أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-3-2022
2044
التاريخ: 3-6-2020
1760
التاريخ: 2024-07-29
410
التاريخ: 2024-07-29
405
|
يستدلّ على القاعدة بالأخبار المستفيضة الواردة في أبواب مختلفة (1) : بعضها مختصّة بالطهارة أوالصلاة، وبعضها عامّة لا تقييد فيها بشيء، وقسم ثالث منها وإن كان وارداً في مورد خاصّ، ولكنّه مشتمل على كبرى كليّة يُستفاد منها قاعدة كليّة شاملة لسائر الأبواب الفقهيّة. ونحن نكتفي بذكر بعض الروايات بما يلبّي الحاجة اختصاراً .
1- ما رواه زرارة عن أبى عبد الله عليه السلام قال : (( رجل شكّ في الأذان والإقامة وقد كبّر؟ قال يمضي، قلت: رجل شكّ في التكبير وقد قرأ؟ قال يمضي، قلت: شكّ في القراءة وقد ركع؟ قال: يمضي، قلت: شكّ في الركوع وقد سجد؟ قال: يمضى على صلاته، ثم قال: يا زرارة، إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكُّك ليس بشيء )) (2) .
هذه الرواية، بحسب ظاهرها، شاملة للطهارة والصلاة، وغيرهما من العبادات، بل تشمل جميع المركّبات الّتي لها أثر شرعيّ في أبواب العبادات والمعاملات, لعموم لفظ "شيء" فيها. ولكنّ ظاهرها بقرينة قوله: "خرجت من..." اختصاصه بالشكّ في صحّته بعد الفراغ عن أصل وجوده، فانّ الخروج عن الشيء - بحسب الظهور الأوّليّ - هوالخروج عن نفسه لا عن محلّه. كما أنّ ظاهره، بادئ الأمر، هواعتبار الدخول في الغير، إلّا أن يكون جارياً مجرى الغالب, لأنّ الإنسان لا يخلومن فعل ما غالباً، فكلّما خرج من شيء دخل في غيره عادة، فيكون قوله: (( ودخلت في غيره)) من باب التأكيد للخروج من الفعل الأوّل .
- وتوضيح ذلك: إنّ قاعدة الفراغ ناظرة إلى الشكّ في صحّة العمل بعد الفراغ منه، بينما قاعدة التجاوز ناظرة إلى الشكّ في الإتيان بالجزء السابق بعد الدخول في الجزء اللاحق .
فلو شكّ المصلّي في صلاته تارة يكون شكّه في صحّتها بعد الفراغ منها، وأخرى يشكّ في أثنائها بالإتيان بالجزء السابق بعد الدخول في الجزء اللاحق. فإنْ شكّ في صحّتها بعد الفراغ منها حكم بصحّتها، وذلك مضمون قاعدة الفراغ. وإن شك في الإتيان بالجزء السابق بعد الدخول في اللاحق حكم بتحقّقه، وذلك مضمون قاعدة التجاوز .
وبعبارة أوضح: أنً المصلي تارة يشك في صحة ما أتى به بعد جزمه بإتيانه به، سواء أكان ما شك في صحته هو الكل أم الجزء، وأخرى يشك في أصل إتيانه بالشيء. ففي الحالة الأولى يحكم عليه بصحة ما أتى به، وذلك هو مضمون قاعدة الفراغ، من دون تخصيصها بالشك في صحة الكل بل تعم الشك في صحة الجزء أيضاً. وفي الحالة الثانية يحكم بتحقّق الجزء المشكوك، وذلك مضمون قاعدة التجاوز. والأخبار الواردة في المسألة على نحوين، فبعضها ناظر إلى الحكم بوجود الشيء المشكوك، وبعضها الآخر ناظر إلى الحكم بصحة الشيء المشكوك .
2- عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : (( كلّما شككت فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو)) (3) .
دلّت على الحكم بالصحّة والتماميّة، بالنسبة إلى العمل الذي شكّ فيه بعد الفراغ منه، وهي أعمّ من أن يكون المشكوك هوجزء العمل أوتمامه .
وهي ظاهرة في عدم اعتبار الدخول في الغير. إلّا أن يقال بأنّ إطلاقها منصرف إلى ما هو الغالب من تلازم بين مضيّ الشيء وبين الدخول في الآخر، ولكنّها من حيث اختصاصها بالشكّ في الصحّة دون أصل الوجود كالرواية الأولى، وإن كان القول بالتعميم (هنا) أقرب, لأنّ إطلاق مضيّ الشيء على مضي وقته أو محلّه كثير، يقال: مضت الصلاة أي فات
وقتها (4) .
3- عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (( إذا شكّكت في شي من الوضوء، وقد دخلت في غيره، فليس شكّك بشيء، إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم
تجزه )) (5) والرواية عامّة للشكّ في الصحّة والوجود معاً، وليست مختصّة بأحدهما، فظاهر صدرها التعميم، فإنّ الشكّ في شيء من الوضوء أعمّ من الشكّ في أصل الوضوء أو صحته .
4- عن إسماعيل بن جابر قال: قال أبوجعفر عليه السلام : (( إنْ شكَّ في الركوع بعدما سجد فليمض، وإن شكّ في السجود بعدما قام فليمضِ، كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه )) (6) .
وصدر الرواية وإن كان مختصًّا بباب أجزاء الصلاة، إلّا أنّ ذيلها قضيّة عامّة كالرواية الأولى، وظهورها (بادئ الأمر) في اعتبارالدخول في الجزء الآخر مثلها .
5- صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : (( كلُّ ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد )) (7) ، دلّت على أنّ كلّ صلاة شكّ في صحّتها بعد الإتيان يُحكم بالصحّة والتماميّة .
وبالنتيجة يُستفاد من هذه الأدلّة وغيرها حجيّة مدّرك قاعدة الفراغ والتجاوز، فالروايات صحيحة السند، صريحة أو ظاهرة الدلالة على المطلوب في موردي الفراغ والتجاوز .
____________________
(1) الشيرازي، ناصر مكارم: القواعد الفقهية، ط 3، قم المقدّسة، مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، 1411هـ.ق، ج1،ص213 .
(2) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج5، الباب23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح1، ص237 .
.(3) ن، ح3، 237-238
(4) الشيرازي، القواعد الفقهية، م.س، ج1، ص214 .
(5) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج1، الباب 42 من أبواب الوضوء، ح5، ص331 .
(6) م . ن، ج4، الباب 13 من أبواب الركوع، ح4، ص318 .
(7) م .ن، ج5، باب 27 من أبواب الخلل، ح2، ص343 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|