أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-05-2015
2171
التاريخ: 10-10-2014
2260
التاريخ: 12-10-2014
2073
التاريخ: 2023-06-13
1487
|
اختلف الباحثون في شؤون القرآن ، في أنَّ أيَّ آياته أو سوَره نزلت قبْل ؟ والأقوال في ذلك ثلاثة :
1 ـ سورة العلَق : لأنَّ نبوّته ( صلّى الله عليه وآله ) بدأت بنزول ثلاث أو خمس آيات من أوّل سورة العلَق ، وذلك حينما فجأه الحقّ وهو في غار حراء ، فقال له المَلَك : ( اقرأ ، فقال : ما أنا بقارئ فغطّه غطّاً ، ثمَّ قال له : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5]) (1) (2) .
وفي تفسير الإمام : (هبطَ إليه جبرائيل وأخذ بضبْعه وهزَّه ، فقال : يا محمَّد ، اقرأ ، قال : وما أقرأ ؟ قال : يا محمَّد {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}) (3) .
وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( أوّل ما نزلَ على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) { بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ } ، وآخِر ما نزل عليه : {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر: 1] ) (4) .
2 ـ سورة المدّثّر : لِمَا روي عن ابن سلمة ، قال : سألت جابر بن عبد الله الأنصاري : أيّ القرآن أُنزل قبْل ؟ قال : { يا أيّها المدّثّر } ، قلت : أو { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ } ؟ قال : أُحدثكم ما حدَّثنا به رسول الله ، قال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( إنّي جاورت بِحراء ، فلمّا قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي ، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي ـ ولعلّه سمع هاتفاً ـ ثمّ نظرت إلى السماء فإذا هو ـ يعني جبرائيل ـ فأخذتني رجفة ، فأتيت خديجة ، فأمرتهم فدثّروني ) ، فأنزل الله : {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ } [المدثر: 1، 2] (5) .
هذا ، ولعلَّ جابراً اجتهد من نفسه أنَّها أوَّل سورة نزلت ، إذ ليس في كلام رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) دلالة على ذلك ، والأرجح أنَّ ما ذكره جابر كان بعد فترة انقطاع الوحي ، فظنَّه جابر بدْء الوحي (6) . وإليك حديث فترة انقطاع الوحي برواية جابر أيضاً :
قال : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يحدّث عن فترة الوحي ، قال : فبينما أنا أمشي إذ سمعت هاتفاً من السماء ، فرفعت رأسي فإذا المَلَك الذي جاءني بِحراء جالساً على كرسيٍّ بين السماء والأرض ، فجُئثت منه فرِقاً ـ أي فزعتُ ـ فرجعت ، فقلت : زمِّلوني زمِّلوني فدثَّروني ، فأنزل الله تبارك وتعالى : {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5] وهي الأوثان ، قال ( صلّى الله عليه وآله ) : ثمَّ تتابع الوحي (7) .
3 ـ سورة الفاتحة : قال الزمخشري : أكثر المفسِّرين على أنَّ الفاتحة أوَّل ما نزل (8) .
وروى العلاّمة الطبرسي عن الأستاذ أحمد الزاهد في كتابه ( الإيضاح ) بإسناده عن سعيد بن المسيّب ، عن عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنَّه قال : ( سألت النبي ( صلّى الله عليه وآله ) عن ثواب القرآن ، فأخبرني بثواب سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء ، فأوَّل ما نزل عليه بمكَّة : فاتحة الكتاب ، ثمّ : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ } ، ثمَّ : {ن وَالْقَلَمِ }...) (9) .
وروى الواحدي في أسباب النزول بسنده عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل ، قال : كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) إذا خُلّي وحده سمع نداء فيفزع له ، وللمرّة الأخيرة ناداه المَلَك : ( يا محمّد ، قال : لبَّيك ، قال : قل : { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ...} ، حتّى بلغ : { وَلاَ الضَّالِّينَ } ) (10) .
قلت : لا شكّ أنَّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) كان يصلّي منذ بِعثته ، وكان يصلّي معه عليّ
وجعفر ، وزيد بن حارثة ، وخديجة (11) ، ولا صلاة لمَن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (12) ، فقد ورد في الأثر : ( أوّل ما بدأ به جبرائيل أن علَّمه الوضوء والصلاة ) (13) ، فلابدّ أنَّ سورة الفاتحة كانت مقرونة بالبعثة ، قال جلال الدين السيوطي : لم يحفظ أنَّه كان في الإسلام صلاة بغير فاتحة الكتاب (14) .
* * *
وبعد ، فلا نرى تنافياً جوهريّاً بين الأقوال الثلاثة ؛ نظراً لأنّ الآيات الثلاث أو الخَمس من أوّل سورة العلَق ، إنَّما نزلت تبشيراً بنبوَّته ( صلّى الله عليه وآله ) ، وهذا إجماع أهل المِلَّة ، ثمَّ بعد فترة جاءته آيات أيضاً من أوَّل سورة المدَّثِّر ، كما جاء في حديث جابر ثانياً .
أمّا سورة الفاتحة فهي أوّل سورة نزلت بصورة كاملة ؛ وبسِمة كونها سورة من القرآن كتاباً سماوياً للمسلمين ، فهي أوّل قرآن نزل عليه ( صلّى الله عليه وآله ) بهذا العنوان الخاصّ ، وأمّا آيات غيرها سبقتها نزولاً ، فهي إنَّما نزلت لغايات أخرى ، وإن سُجِّلت بعدئذٍ قرآناً ضمن آياته وسوَره .
ومن هنا صحَّ التعبير عن سورة الحمد بسورة الفاتحة ، أي أوَّل سورة كاملة نزلت بهذه السِمة الخاصّة ، هذا الاهتمام البالغ بشأنها في بدء الرسالة ، واختصاص فَرْضها في الصلوات جميعاً ، جَعلها ـ في الفضيلة ـ عِدلاً للقرآن العظيم : {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } [الحجر: 87] ، فقد امتنَّ الله على رسوله بهذا النزول الخاصّ تجاه سائر القرآن .
نعم ، لو اعتبرنا السوَر باعتبار مفتتحها ، فسورة الحمد تقع الخامسة ، كما جاء في رواية جابر بن زيد (15) الآتية .
آخِر ما نزل من القرآن :
جاء في رواياتنا أنَّ آخِر ما نزل هي سورة النصر ، روي أنّها لمّا نزلت وقرأها ( صلّى الله عليه وآله ) على أصحابه فرحوا واستبشروا ، سوى العباس بن عبد المطلب فإنَّه بكى ، قال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( ما يبكيك يا عمّ ؟ قال : أظنُّ أنَّه قد نُعيت إليك نفسك يا رسول الله ، فقال : إنَّه لَكما تقول ) ، فعاش ( صلّى الله عليه وآله ) بعدها سنتين (16) .
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( وآخِر سورة نزلت : { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ } ) (17) .
وأخرج مسلم عن ابن عبّاس ، قال آخِر سورة نزلت : { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ } (18) .
وروي أنّ آخِر سورة نزلت براءة ، نزلت في السنة التاسعة بعد عام الفتْح ، عند مرجعه ( صلّى الله عليه وآله ) من غزوة تبوك ، نزلت آيات من أوّلها ، فبعث بها النبي مع عليّ ( عليهما السلام ) ؛ ليقرأها على مَلأ من المشركين (19) .
وروي أنّ آخِر آية نزلت : { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [البقرة: 281] ، نزل بها جبرائيل ، وقال : ( ضعْها في رأس المئتين والثمانين من سورة البقرة ) ، وعاش الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) بعدها أحداً وعشرين يوماً ، وقيل : سبعة أيّام (20) .
قال ابن واضح اليعقوبي : وقد قيل : إنَّ آخِر ما نزل عليه ( صلّى الله عليه وآله ) : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قال : وهي الرواية الصحيحة الثابتة الصريحة ، وكان نزولها يوم النصّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه بغدير خمّ (21) .
أقول : لا شكّ أنّ سورة النصر نزلت قبل براءة ؛ لأنّها كانت بشارة بالفتح ، أو بمكَّة عام الفتح (22) ، وبراءة نزلت بعد الفتح بسنة .
فطريق الجمْع بين هذه الروايات : أنَّ آخِر سورة نزلت كاملة هي سورة النصر ، فقال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( أمَا إنَّ نفسي نُعيَت إليَّ ) (23) ، وآخِر سورة نزلت باعتبار مفتتحها هي سورة براءة .
وأمّا آية : {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] فإن صحَّ أنّها نزلت بمِنى يوم النحْر في حجَّة الوداع ، كما جاء في رواية الماوردي (24) ، فآخِر آية نزلت هي : آية الإكمال ، كما ذكرها اليعقوبي ؛ لأنَّها نزلت في مرجعه ( صلّى الله عليه وآله ) من حجَّة الوداع ثامن عشر ذي الحجّة ، وإلاّ فلو صحَّ أنَّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) عاش بعد آية { وَاتّقُوْا..} أحداً وعشرين يوماً ، أو سبعة ، أو تسعة أيام ، فهذه هي آخر آية نزلت عليه ( صلّى الله عليه وآله ) .
والأرجح عندنا : هو ما ذهب إليه اليعقوبي ؛ نظراً لأنَّها آية الإعلام بكمال الدِين ، فكان إنذاراً بانتهاء الوحي عليه ( صلّى الله عليه وآله ) بالبلاغ والأداء ، فلعلَّ تلك الآية كانت آخِر آيات الأحكام ، وهذه آخر آيات الوحي إطلاقاً .
وهناك أقوال وآراء أُخر لا قيمة لها ، إنَّها غير مستندة إلى نصّ معصوم .
قال القاضي أبو بكر ـ في الانتصار ـ : وهذه الأقوال ليس في شيء منها ما رُفع إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، ويجوز أن يكون قاله قائلُه بضربٍ من الاجتهاد وتغليب الظنّ ، وليس العلم بذلك من فرائض الدين ؛ حتَّى يلزم ما طعن به الطاعنون من عدم الضبط ، ويُحتمل أنَّ كُلاًّ منهم أخبر عن آخِر ما سمعه من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، وغيره سمِع منه بعد ذلك .
ويحتمل أيضاً أن تنزل الآية التي هي آخِر آية تلاها الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) مع آيات نزلت معها ، فيؤمَر برسم ما نزل معها ، وتلاوتها عليهم بعد
رسم ما نزل آخراً وتلاوته ، فيظنّ سامع ذلك أنَّه آخِر ما نزل في الترتيب (25) .
______________________
(1) صحيح البخاري : ج1 ، ص3 .
(2) صحيح مسلم : ج1 ، ص97 .
(3) تفسير الإمام : ص157 / وراجع أيضاً : بحار الأنوار : ج18 ، ص206 / وتفسير البرهان : ج2 ، ص478 / والآيات 1 ـ 5 من سورة العلق .
(4) الكافي : ج2 ، ص628 / عيون أخبار الرضا : ج2 ، ص6 / البحار : ج2 ، ص39 / البرهان : ج1 ، ص29 .
(5) صحيح مسلم : ج1 ، ص99 .
(6) راجع البرهان لبدر الدين الزركشي : ج1 ، ص206 .
(7) صحيح مسلم : ج1 ، ص98 / صحيح البخاري : ج1 ، ص4 ، وفيه ( فحمى الوحي وتتابع ) .
(8) الكشّاف : ج4 ، ص775 . وناقشه ابن حجر مناقشة سطحية لا مجال لها ، بعد توضيحنا الآتي في وجه الجمع بين الأقوال الثلاثة / راجع فتح الباري : ج8 ، ص548 .
(9) مجمع البيان : ج10 ، ص405 .
(10) أسباب النزول للواحدي : ص11 .
(11) راجع تفسير القمّي : ص353 .
(12) مستدرك الحاكم : ج1 ، ص238 و239 / صحيح مسلم : ج2 ، ص9 .
(13) سيرة ابن هشام : ج1 ، ص260 و261 / البحار : ج18 ، ص184 و194 .
(14) الإتقان : ج1 ، ص12 ، من الطبعة الأُولى ، ومن الثانية : ص30 .
(15) الإتقان : ج1 ، ص25 .
(16) مجمع البيان للطبرسي : ج10 ، ص554 .
(17) تفسير البرهان للبحراني : ج1 ، ص29 .
(18) الإتقان : ج1 ، ص27 .
(19) تفسير الصافي للفيض : ج1 ، ص680 .
(20) تفسير شبّر : ص83 .
(21) تاريخ اليعقوبي : ج2 ، ص35 .
(22) أسباب النزول بهامش الجلالين : ج2 ، ص145 .
(23) مجمع البيان : ج2 ، ص394 .
(24) البرهان للزركشي : ج1 ، ص187 .
(25) البرهان للزركشي : ج1 ، ص210 .
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|