أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-27
58
التاريخ: 2024-05-08
659
التاريخ: 2024-06-09
856
التاريخ: 2024-09-05
378
|
وقد ترك لنا هذا الوزير العظيم على الجدار الجنوبي الخلفي من القاع نص تاريخ حياته، وهو يحتوي كما جرت العادة والعرف في هذا العهد وما قبله على عناصر قليلة في صميم حياة الموظف الحقيقة، بل هي في الواقع عقود مدح كان يضفيها الموظف أو الشريف على نفسه في ألفاظ وجمل منمقة، وهاك ما نقشه «رخ مي رع» عن نفسه (راجع: Pls XI, XII). ألقابه: الأمير الوراثي، ومدير مديري البيت (البيت الملكي)، ورئيس الأسرار، والذي يدخل المحراب الخاص بالفرعون، ومَن لا يحجب عنه الإله شيئًا، ومَن يحيط بكل شيء في السماء وفي الأرض وفي أي مكان خفي في العالم السفلي، والكاهن سم في بيت اللهيب (1) (أي: رئيس كهنة منف)، والكاهن «ورما» (الرائي الأعظم) في البيت العظيم … والمراقب حلل الأحفال كلها، وقاضي المحاكم العليا الست، ومدير كل ديوان للفرعون، وقد كان الفذ في نشاطه لمنفعة من نصبه، والمُصلِح في فصل المخاصمات، وهو أخو ملك الوجه القبلي من الرضاعة، وتابع ملك الوجه البحري وخادم حور … (وحور) في بيته، ومن تحت خاتمه اتحد بيتي الذهب وبيتي الفضة، ومدير بيت «آمون»، وعمدة المدينة والوزير «رخ مي رع»، يقول: «لقد كنتُ شريفًا بمثابة صنو الفرعون، وبمثابة رابع مَن فصل بين التوءمين (أي: على قدم المساواة مع تحوت والتوءمين وهما «حور» و«ست»)، وصاحب المكانة المقربة في الحجرة الخاصة، والممدوح في كل ساعة … وصاحب المقام الأول في نظر الشعب.»
ترقيته للوزارة: لقد كانت المرة الأولى التي طلبت فيها (أمام الفرعون)، في حين كان كل إخوتي بين الألف في الخارج (أي: بين الجموع المحتشدة خارج القصر الملكي) وخرجت … لابسًا حلة عيد (؟)، وقد ابتهج أهل بيتي، وعندما وصلت إلى مدخل باب القصر انحنى أمامي رجال الحاشية، ثم سرت ورجال الحاشية يفسحون أمامي الطريق … ولم تَعُدْ بعدُ قوتي كما كانت عليه من قبلُ؛ إذ تغيَّرَتْ حالتي التي كنتُ عليها بالأمس، وذلك منذ أن ظهرت في حلل الوزارة ورقيت إلى مرتبة كاهن الإلهة «ماعت» (إلهة العدالة والحق والصدق) … ومن ثَمَّ وقر مديحي والإشادة بذكري بين الصغير والكبير على السواء، وقد كان كل إنسان ينظر إليَّ كما ينظر إلى بريق الجدران المرصعة بالفيروزج (أي: وهو لابس حلة التشريفة).
مجلس مع الفرعون: وعندما انبثق فجر يوم ثانٍ وحلَّ الغد، دُعِيت ثانيةً إلى حضرة الإله الطيب الملك «منخبر رع» — ليته يعيش مخلدًا — وهو حور الثور المظفر والمشرف بفخار في طيبة. حقًّا إن جلالته عليم بما يجري، فلا يوجد شيء ما يجعله، فهو «تحوت» حقًّا؛ إذ لا يوجد موضوع ما قد أخطأ معرفته (وكل أمر …) فإنه يعرفه كما تعرفه سيدة الكتابة العظيمة جلالة سشات (إلهة الكتابة)، فهو الذي يخرج التصميم إلى حيِّز التنفيذ، فهو إذن كالإله الذي يأمر وينفذ (في الحال).
خطاب الفرعون لوزيره: وقد فاه جلالته بكلماته أمامي قائلًا: «تأمَّلْ أرسلتني عيناي إلى قلبي لأن جلالتي يعرف أن الأحكام التي يفصل فيها عدة، وأنه لا نهاية لها، وأن الفصل في القضايا لا ينقطع سببه، وليتك تعمل على حسب ما أقول؛ فعندئذٍ تأوي العدالة إلى مثواها.» ثم أغلظ في تحذيره إياي قائلًا: «سلِّحْ نفسك، وكن قويًّا في العمل، ولا تكل، وناهِض الشرَّ.»
رخ مي رع يتبع تعاليم الفرعون في إدارة البلاد: … وقد عملت على حسب ما أمر به، وقد وضع تحت سلطاني محكمة العدل، ولم يستطع أحد منهم أن يتغلَّب عليَّ، وبعد ذلك خرجت من عنده وعصاي على ظهري (يقصد أنه كان لا يزال في عنفوان الشباب ولم يتوكأ على عصا الشيخوخة)، ولم تطلق الكلاب بعدُ (أي: إنه كان لا يزال قويًّا)، وصوتي بلغ عنان السماء (علامة على القوة)، ولم يوجد واحد … ثائر، وقد هدأت المتبرم بما يرغب فيه ويجلب ما يمكن أن يرضيه، (وقد قال القوم) لي: تعال — هكذا قالوا — لإصلاح حالة الأرضين ثانيةً … وكنت أستيقظ مبكرًا كل يوم لتأديتها، وكنت قريبًا من الفرعون (؟) ورأيت شخصه في صورته الحقة، فهو «رع» رب السماء ملك الأرضين عندما يشرق، وقرص الشمس عندما يطلع، والأرض السوداء والأرض الحمراء يأتيان إلى مكانه، ورؤساؤهما ينحنون أمامه، وكل المصريين وكل أصحاب الرتب وكل عامة الشعب … مصوبين عصيهم نحو مَن يخاصمه، وقد كان اسمي ضاربًا للضارب فهو كالثور المنتقم (؟) الذي يضرب مَن يتكلم عنه بشر، وقد اتخذني عصًا ناطقةً تعاقِب الجموح … وميزانًا للأرضين قاطبةً، وحافظًا مستوى قلوبهم بالقسطاس المستقيم، أما الذين تذبذبت قلوبهم وأعوزتهم الاستقامة فإن سياج حور (الملك) قد أخضعهم (يقصد هنا نفسه)، وقد أصبح كل فرد مستقلًّا بالأحزان راضيًا … وقد كان فمي نطرونًا (أي: طاهرًا)، وقد كانت غلظتي بريئة على شفتي (أي: كانت غلظته عن طهر ونقاء سريرة).
علاقته بالفرعون: وكنت قلب سيد البلاد، وأذني الفرعون وعينه، والواقع أني كنت ربان سفينة، فلا أعرف النعاس ليلًا أو نهارًا، وسواء أكنت واقفًا أم جالسًا فإن قلبي كان متجهًا نحو أمراس السفينة في مقدمتها ومؤخرتها، وكان قضيب جس الماء لا يتراخى في يدي، فكنتُ بذلك يَقِظًا لأي فرصة قد تجنح فيها السفينة؛ وذلك لأن كل ملك للوجه القبلي والوجه البحري يُعتبَر إلهًا تعيش الناس بإرشاده، فهو والد وأم كل الناس، وهو وحيد بنفسه فذ؛ على أني لم أعطِ الشرَّ مجالًا حتى يجتاحني، ولم تحدث مصيبة بسبب إهمال مني.
«رخ مي رع» يتحدَّث عن إنجازه للأعمال وطهارة يده: إني أتحدَّث بفمي، وأجهر به، وعلى ذلك سيسمع الحكماء والآخرون لما أقول: وقد مجدت «ماعت» (العدالة) حتى عنان السماء، وجعلت جمالها يرسخ في عرض الأرض حتى تستطيع أن تأتي وتأوي إلى أنوف الناس، مثل النسيم عندما يخلص القلب والجسد من الحقد، وقد قضيت بين الفقير والغني بالقسطاس المستقيم، وخلصت الضعيف من القوي، ووقفت في وجه غضب الأحمق، وسحقت الجشع في ساعته؛ وقمعت حنق المهتاج في وقته، وكفكفت البكاء … وحميت الأرمل التي لا زوج لها، ونصبت الابن الوارث مكان والده، وأعنت الرجل المسن ما نحا إياه عصاي، وجعلت المرأة العجوز تقول: ما أطيبه من عمل! وكرهت الظلم ولم أرتكبه، جعلت أهل المين يغلون منكسي الرؤوس، وكنت مبرأً أمام الله، ولم يَقُلْ أحدٌ عني ممَّن كانوا على علم: ماذا فعل؟ ولقد قضيت في الأمور الخطيرة … وجعلت الحزبين يخرجان من عندي متصالحين، ولم أشوِّه العدالة من أجل رشوة، ولم أكن أصم لفارغ اليد، لا بل كنتُ فضلًا عن ذلك لا أقبل رشوة أي إنسان … ليت قلوبكم تعمر حتى تعلموا أنتم أيها الناصحون الذين يفصلون في الخطابات، أنتم يا أيها الحكام العظماء في الأزمان الغابرة … مرحبًا أيها الرفاق، وأصغوا أنتم جميعًا. تأملوا، إني معكم وإنه ليس بمين، ولقد قال لي الملك: كُنْ يَقِظًا؛ لأنك معادل الإله (أي: الفرعون) … أغدق الثناء على جلالته حتى يهيئ لراحتك النجاح، ويجعل الأرضين تعملان له بإقامة العدالة، ولماذا يحثني على أن أعمل في حين أني راضٍ وقد أتمَّمْتُ ما أمر به، وقد قمت بإنجازه على إثر سماعه، وقد أصلحتُ كلَّ حالة … وكنتُ موضوع كل المحادثات مثل فرد سجن.
أعماله التأديبية: سواء أكنت واقفًا أم قاعدًا، فقد كانت عصاي على كتفي ضاربًا بها المهاجم؟ … وقد جعلت نفسي صيادًا ماهرًا بصير الخطا … فلم أتعثر على قطعة حجر … وقضيت على عصابات المؤامرات الليلية وصددت المعتدي … (وأبدت) المجرمين على الماء واليابسة، وكذلك مَن أجرم في حق سيده بقدمه أو أنفه جعلته ينكص على عقبه … ولم أكشف عن وجهي لمقترف الإثم، وألقيت الرعب في قلوب الجمهور، وعلمت الصبي الغريب واجبه، وضيقت على المساجين (؟)، وجعلت الثائر يعرف سقطته اليائسة، وقد كان أمر الفرعون في يدي لأنفذ أغراضه، ولم يقل أحد عني: ماذا فعل؟ (ربما يقصد بذلك أن أفعاله كانت منسوبة له شخصيًّا، ولكنها كانت معروفة بأنها أفعال الفرعون.)
ذكاء «رخ مي رع» وحكمته: ولقد كنتُ معلمًا بين أولئك الذين عرفوا الحرف (أي: إن علم «رخ مي رع» كان مفيدًا حتى لأولئك الذين على علم) … ولم يوجد مثلي في خلق السعادة أو التعاسة، وكذلك لم يوجد تصميم كنتُ أجهل كيفية تنفيذه، فقد كنتُ متضلعًا ومتفوقًا في (معرفة) الأشكال المتقنة والمؤثرة أو المعيبة العتيقة، وكنت فطنًا في العلوم كلها متأنيًا في النصيحة، مستعدًّا للإصغاء، وكنت ماهرًا في أحوال الماضي، وكانت حالة أمس تجعلني أعرف الغد.
بصيرة «رخ مي رع»: ولقد قضيت للشاكي، ولم أَمِلْ إلى جانب واحد في (في المحاكمة)، ولم أَعِر الرشوةَ أيَّ التفات، ولم أكن عبوسًا في وجه مَن أتى متظلمًا، ولم أصده بل احتملته في ساعة غضبه، وخلصت الرجل الخائف من الشرس.
الاعتراف بأن الله بصير بالعباد: اسمعوا أنتم يا مَن في الوجود، إن الله يعلم ما في الأنفس وكل ما فيها من أعضاء منشورة أمامه. تأملوا أنتم إن عيونه تبصر طبائع الناس في أكبادهم، وكل قلب ينضمُّ إليه من تلقاء نفسه.
استعانته بزملائه الموظفين: «ليت قلوبكم تفلح أنتم يا مَن في الوجود، ويا أيها الأفراد الذين هم على قيد الحياة، ويا كل كاتب ماهر في كتابته، ويا مَن سيقرأ في النصوص ويترجم بقلبه، ومَن يكون ذَرِب اللسان، صافي البصيرة، نافذًا في أعماق الكلمات، ومَن يكون قد هذَّبه معلم بما يجب أن يعمل، فيكون ذا أناة وصبر، شجاعًا في السؤال، وإنه لَرجل حكيم أيًّا كان مَن سيسمع ما تحدَّثَ به الأجداد الذين غبروا.»
الوزير «رخ مي رع» يطلب تدخُّل زملائه في تقديم القربان له: «إن آلهة مدنكم سيثنون عليكم» وكذلك ملك عصره في زمانكم، وإنكم ستسلمون وظائفكم لأبنائكم بعد حياة مديدة بدون أسف، وستصلون إلى مقابركم في الجبانة، ومَن سيعيش على الأرض سيشترك في جنازتكم، وستجرُّ بقرات «حسات» (توابيتكم)، وستروى طرقكم بلبانها، وستنضمون إلى حجرات دفنكم التي في الأبدية بمدينة الحق، وهي الأرض الصامتة، ولن يسقط اسمكم من فم لفم، وصوركم ستسعد هنالك بقدر ما تقولون قربانًا يقدِّمه الملك و«آمون رع» و«آتوم» و«شو» و«تفنت» و«جب» و«نوت» و«أوزير» و«حور» و«مخنتي أم إرتي» و«ست» و«إزيس» و«نفتيس» و«تحوت» وكيل «رع»، وبقدر ما تطلبون قربانًا لا تُحصَى، وكل أشياء طيبة لا عدَّ لها لتصعد إلى السماء، وتنفذ في العالم السفلي وسط النجوم السيارة، وليتهم (أي: هؤلاء الآلهة) يقدِّمون قربانًا من الطعام، يُوضَع على أوراق صاحب القلب المتعب «أوزير»، لأجل روح الأمير وحاكم المدينة «رخ مي رع» المرحوم.
........................................
1- بيت اللهيب والبيت العظيم (بر. نسر، وبر. ور) هما اسمان للمعبدين القديمين جدا للعاصمتين القديمتين «بوتو» والكاب، أما الكاهن سم فهو لقب للكاهن الأعظم لمنف، وأما لقب «ورماو» فيُطلَق على الكاهن الأعظم لمدينة عين شمس كما ذكرنا. وهذه الألقاب الطنانة قد منحها «رخ مي رع»؛ لأنه ً كان متصلا بالفرعون كما يتصل الكاهن الأكبر بالإله، سواء أكان ذلك مع الوجه القبلي أم مع الوجه البحري.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|