أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-12-2021
1552
التاريخ: 2-1-2022
2318
التاريخ: 18-9-2016
1489
التاريخ: 2024-07-30
290
|
هل الإنسان مسلّط على نفسه وأعضائه كما هو مسلّط على أمواله؟ كلّا، لعدم ثبوت دليل على السلطنة المذكورة. بل يمكن أن يُقال بدلالة الدليل على العدم. والوجه في ذلك:
أمّا بالنسبة إلى نفي السلطنة على النفس فلقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾(1) ، حيث تدلّ على أنّ الإنسان ليس له سلطنة على نفسه بإلقائها في التهلكة من خلال الانتحار ونحوه .
التسلّط على الأعضاء:
وأمّا بالنسبة إلى التبرّع بأعضاء الحي إلى آخَر- كالتبرّع بالكلية أو العين ونحوهما - ففي المسألة تفصيل كثير، يمكن إجماله بالآتي:
أوّلاً: الاستدل على نفي السلطنة على الأعضاء، وحرمة قطع الأعضاء ونقلها إلى الآخر، بمجموعة من الأدلّة، منها:
- التمسّك بالسيرة العقلائيّة الجارية على تجنُّب كلّ ما يوجب الضرر، وحيث إنّه لم يردع عنها شرعاً فتكون ممضاة .
- التمسّك بحديث نفي الضرر، حيث ورد في الحديث الشريف: "لا ضرر ولا ضرار"(2)، وحيث إنّ إرادة النهي عن الإضرار من الفقرة الثانية "ولا ضرار" أمر قريب جدّاً فيلزم الحكم بحرمة الإضرار .
- التمسّك بما دلّ على حرمة الجناية على النفس وظلمها، بتقريب أنّ قطع مثل اليد أو الرجل ونحو ذلك ظلم لها، فيحرم, لقوله تعالى: ﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ (3) .
- التمسّك ببعض الروايات الدالّة على أنّ علّة تحريم بعض المحرّمات إضرارها ببدن الإنسان، من قبيل رواية المفضّل بن عمر: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لِمَ حرّم الله تعالى الخمر والميتة ولحم الخنزير؟ قال: إنّ الله تبارك وتعالى... علم ما يضرّهم فنهاهُم عنه وحرّمه عليهم..."(4) ، بتقريب أنّ علّة تحريم المحرّمات، إذا كان هو إضرارها بالنفس، فيلزم حرمة كلّ ما يوجب الضرر بالنفس، كقطع اليد أو الرجل، وإلّا لما صلح أن يكون علّة لتحريم المحرّمات .
ثانياً: الاستدل على جواز التبرّع بالأعضاء إلى الآخرين على تفصيل بين الموارد: وخلاصة الكلام باختصار هي:
أمّا حكم أصل القطع: فلقائل أن يقول بحرمة قطع الحيّ بعض أعضاء بدنه للغير، فإنّه إضرار بالنفس والبدن، والإضرار حرام في الشريعة، سواء بنفسه أم بغيره، وسواء انجرّ إلى تلف النفس أم لم ينجرّ، ووجوب حفظ النفس المحترمة كفاية إنّما هو بالطرق المتعارفة، لا بقطع أعضاء بدن المكلّفين وزرعها في بدن المضطرّ، فإنّ هذا النحو من الحفظ لم يذكره الفقهاء، فضلاً عن عدم وروده في الكتاب والسنّة .
ولبيان الحكم بشكل أوضح ينبغي التفصيل بين أنواع الإضرار: فالإضرار بالنفس على ثلاثة أوجه:
الأوّل: إلقاء النفس إلى التهلكة بأيّ وجه كان، وهذا حرام منصوص لا إشكال فيه. بل لا يجوز مساعدة المحتاج في هذا المورد بلا إشكال، حتّى إذا فرضنا علم المساعد بموته بعد دقائق، فإنّه لا يجوز إتلاف نفسه في هذه الدقائق اليسيرة .
الثاني: إتلاف الأعضاء المهمّة كقطع اليد أو الرجل واللسان، أو قلع العين، ونظائر ذلك ممّا يعلم بعدم رضا الشارع به، ومثله التسبيب لابتلاء النفس بالأمراض الخطيرة، كالسلّ والسرطان والإيدز وأمثالها، ودليل الحرمة هنا هو العلم المذكور، سواء أوجد دليل لفظي عليها أم لا. وهذه الحرمة في بعض الموارد كقلع عين واحدة لزرعها في رأس عالم جليل ذي مكانة دينية أعمى مثلاً مبنيّة على الاحتياط (5) .
وفصّل آخرون في المسألة فذهبوا إلى عدم جواز التبرّع بالأعضاء التي يوجب نقلها نقص الإنسان و تشوّهه...، كالعين واليد والرجل وما شاكل ذلك، ولا فرق فيه بين الحيّ والميّت، فلا تكون وصيّة الشخص نافذة بالتبرّع بها بعد موته, لأنّه من الوصيّة في الحرام، و لا فرق في حرمة التشويه بين تشويه الإنسان نفسه أو غيره، فإنّ الإنسان لا يملك أعضاءه التي تتوقّف حياته عليها، كالرأس القلب ونحوهما، أو ما يكون نقلها موجباً لتشوّهه في الخلقة والهندام، كالعين واليد والرجل، وأمّا غيرها من الأعضاء فيجوز له نقلها إلى غيره تبرّعاً أو بإزاء مال، كالكلية والدم و الجلد و ما شاكل ذلك، هذا شريطة أن لا يؤدّي إلى الضرر المعتدّ به، و إلّا لم يجز أيضاً (6).
الثالث: الإضرار بأدون من الوجهين المذكورين، وهذا غير محرّم, لعدم الدليل عليه، فإنّ قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" لا يدلّ على حرمة الإضرار بالنفس ظاهراً، والرجوع إلى أصالة البراءة بل إلى بناء العقلاء على تسلّط الناس على أموالهم وأنفسهم يعطي الجواز، وترى العقلاء يقدمون على بعض الإضرار بمشي زائد أو أكل زائد أو عمل شاق، ولا يذمّ أحد أحداً على ذلك. أضف إلى ذلك أنّ مساعدة الغير في هذا المورد راجحة ولا إشكال فيها، وإذا توقّفت حياة أحد عليها تجب"(7) .
__________________
(1) البقرة: 195 .
(2) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج18، باب12 من أبواب إحياء الموات، ح3 .
(3) النحل: 118 .
(4) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج24، باب1 من أبواب الأطعمة المحرّمة، ح1 .
(5) المحسني، محمّد آصف، الفقه والمسائل الطبيّة، ص 217 .
(6) الفيّاض، إسحاق، المسائل المستحدثة, ص: 181. ويراجع السيستاني، علي، الاستفتاءات (309)، ص85 .
(7) المحسني، محمّد آصف، الفقه والمسائل الطبيّة، ص 217 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
اللجنتان العلمية والتحضيرية تناقش ملخصات الأبحاث المقدمة لمؤتمر العميد العالمي السابع
|
|
|