أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-28
469
التاريخ: 17-11-2021
1809
التاريخ: 1-11-2021
1558
التاريخ: 1-11-2021
1591
|
الأصل في شرعيَّة الإقرار، بعد الإجماع من المسلمين أو الضرورة، السنَّة المقطوع بها من طرق المسلمين، وقد خصّص الحرّ العامليّ في الوسائل كتاباً خاصّاً جمع فيه الروايات الخاصّة بالإقرار (1).
وقد تحقَّق التسالم عند الفقهاء بالنسبة إلى نفوذ الإقرار ولا إشكال فيه ولا خلاف، فالأمر متسالم عليه عندهم. قال الشيخ الأنصاريّ في مقدمة رسالته الّتي ألّفها في القاعدة المذكورة: "اشتهر على ألسنة الفقهاء، من زمان الشيخ قدس سره إلى زماننا، قضية كليّة يذكرونها في مقام الاستدلال بها، على ما يتفرّع عليها كأنّها بنفسها دليل معتبر أو مضمون دليل معتبر، وهي أنّ من ملك شيئاً ملك الإقرار به..."(2).
ومع هذا، يُستدلّ على حجّيَّة القاعدة بالأدلَّة الآتية:
الأوّل: الكتاب: يمكن الاستدلال على القاعدة بقوله تعالى: ﴿ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ﴾(3). فهي تدلّ على أنّ الإنسان يجب أن يشهد بالحقّ ولوكان ذلك في غير صالح نفسه .
وغاية ما يقتضيه هذا أنّ ما ثبت كونه حقّاً تلزم الشهادة به، وبالالتزام العرفيّ تدلّ على وجوب قبوله، ولا تدلّ على أنّه لو شهد شخص على نفسه بشيء، واحتملنا كونه مشتبهاً، يلزم قبول ذلك أيضاً .
وبكلمة أخرى: هي تدلّ على أنّ الحقّ إذا شهد به يلزم قبوله، وهذا أمر مسلّم به، غير قابل للشك وإلّا لم يكن الحق حقّاً، ولا تدلّ على أنّ كلّ ما شهد به، ما دام هو على النفس، يلزم قبوله حتّى ولو لم يحرز كونه حقّاً .
الثاني: الروايات: وهي الواردة في مختلف الأبواب وتبلغ درجة التواتر.
منها: صحيحة عبد الله بن مغيرة، عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام: "في رجلين كان معهما درهمان، فقال أحدهما: الدرهمان لي، وقال الآخر: هما بيني وبينك، قال: فقال أبوعبد الله عليه السلام: أمَّا الذي قال هما بيني وبينك فقد أقرّ بأنَّ أحد الدرهمين ليس له فيه شيء، وأنَّه لصاحبه ويقسّم الثاني بينهما نصفين"(4) . دلَّت على نفوذ الإقرار ومؤاخذة المقرّ على ما أقرّ به .
ومنها: النبويّ المشهور بين الفريقين وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إقرار العقلاء على أنفسهم جائز"(5).
ولا إشكال في دلالة الحديث، واعتماد الفقهاء عليه، حتّى في إطلاقه على اسم القاعدة، ولكنّ المشكلة في السند، فهو كما قال صاحب الوسائل: "رواه جملة من علمائنا في كتبهم الاستدلاليّة من دون أن يعرف له مستند غير ذلك"(6). نعم، رواه الأحسائيّ في كتابه عوالي اللئالي، ناسباً إيّاه إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم (7) ، والكتاب المذكور ليس مورداً للاعتماد. وأمّا شهرة العمل به على تقدير كونه حديثاً- فهي لو تمّت كبرى وصغرى فلا يمكن التعويل عليها في المقام, لاحتمال أنّ استنادهم إليه ليس لثبوت حجّيّته لديهم كحديث, بل لأنّ مضمونه مضمون عقلائيّ لا يحتاج إلى رواية .
ومنها: خبر جرَّاح المدائنيّ عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا أقبل شهادة الفاسق إلاَّ على نفسه"(8) ، وهذا الخبر يدلُّ على نفوذ الإقرار على النفس، وإن كان فاسقاً .
وبالمجموع دلّت هذه الروايات - بعد إلغاء الخصوصيّة عن المورد - على كون الإقرار طريقاً لإثبات متعلّق الإقرار على المقرّ .
خلاصة الكلام: إنّ الروايات الصادرة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام في الموارد الخاصّة الدالّة على نفوذ إقرار كلّ عاقل على نفسه، كثيرة جدّاً، ومن راجع كتب الحديث من الفريقين- باب القصاص، وباب الحدود، وباب الديَات، وباب الغصب، وباب الإقرار، وباب القضاء منها ـ وأمعن النظر، لا يتأمّل في أنّ ذكر الموارد لأجل تطبيق الكبرى الكلّيّة عليها، أو لأجل الجواب عن القضايا الشخصيّة، وإلّا فلا خصوصيّة لها، بل الحكم عام، أي مفاد تلك الأخبار نفوذ إقرار كلّ عاقل على نفسه في أيّ مورد كان، ويكون حكماً كليّاً لإقرارات جميع العقلاء في جميع الموارد .
الثالث: السِّيرة: استقرَّت السِّيرة العقلائيَّة منذ بداية التاريخ، وفي جميع الملل والأديان، على نفوذ إقرار كلِّ عاقل على نفسه، فإنَّ معظم المعاملات عند العقلاء يبتنى على أساس الإقرار، ويترتَّب عليه الأثر، وهو طريق مثبت لما أقرَّ به عندهم جميعاً ولم ينكره أحدٌ .
______________
(1) انظر: العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج23، كتاب الإقرار .
(2) الرسالة الملحقة في آخر كتاب المكاسب للشيخ الأنصاريّ قدس سره .
(3) النساء: 135 .
(4) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج13، باب9 من كتاب الصلح، ح1، ص169 .
(5) م.ن، ج16، باب3 من كتاب الإقرار، ح1، ص11 .
(6) العاملي، وسائل الشيعة، ج16، باب3 من أبواب الإقرار،ح2 .
(7) الإحسائي، ابن أبي جمهور: عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية، تقديم السيد شهاب الدين النجفي المرعشي، تحقيق الحاج آقا مجتبى العراقي، ط1، قم المقدّسة، مطبعة سيّد الشهداء عليه السلام، 1403هـ.ق/ 1983م، ج3، ص223 .
(8) الكليني، الكافي،م.س، ج7،باب ما يراد من الشهود،ح5، ص395؛ العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج16، باب6 من كتاب الإقرار،ح1، ص112 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|