أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-03
570
التاريخ: 2023-11-18
1014
التاريخ: 2023-10-06
1043
التاريخ: 2024-11-17
169
|
شهدت المدن الايطالية اواخر العصور الوسطى بزوغ نهضة شاملة في جميع الميادين الادبية والفنية والعلمية والاجتماعية لم يشهدها العالم منذ قيام الحضارة الكلاسيكية في اثينا. ومن هذه المدن انتقلت النهضة الى اوروبا الغربية (فرنسا - انكلترا - اسبانيا - المانيا) اما دول اوروبا الشرقية، فقد بقيت حتى وقت متأخر تعاني من الضغط العثماني على حدودها مما ادى الى تأخر قيام النهضة بين ربوعها. ومما ساعد على قيام هذه النهضة في ايطاليا قبل غيرها من دول اوروبا ان شبه الجزيرة هذه كانت ما تزال تزخر بتراث الرومان العمراني المتمثل في المباني العظيمة والتماثيل والنقوش والقنوات والسدود المائية. كما كانت تزخر بالمخطوطات المتعددة التي حفظت تراثهم القانوني والادبي والعلمي والسياسي على الرغم من كون ايطاليا قد تعرضت خلال العصور الوسطى لهجمات القبائل البربرية المتعددة وتدميرهم الشديد. كما ان الرخاء الاقتصادي الذي تمتعت به بعض المدن الايطالية نتيجة لازدهار تجارتها واحتكارها للتجارة بين الشرق والغرب منذ القرن الحادي عشر الميلادي، قد أدى بدوره الى استقرار ملموس في هذه المدن التي خضعت لحكومات مستبدة ومستنيرة مما ادى الى احتدام التنافس بينها على تشجيع الآداب والفنون وانشاء المكتبات الزاخرة بالكتب والمجلدات والمخطوطات واستهواء العلماء والادباء والفنانين وتشجيعهم على التأليف والخلق والابداع كما ان الاسر الحاكمة في هذه المدن اقامت الاكاديميات التي ساهمت بدورها في نشر الدراسات القديمة في الفلسفة والآداب والفنون. فقامت في فلورنسا الاكاديمية الافلاطونية، وفي روما أكاديمية اهتمت بالدراسات التاريخية والاثار وفي نابولي اكاديمية لدراسة الآداب وفي البندقية اكاديمية للدراسات الاغريقية. وعلى الرغم مما اتسمت به البابوية خلال العصور الوسطى من التزمت والجمود وتقييد حرية الفكر، فأنها ما لبثت ان اخذت تهتم منذ اواخر العصور الوسطى بتشجيع العلماء ورعاية الفنون والآداب وغدا البلاط البابوي في هذا الوقت مشابهاً لبلاطات الامراء العلمانيين يعج بالدسائس وحياة المجون. فتهافت اليه العلماء والادباء يبغون الشهرة والاستقرار والكسب المادي. ولم يكن موقف البابوية هذا نابعاً من الظروف السياسية التي احاطت بإيطالية في تلك الحقبة فقط، بل لتخوفها من اتجاه النزعة الانسانية نحو وثنية جديدة تتعارض ومفاهيم المسيحية. فحاولت احتضانها والتوفيق بينها وبين المسيحية حتى لا تخسر الفئات المثقفة التي عظم شأنها في هذه الفترة. وهكذا برز بعض البابوات أطلق عليهم (بابوات النهضة) عملوا على نشر العلم والمعرفة وانشاء المكتبات واقتناء المخطوطات واقامة الاكاديميات للتوفيق بين الكنيسة والنهضة. فكان منهم نقولا الخامس (1447 ــ 1455) الذي كان يتمتع بثقافة عالية ومن مؤيدي النزعة الانسانية. فأرسل البعثات العلمية الى اثينا والقسطنطينية لجمع المخطوطات التي بلغت 824 مخطوطاً لاتينياً و352 مخطوطاً يونانيا (1). ومما ينسب الى هذا البابا ولعه الشديد باقتناء الكتب حيث احتوت الفاتيكان في عهده على أكثر من اثني عشر ألف مجلد. وكذلك سار البابا بيوس الثاني (1458 - 1464) على خطى نقولا الخامس. فكان مولعاً بحبه للأدب وكتابة القصص والشعر والمقالات. امـا لـيــو العاشر (1513 - 1521) فقد مثل بحق عصر النهضة وكان بلاطه نموذجاً لبلاطات الامراء بما ضم من العلماء والادباء والموظفين. كما انه اسس جامعة روما وضم اليها معهداً لتعليم اللغات السامية وأنشأ مجمعاً لدراسة العلوم اليونانية. كما أقر في بولونيا تدريس اللغتان السريانية والكلدانية. ولكن نفقات البلاط الباهظة واعطيات الاقارب والاصدقاء وما تطلبته الحروب التي خاضها لضم بعض الولايات من اموال قد افقرت الخزانة البابوية وجعلته يلجأ الى تشجيع بيع صكوك الغفران مما فجر الصراع داخل الكنيسة وأدى الى ظهور الحركة البروتستانتية. واخيراً فان ايطاليا قد تمتعت في العصور الوسطى بموقع جغرافي مهم على حوض البحر المتوسط، مهد الحضارات القديمة ففي وقت كان فيه المتوسط يعتبر مركزاً مهماً للنشاط التجاري كونت المدن الايطالية حلقة الاتصال بين أسواق شرقي الحوض وغربه من جهة وبين موانئ الشرق الأوسط، اغنى الاسواق بالمنتوجات والسلع، من جهة ثانية. فهيأ لها هذا الدور رخاء اقتصادياً واطلاعاً واسعاً على حضارات الشرق وعلى الاخص الاسلامية والبيزنطية.
........................................
1- ول ديورانت: قصة الحضارة الجزء (20) ص 35.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|