أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2019
1754
التاريخ: 2024-01-09
750
التاريخ: 2023-10-26
863
التاريخ: 1-8-2016
20856
|
من المعلوم أن الدين الإسلامي لم يترك أي شاردة أو واردة إلا تطرق إليها ووضع الحلول اللازمة لها، ومن بين هذه العلوم التي كانت في صلب مقومات الدين الإسلامي الحنيف علم البيئـة ومـا حـفـل بـه القصص القرآني بأنباء هذه الأمم التي ابتعدت عن منهج الله وأقامت حضارتها على أسس مادية بحتة، أفسدت في الأرض، فكان مآلها إلى الفناء والزوال، وفي الوقت نفسه فإن الإسلام يقدم منظوراً متكاملاً للتفاعل الذي ينبغي أن يكون بين الإنسان والبيئة، بما يمكن الإنسان من استغلالها استغلالاً رشيداً من غير فساد ولا إفساد حتى يضمن استمرار انتفاعه بمكونات هذه البيئة التي سخرها الله له، وفي الوقت ذاته يحفظ لها توازنها وقد وضع الإسلام القواعد والنظم الشرعية التي يتم بموجبهـا هـذا الاستغلال، ويرمي الإسلام من وراء ذلك إلى الاستفادة القصوى من نعم الله دون إفساد الطبيعة. وفي هذا الإطار يؤكد الإسلام أن استعمالها نعم الله على غير المقصود منها يحيلها إلى نقم، كما أن تعطيلها وإهمالها يخــل بالتوازن الذي أوجده الله عليه، مشدداً على ضرورة المعالجة الفورية للفساد الذي قد يقع، واتخاذ السبل والوسائل الممكنة لوقاية مما يتوقع من فساد، ولا شك أن ذلك لا يتم إلا بالعلم. ويصعب كثيراً تفصيل المنهج الإسلامي المحدد لعلاقة الإنسان بالبيئة، لأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تزخر بالعديد من التعاليم التي تبين دقائق هذا المنهج وتفصيلاته إضافة إلى التراث الضخم من الممارسة الواقعية التي خلفه السلف. ونحاول الاستعانة بومضات من الهدي النبوي للاستدلال على عظمة هذا المنهج، نجد أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) يؤكد أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وأن غرس شجرة يستظل بها صدقة، ناهيك عن شجرة مثمرة مظلة، بل إنه نهى الجيوش عن إحراق الزرع وقطع الشجر، كذلك التوجيه النبوي بعدم الإسراف واضح في نهيه (صلى الله عليه وسلم ) - عن المبالغة في استخدام الماء في الوضوء، لو كان المسلم على نهر جار. ووجه الرسول الكريم إلى ضرورة الرفق بالحيوان، حتى أنـه نــى عـن قـتـل عصفور دون حاجة، وبين أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها ولم تدعها تأكـل مـن خشاش الأرض. وعلى نهجه سار السلف الصالح، فهذا الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز يحدد حجم ا الأثقال التي يجب أن يحملها البعير، بعد أن رأى أحد الرعية يثقل على بعيره. وقد جعل المسلمون أوقافاً مخصصة لإطعام الحيوانات الضالة وعلاجها وشراء الحبوب الغذائية للطيور، وهم بذلك سباقون في هذا المجال. وفي مجال ما تركه العلماء العرب والمسلمين فيما يتعلق بمفاهيم البيئة وإن اختلفت المصطلحات القديمة عن المعاصرة اليوم فمع أنهم استفادوا من ترجمة علوم اليونان والهند والفرس وغيرهم في ميدان النبات والحيوان فقد درسوا أو طوروا الكثير من النظريات والآراء العلمية النظرية والتطبيقية، ووضعوا أسس للعديد من فروع علوم النبات والحيوان والبيئة، وبذلك كانت هذه الإسهامات قواعد استفادت منها الحضارة الغربية الحديثة بعد ذلك، وعرف العرب والمسلمين العلاقة الوثيقة الذي تربط علم الحيوان وعلم النبات من جهة وبين علوم أخرى كالطب والصيدلة والجيولوجيا والزراعة والمناخ وغير ذلك لأنهم كانوا مدركين العلاقة الوثيقة بين الحيوان والنبات والعناصر غير الحية وكيفية الاستفادة من العناصر الحية وغير الحية في المجالات التطبيقية المختلفة. ومن هنا يتضح أن الحضارة الإسلامية قـد ساهمت بشكل كبير في مجال علوم الحيوان والنبات وبالتالي في علوم البيئة أيضاً وخير دليل على ذلــك مـا تركه العلماء العرب والمسلمين من مئات المصادر والمراجع في هذه العلوم التي كانت ولا زالت مــن أهــم مراجع الجامعة الأوروبية والأمريكية. ولا يمكن حصر الإسهامات التي قدمها العرب والمسلمون فهـي كثيرة في هذا المجال ولنورد بعض الأمثلة وحسب تعاقبها الزمني: فقد درس الأصمعي [740-830م] بعض أصناف الحيوانات البرية والبحرية والأليفة والمتوحشة. وكان جل تركيزه على دراسته بيولوجية الخيل والإبل بشكل موسع. وقد كان أبو عثمان الجاحظ [767- 869م] يتابع الحيوان في بيئته فيصف سلوكه ويتحدث عن بيولوجيته، ويُعد الجاحظ أول مـن قـال عـن أسس المكافحة الحيوية (Biological control)، حين ذكر في كتابه (الحيوان): [فعلمت أن الصواب في جمع الذباب مع البعوض، فإن الذباب يفنيه]. هذا الكلام له مفهوم بيئي مهم في السيطرة على الكائنات الحية الضارة بدلاً من استعمال المبيدات والمواد الكيميائية التي تلوث البيئة. وكان الجاحظ بالإضافة إلى ذلك يلاحق الحيوان في ولادته فيتحدث عن نشأته وموطنه وكيفية تربيته لصغاره وإطعامهم، ثـم أنـه حاول أن يستوضح تأثير الحر والبرد والشمس والظل على الحيوانات المختلفة و علاقة ذلك أيضاً وعن بالحيوان، وهذا ما يقوم به الآن علماء البيئة. ويعتبر العالم المجريطي [950-1008م] أول من وضع كتاباً أبرز في عنوانه كلمة البيئة من خلال كتابه [ في الطبيعيات وتأثير النشأة والبيئة على الكائنات الحية]. ولعل المجريطي كان أول من تحدث فيما يعرف اليوم بمراتب الهيمنة لدى الحيوانات Dome Nance) (Hierarchy، حيث أشار إلى أن للحيوانات رئيساً ومرؤوساً، فيقول : [ إن الحيوانات فيها التفاضل موجود كوجوده في بني آدم وفيها رؤساء وقادة في كل جنس من أجناسها]. ودرس ابن سينا [980-1036م] في موسوعته الشفاء [كتاب الحيوان] الحيوانات المائية والبرمائية، وعُني بالحيوانات المائية بشكل كبير وقسمها إلى لجية وشطية، وقسم الشطية إلى طينية وصخرية. ثم تناول فيما بعد ما يعرف اليوم بعلم بيئة المتحجرات (Pale ecology)، حيث استخدم الأحافير البحرية (Fossils) استخداماً صحيحاً للدلالة على أن أجزاء من الأرض كان يغمرها البحر في أقدم العصور، وتطرق ابن سينا إلى بيئة بعض النباتات الطبية وركز على مواطن النبات من حيث نوعية التربة التي تنمو فيها أكانت مالحة أو حلوة. وجاء دور ابن البيطار [1197-1249] العالم الأندلسي المعروف فدرس مختلف النباتات وبيئاتها في كتابه [الجامع لمفردات الأدوية والأغذية] وكان موفقاً في أكثر دراسته . مشابه لما يقوم به علماء اليوم في تصنيف النبات. وقد اهتم القزويني [1208-1283م] في كتابه [ عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات] بتأثير البيئة على الحيوانات، ثم تناول العلاقات الجيدة والعدائية بين الحيوانات أو ما يعرف بالتدخلات الحيويــة (Biological Insertion ships) الآن فيقول في حيوان الببر : [ حيوان هندي أوفى من الأسد، بينه وبين الأسد معاداة وإذا قصد الببر النمر فالأسد يعاون النمر ]. وعن البيئة الحيوانية يقول القزويني في كتابه [آثار البلاد وأخبار العباد] وفي مجال الطيور والصقر والبازي والعقاب لا تفرخ إلا على رؤوس الجبال الشامخة، والنعامة والقطا لا يفرخان إلا في الفلوات والبطوط وطيور الماء لا تفرخ إلا في شطوط الأنهار ... الخ]. وهناك علماء رواد من العرب والمسلمين قدموا إسهامات حقيقية في علم البيئة لا مجال لذكرهم هنا. وهكذا نلاحظ أن علماء العرب والمسلمين لم يعزلوا علم البيئة عن النبات والحيوان والمعادن، بل دائماً كانوا يربطون الحيوان والنبات وبيئته، وتحدثوا أيضاً عن العلاقات فيما بين الحيوانات مع بعضها البعض، وبذلك أرسى علماء العرب والمسلمون قواعد علم البيئة وبذلوا كل ما في وسعهم في تجديد المعارف وتطويرها ونقد أو تغيير ما جاء به من سبقوهم من اليونان والرومان والهنود والفرس. ونحن نستغرب كيف أن علماء الغرب قد نسوا في كتاباتهم ذكر هذا الجهد العظيم في علم البيئة من قبل العلماء العرب والمسلمين والذي كان في الفترة ما بين [940-1400م] الذي اتصف بالركود في علم الحيوان والنبات والبيئة بالنسبة لباقي الحضارات الأخرى.
|
|
دليل التغذية الأولى للرضيع.. ماذا أنسب طعام بعد 6 شهور؟
|
|
|
|
|
ماذا نعرف عن الطائرة الأميركية المحطمة CRJ-700؟
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة يستقبل المتولّي الشرعي للعتبة الرضوية المطهّرة والوفد المرافق له
|
|
|