الأضرار التي قد يسببها سماد الكمبوست للنباتات في الزراعة العضوية

من الصعب وغير المنطقي أن يسبب استخدام سماد الكمبوست الناضج أي أضرار للنباتات، حيث إننا نقوم باستخدام الكمبوست لكي نحصل على نبات قوى عن طريق إمداده بالعناصر الغذائية اللازمة لنموه والموجودة بالكمبوست وبالرغم من هذه الحقيقة فقد تحدث بعض الأضرار عند استخدام كمبوست لم يتم إنتاجه وتحضيره بالطريقة الصحيحة أو عند إضافته للتربة بطريقة غير ملائمة. هذا ويمكن أن يزداد الضرر من الكمبوست عند استخدامه بمعدلات عالية مع النباتات الحساسة والشتلات الصغيرة وتوجد عوامل عديدة قد تحول الكمبوست من مادة مفيدة ومغذية للنباتات إلى مادة ضارة للنباتات، ويمكن تقسيم هذه العوامل إلى عوامل لها تأثيرات حادة Acute effects وأخرى لها تأثيرات مزمنة Chronic effects، وفيما يلي سوف نستعرض هذه العوامل:

العوامل ذات التأثيرات الحادة

Factors with acute effects

* الملوحة العالية High salinity

قد تعتبر الملوحة العالية أحد الأسباب المتكررة التي تسبب مشاكل من سماد الكمبوست. فمن المعروف أن النبات يحصل على احتياجاته من العناصر الغذائية من التربة في صورة أملاح ذائبة، ولكن في حالة وجود تركيزات عالية من هذه الأملاح تسبب أضراراً للجذور، ومن أعراض الأضرار التي تسببها الأملاح حدوث ذبول سريع للنباتات واصفرار للأوراق. عموماً فإن الملوحة العالية تتسبب في ضعف النباتات وغالباً ما تؤدي إلى تعفن الجذور Root rot وبوجه خاص يكون ذلك نتيجة الإصابة بالفطريات المحمولة في التربة مثل Pythium and Phytophthora، كما أن معدلات الملوحة في سماد الكمبوست يجب أن تتراوح بين 3-4 ملموز/ سم، حيث إن زيادتها عن ذلك تتسبب في حدوث سمية للنباتات إذا لم يتم غسل الأملاح أولاً، ويمكن أن يتم خفض نسبة الملوحة بسماد الكمبوست عن طريق غسله بالمياه لإزالة أو تخفيض الملوحة، أو مزج سماد الكمبوست بالتربة مع نوع آخر من سماد الكمبوست المنخفض الملوحة مثل سماد الكمبوست المصنع من لحاء الأشجار. وجدير بالذكر أن نسبة الملوحة في سماد الكمبوست تعتبر أحد معايير مراقبة الجودة Quality control في الكمبوست ويمكن قياس الملوحة في الكمبوست بواسطة جهاز Conductivity meter.

* سمية الأمونيا Ammonia toxicity

بالرغم من أن الأمونيا هي مصدر النيتروجين للنباتات، إلا أن وجود تركيزات عالية منها في سماد الكمبوست تتسبب في حدوث سمية للنباتات Phytotoxicity وهذه النباتات تموت سريعاً إذا تعرضت المستويات عالية من الأمونيا، كما أن المستويات المنخفضة من الأمونيا تتسبب في حدوث حروق على حواف الأوراق الصغيرة. وفي النباتات ذات الحساسية المنخفضة تتحول أطراف الجذور إلى اللون البني وتعتبر نباتات الأزاليا Azaleas من النباتات الحساسة جداً التي تؤخذ كمرشد أو دليل على سمية الأمونيا.

وجدير بالذكر أن الخطورة من سمية الأمونيا، تكون عالية في سماد الكمبوست الذي يحتوي على كمية عالية من النيتروجين، أي أن نسبة (كربون : نيتروجين) تكون منخفضة، خاصة إذا كان النيتروجين موجود في صورة قابلة للامتصاص، وعلاج ذلك يكون عن طريق إضافة سماد الكمبوست بمعدلات تساوى أو أقل من احتياجات النباتات المزروعة، بمعنى عدم إضافة نيتروجين بمعدلات أكبر عما يمتصه النبات.

* الأحماض العضوية Organic (Fermentation) acids

توجد الأحماض العضوية في سماد الكمبوست غير الناضج أي غير المتحلل بقدر كافي، أو سماد الكمبوست الذي خزن تحت الظروف اللاهوائية حتى لو تم ذلك لمدة قصيرة. ومن المعروف أن كثير من الأحماض العضوية غالبا ما تسبب سمية للنباتات، حيث تتسبب في حدوث أضرار مباشرة للنباتات، فهي تؤدي إلى اختفاء اللون الأخضر من الأوراق حيث تصبح الأوراق مبيضة أو ذات لون باهت. ففي سماد الكمبوست الذي به نسبة الكربون / النيتروجين عالية (أكبر من 40 : 1) يتكون أساساً حمض الخليك مع بعض الكحوليات، أما سماد الكمبوست الذي به نسبة الكربون : النيتروجين منخفضة فإنه تحت الظروف اللاهوائية ينتج مركبات الأمونيوم (النشادر) وتكون رائحته كريهة. إن نقصان أو زيادة نسبة الـ pH التي يستدل منها على حموضة أو قلوية سماد الكمبوست لا يجب أن يستدل منها أو تكون مرشد يمكن الاعتماد عليه في مشكلة السمية، وذلك لأن هذه المركبات تتحلل بسرعة في خلال 24 - 48 ساعة بعد أن تحدث الضرر للنباتات. وخط الدفاع الأول لتجنب حدوث ذلك هو أن نتأكد من أن سماد الكمبوست المستخدم ناضج.

وجدير بالذكر أن كثيراً من الأحماض العضوية لها رائحة نفاذة تدل على وجودها، والاختبارات الدالة على نضج سماد الكمبوست وكذلك الاختبارات الحيوية يمكن أن تستخدم لتحديد وجود الأحماض العضوية في الكمبوست. ومع ذلك فإن الأحماض العضوية في سماد الكمبوست الناضج نسبيا تتحلل أو تتبدد إذا ما تم تعريض الكمبوست للهواء. وكتدبير وقائي فإن الكمبوست الذي تم تخزينه في أكوام أو شاحنات محكمة الإغلاق يجب أن يعرض للهواء لعدة أيام قبل الاستخدام أو البيع للمستهلك.

العوامل ذات التأثيرات المزمنة

Factors with chronic effects

الأعراض هنا تظهر وتتطور ببطء، وهي غالباً تكون معقدة نظراً لتفاعلها مع عوامل أخرى.

* نسبة (ك : ن) العالية

سماد الكمبوست الذي يحتوي على نسبة عالية من الكربون : النيتروجين (1:70) يمكن أن يتسبب في تجميد عنصر النيتروجين ولذلك يحدث نقص لعنصر النيتروجين في النباتات، وسبب ذلك أن الكائنات الحية الدقيقة (الميكروبات) تحلل الكربون الزائد ولذلك فهي تحتكر النيتروجين المتاح وتترك النباتات تعاني من نقص النيتروجين، وهنا تظهر الأعراض المثلى لنقص عنصر النيتروجين وهو الاصفرار العام للمجموع الخضري خاصة أوراق النموات الحديثة وبطء النمو.

إن سماد الكمبوست المحتوي على نسبة عالية من (ك : ن) يمكن أن يستخدم لتغطية سطح التربة mulches ويمكن تعويض النقص في عنصر النيتروجين الذي حدث نتيجة تجميده عن طريق اضافته للتربة. وعلى الرغم من أن النيتروجين تقريباً يكون دائماً عنصر مقيد، فنسبياً الكميات الكبيرة من الكربون المتوفر تؤثر على توفر العناصر الأخرى إذا تم تواجدها بمستويات محدودة.

* سمية النبات نتيجة الزيادة في نسبة بعض العناصر

جدير بالذكر أن بعض الإضافات إلى سماد الكمبوست يمكن أن تمدنا بكميات كبيرة من عناصر محددة، وبعض العناصر قد تسبب سمية للنباتات إذا تواجدت بتركيزات كبيرة. وهذه العناصر يتم تحديدها ليس بواسطة تواجدها ولكن بسبب تعارضها أو تداخلها مع قابلية توفر عناصر أخرى، ومثال ذلك: سمية عنصر البورون الذي قد يتسبب في فقد المحصول.

وزيادة تركيزات عنصر البورون يمكن أن تحدث عند استخدام بعض الإضافات للكمبوست مثل رماد الفحم أو انفراد السيليلوز وغيرها. وهنا يجب وضع حدود قياسية أو معايير جودة للكمبوست مع اجراء اختبارات للكمبوست عند إضافة أي مواد له من المعروف أنها قد تتسبب في وجود تركيزات سامة من بعض العناصر.

* الحموضة (نسبة الـ pH)

ربما تكون نسبة الـ pH العالية في سماد الكمبوست من أهم المشاكل المزمنة التي تحدث في سماد الكمبوست المثبت للكالسيوم والناتج من مخلفات المجاري الصلبة، أو سماد الكمبوست الذي تم معاملته أو إضافة بعض العناصر له التي تعمل على زيادة نسبة الـ pH وبالرغم من أن العديد من المحاصيل الزراعية تستفيد من الكالسيوم في سماد الكمبوست فإن غالبية نباتات بساتين الحدائق لا تستفيد منه وتفضل التربة ذات الـ pH من 6-5.

وجدير بالذكر أن الإضافات المثبتة للكالسيوم في سماد الكمبوست يجب أن تستخدم بمعدلات لا تزيد عن احتياجات النباتات منها وفي الغالب يكون من الصعوبة أن نتمكن من تخفيض نسبة pH في التربة المتأثرة، وبذلك تكون النتيجة فشل نمو المحاصيل. وعموماً يجب أن نستخدم سماد الكمبوست الذي تتوافر عنه المعلومات الكافية من ناحية محتوياته ونسبة الـ pH به وجودته ومدى احتواءه على العناصر الغذائية المختلفة وغيرها من المواصفات.