أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-11
1010
التاريخ: 14-06-2015
2902
التاريخ: 2023-10-03
991
التاريخ: 2024-06-11
595
|
دور الدين في صيانة مسير التكامل الإنسانيّ وترشيده[1]
1- الاختلاف بين أفراد الإنسان:
إنّ قريحة الاستخدام في الإنسان، بانضمامها إلى الاختلاف الضروريّ بين الأفراد، من حيث الخِلْقة، والبيئة، والعادات، والأخلاق المستندة إلى ذلك، وإنتاج ذلك للاختلاف الضروري، من حيث القوّة والضعف، يؤدّي إلى الاختلاف والانحراف عن ما يقتضيه الاجتماع الصالح من العدل الاجتماعيّ، فيستفيد القويّ من الضعيف أكثر ممّا يُفيده، وينتفع الغالب من المغلوب من غير أن ينفعه، ويُقابله الضعيف المغلوب ما دام ضعيفاً مغلوباً، بالحيلة والمكيدة والخدعة، فإذا قوي وغلب قابل ظالمه بأشدّ الانتقام، فكان بروز الاختلاف مؤدّياً إلى الهرج والمرج، وداعياً إلى هلاك الإنسانيّة، وفناء الفطرة، وبطلان السعادة. وإلى ذلك يشير تعالى بقوله: ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ﴾[2]، ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾[3]، و﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾[4].
2- رفع الاختلاف بالدين:
إنّ ظهور هذا الاختلاف هو الذي استدعى التشريع، وهو جعل قوانين كلّيّة يُوجِب العمل بها ارتفاع الاختلاف، ونيل كلّ ذي حقّ حقّه، وتحميلها الناس.
ولذلك شرّع الله سبحانه ما شرّعه من الشرائع والقوانين، واضعاً ذلك على أساس التوحيد، والاعتقاد، والأخلاق، والأفعال، وبعبارة أخرى: وضع التشريع مبني على أساس تعليم الناس وتعريفهم ما هو حقيقة أمرهم، من مبدئهم إلى معادهم، وأنّهم يجب أن يسلكوا في هذه الدنيا حياة تنفعهم في غد، ويعملوا في العاجل ما يعيشون به في الآجل. قال تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾[5]:
3- الاختلاف في أمر الدين:
إنّ الاختلاف في المعاش وأمور الحياة، إنّما رُفِعَ أوّل ما رُفِعَ بالدين، فلو كانت هناك قوانين غير دينيّة، فهي مأخوذة بالتقليد من الدين.
لكنّ بعض بني الإنسان اختلفوا في أمر الدين: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[6]، وإنّما أوجد هذا الاختلاف حملة الدين، ممّن أوتي الكتاب المبين، من العلماء بكتاب الله، بغياً بينهم، وظلماً وعتوّاً، قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ * وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾[7]، وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾[8].
فالاختلاف في الدين مستند إلى بغي الإنسان دون أصل الفطرة، فإنّ الدين فطريّ منسجم مع مقتضى الفطرة، التي تهدي الإنسان إلى الدين وتدفعه نحوه، وما كان كذلك لا تضلّ فيه الخِلْقة، ولا يتبدّل فيه حكمها: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾[9].
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|