المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6767 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

حالات حبس المدين يتطلب فيها القانون إثبات اقتار المدين.
30-11-2016
توتر الالتصاق adhesion tension
10-10-2017
الاقتران المباشر Direct Coupling
6-10-2021
تحليل الاية (83) من سورة البقرة
27-04-2015
Hypertrophy
29-8-2018
Graph Sum
1-5-2022


رسائل «حقا نخت»  
  
1230   02:23 صباحاً   التاريخ: 2024-01-30
المؤلف : سليم حسن.
الكتاب أو المصدر : موسوعة مصر القديمة.
الجزء والصفحة : ج3 ص 109 ــ 119.
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /

وأهم من كل ما سبق الرسائل التي عُثر عليها لكاهن الوزير «إبي» المسمى «حقا نخت» وكان الوزير قد وقف على قبره ضيعة في بلدة «دديسوت» بالقرب من «منف» (يحتمل أنها منف نفسها)، وضيعة أخرى في الجنوب بالقرب من مدينة «طيبة»، ويظن الأستاذ «ونلك» أن «منتو حتب الثاني» قد استولى على هذه الأراضي الشمالية بعد انتصاراته على مملكة «إهناسية» وقسمها بين أتباعه الذين أظهروا له إخلاصهم التام، وإن تقسيم هذه الأملاك الموقوفة كان يلزم كاهن الروح «حقا نخت»1 أن يقوم برحلات متعددة طويلة الأمد في الدلتا، وفي أثناء انتقالاته هذه كان ينوب عنه ابنه الأكبر «مرسو» في الإشراف على ممتلكاته الواقعة في «طيبة» وكذلك كان يقوم بدلًا عنه في كهانة الروح في مقبرة «إبي» على أن «حقا نخت» المسن لم يهمل الكتابة لأسرته مدة غيابه في الوجه البحري، وقد كان في غربته يهتم بإدارة بيته فكان يكاتب ابنه، وقد عُثر على هذه الرسائل ضمن المهملات، وتُعد أوراق «حقا نخت» من أهم الكنوز التي عُثر عليها في حفائر «طيبة» من عهد الأسرة الحادية عشرة، ولم يتم بعد درسها درسًا وافيًا، على أن ما نعلمه منها حتى الآن يصور لنا الحياة المصرية من الناحية الزراعية والناحية الأسرية منذ أربعة آلاف سنة، ويمكننا أن نعتبرها أبسط وأصدق صورة صوَّرها المصري بنفسه عن حياته الريفية بكل ما فيها من محاسن ومساوئ، والرسائل كلها في موضوع واحد عدا رسالة واحدة من ابنة لأمها، وفي نهاية هذه الرسالة تقول الابنة لأمها: «بلغي سلامي إلى «جر» منحه الله الحياة والصحة والعافية، ولا تجعليه ينسى الكتابة إليَّ عن أحواله.» والظاهر أن الوالدة رأت أن أحسن وسيلة لتوصيل رسالة ابنتها أن تمحو عنوان الخطاب الذي جاء باسمها وتكتب بدلًا منه إلى مدير البيت «جر«. أما باقي الوثائق السبع فهي كما يأتي: قطعة صغيرة، وثلاث رسائل والثلاثة الباقية قوائم حسابات كاملة، ويوجد بين الخطابات رسالة مختومة ومعنونة وملفوفة كما طواها كاتبها. ووثائق الحسابات كلها خاصة بأملاك الكاهن «حقا نخت»، وقد كانت هذه الوثائق موضع حيرة عند حلها؛ إذ وجد أن بعضها قد عُنون كما يأتي: كاهن الروح «حقا نخت» يرسل هذا إلى أسرته في «تبسيت» ورسالة أخرى مختومة معنونة إلى المشرف «رع نفر» من «حقا نخت»، وقد كان وجه الغرابة هو أنه كيف يتفق أن هذه الرسائل يرسلها «حقا نخت» إلى مكان مفروض أنه موجود فيه؟ ولكن اتضح كما أسلفنا أن «حقا نخت» كان صاحب أوقاف مقبرة الوزير «إبي» وقد كان جزء من هذه الأملاك في الدلتا، وكان يذهب «إبي» من وقت لآخر ليشرف على إدارة تلك الضياع، وبالموازنة وجد أن الرسالة التي كتبها «إبي» إلى «رع نفر» تشبه من كل الوجوه الرسالة التي وجدت في مقبرة «مكت رع» فقد كُتبا بخط كاتب واحد، هذا إلى أنه اتضح من رسالة أخرى أن الأسرة كان لها غلال في بلدة «دديسوت» إحدى ضواحي «منف» كما اتضح أنه كان لها ضيعة أخرى بعيدة عن «منف» وبعيدة عن «طيبة»، وقد كان السفر في تلك الفترة إلى «منف» متعبًا، وكانت زيارات «حقا نخت» لهذه الضياع تستغرق نحو ثمانية عشر شهرًا أحيانًا، ولذلك كان يرتب أعماله الأسرية بدقة وعناية قبل الشروع في السفر، وقد عين ابنه الأكبر «مرسو» مديرًا لأشغاله في بيته ونائبًا عنه في كهانته مدة غيابه، و«مرسو» هذا هو الذي أحضر هذه الوثائق لدرسها وقت فراغه من أعمال الكهانة في مزار المقبرة، وتدل الأبحاث على أن بلدة «تبسيت» كانت تقطنها الأسرة، وتقع عند منعطف النيل بين بلدة «الجبلين» و«الرزقات»؛ أي إنها على مسافة خمسة عشرة ميلًا من «طيبة» تقريبًا. وكان «حقا نخت» وقتئذ معتادًا الذهاب إلى «منف» تاركًا كل شيء في يد «مرسو»؛ وقبل قيامه بأول رحلة نعرفها جمع في حضرته ابنه «مرسو» وولدين آخرين بالغين من أكبر أولاده ومعهم أمين أسرته وموضع ثقته «حتى» بن «نخت»، ثم نشر على حجره وثيقة كبيرة من البردي، وأخذ يفحص معهم مهام أموره، وقد كتب في بداية الوثيقة: السنة الخامسة من عهد الملك، الشهر الثاني من فصل «شمو» (الصيف)، اليوم التاسع من الشهر. ولعمري فإن ذلك يشبه ما نكتبه الآن مثلًا 14 / 2 / 1943، ولكن كان للعثور على هذه القائمة في قبر لم يمس بعد؛ فضل في أنه أمكننا أن نعرف عن طريق الحدس أن المقصود من الملك الذي لم يذكر هو «منتو حتب الثالث «ولم نفهم معنى كلمة شمو «صيف» قبل أن نصل إلى هذه النتيجة، والواقع أن فصل «شمو» عند المصريين نظريًّا هو فصل الحصاد، ويقع بين 16 مارس و13 يوليو، ولكن لما كانت النتيجة المصرية خالية من سنة كبيسة كان كل فصل من فصول السنة يأتي مبكرًا يومًا كل أربعة أعوام، حتى إنه في عهد «منتو حتب الثالث» قد جاء في الخريف، وهذا التاريخ يوافق تاريخ حكم هذا الفرعون تقريبًا، بعد هذا التاريخ نجد العنوان الآتي: بيان عن شعير «حقا نخت»؛ ثم يتفرع من هذا العنوان ما يأتي: عمله لابنه «مرسو»؛ ثم «علف للثيران» ثم الشعير الذي حصل عليه «حقا نخت» لأجل أتباعه كل واحد منهم بقدر ما أعطاه بالشوفان (وكان يقدر قيمته بثلثي قيمة الشعير) وكتب بالمداد الأحمر خوف الخطأ في الجمع. بعد ذلك يأتي بيان عن الثيران التي أعطاها «حقا نخت» ابنه سنبوت هذا إلى 35 رأسًا من الماشية دوِّنت تحت خمسة أنواع، وكذلك نجد الملاحظة الآتية: وإذا شكا إلى «سنبنوت» عن ضياع ثور … فإن نصف ما يفقَد سيكون مسئولًا عنه هو و«حتى» بن «نخت «. ولا نزاع في أن «حقا نخت» قد أجرى عمل حسابه خوف ما عساه أن يحدث عندما نظم أحوال بيته. ونجد أخيرًا بيانًا عن الخبز الذي كان يعطي ابنه «مرسو»، وكان مؤلفًا من ثلاثة أنواع مختلفة ومجموعه 7000 رغيف، والواقع أن هذا العدد يظهر ضخمًا جدًّا، ولكن إذا لاحظنا أنه كان لا يختلف عن نوع الخبز الصغير الذي يُصنع في صعيد مصر وريفها للآن فإن دهشتنا تتلاشى، ولا نعرف حال الأسرة في خلال رحلة «حقا نخت» الأولى؛ ولما أراد «حقا نخت» القيام بالرحلة الثانية في السنة الثامنة من حكم الملك أحضر الوثيقة القديمة ثانية، وكان لا يزال فيها متسع له ليكتب فيها تقويم عقاره، وفي هذه الدفعة كان يستعد لرحلة إلى «منف» في مايو أو يونيو؛ لأن المحصول كان قد جُمع وقُدر بنحو  مكيالًا (بوشل) من الشعير والشوفان، وهو ما بقي في ذمة «مرسو» أو خزن عند ثلاثة عشر شخصًا من الجيران، ولكن الوقت لم يكن قد حان بعد لطحن الحبوب وخبزها فلم يدرج عدد الرغفان، وكذلك لم تدرج قائمة بالماشية في الوثيقة، وإن كانت رسائل «حقا نخت» تشير إلى شيء من ذلك، ويلاحظ أنه قد وضعت خميلة أشجار في حيازة الأسرة ليباع ما نما من خشبها، وبعد أن أتم ترتيب كل شيء في داخلية بيته سافر «حقا نخت» إلى «منف» و«دديسوت» في الدلتا، وكان أول رسالة بعث بها «حقا نخت» عندما عاد من «دديسوت» إلى ضياعه الأخرى القريبة من «منف» يقول فيها: «عندما وصلت إلى هنا متجهًا نحو الجنوب»، وكان ذلك في وقت الصيف، ويدل على ذلك ما طلبه من «مرسو» قائلًا: «أن أرسل إليَّ مقدار 500 بوشل من القمح، وما يمكنك أن ترسله من الشعير، وكذلك ما يزيد عن مئونتكم إلى أن يأتي محصول الصيف.» وكان يبتدئ في 2 سبتمبر، ويحتمل أنه كتب هذا الخطاب في أول أغسطس؛ لأن الفيضان لم يكن بعد عاليًا ليعرف منه مقدار حالته، ولذلك نجد في الخطاب تعليمات خاصة بذلك؛ إذ يقول: «أما إذا كان النيل حسنًا» والواقع أن النيل قد أخذ في الارتفاع عندما كان «مرسو» «في خلال تلك المدة يزرع محصوله الصيفي، فقد كتب أنه يخشى ألا تتحمل جسوره ضغط الماء، فيفيض الماء على حقوله قبل أن يحصدها «. وقد ذعر كذلك «حقا نخت» فكتب في الحال بسرعة، ولم يجرِ على عادة تبليغ السلامات والتحيات كما كانت الحال في الخطابات، بل كتب مباشرة قائلًا: الكاهن «حقا نخت» يخاطب «مرسو»! أما من جهة فلاحة أرضنا فإنك أنت الذي تزرعها! وستكون مسئولًا عن ذلك، فعليك أن تجتهد في الفلاحة، واحترس جدًّا، وحافظ على كل ما أمتلك؛ لأنك ستكون مسئولًا عنه.» وفي منتصف الخطاب عادت إليه وساوسه ومسئولية ضياع المحصول والغلال فاندفع قائلًا: «وإذا حدث أن أرضي غرقت عندما يكون «سنفرو» أخوك يفلحها معك هو و«أنبو» فالويل لك و«لسيحتور». وقبل أن نتكلم عن رسائل «حقا نخت» الأخرى يجدر بنا أن نلاحظ هنا أن الخطاب الثاني الذي كتبه قد كتبه بعد عام من الخطاب السالف، وفي خلال تلك الفترة كان مقيمًا في إحدى ضياعه التي كانت في الشمال، ولا شك في أنه كان يكتب كثيرًا أثناء غيبته إلى أهل بيته في «نبسيت» يخبرهم بالكيفية التي يجب عليهم أن يتصرفوا بها في الأمور عندهم، فمثلًا نجد أنه يشير إلى خطاب أول سنة خاصًّا بالقربان لعيد أول يوم في الشهر للإله «خنتخاتي» في معبد الباب المزدوج وإلى خطابين خاصين بابنه «أنبو» غير أن «مرسو» لم يحمل لنا الخطابات معه إلى المقبرة. أما الخطاب الثاني الذي حمله معه «مرسو» ضمن تلك الوثائق فكان مؤرخًا في أول يوليو، وقد كان النيل في الشتاء المنصرم منخفضًا جدًّا؛ حتى إن الحقول قد انتابها القحط ولم تنتج محصولًا، هذا إلى أن المخزون من العام الماضي قد نفد وحل القحط بالبلاد إثر محصول ضئيل، ولكن «حقا نخت» كان في حالة هادئة هذه الدفعة فلم ينسَ كتابة السلامات والتحيات التي يجب أن يبتدئ بها الخطاب قال: إن الولد يتكلم لأمه، وكاهن الروح يخاطب أمه «إبي» ثم «حتبت»: كيف حالكما، لكما الحياة والصحة والعافية ببركة الإله «منتو» رب طيبة؟ وكل الأسرة كيف حالكم؟ كيف حالكم في الحياة؟ أتمنى لكم السلامة والصحة، لا تشغلوا بالكم بي، إنني طيب وفي صحة جيدة. اعلموا أنكم كرجل كان فيما سلف قد أكل حتى الشبع، ولكنه أصبح ذا مسغبة؛ حتى إنه يغمض عينيه، والبلاد كلها تموت جوعًا، لقد وصلت هنا في الجنوب، وقد جمعت لكم كل ما يمكن من طعام، أليس النيل منخفضًا؟ والطعام الذي جمعته لكم يتفق مع حالة الفيضان، فعليكم بالصبر أنتم يا من ذكرت بالاسم؛ لأنكم ترون أني كنت قادرًا على إطعامكم إلى هذا اليوم. وعند هذه النقطة يقدم لنا قائمة بأسماء الأفراد الذين تتألف منهم أسرته، ويحدد النصيب الذي يستحقه كل واحد منهم من الطعام الذي يرسله ثم يستأنف الكلام قائلا: «ويجب عليكم ألا تغضبوا لما يحدث؛ إذ الواقع أن البيت كله بما فيه من أطفال عبء عليَّ وكل شيء ملكي، وأن عيشة التقشف خير من الموت كلية، والإنسان لا يمكنه أن يتكلم عن القحط إلا إذا كان هناك قحط فعلًا، وعلى أية حال فإن الناس قد بدئوا يأكلون الرجال والنساء! ولا يوجد في أي مكان آخر أناس يقدم لهم طعام كهذا، ويجب أن تعيشوا حتى عودتي، وإني عازم على تمضية فصل «شمو» (الصيف) هنا أو بعبارة أخرى حتى الثلاثين من شهر ديسمبر القادم»، هذه كانت تعليماته العامة، أما تعليماته الخاصة جدًّا في نفس الخطاب فهي: «إن «حقا نخت» الكاهن يخاطب «مرسو» و«حِتِي» ابن «نخت» معا: يجب عليكما أن تعطيا أهلي هذا الطعام فقط عندما يقومون بما عليهم من الأعمال، وعليكما أن تراعيا ذلك، واستغلا أرضي كلها بقدر المستطاع، واعملا بكل ما عندكم من جهد في فلاحة الأرض وذلك بجعل كل همكم في العمل، واعلموا أنكم إذا كنتم مجدين فإن الإنسان يدعو الله لكم، وإني سأكون حَسَن الحظ عندما يكون في مقدوري أن أدعو لكم، وإذا عاف أي فرد من نساء أو رجال الطعام فدعه يحضر إليَّ ليعيش كما أعيش»، ولن يحضر واحد منهم. ونلاحظ أن إدارة شئون المزارع في «نبسيت» وما جاورها لها نصيب كبير فيما يلي من هاتين الرسالتين، ويمكن الإنسان أن يقدِّر على وجه التقريب موقف «مرسو» من هذه الأمور عندما حمل حزمة الرسائل التي نحن بصددها إلى مزار مقبرة «إبي» الوزير، ولا نذهب بعيدًا فإن التعليمات التي كان يجب عليه اتباعها قد جاءت في الخطاب الأول من والده؛ إذ يقول: «مُر «حتي» بن «نخت» أن يذهب في الحال مع «سنبنوت» إلى بلدة «برحاعا» لزراعة حقلين من أرض مستأجرَين على أن يأخذا قيمة أجرهما من المنسوجات التي نُسجت هنا، ويجب أن تقول: إن صناعتها غاية في الإتقان، ولكن دعهما يأخذاها، وبعد بيعها في «نبسيت» دعمها يأخذاها، وبعد بيعها في «نبسيت» دعهما يدفعا إيجار الأرض بثمنها، وعليك أن تجد أرضًا، ولكن من غير أن تتورط في أرض شخص ما، بل عليك أن تستعلم من «حاو» الصغير، وإذا لم تجد عنده أرضًا فاستشر «رع نفر» فهو الذي يمكنه أن يرشدك للأرض الجيدة السهلة الري في «خبشيت»، أما فيما يختص بما يمكن أن يعمله «حتي» بن «نخت» في «برحاعا» فاعلم أني لم أميزه بأية مئونة، وجراية الشهر هي أردب من الشعير لأسرته، وسأعطي أسرته نصف أردب آخر من الشعير في أول الشهر، واعلم أنك إذا خالفت ذلك فإني سأنتقص ذلك مما تأخذه أنت، أما فيما يختص بما قلته لك — أعطه أردبًا من الشعير شهريًّا، فعليك أن تعطيه فقط أربعة أخماس أردب من الشعير شهريًّا — افهم ذلك«. واتفق أن «حاو» لم يكن عنده أرض ليؤجرها، على حين أن «رع نفر» كان له حقل مجاور لحقل «حاو» فاستأجره كل من «سنبنوت» و«حتى»؛ هذا إلى أن «مرسو» قد دخل في معاملات أخرى في «برحاعا» وكتب ملخصها في وثيقة، عُثر على نسخة منها بين الأوراق التي وجدناها في المقبرة، ويحتمل أن النسخة الأخرى قد أُرسلت لوالده، وقد جاء فيها: كان لحقا نخت غلال في بلدة «يوسبقو» في ذمة «إبي» الصغير، وكذلك في بلدة «سبات معات» في ذمة «نحري» بن «إبي»، وقد نزل عنها «حقا نخت» في الخطاب الثالث إلى «رع نفر». ومن جهة أخرى نجد في الخطاب الثاني ما يشير بإتمام مسألة «رع نوفر» وبيع المحصول بمبادلته بزيت. وقد أرسل الخطاب الثالث «حقا نخت» لهذا السبب، ولا بد أن «سنبنوت» و«حتى» قد سلَّماه إلى «رع نفر» حتى يتمم هذا الموضوع، ولكن لسبب ما لم يصل هذا الخطاب لصاحبه، أو أهمله «مرسو» فتُرك مختومًا كما وصل إليه. أما الخطاب الذي أمر بكتابته «حقا نخت» بيد أحد الكتبة في «منف» والذي يجب إثباته هنا برمته؛ فهو نموذج للرسائل التي تُكتب بأسلوب أهل الحضر الذين يعيشون في المدن الراقية وهو: خادم الضيعة وكاهن الروح (المادية) «حقا نخت» يقول: أرجو أن يكون حالك حال الإنسان الذي يعيش مليون عام، وأتمنى أن يرعاك الإله «حريشاف» رب «إهناسية» وكل الآلهة الموجودين أيضًا، وليت الإله «بتاح» الذي يسكن جنوب جداره بمنف يشرح قلبك فتحيا طويلًا، وأتمنى أن يجزيك «حريشاف» رب إهناسية جزاء حسنًا. خادمك يقول: دع كاتبك — منحه الله الحياة والسلامة والعافية — يعرف أني أرسلت «حتى» بن «نخت» و«سنبنوت» بخصوص ذلك الشعير والشوفان اللذين عندك. ويستطيع كاتبك (منحه الله الحياة والصحة والعافية) أن يتسلمهما دون أن يفرط في شيء منهما وذلك فضل منك إذا تكرمت بالقيام به. أما الثمن فضعه عند تسلمه في بيت الكاتب (منحه الله الحياة والصحة والعافية) إلى أن يأتي من يتسلمه منه، واعلم أني قد كِلْت هذا القمح بالمكيال الخاص به، وهو يملأ مائة حقيبة تمامًا، واعلم أنه يوجد في «برحاعا» 15 أردبًا من الشوفان عند «ننكسو» و أردبًا من الشعير عند «إبي» الصغير في بلدة «إيسبكو» وكذلك يوجد في بلدة «سبات معات» 20 أردبًا من الشوفان عند «نحري» بن «إبي» وعند أخيه «دشر» ثلاثة أرادب من الشعير؛ فيكون المجموع 35 أردبًا من الشوفان،  أردبًا من الشعير، وعلى من يملكه أن يعطيني ما يساوي مقدار ذلك من الزيت، ولا بد أن يعطي مقابل كل أردبين من الشعير أو ثلاثة من الشوفان مكيالًا «حبت» من الزيت؛ ومع كل فإني أفضل أن أتسلم متاعي شعيرًا، ولا تنسَ أن تكتب لي عن «نخت» وعن كل شيء يأتي إليك من جهته فهو يلاحظ كل أملاكي. وقد ذكر «حقا نخت» في الرسالتين الأوليين أمورًا تتعلق بالزراعة، فنجد أن الخشب الذي كان يؤخذ من غابات الضيعة قد بيع، وما كان يأخذه «سنبنوت» أجرًا له في الخطاب الثاني كان من محصول بيع هذه الأخشاب، وكذلك كان «سيحتحور» مستأجرًا قطعة أرض، وكان يرسل إليه «حقا نخت» 5 أرطال من النحاس ليدفع بها الإيجار المطلوب منه. هذا؛ ويخبرنا «حقا نخت» عن موضوع إيجار آخر قد جعله «مرسو» صعبًا عليه، وذلك أنه أجَّر الأرض وزرعها شعيرًا فقط، ثم يخبره بأنه قد انتقص من شعير «حقا نخت» الجاهز عنده؛ ولذلك كتب له الأخير محذرًا إياه ألا يقوم بأي تعدٍّ آخر. على أن الجزء الفكه من خطابات «حقا نخت» هو ما جاء فيها تلميحًا عن الحياة الأسرية، وأظن أننا قد اقتبسنا في الخطابات السابقة ما يجعلنا نعرف شخصية «مرسو» بن «حقا نخت» الأكبر؛ والظاهر أن «مرسو» كما يصفه والده تلميحًا كان غبيًّا بعض الشيء، وكان يشكو منه أحيانًا، ورغم كل ذلك كان يمكنه الاعتماد عليه في أمور بيته؛ والواقع أن «حقا نخت» كان يتطلع إليه في إدارة أحوال أسرته المعقدة وحفظ النظام والطمأنينة في بيته، وكان يساعد «مرسو» في ذلك «سنبنوت» أخوه، و«حتى» أمين الأسرة. أما الابن الثالث «سيحتحور» فنراه في مناسبات غير مشرفة له، ففي الخطاب الأول نرى أنه قد اقترح على «مرسو» اقتراحًا أثار غيظ «حقا نخت» المسن؛ ولذلك يقول الأخير: أما من جهة إرسال «سيحتحور» إليَّ بشعير جاف قديم من بلدة «دديسوت» وعدم إعطائي عشرة الأرادب من الشعير الجديد فإني لا أقبل ذلك بأية حال طبعًا، حقًّا إنك سعيد بأكل الشعير الجديد، واعلم أني على البر، والقارب قد رُبط في المرسى تمامًا، ولكنك عندما تصل إلى الشاطئ ستفعل كل شيء خطأ، فإن كنت قد أرسلت إليَّ بشعير قديم ليحل محل الجديد فما عساي أنا قائل؟ إنه حسن جدًّا! وفي الخطاب الثاني أخبر «مرسو» أن يلاحظ «سيحتحور» في كل وقت يحضر فيه إلى البيت، وكان الإخوة الثلاثة متزوجين وكذلك «حتي» وكان لهم أولاد يقيمون في بيت الأسرة في «نبسيت»، هذا فضلًا عن وجود نساء وأطفال في بيت «حقا نخت» نفسه مما جعل عدد الأسرة يبلغ نحو الثلاثين نسمة على أقل تقدير، فكان هناك «إبي» وأمه وخادمتها وكذلك إحدى قريباته تسمى «حتبت»، وكان معها ابن صغير يسمى «ماي»، وسواء أكانت «حتبت» هذه دخيلة أو عبئًا على البيت فإنا نعلم أنها كانت ممقوتة من «مرسو»؛ ومن أجل ذلك كان «حقا نخت» مضطرًا أن يكتب لابنه من أجلها: لقد أخبرتك ألا تباعد بين «حتبت» وبين صاحبة لها سواء أكانت قريبتها أم إحدى معارفها، واعتنِ بها، وإني أتعشم أنك ستفلح في كل شيء تعمله بسبب ذلك، هذا رغم أنني على يقين من أنك لا تريدها معك. وعلاوة على أبنائه الثلاثة المتزوجين كان ﻟ «حقا نخت» ولدان آخران هما «أنبو» و«سنفرو» وكان كلاهما قاصرًا لم يؤهله سنه للقيام بعمل جدِّي عندما سافر «حقا نخت» في السنة الخامسة؛ ولذلك لم يظهرا في قائمة الأقارب التي تركها في ذلك الوقت، ولكن في خلال رحلته الثانية نحو الشمال بعد انقضاء ثلاثة أعوام على الرحلة الأولى كانا حاضرين في مخيلته، فكتب قائلًا: اعتن كثيرًا بكل من «انبو» و«سنفرد» فتحيا معهما وتموت معهما، افهم ذلك. وكان «انبو» أكبر الاثنين سنًّا مما جعله قادرًا على أن يساعد «مرسو» و«سيحتحور» في زرع المحاصيل الصيفية التي كانت على وشك الغرق، وقد أشعر هذا العمل الولد الصغير بأن أخاه لم يعتنِ به تمامًا، ففي خلال مدَّة الشتاء شكا من ذلك لوالده فأمر «مرسو» أن يعطي «انبو» ثانية ما في ذمته، وكل شيء ناقص لا بد أن يدفع عوضه، ثم قال: ولا تجعلني أكتب إليك في ذلك مرة أخرى؛ إذ قد كتبت لك مرتين بخصوص ذلك. أما «سنفرو» وهو أصغر أولاد «حقا نخت» فكان طفلًا مدللًا، وكان صاحب الحظوة عند والده، وكان عند سفر والده لا يزال صغيرًا جدًّا فلم يكن له مرتب خاص، ولكن حقا نخت قد عدل عن ذلك فيما بعد، وكتب إلى «مرسو«: افهم إذا لم يكن «لسنفرو» مرتب في البيت معك فلا تنسَ أن تكتب لي في ذلك؛ لأني سمعت أنه غاضب، فعليك أن تعتني به وتعطيه غذاء، وبلِّغه سلام «خنتخ» ألف مرة بل مليون مرة، واعتنِ به، ولا بد أن ترسله إليَّ في الحال بعد الفراغ من الزراعة«. غير أن هذا العرض الأخير لم يرُق في عين «سنفرو» ورفض بصراحة أن يسافر إلى والده. وفي الصيف التالي نجد «حقا نخت» يكتب مكتئبًا: وإذا كان «سنفرو» يريد أن يحرس الثيران فاجعله يحرسها؛ لأنه لا يريد أن يروح ويغدو حرًّا في الزراعة معك، وكذلك لا يريد أن يأتي إلى هنا معي، فاتركه يفعل ما يريد «. وكان كذلك ضمن أسرة «حقا نخت» شخص يدعى «رنكاس» له أسرة ومعه أخت أرملة تسكن معه في البيت، هذا إلى ثلاثة أطفال صغار من بينهم بنت صغيرة تدعى «نفرت» ولم يكن له أم، والنتيجة أن «حقا نخت» كان أرملًا. وأمام كل هذه المتاعب لا يسع الإنسان إلا أن يفكر في أنه مع هذه الأسرة العديدة كان عنده من المشاغل ما يكفي لانصرافه إلى الاهتمام بتدبير شئونه، ولكن الأمر كان عليه أهون مما نتصور؛ إذ اتخذ لنفسه حظية اسمها «ايتنحاب» ويمكننا أن نتصور إحساس أسرته وشعورهم تجاه هذا الأمر من الرسائل المتأججة التي كان يرسلها «حقا نخت» لهم فيقول: «لا بد أن تعزل الخادمة «سِنِن» من بيتي في الحال وحافظ تمامًا على ألا يزورك «سيحتحور» كل يوم، واعلم أنه إذا أمضت «سنن» في البيت يومًا واحدًا فستكون أنت المُلام إذا أساء إلى حظيتي، وإلا فلماذا أنا أعولكم، وما الذي يمكن أن تعمله حظيتي ضدكم وأنتم خمسة أولاد، بلِّغ سلام والدتي «لإبي» ألف مرة ومليون مرة، وبلِّغ سلامي إلى «حِتبت» وكل أفراد الأسرة وإلى «نفرت»، واحذر إيقاع الضرر بحظيتي فإنك لست شريكي في أملاكي، فإذا لزمت الهدوء فإن ذلك سيكون شيئًا جميلًا جدًّا«. ولا غرابة في أن ترى «حقا نخت» يكتب ذلك منذ أربعة آلاف عام، فإن ما كتبه هو بعينه ما نشاهده كل يوم بين ظهرانينا. على أنه لم يفلح توبيخ «حقا نخت» في صفاء الحياة الأسرية المتعكرة المضطربة؛ إذ في الصيف التالي لذلك نجد أن صبر «حقا نخت» قد نفد، ففعل ما كان يجب عليه أن يفعله من زمن طويل، فكتب: يجب عليك أن ترسل «ايتنحاب» وما دام هذا الرجل على قيد الحياة وأعني به «اٻ» مؤاجري فهو عدوي، ومن يسيء إلى حظيتي فهو عدوي وأنا عدوه؛ وافهم أن هذه هي حظيتي، ومن المعلوم أن حظية الرجل يجب أن تعامَل معاملة حسنة، واعلم أنه لا يمكن أن يقوم لها أي إنسان بمثل ما قمت به، وإذا استطاع أحدكم أن يصبر إذا اتُّهمت زوجته أمامه فإني سألزم الصبر لما يحدث مع حظيتي، ولكن كيف يمكن أن أعيش معكم في دار واحدة إذا لم تحترموا حظيتي إكرامًا لي؟ ولا شك في أن ما لمَّح به «حقا نخت» لابنه «مرسو» من أنه ليس شريكًا في أملاكه وأطفاله، وكذلك تهديداته بأن يقصي كل أولاده من داره إذا لم ينفذوا أوامره؛ لم يأتِ بفائدة. والواقع أن «حقا نخت» كان يلذ له كثيرًا انتهاز الفرصة لتنبيه أولاده بأنهم عبء عليه وأنهم يأكلون خبزه، وأن كل شيء ملكه، وأن كل أفراد الأسرة كَلٌّ عليه. والحق أنه كان رجلًا مشاغبًا متعبًا، وكانت رسائله مملوءة بالتهديدات مثل قوله: «افهم هذا، واحترس جدًّا، وكن نشيطًا جدًّا، وستكون مسئولًا أمامي عن ذلك، ولا تنسَ أن تجيب عن كل شيء كتبت لك عنه.» أو نراه يشدِّد في قوله «افهم أن هذه سنة يجب فيها على الرجل أن يشتغل لسيده.» أو يقول: «ليست هذه سنة يهمل فيها الرجل سيده أو أولاده أو أخاه «. ولا شك في أن «مرسو» قد تنفس الصعداء عندما سافرت «ايتنحاب» إلى «حقا نخت» الذي كتب بأنه سيبقى بعيدًا ستة أشهر أخرى. هذه جولات خاطفة في هذه الوثائق إلى أن تُدرس درسًا عميقًا، ومع ذلك فإنها تكشف لنا من صفحة مجيدة من حياة القوم الأسرية والاجتماعية في عصر مظلم لا نعرف عنه إلا القليل. والمتأمل في هذه الوثائق يمكنه أن يستنبط أمورًا كثيرة لم يتسنَّ لنا معرفتها حتى في أزهى العصور المصرية، وسنترك ذلك لفطنة القارئ على أن نعود إليها كلما دعت الضرورة عند درس مدنية الدولة الوسطى جملة.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).