إن هذا التباين الكبير فى المظاهر التضاريسية من سهول فسيحة وهضاب متوسطة الارتفاع وسلاسل جبلية مرتفعة وعرة شديدة الانحدار فضلاً عن التباين في أنواع المناخ وأنماط التربة، كل ذلك انعكس على التوزيع السكاني في تباين واضح لمدى التركيز السكاني وفقاً لما يأتي :

1- يتركز السكان في كثافة مرتفعة تزيد على مائة نسمة للكيلو متر المربع في الأودية النهرية والسهول ذات التربة الخصبة وامطار الوفيرة كما هو الحال في وأدي النيل الأدنى ووادي نهر البو في الشمال الإيطالي وادي نهر الرون فى الجنوب الفرنسى وأودية السهل الأكراني في الجنوب الروسي ووادي نهر الدانوب وأودية أنهار المغرب الأطلسي والغرب الآسيوى. وكذلك ترتفع الكثافة السكانية في سهول الجنوب الأوروبي والسهل السوري اللبناني الفلسطيني المطل على شرق البحر المتوسط. وهذا التركز السكانى المرتفع يواكب نمواً اقتصادياً في مجالي الزراعة والصناعة.

2 - يتركز السكان في كثافة متوسطة تترواح بين 40 إلى 100 نسمة في الكيلو متر المربع في الهضاب وعلى المنحدرات الجبلية التي حولت إلى مدرجات وانتشرت عليها اقرى والمزارع الحديثة في الجنوب الأوروبي المغرب الأطلسى ومرتفعات شرق البحر المتوسط حيث تتراوح كمية الأمطار بين 20 بين إلى 40 بوصة سنوياً وكلها مناطق زراعية ورعوية هامة.

3- تضعف الكثافة السكانية في المناطق التي تقل فيها الأمطار عن 20 بوصة مثل المناطق الداخلية من الهضبة التربة والهضاب الداخلية الأوروبية وكذلك هضا المغرب العربي. وتقل الكثافة السكانية عن 20 نسمة في الكيلو متر المربع في النطاق الشمالي من الهضاب المصرية الليبية وتهبط الكثافة إلى أقل من 2 نسمة في الكيلو متر المربع في الصحاري الداخلية. ولكن التركز السكانى بدأ يتغير نحو الارتفاع في معدلات الكثافة فى مناطق التوسع الزراعي الحديث، ومن أبر الأمثلة على ذلك الشمال الليبي فقد جذبت مناطق التوسع الزراعي الحديث مثل مشروع الفتايح بوادى درنة ومشروعات سهل الجفارة وسهل مصراته والحزام الأخضر حول خليج سرت السكان إليها للعمل والإقامة فارتفعت نسبة الكثافة السكانية وأصبحت هذه المشروعات تشكل مركزاً للتجمع السكاني. وهذه الظاهرة تتكرر في إقليم الفرات السوري وفي وادي نهر العاصي بالغرب السوري حيث تغيرت تماماً صورة التجمع السكاني وتحولت إلى مناطق كثيفة بالسكان.. وكذلك نشير إلى التوسع الزراعي الحديث في إقليم قناة السويس وفى حوض الخليج العربي ولاسيما إقليم الإحساء بين قطر والكويت. وكل هذه المناطق الصحراوية الفقيرة سابقا أصبحت الآن مناطق جذب سكانى مما غير الخريطة السكانية.