أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-7-2016
1560
التاريخ: 10-6-2022
1420
التاريخ: 2023-04-12
1114
التاريخ: 21-7-2016
1917
|
أمّا المشارطة:
فكما أنّ التاجر يستعين بشريكه ويسلّم إليه مالاً للتجارة ثم يحاسبه، فكذا العقل تاجر في طريق الآخرة وربحه فلاح النفس، وفلاحها بالأعمال الصالحة، والعقل يستعين بها في التجارة، وكما أنّ التاجر يشارطه ثم يراقبه ثم يحاسبه ثم يعاتبه أو يعاقبه فكذلك العقل يحتاج إلى مشارطة النفس أولاً فيوظّف عليها الوظائف ويشترط عليها ويرشدها إلى ما فيه صلاحها، ويجزم عليها، ثم لا يغفل عن مراقبتها لحظة فإنّه لو أهملها لم يرَ منها إلا الخيانة والتضييع، ثم بعد الفراغ يحاسبها ويطالبها بالوفاء بما شرط، فهذه تجارتها وربحها الفردوس الأعلى وهو أحسن الأرباح لكونه باقياً لا يفنى، وسائرها فانية لا تبقى، ولا خير في خير فانٍ، بل الشرّ الفاني أهون منه، فإنّه إذا انقطع بقي الفرح بانقطاعه دائماً، وقد انقضى، والثاني يبقى أسفه على انقطاعه دائماً.
أشدّ الغم عندي في سرور *** تيقّن عنه صاحبه انتقالا
فكلّ نفَس جوهر نفيس لا عوض له ممكن أن يشترى به كنز لا يتناهى نعيمه أبداً، فتضييعه أو صرفه إلى ما يؤدّي إلى الهلاك خسران عظيم لا تسمح به نفس عاقل، فإذا أصبح العبد وفرغ من فريضته فرّغ قلبه لمشارطة النفس وقال لها: «مالي بضاعة الا العمر وبفنائه يفنى رأس المال، فلا يمكن الربح وهذا يوم جديد، أمهلني الله فيه وأنعم به عليّ، ولو متّ تمنّيت أن يرجعني إلى الدنيا ساعة أعمل فيها صالحاً، فاحسبي وفاتك ثم ردّك، فإيّاك والتضييع، فإنّه لا غبن ولا حسرة أعظم من ذلك، ولذا سمّي يوم القيامة بيوم التغابن»، فهذه وصيّة لنفسه في أوقاته، ثم يستأنف لها وصيّة في أعضائه السبعة ويسلّمها إليها لكونها خادمة لها، وبها يتمّ أعمال التجارة، فإنّ لجهنّم سبعة أبواب، لكلّ باب منها جزء مقسوم، فيتعيّن تلك الأبواب بالمعاصي بأحد هذه، فيوصيها بحفظها عنها كالنظر إلى عورة المسلم أو وجه محرّم أو إلى المسلم بعين الحقارة، بل عن كلّ فضول ولا يقنع به، بل يشغله بالنظر إلى عجائب صنع الله للاعتبار وإلى أعمال الخير للاقتداء وإلى مطالعة الكتاب والسنّة وكتب الحكمة للاتّعاظ، وكذا يفعل في كلّ عضو سيّما البطن واللسان لانطلاق الثاني بالطبع وكثرة آفاته مع كونه مخلوقاً للذكر وغيره من الخيرات فيكلّفه ويشترط عليه عدم تحريكه الا بها ويكلّف البطن بترك الشره وتقليل الأكل والاجتناب عن الشبهات فضلاً عن المحرّمات، ثم يستأنف الوصيّة بوظائف الطاعات ويرتّب لها تفصيلها، وكيفيّة الاستعداد لها، فإذا عوّد نفسه على المشارطة أيّاماً وطاوعته في الوفاء بها استغنى عن المشارطة بعده، لكن لا يخلو في كلّ يوم عن مهمّ جديد وأمر حادث لله عليه فيه حقّ فيشترط عليها الاستقامة فيها ويعظها كما يُوعظ العبد المتمرّد الآبق {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55].
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|