتينية التي نقلت إليها المصانع زيادة في مشاكل التلوث الجوي بصفة خاصة. ففي مدينة القاهرة، على سبيل المثال، تم تسجيل مستويات مرتفعة للرصاص في ربيع عام 1994 بلغت خلال ساعات الذروة المرورية 12 مايكرو غرام في المتر المكعب مقارنة بمدن أوروبا التي لا تزيد بها عن 3 غرام في المتر المكعب. [10]

ونتيجة لارتفاع تكلفة التخلص من النفايات الخطرة بالطرق السليمة بيئياً لجأت الشركات الصناعية للتخلص منها بطريقة أرخص وذلك بتصديرها للدول الأفريقية. فبينما تتراوح تكلفة التخلص من الطن الواحد من النفايات الخطرة في أوروبا وأمريكا بين 300 و 1000 دولار، تراوحت تكلفتها في أفريقيا بين 25 و 40 دولار فقط. وبذلك يكون الربح كبيراً في عمليات تجارية غير شرعية تتم سراً وتذهب عائداتها إلى جيوب منتفعين محليين.[11]

وحتى في أوروبا شكلت تجارة النفايات مصادر دخل لكثير من الدول حيث تقوم بمعالجة تلك المواد في محارقها الخاصة للاستفادة من الرسوم الباهظة التي تشترطها. ففي عام 1983 سجلت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 5000 حركة تنقل حدودي للنفايات في أمريكا الشمالية وأكثر 100 ألف في أوروبا. وبحسب تقدير التقرير المقدم إلى المجموعة الأوروبية فإن من نصف النفايات السامة المنقولة عبر الحدود لا تخضع لإشراف السلطات الوطنية في دول المجموعة، حيث هناك من يفرغ الحمولة في حفر سرية غير معدة لذلك، أو في مجرى أحد الأنهار أو وسط الغابات . فعلى سبيل المثال، وجد في فبراير من سنة 1987 حوالي 530 طناً من الزرنيخ في موقع هو يكن إفربلت الصناعي في مقاطعة لمبورغ البلجيكية وقد لوثت المياه الجوفية التي تمول المنطقة بمياه الشرب.[12]

 8- وسائل النقل الحديثة والسياحة الدولية قبل مرحلة الثورة الصناعية وتطور نظم المواصلات كانت سلاسل الجبال والغابات والبحار والمحيطات والصحارى تشكل عوائق طبيعية يصعب اجتيازها ومن ثم كان الاتصال بين المناطق الآهلة بالسكان يتم ببطء ويستغرق وقتاً طويلاً مما قلل من فرص انتقال الأوبئة والأمراض بينها. أما اليوم فالعالم مرتبط بشبكات متطورة للنقل السريع عن طريق الجو والبحر وخطوط السكك الحديدية والبرية حيث يتنقل الناس والأمتعة بواسطتها بأعداد وكميات كبيرة وفي وقت قصير ناقلين معهم الفيروسات والحشرات من بلد إلى آخر. وعلى ذلك، فإنه من السهل تفشي مرض كالأنفلونزا في أقاليم شاسعة تفصلها الصحارى في زمن لا يزيد عن فترة رحلة الطائرة من مطار الآخر. وتساهم حركة السياحة الدولية في نقل الأمراض التناسلية ومرض نقص المناعة والملاريا وغيرها من الأمراض السارية بين البشر، أو الأمراض المشتركة مع الحيوانات مثل مرض جنون البقر والحمى القلاعية والكوفيد19. وتشير بعض التقارير إلى أن كلا من فرنسا وبريطانيا ، على سبيل المثال، سجل حوالي 3000 حالة ملاريا وافدة كل عام. فالملاريا مرض غير مستوطن بأوروبا لكن بعض السواح قد يكونوا تعرضوا للإصابة بهذا الفيروس أثناء تنقلاتهم بالدول المدارية. [13]

 

 

 

 


[1] إمحمد عياد مقيلي ، التلوث البيئي ، ط1 ، دار شموع الثقافة ، الزاوية، 2002،ص169

[2] من غير مؤلف ، اكبر كارثة في تاريخ التقنية ، تشيرنوفيل قصة الاسرار الغامضة ، بحيرة السلام، العدد (4) ، 1991، ص31

[3] Nicholson, F.L, and Others” Environmental Conservation” Environmental Conservation. Journal. 1974. P85.

[4] Gene , E.L. and Others . :” Acid rains” Scientific American . Vol (241) No (5). 1979 . p. 43 .

[5] Nicholson, F H..Ibid. P 85.

[6] ربيعة خليفة الصرماني ، البنزين الممتاز الخال من الرصاص ، مجلة المشعل ، العدد134 ، سنة 2004 ، ص33

[7] إمحمد عياد مقيلي ، استعمالات الأراضي واثرها على البيئة ، الأسبوع الجغرافي الأول ، جامعة السابع من ابريل ، الزاوية ، 1993 ، ص10

[8] إمحمد عياد مقيلي ، الاحتباس الحراري العالمي واثره على التطرف المطري والحراري بمحطتي ارصاد ليبية ، مجلة ليبيا للدراسات الجغرافية ، المجلد الرابع ، العدد الثاني ، يوليو 2024 ، ص95

[9]  احمد فيصل اصغري ، استئصال الدودو الحلزونية القاتلة منجنوب البحر المتوسط بحيرة السلام ، العدد (5) ، 1992 ، ص15.

[10] صفاء كنج ، سموم العالم المتقدم ، مجلة المشاهد ، العدد (40) ، ديسمبر 1988، ص91 .

[11] المرجع السابق ، ص79 .

[12] ربيعة خليفة الصرماني ، البنزين الممتاز الخالي من الرصاص ، مجلة المشعل ، العدد 134، سنة 2004 ، ص33 .

[13] بدون مؤلف ، لهنة المناطق الاستوائية ، مجلة بريد الشرق ، العدد (5) ، 1982 ، ص23




علم الأحياء المجهرية هو العلم الذي يختص بدراسة الأحياء الدقيقة من حيث الحجم والتي لا يمكن مشاهدتها بالعين المجرَّدة. اذ يتعامل مع الأشكال المجهرية من حيث طرق تكاثرها، ووظائف أجزائها ومكوناتها المختلفة، دورها في الطبيعة، والعلاقة المفيدة أو الضارة مع الكائنات الحية - ومنها الإنسان بشكل خاص - كما يدرس استعمالات هذه الكائنات في الصناعة والعلم. وتنقسم هذه الكائنات الدقيقة إلى: بكتيريا وفيروسات وفطريات وطفيليات.



يقوم علم الأحياء الجزيئي بدراسة الأحياء على المستوى الجزيئي، لذلك فهو يتداخل مع كلا من علم الأحياء والكيمياء وبشكل خاص مع علم الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة في عدة مناطق وتخصصات. يهتم علم الاحياء الجزيئي بدراسة مختلف العلاقات المتبادلة بين كافة الأنظمة الخلوية وبخاصة العلاقات بين الدنا (DNA) والرنا (RNA) وعملية تصنيع البروتينات إضافة إلى آليات تنظيم هذه العملية وكافة العمليات الحيوية.



علم الوراثة هو أحد فروع علوم الحياة الحديثة الذي يبحث في أسباب التشابه والاختلاف في صفات الأجيال المتعاقبة من الأفراد التي ترتبط فيما بينها بصلة عضوية معينة كما يبحث فيما يؤدي اليه تلك الأسباب من نتائج مع إعطاء تفسير للمسببات ونتائجها. وعلى هذا الأساس فإن دراسة هذا العلم تتطلب الماماً واسعاً وقاعدة راسخة عميقة في شتى مجالات علوم الحياة كعلم الخلية وعلم الهيأة وعلم الأجنة وعلم البيئة والتصنيف والزراعة والطب وعلم البكتريا.