النص الذي يتحدث عن حروبه في السودان والنهرين وما نستخلصه من هذا النص. |
763
03:38 مساءً
التاريخ: 2024-03-26
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-13
760
التاريخ: 11-1-2017
1689
التاريخ: 2024-08-22
347
التاريخ: 2024-05-16
939
|
والنص الذي جاء على هذه اللوحة لا يحتوي على حقائق كثيرة في صميم الموضوع، بل معظمه تعابير بليغة في وصف الفرعون، وما له من جاه وسلطان وقوة وبطش، وسنضع ترجمتها حرفيًّا أمام القارئ بمثابة نموذج لتلك النصوص التي يشحذ المؤرخ فكره في عبارتها؛ ليستخلص منها حقائق تاريخية سهلة المأخذ، مختصرة العبارة، وهاك النص: السنة الثانية، الشهر الثاني من فصل الفيضان، اليوم الخامس والعشرون في حكم جلالة الثور القوي محبوب آلهة العدل … «تحتمس الأول». لقد حضر وظهر بوصفه رئيسَ الأرضين ليحكم ما يحيط به قرص الشمس، والوجه القبلي والوجه البحري، وبخاصة نصيبي «حور وست» (أي: مصر كلها)، وهو الذي وحَّدَ الأرضين وجلس على عرش «جب»، ولبس التاجين القويين (سخمتي)، وقد تسلَّمَ جلالته بحق إرثه، واطمأن على عرش «حور» ذي الدرج؛ ليمدَّ حدود «طيبة» على «خفت حرنبس» (من ضواحي «طيبة») وليصبح سكان الرمال، والبرابرة الذين يمقتهم الإله، وسكان جزر البحر الأبيض، وقوم «رتحو قابت» خدَّامًا لها، وهو الذي جعل سكان الجنوب يقلعون شمالًا وسكان الشمال يصعدون جنوبًا، وكل البلاد الأجنبية يأتون محمَّلين بجزيتهم للمرة الأولى (في التاريخ) للإله الطيب «تحتمس» الأول عاش مخلدًا، وإنه «حور» المظفر، رب الأرضين، وهو الذي يخدمه … ومستعمراتهم تابعة له؛ لأنهم يقبلون الأرض بين يدَيْه، وأصحاب السقاية ينحنون أمام جلالته، ويخضعون أمام الصل الذي على جبينه، وهو الذي قد طرح أرضًا رجال بلاد النوبة، ولم يفلت من قبضته السود إلا بمشقة (؟)، وقد ضمَّ إليه الحدود التي على كلا الجانبين (للنيل)، ولم يفلت واحد من أهالي الذين أتوا، فلم يَبْقَ منهم واحد، أما بدو النوبة فقد سقطوا على وجوههم من الفزع، وخروا على جنوبهم في بلادهم، وانتشرت رائحة جثثهم في وديانهم، ولطخت أفواههم بالدماء كأنها صوب المطر، أما الذين قتلوا … فحملوا إلى مكان آخَر، وقد انقضَّ التمساح على الهارب الذي كان يريد أن يختبئ أما «حور» قوي الساعد، (وهذا كله) حدث بقوة الفرعون وحده، ابن آمون، ونسل الإله صاحب الاسم الخفي (كلمة آمون معناها الخفي) وسلالة ثور التاسوع (أي: سلالة آمون)، والصورة الفاخرة لأعضاء الإله، والذي يفعل ما تحبه أرواح «عين شمس» (أي: الملوك القدامى)، وهو الذي برأه أرباب «حت عات» (معبد بعين شمس)، وهو حصن لكل جيشه، والجسور على مهاجمة قبائل الأقواس التسعة مجتمعين كأنه فهد فتي بين قطيع من البقر المطمئنة، قد أعمتهم قوة جلالته، وهو الذي وصل إلى حدود الأرض من قاعدتها، والذي اخترق نهايتها بقوته المظفرة، والذي يبحث عن الحروب، وليس مَن يجسر على مواجهته، وهو الذي فتح الوديان التي كان يجهلها الأولون، والتي لم يرها حاملو التاجين، وحدود بلاده الجنوبية وصلت إلى بداية هذه الأراضي (بلاد النوبة)، ومن الشمال إلى تلك المياه التي تسير من الشمال إلى الجنوب (يعني نهر الفرات؛ لأن مياهه تسير عكس مياه النيل الذي يجري من الجنوب إلى الشمال)، ولم يحدث لملك آخَر شيء مماثل لهذا، وقد وصل اسمه إلى دائرة السماء، وكذلك وصل إلى الأرضين … والناس تعقد الأيمان باسمه في كل البلدان؛ لأن شهرة جلالته عظيمة جدًّا، ولم يَرَ الإنسان مثيلًا لذلك في تاريخ الملوك القدامى منذ عهد أتباع «حور». وهو الذي يعطي مَن يتبعه نفسه (أي: نفس الحياة)، ومَن يسير على نهجه قربانه، حقًّا إن جلالته هو «حور» الذي استولى على دولته لملايين السنين، وهو الذي تخدمه جزر المحيط، والأرض جميعها تحت قدمَيْه، ابن الشمس من جسده، ومحبوبه «تحتمس» عاش مخلدًا أبديًّا، المحبوب من «آمون» رب الآلهة، والده الذي صور جماله، ومحبوب تاسوع الكرنك، معطي الحياة، والثبات والعافية والصحة، وفرح القلب على عرش «حور»؛ لأنه قائد كل الأحياء، مثل رع مخلدًا.
ما نستخلصه من هذا النص
وهذه النقوش على ما بها من الإغراق في أوصاف الفرعون، وما قام به من ضروب الشجاعة لقمع أولئك السود، قد جعل بعض المؤرخين يستنتجون من استعاراتها أشياء لا وجود لها في المتن، ولا أدل على ذلك من استنتاج وجود قلعة بناها الفرعون في جزيرة «تومبس»، مع أن المتن الذي استخلص منه ذلك هو في الواقع تشبيه للفرعون بأنه حصن كل جيشه، والذي يجسر على مهاجمة قبائل الأقواس التسعة مجتمعة، الفهد الفتي بين قطيع من البقر الهادئة؛ على أن ذلك لا يمنع أن الفرعون كان قد أقام حصنًا في هذه الجهة، والمهم في هذا النقش هو أن مؤلِّف هذه الوثيقة كان يعرف من غير شك بلاد النهرين (كما يقول برستد) أو ذهب إليها، وقد نظر بدهشة واستغراب إلى اتجاه سير نهر الفرات الذي كان يخالف سير نهر النيل، فقد كان ذلك النهر يجري من الشمال إلى الجنوب نحو مصبه، بدلًا من أن يجري شمالًا مثل النيل؛ ولذلك سمَّاه المصريون «الماء المقلوب الذي يجري إلى أسفل بدلًا من الذهاب إلى أعلى». والواقع أن هذا وصف دقيق للغاية لمصري كان يعتبر نهر بلاده هو النموذج الذي كان لا بد أن تكون كل أنهار العالم على غراره، (1) والأهم من كل هذا هو السؤال التالي: كيف يمكن «تحتمس» الأول أن يدَّعِي وصول حدود إمبراطوريته إلى هذا النهر، مع أنه لم يمضِ على اعتلائه عرشَ الملك إلا سنة واحدة؟ وليس لهذا الجواب حل إلا إذا كان سلفه «أمنحتب الأول» هو الذي وصل في فتوحه إلى هذه البلاد النائية، وإن كانت آثاره لم تحدِّثنا عن ذلك كما سبقت الإشارة لذلك، والظاهر أن الفرعون في غزوته هذه قد مكث حوالي عام يحارب السود؛ إذ وُجِدت نقوش في «تنجور» التي تقع على مسافة خمسة وسبعين ميلًا فوق الشلال الثاني، تحدِّثنا عن عودته إلى مصر (2).
...........................................
1- وقد دحض جاردنر هذا التقسيم وبرهن على أن المصري كان يفهم املتن على حقيقته لا بقلب المعنى
(راجع (Gardiner “Onomastica” Vol. I. p. 160. Ff:
2- راجع: p. S. B. A., Vol. VII, p. 121.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|