أثر فسخ عقد الزواج لعدم الوفاء بالشروط قبل الدخول بالنسبة للنفقة في قانون الاحوال الشخصية العراقي |
55
02:06 صباحاً
التاريخ: 2025-01-13
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-2-2016
7308
التاريخ: 7-5-2017
2765
التاريخ: 7-2-2016
8947
التاريخ: 22-4-2019
4513
|
أشار قانون الاحوال الشخصية العراقي إلى امكان فسخ عقد الزواج لعدم الوفاء بالشروط في المادة (6/4) منه إلا أنه عالجها معالجة معيبة كونه نظم أثر تخلف الوفاء بالشروط المشروعة التي تشترط ضمن عقد الزواج من قبل المرأة دون الرجل رغم أن الفقرة (3) من هذه الفقرة نصت على أنه "الشروط المشروعة التي تشترط ضمن عقد الزواج معتبرة يجب الايفاء بها".
وهذا النص مطلق من المفترض أن يشمل تلك الشروط المشترطة من الزوجة على الزوج، أو تلك المشترطة من الزوج على الزوجة، فإن قيل ان الزوج يملك الطلاق، فإن طلقها لعدم الوفاء بالشروط وجبت لها عليه حقوقها الزوجية رغم أنها هي سبب الطلاق لعدم الوفاء بما اشترط عليه (1).
وفي ضل قصور النص القانوني عن معالجة حالة أثر تخلف الزوجة عن الوفاء بما اشترط عليها في عقد الزواج ووفقا للمادة (1/2) من قانون الاحوال الشخصية لا مناص من الرجوع الى الفقه الاسلامي الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون لتلافي هذا النقص . وبالرجوع الى آراء الفقهاء المسلمين نجد أن الامامية يميزون بين نوعين من الشروط.
(1) الشروط السائغة التي تشترط ضمن عقد الزواج مثل أن يشترط الزوج على الزوجة بتدبير شؤون المنزل أو ان تشترط الزوجة على الزوج أن يعين لها خادمة لتعينها لإدارة شؤون المنزل، فإن مثل هذه الشروط لا تجب الوفاء بها ولا تؤثر على صحة عقد الزواج واستمراره، ولكن يُعد المتخلف عن الوفاء بالشروط مأثومًا أمام الله عز وجل.
(2) الشروط التي تتضمن وجود صفة معينة في الزوج الآخر كاشتراط البكارة أو أن يكون الزوج ذا نسب معين فإن ثبوت عدم وجود هذه الصفات يعد غشاً وبالتالي جاز للزوج الآخر الخيار بالفسخ (2).
أما فقهاء الاحناف فيرون أن عدم الوفاء بالشروط المشرعة بعقد الزواج لا يفسخ بها عقد الزواج ولكن يجب إجبار المتخلف عن الوفاء على إيفائه بها إذا كان ممكناً وبالإضافة الى ذلك أنه يعد مأثوم شرعا، وكما يرون بأن وجوب الشروط يقصد بها المهر، أما الشروط الأخرى فهي زائدة ولا تؤثر على صحة العقد واستمراره (3). ووافق فقهاء الاحناف فقهاء الشافعية بأن تخلف الوفاء بالشروط لا يؤثر على صحة واستمرار عقد الزواج إلا أن على من اشترط عليه في عقد الزواج يجب أن يف بهذه الشروط (4).
أما فقهاء المالكية فيقسمون شروط عقد الزواج قسمين الأول منها شروط تنافي مقتضى العقد كان بشرط الزوج بأن لا ينفق على زوجته وهذه الشروط وجودها كعدمها فهي تعتبر لاغية والعقد صحيح، أما القسم الثاني فهي الشروط التي لا تنافي مقتضى العقد، فإن هذه الشروط مكروهة عندهم ولكن يجب الوفاء بها عند اشتراطها (5) . ويرى بعض فقهائهم أن كانت هذه الشروط لم يف بها الزوج المشترط عليه قبل الدخول جاز فسخ عقد الزواج بتخلفها، أما بالدخول فليس له ذلك(6).
ويرى فقهاء الحنابلة بأن الشروط المشروعة في عقد الزواج يجب الايفاء بها مادامت لا تخالف شرع الله تعالى، وعند عدم الوفاء بها جاز لمن له الخيار بطلب فسخ عقد الزواج (7).
أما بالنسبة لنفقة الزوج على فقد أوجب هذا القانون حسب المادة (23/1) نفقة للزوجة على الزوج من حين العقد ولو كانت مقيمة في بيت أهلها إلا إذا طلبها الزوج الانتقال الى بيته فامتنعت بغير حق أو نشوزها فلا تجب لها نفقة في هذه الحالات (8).
ولم يتناول قانون الاحوال الشخصية العراقي أثر فسخ عقد الزواج لعدم الوفاء بالشروط المشروعة سواء من جانب الزوج أم الزوجة في الزمان الفاصل بين نشوء العقد ولغاية فسخة وقد أحالنا القانون ذاته في المادة (1/2) الى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لهذا القانون وبالرجوع الى هذه المبادئ نرى ان فقهاء الامامية يرون بأن المرأة تستحق النفقة في الفترة الفاصل بين بدأ سريان العقد والزفاف فإذا فسخ العقد قبل الدخول استحقت المرأة نفقة لغاية تاريخ فسخ عقد الزواج مالم توجد قرينة عرفية على اسقاطها (9).
وأما كتاب وشراح القانون فقد تناولوا آثار فسخ عقد الزواج قبل الدخول بصورة عامة ولم يخصصوا لكل حالة حكم خاص بها فمنهم من يرى بأن المرأة إذا فسخ عقد زواجها قبل الدخول فلا عدة عليها ولا نفقة لها كونها اصبحت مبانه ولها حق الزواج بمن شاءت (10).
ويرى بعضهم الآخر أن نفقة العدة للمرأة المفارقة لزوجها سواء من طلاق أم من فسخ أم متاركة أم من مخالعة فإذا حبست المرأة بسببه ولا يجوز لها الزواج بآخر وعليه فإنها تستحق نفقة للعدة(11).
وكل فرقة تحصل بين الزوجين قبل الدخول لا عدة على المرأة (12)، ولها الحق الزواج بآخر وتنقطع العلاقة الزوجية في الحال فلا تستحق المرأة نفقة ولا توارث بينهم إذا ما فسخ عقد الزواج قبل الدخول بسبب عدم الوفاء بالشروط المشروعة.
وسارت محكمة التمييز بهذا الاتجاه حيث قضت بأن لا عدة على من انتهت الرابطة الزوجية ومنها الطلاق فعلى سبيل المثال قضت بأنه المطلقة قبل الدخول تبين من زوجها ولا يجدي رجوعه عليها خلال العدة حيث لا عدة عليها (13). وقضت المحكمة ذاتها بأنه الطلاق الواقع بعد الخلوة الصحيحة التي لم تقترن بالدخول يُعدّ طلاقا قبل الدخول ويكون بائنا بينونة صغرى(14). وقضت في قرار آخر لها بأنه "ولا عدة شرعية على المدعية لوقوع الطلاق قبل الدخول ولكن لا يجوز لها الزواج من رجل آخر إلا بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية (15).
ومن خلال القرارات القضائية أعلاه نجد أن محكمة التمييز تقرر عدم الزام المرأة بالعدة الشرعية بالتفريق قبل الدخول وبما أن لا عدة شرعية على المفارقة زوجها قبل الدخول فلا يوجد سبب للنفقة كونها اصبحت بائنة مع ملاحظة أن المادة (50) من قانون الاحوال الشخصية التي نصت على أنه "تجب العدة للمطلقة على زوجها الحي ولو كانت ناشزاً ولا نفقة لعدة الوفاة".
ويتضح لنا من المادة أعلاه أن المشرع العراقي لم يفرق بين عدة طلاق بائن أو رجعي أو فسخ فبالإمكان اعتبار أثر فرقة الفسخ قبل الدخول لا عدة عليها ولا نفقة وبالإضافة الى ذلك بأن نفقة العدة في كل الاحوال تنقضي بانتهاء العدة فلا يوجد سبب لوجود النفقة(16).
ونجد أن بعض فقهاء القانون عندما يوردون أسباب وجوب نفقة العدة يكون الدخول بالزوجة من عقد زواج صحيح أول اسبابها (17) ، فلم يخوضوا بأحكام نفقة الزوجة المفسوخ عقد زواجها قبل الدخول (18)، لعدم وجود دخول أصلا، فلا يتصور الزام عدة شرعية لها لانتفاء سبب العدة وهو استبراء الرحم ولا يملك عليها رجعة(19).
ولكل ما تقدم من آراء فقهاء المسلمين وفقهاء القانون والقرارات القضائية نجد أن آثار فسخ عقد الزواج بسبب عدم الوفاء بالشروط قبل الدخول لا تستحق المرأة المفسوخ عقد زواجها نفقة كونها أصبحت حرة ولها حق الزواج بمن تشاء من الرجال بشرط عدم وجود مانع شرعي وقانوني بل لها حق الزواج من الرجل الذي فسخ عقد زواجها بسبب عدم الوفاء بالشروط ولكن يجب أن يكون برضاها التام وبعقد ومهر جديدين. أما إذا فسخ عقد الزواج بقرار قضائي يجب على المرأة أن لا تتزوج برجل آخر حتى يكتسب القرار الدرجة القطعية ، وهذا الحكم ينطبق سواء كان الفسخ بسبب تخلف الوفاء بالشروط من الزوج أم من الزوجة.
______________
1- د. علي عبد العالي الاسدي، المبسوط في الاحوال الشخصية في الزواج والطلاق واثارهما ونفقة الاصول والفروع والحواشي، المكتبة القانونية، بغداد، 2022م ، ص 84.
2- السيد علي الحسيني السيستاني، منهاج الصالحين المعاملات ، ج 3، ط 3 ، دار المؤرخ العربي، بيروت، 2000 ، ص 101، المسألة (330).
3- یوسف بن موسى بن محمد ابو المحاسن جمال الدين المللطي الحنفي، المعتصر من المختصر من مشكل الآثار، ج1، بدون طبعة عالم الكتب، بيروت ، ص289.
4- ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الامام الشافعي وشرح مختصر المزني، ج 9، ط1 ، دار الكتب العلمية 1999م ، ص 505
5- محمد بن احمد بن محمد عليش ابو عبد الله المالكي، منح الجليل شرح مختصر خليل، ج 3، بدون طبعة، دار الفكر، بيروت، 1989 ، ص303.
6- ابو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي، الكافي في فقه اهل المدينة، ج 4، ط2، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، 1980 ، ص 482.
7- اسحاق بن منصور بن بهرام ابو يعقوب المروزي، مسائل الامام احمد ابن حنبل واسحاق بن راهوية ج 4 ، ط 1 ، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، 2002 ، ص1228
8- د. علي عبد العالي الاسدي المبسوط في الاحوال الشخصية، مرجع سابق، ص 249.
9- السيد علي السيستاني، منهاج الصالحين، المعاملات ،ج3، مرجع سابق، ص 123 ، السألة (415)؛ الشهيد الثاني زين الدين بن علي الجبعي العاملي الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، ج 2، ط12، منشورات دار التفسير، 1433هـ ، ص 489؛ باقر الإيرواني، في الفقه الاستدلالي، ج 2، ص 374.
10- د. احمد عبيد الكبيسي، الاحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون، ج 1، طبعة منقحة، المكتبة القانونية، بغداد، 2007 ، ص 164؛ القاضي زياد مجيد حميد، احكام فسخ عقد الزواج (في الفقه والقضاء والقانون معززا بقرارات محكمة التمييز الاتحادية)، المطبعة الوطنية، بغداد، 2016 ، ص 131.
11- القاضي احمد محمود عبد، التفريق بسبب العيوب اللاإرادية في الفقه الإسلامي والقانون العراقي دراسة فقهيه وقانونية معززة بقرارات محكمة التمييز الاتحادية، مكتبة صباح، بغداد، 2016 ، ص93.
12- د. سالم بن راشد المطيري احكام الاسرة مع اجراءات النظامية والتطبيقات القضائية، ط3، دار الكتاب الجامعي للنشر والتوزيع، الرياض، 2022م ص172
13- انظر قرار محكمة التمييز العراق بالعدد 513/ شرعية / 1963 في 1963/12/8 اورده القاضي ابراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز ، قسم الاحوال الشخصية مطبعة اسعد بغداد 1989 ، ص 167.
14- انظر قرار محكمة التمييز بالعدد 1291 / شخصية / 79 في 1980/1/17، اورده القاضي ابراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز ، مصدر سابق، ص 200.
15- انظر قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد 375/ هيئة الاحوال الشخصية والمواد الشخصية / 2008 في 2008/7/21، اورده القاضي محمد ابراهيم الفلاحي، المختار الجامع لأهم مبادئ محكمة التمييز الاتحادية قسم الأحوال الشخصية للسنوات (1980 لغاية 2022) ط 1،بغداد مكتبة صباح للنشر والتوزيع، 2023، ص 268.
16- القاضي احمد محمود عبد، التفريق بسبب العيوب اللاإرادية في الفقه الإسلامي والقانون العراقي دراسة فقهيه وقانونية معززة بقرارات محكمة التمييز الاتحادية، مكتبة صباح، بغداد، 2016 ، ص 94.
17- القاضي ربيع محمد الزهاوي، التفريق القضائي للعنة والعقم والعلل والعيوب ، دار السنهوري بغداد 2016 م ، ص 168 ؛ د. محمد كمال الدين ،امام و د. جابر عبد الهادي سالم الشافعي، مسائل الاحوال الشخصية الخاصة بالزواج والفرقة وحقوق الاولاد في الفقه والقانون والقضاء منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003 ، ص 476.
18- القاضي طالب فارس السورجي، انحلال عقد الزواج والاثار المترتبة عليه " دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون العراقي معززا بقرارات حديثة لمحكمة التمييز الاتحادية، دار السنهوري، بيروت، 2019، ، ص78.
19- د حيدر حسين كاظم الشمري المختصر في احكام الزواج والطلاق واثارهما في التشريع العراقي والفقه الإسلامي، طا، دار المسلة، بغداد، 2022 ، ص 194 ، د. رمضان علي السيد الشرنباصي و جابر عبد الهادي سالم الشافعي، احكام الاسرة الخاصة بالزواج والفرقة وحقوق الاولاد في الفقه الإسلامي والقانون والقضاء دراسة لقوانين الاحوال الشخصية في مصر ولبنان، ط2، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2011 ص 484.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
في مدينة الهرمل اللبنانية.. وفد العتبة الحسينية المقدسة يستمر بإغاثة العوائل السورية المنكوبة
|
|
|