أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-13
801
التاريخ: 2024-05-13
802
التاريخ: 2024-04-22
795
التاريخ: 2023-07-20
1134
|
ولم يبتدع «سيتي الأول» جديدًا عندما وطد العزم على استغلال مناجم الذهب، بل كان في الواقع يترسم في هذا الشأن خُطى أسلافه الذين بحثوا عن الذهب منذ أقدم العهود، فقد كان الذهب منذ عصر ما قبل الأسرات يستعمل في زخرفة الحلي، وأدوات الزينة في مصر؛ فنجد في المتحف المصري خنجرًا من الظران الجميل الصنع، مقبضه من الذهب الخالص، كما توجد فيه كذلك سكين من الظران يرجع تاريخه إلى باكورة العهد العتيق في مصر، مقبضه مُزين بأشكال حيوان مموهة بالذهب، وقد كشف الأستاذ «ريزنر» عن أشياء مصنوعة من الذهب يرجع تاريخها لعصر الأسرة الأولى في بلدة «نجع الدير«(1)، يضاف إلى ذلك أن آثار الملكة «حتب حرس» والدة الملك «خوفو» تضع أمامنا صحيفة بليغة عن مهارة صياغ الذهب في عهد الأسرة الرابعة، كما تحدثنا عن وفرة الذهب، ومقدار الكمية التي كانت في متناول الأسرة المالكة. ومنذ عهد بناة الأهرام نجد أن الذهب كان يستعمل بنظام في مصر، ولا أدل على ذلك من مجوهرات الدولة الوسطى التي تمتاز بفخامة صنعها، ودقة إخراجها. ولا نعلم على وجه التأكيد من أي مكان جلب المصريون الذهب في العهود الأولى، فيقول الأستاذ «بتري»: إن الذهب الأسيوي كان بلا شك يُستعمل في مصر في عهد الأسرة الأولى؛ وذلك لأنه معلَّم بما خُلط فيه من الفضة التي كانت فيه بنحو السدس (راجع الجزء الثاني من تاريخ مصر (2) ص189– 200). ويظن كذلك أن بعض الذهب قد وصل إلى مصر عن طريق «ترانسلفانيا» منذ عهد الأسرة الثانية. وعلى أية حال فإن مستر «لوكاس» قد كذَّب ما ذكره «بتري» في كلتا الحالتين (راجع: Lucas, Ancient Egyptian Materials & Industry p. 183). إذ الواقع أن الإقليم الذي فيه الذهب في مصر يقع بين وادي النيل والبحر الأحمر، وبخاصة في هذا الجزء من الصحراء الواقع على طريق «قنا» و«القصير»، وحدود السودان، وقد وجدت بعض مناجم قديمة مشغولة فيه في شمالي «قنا»، وكذلك وجدت مناجم ذهب خارج تخوم مصر وفي السودان حتى «دنقلة» جنوبًا. ولم يعثر على مناجم للذهب في شبه جزيرة سيناء، وإن كان لدينا بعض الوثائق القديمة التي ربما تشير إلى أن الذهب كان يأتي من هذه الجهة (راجع Lucas Ibid. p. 182 )، ولدينا من عهد الأسرة الثانية عشرة وثائق مدونة تحدثنا عن جلب الذهب إلى مصر من الجهات الجنوبية، فعلى حسب رأي «لوكاس» لم تصلنا وثائق حتى الآن عن جلب الذهب من الشمال إلى مصر قبل الأسرة التاسعة عشرة (راجع Luca ibid p. 185).، ولكن تاريخ «تحتمس الثالث» يحدثنا عن جلب الذهب إلى مصر بمثابة غنيمة حرب وهدايا، أو جزية، وقد كان يَرد إلى مصر في «صور» تحف مصنوعة، أو في شكل حلقات (راجع الجزء الرابع من مصر القديمة) من البلاد المقهورة في آسيا؛ ولا شك إذن في أن الجزية التي كانت تجيبها مصر من إمبراطوريتها في آسيا من هذا المعدن بالإضافة إلى محصول المناجم المصرية، والإتاوة التي كانت مفروضة على بلاد النوبة تبرر التسمية الحرفية للأسرة الثامنة عشرة: «العصر الذهبي المصري» فقد كانت ثروتها من هذا المعدن الثمين مضرب الأمثال عند الممالك المجاورة لها، ولا أدل على ذلك من خطاب ملك بابل الذي أرسله للفرعون «أمنحتب الثالث» يلحُّ فيه على هذا الفرعون أن يرسل ذهبًا وصفه بأنه عادي في مصر مثل التراب (راجع الجزء الخامس). ويعد استعمال الذهب بسخاء في مقبرة «توت عنخ آمون» — الملك الشاب الذي لم يكن بعد من عظماء ملوك مصر في تلك الفترة — برهانًا على مقدار ثروة مصر من النضار في هذا العهد، على أن الذهب لم يكن وقتئذ محبوسًا استعماله على الأسرة المالكة وحدها، بل نجد أن كل موظف حكومي كبير المكانة على وجه التقريب (3)، كان يجزل له العطاء من الحلي الذهبي الضخم علامة على رضاء الفرعون عليه، وبخاصة في العهد الأخير من الأسرة الثامنة عشرة، وكذلك في عهد الأسرة التاسعة عشرة. وعلى أية حال فإن الكثير من هذه الذخائر الذهبية قد وُزع، ولم يعد يُجلب منه من الخارج إلا النزر اليسير، ومن أجل ذلك وجد ملوك الأسرة التاسعة عشرة أنهم في حاجة إلى استغلال مناجم الذهب استغلالًا واسع النطاق ليحصلوا على ثروة يمكنهم بها تنفيذ برامج إعادة تنظيم الإمبراطورية في الخارج، والقيام كذلك بحملة واسعة النطاق لإقامة العمائر، وبخاصة المعابد، والمؤسسات الدينية، وإصلاح ما أفسده «إخناتون» وشيعته في داخل البلاد، وفضلًا عما قام به «سيتي الأول» من نشاط في منطقة «وادي عباد» فإنه كان يقوم بأعمال لاستخراج الذهب من أماكن أخرى بعيدة عن هذا المكان في الجنوب، وبخاصة في «أكيتا»، وليس لدينا وثائق مدونة تحدثنا بأن «سيتي الأول» نفسه قد قام بهذا العمل، ولكنا نعلم من لوحة «كوبان» العظيمة أن ابنه «رعمسيس الثاني» يقول: إنه قد سمع عن وفرة الذهب في «أكيتا« akita، غير أن فقدان الماء في الطريق المؤدية إلى هذه البقعة قد سبب موت كثير من الرجال والعير، الذين كانوا يُستعملون في المناجم؛ مما أدى إلى وقف العمل هناك جملة. عندما أمر «رعمسيس» بحفر بئر هناك أجابه نائب الملك في «كوش» هناك قائلًا: «إن كل ملك من قبل قد قام بحفر بئر هنا غير أنه لم يتفجر منها ماء»، وقد قام بمثل هذا العمل الملك «من ماعت رع» (سيتي الأول)، فأمر بحفر بئر عمقها نحو عشرين ومائة ذراع في عهده، ولكنها هُجرت على الطريق لأنه لم يخرج منها ماء (راجع Br. A. R., III, § 289)، ومن ثم نرى أن «سيتي الأول» قد حاول عبثًا استغلال مناجم «أكيتا»، وسنتكلم عن لوحة «كوبان» في مكانها.
............................................
1- راجع: Reisner Naga-ad Dier. I, p. 30-1, 143-4. Fig. 54 pl. 5–9.
2- راجع: Petrie. The Arts & Crafts In Anc. Egypt. p. 83.
3- راجع: Petrie Descriptive Sociology Ancient Egypt. p. 57.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|