أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-6-2016
2850
التاريخ: 31-1-2023
2097
التاريخ: 4-4-2017
4856
التاريخ: 15-10-2017
2423
|
تباين الفقهاء في تعريف الدعوى الإدارية فلم يتفقوا على تعريف محدد لها فجاءت تعريفاتهم وفق معايير مختلفة، فمنهم من اعتمد على معيار طبيعة أطراف الدعوى فعُرفت وفق المعيار العضوي لطبيعة أطراف الدعوى بأنها: (الدعوى التي يكون أحد اطرافها جهة ادارية متمتعة بإمتيازات السلطة العامة وذات هيمنة على الطرف الآخر سواء أكان فرداً أم شخصاً من اشخاص القانون العام) (1) ، وعرفت أيضاً وفق المعيار الموضوعي لطبيعة أطراف الدعوى بأنها : ( النزاع الذي يقع فيما بين الأفراد وبين السلطة العامة ) (2) ، ونلحظ من التعريفين اعلاه بأنهما لم يبينا أن الدعوى تقدم عن طريق طلب شخص متضرر إلى القضاء الإداري.
أما الإتجاه الثاني من الفقهاء فقد اعتمد على معيار طبيعة الحق أو الموضوع المتنازع عليه فعرف الدعوى الإدارية بأنها : الإجراءات القضائية التي تتخذ أمام القضاء الإداري للمطالبة بأثر من الآثار المترتبة على علاقة إدارية) (3)، أي أن النزاع يكون إدارياً إذا ما تعلق الأمر بنشاط الإدارة أو المرافق العامة وهذا النزاع هو الذي يحدد طبيعة الدعوى الإدارية وفقاً لموضوع النشاط محل النزاع (4)، ونحن نؤيد هذا المعيار كون النزاع الناشئ بسبب نشاط الإدارة هو الذي يحدد الدعوى بأنها إدارية.
أما الإتجاه الآخر من الفقهاء فقد اعتمد معيار الجهة التي تنظر في النزاع وهو التعريف المتفق عليه بين الفقهاء إذ عرفت الدعوى الإدارية بأنها : ( حق الشخص الطبيعي أو المعنوي ووسيلته القانونية في اللجوء إلى القضاء الإداري في منازعة تكون الإدارة طرفاً فيها للمطالبة بحق أو حمايته في نطاق إجراءات قانونية خاصة)(5)، فإذا كانت الدعوى مرفوعة أمام القضاء الإداري فإنها تعد دعوى إدارية (6) ، ونحن نرجح هذا التعريف كونه جاء شاملاً لجميع عناصر الدعوى الإدارية من حيث أطرافها وموضوع الدعوى والجهة التي تنظر فيها.
إن فكرة الدعوى الإدارية شغلت حيزاً كبيراً من أبحاث فقهاء المرافعات الإدارية وكان فقهاء القانون الإداري دائماً ما يحاولون إبراز فكرة الدعوى الإدارية على نحو لا يجعلها تختلط بالأفكار الإجرائية الأخرى وخاصة الدعوى المدنية (7).
وعرفت الدعوى الإدارية بأنها : ( إجراءات قضائية متفرعة عن ممارسة حق الدعوى الإدارية مضمونها سلسلة من إجراءات الحكم التي تتخذ أمام القضاء الإداري بواسطة كل اطرافها من الخصوم أو ممثلوهم أو من القاضي الإداري أو اعوانه وتسير تلك الإجراءات تباعاً فضاً لمنازعة أحد اطرافها شخصاً من اشخاص القانون العام)(8)، نلاحظ أن التعريف جاء مطولاً بعض الشيء إلا أنه بين أن القاضي الإداري ومن ينوب عنه هم طرفاً أيضاً في الدعوى الإدارية ولا تقتصر على المدعي والمدعى عليه ( الفرد والإدارة) فقط.
والدعوى أمر اختياري إذ لصاحب الحق أن يرفع إلى القاضي المطالبة بحقه إذا رأى أن حقه قد اعتدى عليه فمباشرة الدعوى ليست واجبة على صاحب الحق نفسه وإنما هي واجبة عليه نحو المجتمع ولا يسود فيه العدل والإطمئنان إلا إذا باشر كل عضو فيه ما له من حقوق(9).
ومن التعريفات الفقهية للدعوى الإدارية أنها : ( الوسيلة القانونية التي يتمتع بها الأشخاص ويتمكنون بمقتضاها الإلتجاء إلى القضاء طلباً لحماية حقوقهم المعتدى عليها أو لتقرير هذه الحقوق أو للتعويض عن الأضرار التي تلحق به) (10) ، ونلاحظ من التعريف أن الفقه عدَّ الدعوى الإدارية وسيلة قانونية يلجأ من خلالها الأفراد إلى القضاء الذي يُعد الملاذ الآمن لحماية حقوقهم والتعويض عن الأضرار جراء الإعتداء عليها، إلا أنه لم يوضح الطرف المدعى عليه في الدعوى.
وفي السياق ذاته فقد عرفها آخرون بأنها: (السلطة الممنوحة لكل شخص له حق يعترف القانون بوجوده في أن يطلب حماية القضاء لإقرار هذا الحق إذا جحد أو رد الإعتداء عنه أو استرداده إذا سُلب، وتوجد الدعوى بهذا المعنى سواء ألجأ الشخص إلى القضاء أم لم يلجأ) (11).
وأمام هذا الإختلاف الفقهي في بيان مفهوم الدعوى الإدارية هناك من عرفها بأنها : ( حق الشخص الطبيعي أو المعنوي ووسيلته القانونية في أن يلجأ إلى القضاء الإداري في الدعوى التي تكون جهة الإدارة طرفاً فيها للمطالبة بالإعتراف بحق أو حمايته نتيجة الإضرار به من قبل الإدارة لإزالة الضرر أو التعويض عنه في نطاق إجراءات قانونية خاصة لا تخضع لقواعد المرافعات المدنية إلا فيما لم يرد فيه نص قانوني ولا يتعارض مع طبيعتها) (12). نلاحظ من التعريف السابق ذكره أنه اشتمل على عناصر الدعوى الإدارية جميعها، إذ بين أطراف الدعوى والجهة القضائية المختصة بالنظر فيها ألا وهي القضاء الإداري، كذلك وضع التعريف مضمون الدعوى وبيان خضوعها لقواعد المرافعات المدنية عند عدم ورود نص خاص في القوانين التي تنظم إجراءات التقاضي الإداري واستخلاصاً لما سبق يتضح لنا أن تعريف الدعوى الإدارية بقي موضع خلاف بين فقهاء القانون الإداري في غياب النص التشريعي وإن اتفق البعض منهم على عناصر الدعوى فيه، ذلك نظراً لإختلاف وجهات النظر في المعيار الذي يحدد التعريف، وبدورنا ومن خلال تحليل ما سبق من تعريفات نعرف الدعوى الإدارية على أنها : ( إجراء قانوني يقوم به الأفراد أمام المحاكم الإدارية لحل الدعوى التي نشأت بينهم وبين الجهة الإدارية جراء نشاط اتخذته خلافاً للقانون، الهدف منه حماية حقوقهم من التجاوزات غير القانونية التي تقوم بها فضلاً عن حماية مبدأ المشروعية)، وخلال ملاحظتنا لتعريف الدعوى الإدارية بإمكاننا أن نستشف أهمية الدعاوى الإدارية من الناحيتين النظرية والعملية وكالآتي:
1- أهمية الدعاوى الإدارية من الناحية النظرية
أ- تعد وسيلة مهمة وفاعلة في الدفاع عن مبدأ المشروعية والانتصاف للحقوق والحريات العامة من التعدي الذي تأتيه السلطات العامة للدولة وهي بصدد ممارسة سلطاتها في إصدار القرارات الإدارية سواء في مجالها الوظيفي أو المالي أو الإداري، لذا فأن هذه الدعاوى تؤكد تطبيق القانون بمعناه الواسع وتكفل عدم مخالفته من خلال تمكين ذوي المصلحة من الطعن بالقرارات المخالفة للقانون وتمس بمصالحهم بالضرر (13)
ب- تتنوع صور الدعاوى الإدارية تبعا لنوع الطعن والجهة التي تختص بنظره، فتارةً تقام أمام القضاء العادي صاحب الولاية العامة في النظر في المنازعات كافة ومنها المنازعات التي تتعلق بالقرارات او العقود الإدارية وتارة أخرى تختص بها المحاكم الإدارية سواء من خلال الإلغاء أو التعويض ، ولعل هذا التنوع في الجهات التي تختص بالنظر في الدعاوى الإدارية مرده إلى طبيعة النظام القانوني السائد في الدولة (14).
2. أهمية الدعاوى الإدارية من الناحية العملية
أ- كثرة حالات الطعن بالقرارات الإدارية الصادرة عن الجهات الحكومية، وذلك مرده إلى تعقد وظائف الدولة وتشعبها، مما أدى إلى حتمية تنظيم الرقابة على القرارات الإدارية ليس تلك الصادرة عن السلطة التنفيذية فحسب، وإنما الصادرة عن السلطتين التشريعية والقضائية اللتان تختصا بمكنة إصدار القرارات الإدارية في المجالات التي تنطوي تحت لواء صلاحياتها الدستورية والقانونية.
ب وجود العديد من الإشكالات العملية التي ترافق الدعاوى الإدارية سواء من حيث التظلم وجهته وشروطه وميعاد إقامة الدعوى وشروطها والتي تتباين تبعاً لتنوع الدعاوى الإدارية وتباين شروط إقامتها والآثار المترتبة على نتائجها، وهو ما يعكس أهمية هذه الدعاوى (15).
______________
1- مصطفى عبد النبي: إجراءات رفع الدعوى الإدارية الإستعجالية والعادية بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية والسياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة غرداية، الجزائر، مج 7 ، ع 1 ، 2021، ص 126 .
2- د. میسون علي عبد الهادي الحسناوي، التنظيم القانوني للمحكمة الإدارية العليا في العراق - دراسة مقارنة، دار الكتاب للطباعة والنشر والتوزيع بغداد، 2021، ص13.
3- مصطفى عبد النبي: مصدر سابق، ص 126 . ينظر في السياق ذاته القاضي عثمان ياسين علي إجراءات إقامة الدعوى الإدارية في دعوى الإلغاء والتعويض، ط، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2011، ص 42.
4- د. حنان محمد القيسي وصفاء حسين الشمري وسائل الإثبات لدى القاضي الإداري، مكتبة صباح، بغداد، 2012، ص71.
5- د. سليمان محمد الطماوي: الامس العامة للعقود الإدارية دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، القاهرة 2005، ص 45. ينظر في السياق ذاته فاضل صغير خضير مهاوش التدخل في الدعوى الإدارية رسالة ماجستير، كلية القانون والعلوم السياسية الجامعة العراقية، 2021، ص9.
6- د. مصطفى كمال وصفي أصول إجراءات القضاء الإداري، ط 2 ، عالم الكتب للنشر، القاهرة، 1978، ص 17-19.
7- د. محمود حمدي احمد مرعي: ظاهرة بطيء الفصل في الدعاوى الإدارية دار الجامعة الجديدة الاسكندرية، 2016، ص 33.
8- د. محمد باهي ابو يونس: انقضاء الخصومة الإدارية بالإرادة المنفردة للخصوم في المرافعات الإدارية دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 2010، ص8. نقلاً . عن د. اسلام إحسان نظرية البطلان في المرافعات الإدارية منشأة المعارف الاسكندرية، 2015، ص 28.
9- فريحة حسين المبادئ الأساسية في قانون الإجراءات المدنية والإدارية، ط 2 ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2013، ص13.
10- د. حسن السيد بسيوني: دور القضاء في الدعوى الإدارية، مطابع الشعب القاهرة، 1981، ص 115.
11- د. محمد العشماوي و د. عبد الوهاب العشماوي: قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن، ج 2، مكتبة الآداب للطباعة، القاهرة، 1958، ص 554.
12- شاكر بن علي بن عبد الرحمن الشهري الدعوى الإدارية معناها خصائصها - انواعها، بحث مجلة العدل وزارة العدل، المملكة العربية السعودية، ع 47، 2009، ص 122
13- قرار المحكمة الإدارية العليا في العراق رقم (754/ قضاء اداري / تمييز / 2021 في (30/6/2021) والذي مفاده من خلال تدقيق أوراق الدعوى تبين أن الأمر المطعون فيه تضمن التوجه لدوائر التسجيل العقاري تمنع دخول المدعي إلى هذه الدوائر منعاً عاماً كونه يمارس أعمال الدلالة بصورة غير مشروعة، وأن منع دخول شخص إلى دوائر التسجيل العقاري لا سند له من القانون طالما كان المنع عاما، ولا يفرق بين أن يكون لدى الشخص الممنوع مراجعة مشروعة أو غير مشروعة، فمن حق الدائرة أن تمنع أي شخص من الدخول طالما لم يكن لديه سبب مشروع لدخول الدائرة، لأن الحق في دخول الدوائر يكون لسبب مشروع ومن حق الدائرة أن تنظم عملية الدخول وتراقبها، أما إذا كان لدى الشخص سبب مشروع لدخول الدائرة فمن حقه الدخول لها شأنه شأن الآخرين من أمثاله ووفق الضوابط التي تقررها الدائرة"، قرار غير منشور، نقلاً عن د. عثمان سلمان غيلان العبودي، الأحكام القانونية في إقامة الدعاوى الإدارية، دار المسلة للنشر والتوزيع، بغداد، 2023، ص 26.
14- د. خيري احمد الكباش اخلاقيات العدالة وضوابط التشريع منشأة المعارف، الإسكندرية، 2013، ص 15-16.
15- د. عثمان سلمان غيلان العبودي مصدر سابق، ص 27
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|