المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6040 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
واجبات الوضوء
2024-06-17
مستحبات التخلي ومكروهاته
2024-06-17
ما يحرم ويكره للجنب
2024-06-17
كيفية تطهير البدن
2024-06-17
تعريف الحيض وأحكامه
2024-06-17
تعريف الاستحاضة وأحكامها
2024-06-17

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الإمبراطورية المصرية في آسيا في عهد الدولة الوسطى.  
  
197   03:36 مساءً   التاريخ: 2024-05-18
المؤلف : سليم حسن.
الكتاب أو المصدر : موسوعة مصر القديمة.
الجزء والصفحة : ج3 ص 387 ــ 396.
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /

لا يزال حتى الآن موقف مصر بالنسبة إلى البلاد المتاخمة لها من جهة الشمال يحوطه بعض الغموض والإبهام، ولكن الكشوف الحديثة في مصر وفي تلك الأصقاع الشمالية المجاورة تزيح الستار عن ذلك شيئًا فشيئا، ومن ثم يمدنا ما توافر لدينا من المصادر ببعض الشيء لبحث هذا الموضوع على ضوئها واستخلاص نتيجة منها بقدر ما تسمح المعلومات التي في متناولنا. والواقع أن العلاقات بين الأمم تنحصر في القوى الكامنة في كل منها، وما تقوم به الواحدة من معاملات مع جارتها، وردَّ الفعل الذي ينتج عن تلك المعاملات، فقد يكون السيطرة وقد يكون المساواة، وهذا يتوقف على قوة البلاد الحيوية. ففي عصر ما قبل الأسرات المتأخر تدل البحوث على أن آسيا كان لها تأثير عظيم على سكان وادي النيل، ولكن سرعان ما نرى أن مصر قد استثمرت بدورها شبه جزيرة «سينا» ومن المحتمل «فلسطين» من الوجهة الاقتصادية، وذلك في عهد الدولة القديمة، ولكن نجد ثانية في العهد الإقطاعي الأول أن الأسيويين قد غزوا الوجه البحري، وبعد ذلك عادت مصر وزحفت ثانية إلى الأقاليم الأسيوية في عهد الدول الوسطى ونشرت بعض سلطانها، أما العصر الذي تلا سقوط الدولة الوسطى، فيشاهد أن الهكسوس قد اجتاحوا البلاد المصرية واستوطنوها لمدة طويلة، ثم لم نلبث أن رأينا نجم الغزاة قد أفل، وقامت الدولة الحديثة، وأسست إمبراطورية شاسعة في آسيا، ثم مال الميزان كرة أخرى، وأخذت كفة مصر تهوي، عندما أراد أعداؤها في القرن الثالث عشر والثاني عشر قبل الميلاد أن يغزوها. ومما سبق نعلم أن الأدوار التاريخية التي مرت على البلاد كانت واضحة لا يعتروها أي غموض، غير أننا في عهد الدولة القديمة والعهد الإقطاعي وعهد الدولة الوسطى لا نعلم إلا القليل عن مقدار نفوذ مصر، وامتداد حدودها في البلاد المتاخمة لها وبخاصة من جهة الشمال. والسؤال الذي نريد أن نضعه الآن هو: ما نوع السيطرة الإمبراطورية المصرية في عهد الدولة الوسطى؟ وفي الحق أن الدولة الوسطى لم يجلس ملوكها على عرش الملك آمنين؛ إذ نعلم أن ملوك الأسرة الحادية عشرة، وملوك الأسرة الثانية عشرة، قد بذلوا زمنًا طويلًا وجهدًا عظيمًا في توطيد سلطانهم داخل البلاد، وبعد أن تم لهم ذلك أصبحوا في مأمن للسير إلى أقطار خارج حدودهم، فنعلم أن «سنوسرت الثالث» قد مد سلطان بلاده حتى الشلال الثاني، ووصلت المحاط التجارية في عهده حتى «كرمة» بجوار الشلال الثالث، فهل كان سلطان مصر مشابهًا لذلك في «سوريا» و«فلسطين»؟ ولأجل أن نجيب على السؤال الأخير إجابة شافية يجب أن نفحص كل ما وصل إلينا من الآثار المصرية التي عثر عليها في الأقطار الأسيوية، وكذلك الآثار التي عثر عليها في مصر نفسها خاصة بهذه الأقطار، أو تشير إليها من بعيد أو قريب، ثم نستخلص منها نتيجة علمية (1).  كان أهم أثر يلفت النظر عثر عليه أخيرًا هو الجزء الأسفل من تمثال جالس لشخص يدعى «تحوتي حتب» وقد عثرت عليه بعثة «المعهد الشرقي الأميركي» في بلدة «مجدو» بفلسطين وهي «تل المتسلم الحالية» وكذلك عثر مع هذه القطعة على ثلاث قطع أخرى عارية من النقوش، وقد حدد رئيس الحفائر عمر هذه القطعة حسب الطبقة التي وجدت فيها من المعبد، وأكد أنها ترجع إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد، أما مادة هذا التمثال فهي الجرانيت الأسود الصلب، أو حجر البازلت. ويستدل من القطعة الباقية من التمثال على أنه كان جالسًا على كرسي وراحته اليسرى على ركبته، ويده اليمنى قابضة على منديل وموضوعة على فخذه، ويرتدي قميصًا مجدولًا ذا طيات في جزئه الأمامي، وتدل عضلات الساق الأيسر التي لا تزال محفوظة على أن صانع التمثال كان ماهرًا.

وقد نقش على الجانب الأيسر من قاعدة التمثال هذه أربعة سطور بالهيروغليفية، وأربعة أخرى على الجانب الأيسر، ويحتمل أن العمود الذي يحمي ظهر التمثال كان يمتد حتى الرأس، وقد نُقش عليه سطر واحد. وصاحب التمثال هو فرد يدعى «تحوتي حتب». أما النقوش التي على القاعدة فهي كما يأتي:

(1) على الجانب الأيسر: «قربان يقدمه الملك إلى «خنوم» رب الأرض الأجنبية وللإله ليقدم قربانًا من خبز وجعة أو [وما شيه] وطيور … إلخ، إلى روح المحترم الشريف (حاكم) ومراقب التاجين أو «العرشين»، والمشرف على الكهنة، ورئيس الخمسة، والصديق الملكي، والمطلع على أسرار [بيت الملك؟] والحاكم العظيم [لمقاطعة الأرنب] … والمحبوب الملكي … على رأس اﻟ … «وتحوتي حتب» الذي وضعته «ست خبر كا». «

(2) على الجانب الأيمن: نقش ما يأتي:

قربان يقدمه الملك إلى «تحوتي حتب» رب الكلمات المقدسة … المحترم في حضرة الإله العظيم، الحاكم «الشريف» ومراقب التاجين (أو العرشين) والمشرف على الكهنة والقاضي وحاكم «بوتو» وفم نخن (هيراكنبوليس) وهي (الكاب الحالية) وكاهن … عشرون … في القصر وكاهن «تحوت الأعظم» والكاهن سم (وهو لقب كهنوتي عظيم جدًّا) الذي قرأ له المتن … ابن كاي «تحوتي حتب»؛ أي «تحوتي حتب» بن «كاي».

(3) على العمود خلف القاعدة: «… في بيت «تحوت» عظيم الكشف وحاكم [الجبلين]، ويحتمل أن اللقبين الأخيرين هما لقبان دينيان لبعض كهنة في معبد «خنوم» إله الشلال، وهذه النقوش التي أوردناها هنا رغم ما أصابها من التهشيم فإنها تدل بالموازنة على أنها للموظف المصري والكاهن، «تحوتي حتب» ابن «كاي» واسم أمه «ست خبر كا»، ويستخلص من الأسماء والألقاب التي وردت في النقش أن «تحوتي حتب» هذا هو بلا نزاع نفس «تحوتي حتب» حاكم مقاطعة الأرنب، وهي المقاطعة الخامسة عشرة من مقاطعات الوجه القبلي، وعاصمتها «هرمو بوليس» «الأشمونين» الواقعة على الجهة المقابلة للنيل قبالة «البرشة» الحالية، (Sethe, “Historische Biographische Urkunden des Mittleren Reiches,” Vol. I, Par. 688 ff.).» ونجد في نقوش قبر هذا الأمير أنه كان يدعى «الطفل الملكي» في عهد «أمنمحات الثاني»، وفي عهد «سنوسرت الثالث» كان لا يزال موظفًا نشيطًا يقوم بمهام مقاطعته، وقد قلده والده «كاي» حُكم مقاطعة الأرنب، وأمه تسمى «ست خبر كا»، ولا نزاع في أن هذه القطعة الصغيرة من تمثال هذا الأمير كانت من تمثال خاص ببلدة «مجدو» في وقت ما خلال حياة «تحوتي حتب» كاهن الإله «تحوت» الأعظم في «الأشمونين»، وحاكم مقاطعة الغزال في مصر الوسطى. والآن يتساءل المرء ما الذي دعا إلى وجود مثل هذا التمثال في بلدة «مجدو»؟ وأقرب الظن أن صاحبه كان مقيمًا في هذه البلدة يؤدي عملًا ما، ولكن ما هذا العمل؛ هل كان عضوًا في مستعمرة تجارية هناك؟ والجواب على ذلك لا بد أن يكون بالنفي؛ لأن ألقابه وما يوحي به مجال حياته في عهد ثلاثة ملوك بالتتابع من ملوك الأسرة الثانية عشرة لا يدل على أنه كان تاجرًا، ولا أنه كان قد نُفي من الأرض مثل «سنوهيت»، ولكن من المحتمل أنه كان يقوم بأعمال سفير مصري في هذه الجهة، رغم أننا لا نعرف شيئًا كثيرًا عن المبعوثين المصريين في ذلك الوقت لنتأكد من أن رجلًا في منزلة «تحوتي حتب» ومسئولياته يمكن أن يرسل سفيرًا إلى بلدة مثل «مجدو»، وعلى ذلك لا بد أن نلخص فيما يلي ما جاء على بعض الآثار التي وصلتنا من عهد الدولة الوسطى من أرض آسيا أو لها علاقة بها، لنصل إلى نتيجة تزيح الستار عن وجود هذا التمثال في مثل هذا المكان؛ إذ الواقع أنه قد عثر على بعض القطع الأثرية في «آسيا»، وتحمل أسماء مصرية، غير أن هذه يمكن أن تُنسب إلى أعمال تجارية قام بها صاحبها. ولكن تمثال «تحوتي حتب» الذي نحن بصدده وتمثالًا آخر لشخص يُدعى «سنوسرت عنخ» كُشف عنه في «رأس شمر»، كان كل من صاحبيهما له مركز مسئول في خارج البلاد المصرية، وإذا كانت هذه النظرية صحيحة فلا بد من تغيير الفكرة السائدة عن علاقات مصر بآسيا، وهي التي كانت تعد علاقات تجارية وثقافية وحسب، ولم تكن علاقات حربية، أو إدارية. وتدل شواهد الأحوال على أن ملوك الدولة الوسطى قد مدوا نفوذهم في «آسيا» كما كانت الحال في بلاد النوبة، وبخاصة من الوجهة الإدارية؛ مما جعلها تقبض بالقوة على شرايين التجارة الرئيسية مع بلادها عبر الحدود المصرية في الشمال والجنوب. وسنورد هنا قائمة بالآثار الهامة التي وجدت خاصة بمسألة العلاقات بين مصر وسوريا وفلسطين، وهي في مجموعها على ما يظهر توحي بوجود إمبراطورية من نوع خاص في هذه الأقاليم الأسيوية المتاخمة. والواقع أن تاريخ حياة «تحوتي حتب»، كما نقرؤه في مقبرته، أو على قاعدة التمثال التي عثر عليها في «مجدو» لم يقدم لنا مادة هامة تساعد بصفة قاطعة على تأييد هذه الفكرة، هذا إلى أن قبره لم يمدنا بأي دليل على أنه كان يسكن خارج مصر، ولكن لدينا لقب واحد من بين ألقابه يوحي بشيء من هذا وهو لقب «باب كل بلد أجنبي» (Newberry, “Bersheh”, I, P. 16) والواقع أن هذا اللقب لم يعثر عليه بين الألقاب المصرية في عهد الدولة والوسطى؛ ولذلك نتساءل هل هذا اللقب يعني أنه كان مشرفًا على الحدود أو العوائد أو المسئولية القنصلية؟ يضاف إلى ذلك أنه قد لفت نظر الأستاذ «بلاكمان» في اللوحة رقم 18 من كتاب «البرشة» للأستاذ «نيوبري« (J. E. A., Vol. II, PP. 13 ff)، نص في هذا المنظر يفسر منظر حيوانات، فقد خوطبت هذه الحيوانات أو ماشية «رتنو» «سوريا وفلسطين» بالكلمات التالية: «لقد كنت ذات مرة تسيرين على الرمال ولكنك الآن تسيرين على الكلأ»؛ ومعنى هذه العبارة أن هذه الماشية قد نُقلت من آسيا إلى مصر. ويعقب الأستاذ «بلاكمان» على هذه العبارة بأنها إشارة غير مباشرة إلى حملة حربية إلى بلاد «سوريا» و«فلسطين»؛ وعلى ذلك فإن هذا النص يجعل الإنسان ينظر إلى تمثال «تحوتي حتب» بنظرة تقرِّبه مما تشير إليه الجملة الخاصة بهذه الحيوانات الأسيوية، وقد يعضد هذه الفكرة أو هذا الرأي أيضًا ما جاء في منظر من مناظر أحد مقابر «مير» التي تُنسب إلى الدولة الوسطى، وهو يمثل مواشي نقش فوقها العنوان التالي، «ماشية الأسيويين «عامو» قد أحضرت من (أو أحضرت بمثابة» …» ولكن من الجائز أن هذه الحيوانات (Meir, II, P. 18 n)، في كل حالة من الحالات السالفة قد تكون أحضرت إلى مصر عن طريق التجارة لا عن طريق الفتح، وتوجد لوحة محفوظة الآن في متحف منشستر ذكر فيها فتح «سنوسرت الثالث» لقطر أسيوي يُدعى «سكمم»، وقد تكلمنا عنها فيما سبق، غير أن هذا الفتح أو الغارة يمكن أن تكون غزوة تأديبية ضد العصاة الذين كانوا على الحدود المصرية يهددونها. والواقع أننا لم نجد إشارة مباشرة أو نصًّا صريحًا عن حملة حربية مصرية في عهد الدولة الوسطى إلى بلاد «آسيا» إلى الآن، ولكن لا بد أن نلاحظ هنا قطع الأحجار التي عثر عليها في «الكرنك» وتعزى إلى الدولة الوسطى، فقد وجد منقوشًا عليها أسماء حاملي الجزية من «فلسطين «.

(K. M. Engberg, “The Hyksos Reconsidered”, P. 33 No. 38). هذا؛ ولا يدل وجود «العامو» (الأسيويون) في مصر؛ تجارًا أو عبيدًا، على أن بلادهم كانت تحت النير المصري، بل قد تكون بين البلدين علاقات سلمية كالتجارة، وأكبر دليل لدينا على ذلك المنظر المشهور في «بني حسن» الذي يمثل دخول 37 أسيويًّا إلى مصر جالبين معهم الكحل (Beni Hassan, Vol. I. Pls. XXX-XXXI). ولدينا إشارات عابرة عن إحضار أسيويين إلى مصر بمثابة عبيد اشتُروا بالمال كما جاء في ورقة «كاهون«   (Kahun Papyri, 12, 10-11; 13, 15–17; 30, 35).

وكذلك لدينا في نفس هذه الورقة إشارات لراقصات أسيويات كنَّ يرقصن في الأعياد المصرية (Ibid, 24, 4–6; 13-14). ولا يدل ما احتوى عليه كنز «طود» من التحف الأسيوية المحضة في عهد «أمنمحات الثاني» على أن هذه البلاد كانت تحت حكم مصر، بل كانت تعتبر إما مواد تجارية محضة أو هدايا ملكية، دون أن تعتبر جزية فرضت على هذه الأصقاع (Fouilles de l’Institut Française, “Vol. XVII, Pls. XV–XVII,” PP. 113 ff). على أنه لدينا أدلة متنوعة كثيرة على نوع العلاقات بين مصر وسوريا، وهذه تقع في حيز عهد طويل، من ذلك غارة الأسيويين على الدلتا المصرية في العهد الإقطاعي الأول، وكذلك موضوع بناء «سور الأمير» على الحدود الشرقية، وهو ما سبق الإشارة إليه. ويحتمل أن تكون سلسلة قلاع أقامها «أمنمحات الأول» ليصد بها الستيو «الأسيويين» ويحطم سكان الرمال، وكذلك لدينا متون اللعنة فإنها مهما كان تاريخها الحقيقي يدل على تهديد التاج المصري ونشاط علاقات المدن الأسيوية؛ هذا بالإضافة إلى معلومات مفصلة بعض الشيء عن موظفي هذه البلاد الأسيوية. (Sethe, Die Achtung Feindlicher Fursten Volker und Dinge. etc). وقد عثر على وثائق أخرى من نوع متون اللعنة هذه، وقد فحصت كتابة هذه الوثائق على ضوء جديد، ووجد أنها لا تتعدى عهد «سنوسرت الثالث« (Albright, Bulletin of the American School of Oriental Research, No. 18, (1941) PP. 16 ff). ولا يدل استثمار المناجم في عهد الدولة الوسطى في «سينا» وبخاصة في عهد الأسرة الثانية عشرة على أن العلاقات بينها وبين مصر كانت علاقات تدل على السيطرة المصرية المطلقة، فمثلًا في عهد «أمنمحات الثالث» أعظم ملوك هذه الأسرة أرسلت حملة مؤلفة من 734 جنديًّا  (2)  إلى مناجم «سينا» (Breasted, A. R. 1, Par. 713) وهذه القوة لم تكن قد أرسلت لتحمي المناجم من البدو، بل كان الجند يعملون هناك لاستخراج المعادن، وذلك ينطبق على ما فعله «منتو حتب» الرابع في عهد الأسرة الحادية عشرة من قبل، وما فعله «رعمسيس الرابع» فيما بعد عندما أرسل 5000 جندي إلى «وادي الحمامات» لقطع الأحجار، (Breasted, A. R. IV. Par. 466). وبعبارة أخرى فإن هذه القوة لا يمكن أن تحمي الحدود المصرية في «آسيا» في عهد «أمنمحات الثالث»، وعلى أية حال فإنه لا يمكن للباحث أن يفهم هذا العصر بوجه عام دون أن يدرس الخطوات التي أدَّت إلى إقامة «الهكسوس» في مصر، وتدل البحوث الحديثة على أنهم كانوا قد بدءوا ينزحون إلى البلاد المصرية قبل عهد الأسرة الثانية عشرة، ثم بلغوا منتهى مجدهم بعد أن مزقوا شمل قوة الدولة الوسطى.

(Engberg and Albright’s Studies, “Journal of the Palestine oriental Society,” Vol. VIII, P. 223; Vol. XV, P. 94). ننتقل بعد ذلك إلى الكلام عن الجعارين والأختام التي وجدت في «فلسطين» و«سوريا» وبخاصة مجموعة «رو«   (Rowe, “Catalogue of Egyptian Scarabs in the Palestine Archaeological Museum.”). ويمكن تقسيم هذه الوثائق قسمين، واحد منهما خاص بالجعارين التي تشمل الألقاب والأسماء المصرية الخاصة بالمصريين النزلاء في «آسيا»، والآخر خاص بالجعارين التي تحتوي على ألقاب وأسماء أمراء أسيويين، فمثلًا نجد على جعران: كاتب الوزير «سنبف» وقد عثر عليه في «جريكو» (Rowe, S. 5) وآخر نُقش عليه «حارس 110 أسيوي» المسمى «وسرخبش»، ولا يعرف مصدره في «فلسطين» (Rowe, No. 15 (?)) أما في «سوريا» فنجد أنه قد نقش على جعران: «ربة البيت (ست وسر)» (”Syria”, VIII, PP. 85, ff.) ثم الأمير الوراثي الحاكم «إمبي«  (Ibid)، وكل هؤلاء الأشخاص كان لهم وظائف مؤقتة في «آسيا«(3) على أنه من جهة أخرى لدينا جعارين خاصة بأشراف «ببلوص» (جبيل)، وهؤلاء الأشراف يحملون أسماء أسيوية مثل «عتنتن» و«عيبشمو» «وأبشمويب«  (”Syria”, X, PP. 12 ff.; “Kemi,” Vo. I, PP. 90.ff J. E. A., Vol XIV, P. 109, Vol. XIX, P. 54). وهؤلاء الأسيويون قد حكموا «جبيل» بوصفهم أمراء مواطنين، غير أن بعضهم كان يحمل اللقب المصري «حاتي عا» الذي يترجم على حسب التقليد بكلمة «شريف» أو «حاكم مقاطعة»، وهذا له أهميته؛ إذ في مصر كان هذا اللقب يمنحه الفرعون لمن يريد من الأفراد المقربين له؛ ولذلك نشاهد أن «زفاي حعبي»، بوصفه شريفًا (حاكم مقاطعة) لم يكن في مقدوره أن ينقل ملكية ضيعته بوصفه حاملًا لهذا اللقب، (Breasted, A. R., Vol. I, Par. 358)، وحتى إذا كان هذا النظام لا يطبق على خارج مصر، فإن حمل أمراء «ببلوص» لهذا اللقب يضع أمامنا الدليل على أن الحكام الأسيويين في «ببلوص» كانوا معضدين في حكمهم بملك مصر، وفي هذا ما يدل على مقدار الرقابة والسيطرة المصرية. وفضلًا عن ذلك يوجد في نهاية قائمة الجعارين التي دوَّنها الأستاذ «رو» ملخص نسبي للآثار المصرية التي عثر عليها في فلسطين لمختلف الدول التي قامت في مصر، ففي الدولة الوسطى نجد النسبة 3 إلى 7 في عهد الهكسوس، إلى 10 في الدولة الحديثة، 3 في العصر الذي تلا الدولة الحديثة، وهذه النسبة لا تشعر حقًّا بوجود دولة مصرية في آسيا في عهد الدولة الوسطى، ولكن على الرغم من ذلك فإنها نسبة تشعر ببداية تلفت النظر إلى مد النفوذ المصري في «آسيا «. والآن ننتقل إلى فحص القطع الأثرية المصرية التي تحتوي على تراجم نُقشت على الحجر وعثر عليها في التربة الأسيوية، فمن ذلك نقوش الساقي «حقا اب» والمواطن «ددي آمون» وكلاهما وجد في «جيزر» (راجع: R. A. S. Mac Alister, “The Excavation of Gezer”, Vol. II, PP. 311 ff) وكذلك كُشف عن تمثال «لأمنمحات الرابع» في صورة «بو الهول» في «بيروت» (راجع: (Breasted, “Museum Quarterly”, Vol. II, PP. 78 ff. Syria, Vol. IX, P. 300)) هذا إلى تمثال للأميرة «أتا» Ita بنت «أمنمحات الثاني» في جهة المشرفة (قطنا) (راجع: Syria, Vol. IX, P. 300)، ووجد كذلك في «رأس شمر» تمثال للفرعون «أمنمحات الثالث» في صورة بو الهول» (راجع: Syria, Vol. XIV, Pl. XV, P. 120)، ثم قاعدة تمثال لزوج الفرعون «سنوسرت الثالث» المسماة «خنمت نفرحزت» (راجع: “Syria”, Vol. XIII, Pl. XVI, P. 20)، وكشف أيضًا عن تمثال صغير للوزير «سنوسرت عنخ«   (Ibid, Vol. XV, Pl. XIV, PP. 116, 131 ff) والتمثال الأخير يعتبر أهم وثيقة للموضوع الذي نبحثه الآن؛ إذ عندما أراد الأستاذ «برستد» أن يعلق على العبارة التي وردت في نقوشه وهي: «الذي أعطى ذهب الشرف» قال: «إن هذا الذهب كان قد مُنح لهذا الوزير مكافأة لعمل عظيم قام به في الخارج، فلا بد أن هذا الوزير المصري كان يقيم في بلد أجنبي هام ويشغل مركزًا ساميًا فيها، ويحتمل أنه كان سفيرًا فوق العادة أو حاكمًا، وقد يكون المركز الذي كان يشغله يشبه في أهميته ما نشاهده يجري في الدول العظيمة، فمن الجائز أن «سنوسرت عنخ» كان مبعوثًا مصريًّا عاليًا، أرسل من قبل الحكومة المصرية ليراقب بعين يقظة إقليما سوريًّا، ربما كان مستقلًّا اسمًا، ولكنه في حقيقة الأمر كان تحت الحماية المصرية«. ولسنا في حاجة إلى أن نقف هنا لنعدد الآثار التي عثر عليها في قبور أمراء «ببلوص» (جبيل الحالية) وتحمل اسم «أمنمحات الثالث» وابنه «أمنمحات الرابع»؛ إذ فيما ذكرنا ما يكفي (راجع Montet “Byblos et l’Egypte”, P. 155) والواقع أن هذه الأشياء كانت هدايا ملكية لأمراء موالين، أو كانت دليلًا على الحب والمصافاة، وهذا ما ينطبق على تماثيل «بو الهول» التي سبق ذكرها. أما التمثالان الصغيران اللذان كُشف عنهما في بلاد «الأناضول» فلهما شأن آخر، فواحد منهما للمرضعة «ست نفر» وقد عثر عليه في »أطنة«  (M. M. A. Vol. XVI, PP. 208 ff.) أما التمثال الآخر فلشخص يُدعى «كري» والنقوش التي عليه تدل على أنه عارٍ عن كل لقب، وقد كشف عنه في شرقي «أنقرة» (A. J. S. L. XLIII, p.p. 294 ff) والواقع أن الإنسان لا يذهب تفكيره إلى حد أن مصر قد امتدت فتوحاتها حتى وصلت إلى هذا البعد الشاسع، وكونت إمبراطورية وصلت إلى بلاد الأناضول في هذه الفترة من تاريخها، ولكن المعقول أنه من الجائز أن السيدة «ست نفر» كانت مربية مصرية تعمل في بلاط أحد أمراء بلاد «الأناضول»، أما «كري» فيحتمل جدًّا أنه كان تاجرًا مصريًّا. ولكن المهم أن وجود هذين التمثالين في قطر ناءٍ كهذا عن وادي النيل يمكن أن يتخذ مقياسًا على مدى انتشار نفوذ الثقافة المصرية في عهد الدولة الوسطى، هذا إذا طرحنا جانبًا كل اعتبار آخر لوجودهما هناك، يضاف إلى ذلك إنه قد وُجدت قطعة من قضيب سحري في خرائب بلدة «مجدو»، وقد بقي من نقوشها السحرية ما يدل على أن ربة البيت «بعاتومو» كانت تلتمس الحماية السحرية في وقت الغروب لمدة الليل وأثناء النهار (راجع: The Illustrated London News, November, 1939, p. 25) وهذه القطعة قد وجدت في طبقة من طبقات الحفر يقرب تاريخها من الدولة الحديثة، ولكن سياق الكلام يرجع بها إلى عهد أقدم، وبخاصة أن القُضب السحرية كانت شائعة جدًّا في عهد الدولة الوسطى. وأخيرًا نوجه النظر إلى قصة «سنوهيت» وهو هارب سياسي قد فر من منطقة المراقبة المصرية عند موت «أمنمحات الأول»، ولا نزاع في أن جغرافية البلاد التي مر بها والتي آوى إليها في «آسيا» ليست واضحة تمامًا، غير أنه ذهب في جولاته حتى «ببلوص» على ساحل «فينقيا»، والظاهر أنه بعد ذلك اخترق تلك الجهة إلى الجهة الشرقية حيث استقبله أحد أمراء «رتنو العليا» في إقليم فيه الفاكهة والكروم والحبوب والماشية، ورغم أنه كان يعيش على مقربة من طريق يرى منه الذاهب إلى مصر والراجع منها، فإنه لم يكن في متناول الشرطة المصريين، أو تحت سلطانهم القضائي، ولا يبعد أنه كان يسكن في إقليم «بقعا» الذي يحتوي على طريق عظيم يمتد شمالًا وجنوبًا بين «لبنان» والإقليم المقابل لها. وإذا كان هذا الزعم مقبولًا أمكن القول بأن المراقبة الفعلية المصرية في هذه الجهات كانت في «فلسطين» و«فينقية» أكثر منها في داخل بلاد «سوريا»، أو قد يجوز أن مصر كان لها مكانة ضئيلة في أوائل الأسرة الثانية عشرة في آسيا، وذلك قبل أن يتمكن الفراعنة الذين حكموا في نهاية هذه الأسرة من أن يجعلوا لمصر نفوذًا عظيمًا في القارة الأسيوية. ويظهر أن الرأي الأخير هو المرجح، وعلى الرغم من كل ما أوردناه هنا من الأدلة والبراهين، فإنا لم نصل إلى نتيجة فاصلة، ولكن انتداب الوزير «سنوسرت عنخ» ليقيم في «أوجاريت«  Ugarit (رأس شمر الحالية)، وكذلك إقامة الكاهن الأعظم لمدينة الأشمونين في مدينة «مجدو» له أهميته؛ إذ الواقع أن هذه الإقامة كانت تعتبر أكثر من سلطان تجاري أو ثقافي، فإرسال شخصيات مثل أولئك لهم مقامهم في بلادهم إلى «آسيا»، يدل على أنهم كانوا يبعثون إلى مراكز ذات قيمة عظيمة في خارج بلادهم، وهذا ما يحتم وجود نفوذ إداري، وحربي يوحي بنفوذ إمبراطوري. وعلى ضوء البراهين التي لدينا حتى الآن يمكن قبول النظرية التالية وهي أن مصر في القرن التاسع عشر قبل الميلاد كانت تؤيد حكم الأمراء المحليين وفي الوقت نفسه كانت تجعلهم تحت مراقبتها بإرسال مندوب سامٍ مقيم، ويحتمل أن حامية كانت تشد أزره؛ ولذلك لا نكون بعيدين عن الصواب إذا قلنا إن مصر في القرن التاسع عشر بعد الميلاد كان مثلها كمثل الإمبراطورية المصرية في آسيا في القرن التاسع عشر قبل الميلاد.

............................................

1- A. J. S. L., Vol. VIII, “July 1941” PP. 225 ff

2- ومن الجائز أن الحملة التي قام بها «أمنمحات» وزير «منتو حتب الرابع» وكانت مؤلفة من عشرة آلاف جندي لمحاربة أهل «سينا» وحماية الذين كانوا يقطعون الأحجار للمباني الفرعونية، وليس هذا بغريب، فإن سلطان الدولة الوسطى لم يكن ثابت الأركان في هذا العهد، وبخاصة في عهد «منتو حتب ُ الرابع»، الذي تولى امللك اغتصابًا، وكان عصره عهد اضطرابات.

3- J. E. A., Vol. XIV, P. 109




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).